|
الأزمة العراقية .. والنافخون في النار سهيل أحمد بهجت يعيش العراقيون إحدى أكبر المشكلات ـ وهي المشكلة الأمنية ـ لجملة أسباب ربّما يخرج كثير منها عن اختصاصنا ومعرفتنا، ولكن سنحاول هنا أن نضع أيدينا على بعض أهم النقاط التي تسيء إلى الوضع الأمني العراقي ومن أهمها افتقار الدولة العراقية إلى البرنامج الوطني الإنساني العلماني الذي يقف على حياد وينظر بعين المساواة لكل العراقيين، ومؤخرا يحاول الإرهابيون استهداف العراقيين عموما والشيعة منهم خصوصا بهدف نزع الثقة عن القوى الأمنية والتي لا تألوا جهدا رغم بعض القصور والخلل ربما الغير متعمد في الغالب، لكن هناك بالفعل جهات داخلية مشبوهة لها مصلحة في إثارة حرب طائفية وقومية تكون مقدمة لخلق حدود وتقسيمات داخل الوطن تحت شعار قومي وطائفي، وأستطيع أن أعتبر الكاتب تقي جاسم صادق من ضمن الأقلام المأجورة التي تحث الشيعة على الدوام على ضرب إخوانهم من السنة في أسلوب طائفي لا يختلف عليه إثنان. هذا الكاتب، وبالتأكيد هناك آخرون من هذا النمط، يعزفون على الوتر الوطني وربما يضع أحيانا آراء صائبة في المقال ليوهم القاريء أن مقصده شريف، ولكن هذا الإلحاح الشديد على الشيعة في ضرب السنة ولوم العراقيين الذين رفضوا "إقليم الجنوب" وإظهارهم وكأنهم "مخنثون" له مقاصد سياسية واضحة، فإذا ما انكفأ العراقيون الشيعة على انتمائهم المذهبي كمنهج سياسي وإذا فعل العراقيون السنة ومن شتى الانتماءات الأخرى الشيء ذاته، حينها يكون قد حكم بالفعل بإعدام الديمقراطية وحكم الشعب في العراق، بل إن جاسم تقي صادق عبر في أكثر من مقال عن سخطه على "فيلق بدر" لأنه لم يرد على "اعتداءات الصدريين"، وهذا مثل بسيط على ما يريده أؤلئك الذين اعتاظوا من تحرير قوات التحالف للعراق وإطاحتهم بالنظام البعثي الإجرامي ـ والكاتب يمدح التحالف الأمريكي للتشويش على القاريء ـ والحل ليس في إصدار قوائم بالممنوعات ومنع كتاب معينين من الكتابة، وإنما الحل يكمن في أن يعي الشعب نفسه إطلاق الأحكام على الكتاب والصحفيين وحتى السياسيين ما إذا كانوا وطنيين وطائفيين وقومجيين. المشكلة أن أحزاب السلطة نفسها، ومن ضمنها حزب رئيس الوزراء، تروج للخطاب والثقافة الطائفية، فإذا كانت خطابات معممين من هذه الدولة وتلك تحظى باهتمام فضائيات "المفترض بها أنها عراقية" وتعلوخطابات وهتافات "معارك الأمة المصيرية"!! وما إلى ذلك من خطابات خرافية، فإن الوعي الوطني ـ والذي لا مكان له في ثقافة أصحاب اللحية والتكبيرات ودفن المرأة في كومة أقمشة ـ يتراجع يوما بعد يوم وأخشى أن يأتي يوم يصبح فيه شخص مثل تقي جاسم صادق ناطقا باسم خطة فرض اللا قانون، ومشكلة الحس الوطني العراقي أن أغلب الأحزاب الحاكمة ـ وبعضها يعلن كرهه القومي للعراق بكل صراحة ـ أن الوطنية لا تعدوكونها "مجرد وعظ للاستهلاك الإعلامي" لا أكثر، والوطنية لا يمكن أن تنموإلا في ظل أحزاب علمانية ديمقراطية تكره الحس القومي العفن وتكره خلط الدين بالسياسة والعكس، فالأحزاب الإسلامية ذات أيديولوجية تتجاوز حدود العراق حالها حال الأحزاب القومية والماركسية، بالتالي فإن خطاب تقي جاسم صادق يجد من يستسيغه لأن السلطة في العراق ـ والتي أضرت بالشيعة قبل غيرهم وتحكم باسمهم ـ تروج وتستنبت هذه الثقافة التي تجعل من العراق قابلا للمساومة فتكون له مجموعة هويات عروبية وإسلاموية وغيرها، مع أن العراق هووطن مقدس بذاته لأن كلمة عراق نفسها ليست ذات بعد قومي وطائفي. أخيرا أدعوكل المواقع والفضائيات إلى تسليط الضوء على هذه الأقلام "المأجورة" ـ وحتى لولم تكن مأجورة فهي ذات خطاب مشبوه ـ التي تطعن في الثقافة الوطنية وأرجومن المواطنين أن لا ينخدعوا بخطاب "التقوى" و"الورع" و"النضال القومي" الذي تبثه أحزاب لا هم لها إلا المزيد من السلطة والحكم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |