الانسحاب من الشوارع .. والتوغل في كهوف المطامع!

 

محمود حمد

mehmood.hamd@gmail.com

من حقنا ان نبتهج بإبتعاد سُرفات مجنزرات الغزاة عن دروب اطفالنا للمدارس..رغم بقائها تزمجر في صدورنا!

وبإنسحاب آخر جندي من آخر شارع في مدننا ..نستحضر من ذاكرة الجرح العراقي المتفجر ..لحظة تدنيس أول جندي مُحتل لأول ـ حَرثَةٍ ـ في دروب العراق!

وخلف دخان قطعان ـ الهمر ـ المُدْبِرَة من الساحات العامة وأعناق الأزقة نَتطلعُ الى وجوه العراقيين الذين إستنزفتهم الدكتاتورية وقاوموها بدمائهم وصبرهم..

ولكن ..

رفضوا إنتهاك جحافل الغزاة لحرمة وطنهم!

ونقرأ في عيون أهلنا الفقراء الطيبين..تساؤلات مريرة:

·      عندما تتراجع اقدام الغزاة عن الشوارع..هل ستتراجع نوايا أدِلاّئهم و" حوشيتهم " عن المطامع؟!!

·      وهل ستنكسر قشرة الاستقواء الزجاجية التي إحتموا بها في مواجهة احتياجات المواطن وتماسك الوطن؟!

·      وهل سَنُكَرِم ـ "القادة" ـ الذين إستقدموا الغُزاة لإستباحة الوطن..؟!!

" القادة المُبتهجين" معنا اليوم في مهرجان إنسحاب الغزاة " من الشوارع " فحسب؟!!!

ونُهملُ عِبَرَ التاريخ؟!

..........

في سبتمبر عام 1812 مَهَدَ أحد الجنرالات الروس لجيش نابليون ان يدخل موسكو فيما تراجع جيش الجنرال كوتوزوف ـ المدافع عن المدينة ـ الى مَكْمَن يبعد 170 كم عن المدينة "الفخ" ..وفي تلك الآونة اقام الامبراطور الفرنسي "المنتصر!" حفلا لتقليد جنرالاته أوسمة النصر ـ قبل ان يباغته الشتاء ـ وأصطف الجنرالات الفرنسيون ومعهم الجنرال الروسي الذي أدخلهم تحت جلد الوطن ..وتقدموا الى نابليون.. الواحد تلو الآخر..وعندما جاء دور ـ بائع حُرمة الوطن ـ أعاد نابليون الوسام الى الطاولة والتفت الى رئيس أركانه قائلا:

من يخون وطنه لايُكَرَّم بوسام بل يدفع له ـ نقوداً ـ ثمناً لخيانته.

وانتصرت موسكو بحريقها وأهلها وشتائها وتاريخها..وتراجع الامبراطور "المنتصر"مهزوماً!

مثلما ستنتصر المدن العراقية بأهلها وحِرمانها وتأريخها وشهدائها!

لسنا متفائلين الى حد السذاجة ..بحيث نتوقع :

ان الانسحاب من الشوارع يعني الانحسار عن شرايين الوطن!

لكنه خطوة الى الامام نحو " التطهير"..

وفرصة لكل ذي بصيرة ..

لمراجعة المواقف..

وإستقراء الميل العام للتطور الموضوعي للصراع..لا التماهي بغبار الأحداث ..والرهان على " زبد " الموج!

فالغبار سينقشع عن الرواسخ..

والزَبَدُ سيذهبُ هباءً ويبقى ثراءُ البحرِ وصَخبهُ الأزَلي!

وستبقى ..

برك الدم التي حفرها المحتلون في جسد العراق ..

الى جوار المقابر الجماعية التي خلفتها لنا الدكتاتوية ..

والشوارع المفخخة التي يفجرها الارهابيون الطافحون من أدران التخلف ( المحلي والعربي والاسلامي والدولي)!..

شواهد على:

صلابة أهل العراق وصبرهم..

وبشاعة المحتلين..

وتوحش المتخلفين المتطرفين..

ودموية الدكتاتورية..

وخواء دولة الطوائف والاقوام!

فالتراجع عن الشوارع يلازمه ـ في شريعة المحتلين ـ توغل في كهوف المطامع!

فما قد يتعذر تحقيقه بالدبابات ..يمكن إنجازه بالتواطئ تحت الطاولات!

فالحروبُ وسائل لتحقيق الغايات..مثلما هي أعاصير لتغيير المسارات!

و" المدافعُ " أبجدية للحوار الخانق..تنكفئ عندما يَكسَدُ بارودها أو يَعلو صوتُ ـ الدَهاءِ ـ  على دَوِيِّها!

واليوم وقد كتب أطفال سومر على ألواحِ الطين الحُرِّ تاريخ إرتِداد الغُزاة عن ـ الدرابين ـ الى التخوم ..

لابد من اليقظة..

فالمهمة اكثر تعقيداً..

والوحوش يتنطرون لحظة الغَفْلة ..لسفك مزيد من دماء الابرياء..

والمخلصون يُدركون .. إن نجاح المهمة يعتمد على :

تَوَقُّدِ العقولِ ويَقظةِ الضمائرِ وثبات الخطوات ووضوح الرؤية..

وهي نادرة في أوساط الطبقة السياسية في أيامنا..

ولكي نحترس من حقول الالغام التي سيتركها الغزاة خلفهم ..نقول:

حذار من..

1. ثغرات الدستور التي تكرس المحاصصة .. وتبرر دولة الطوائف والاقوام .. وتبدد حلم الناس بالدولة المدنية والمجتمع المتحضر!

2. استلاب ثرواتنا باسم الاستثمار والتطوير!

3. تكريس الدكتاتورية المتعددة الرؤوس باسم "الديمقراطية التوافقية"!

4. فرض الاستبداد بذريعة إشاعة الاستقرار!

5. تمزيق الوطن باسم تكافؤ الفرص للمناطق والاقاليم!

6. توريط العراق بالصراعات الاقليمية نيابة عن الغزاة في حروبهم الاستراتيجية والاقتصادية والعقائدية !

ويكمن الحل في:

وضع جدول زمني متلازم بين :

تطهير الوطن من المحتلين ..

وتطهير الدولة والمجتمع من ـ تشريعات وتطبيقات وثقافة وسلطة ـ المحاصصة التي فرضها الغزاة!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com