|
المرأة التي هزمت ابن جبرين وابن باز وبقية وعاظ ملوك السعودية
د. حامد العطية أعود بالذاكرة إلى الوراء، الزمن في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، المكان هو مدينة الرياض السعودية، حيث اضطرني العوز في المهجر للعمل فيها، لن أطيل عليكم بوصف أحقاد السعوديين على العراقيين بصورة عامة، والشيعة منهم على وجه الخصوص، وسأتطرق للموضوع مباشرة. كلفوني بتقديم استشارة فنية لفريق دراسة، وكنت أقضي معهم الساعات الطوال موجهاً وموضحاً، وكلما اجتمعنا لنعمل أضاعوا الوقت بالتسامر، وقص القصص، وتبادل الأحاديث، حتى سأمت ومللت، ولولا بشر الصابرين وعيال غرثى لما مكثت معهم ساعة. ذات يوم ما أن انعقد الاجتماع حتى انبرى أحدهم مذكراً رفاقه بما اعتبره نصراً عظيماً للدين، فبادله رفاقه التهاني والتبريكات، وأنا في حيرة من الأمر، وأي نصر هذا الذي لم تأت بخبره كل نشرات الاخبار التي استمعت لها والجرائد اليومية التي تصفحتها قبل بدء الدوام؟ قلت لنفسي: لعله أمر طاريء حدث في الساعات القلائل الاخيرة، وكرهت أن اسألهم فأبدوا جاهلاً، وانتظرت ليخبروني، ولم يطل انتظاري. قال أكثرهم ثرثرة فارغة ما معناه: الأمس الجمعة وبعد الصلاة أنزل العقاب الشرعي بالمرأة، وتنفس السعوديون أجمعين الصعداء، وحمدوا ربهم، وثبت للجميع بأن حكومة حامي الحرمين الشريفين هي الأكثر حرصاً على تنفيذ أحكام الله، وسارع بقية زملاءه للموافقة على كلامه، والثناء على حكومتهم المخلصة للدين وشرع الله، كما يدعون. آنذاك تغلب علي فضولي فسألتهم عن قصة هذه المرأة، فانبرى ثرثارهم بالرواية، مبيناً بان المرأة أجنبية مقيمة، قدمت من بلد عربي، صاحبة مشغل نسائي للخياطة والتطريز، مقره في العاصمة الرياض، ترتاده نساء الوجهاء وعلية القوم، لتفصيل ملابسهن، أسعاره باهضة، وخدماته مميزة، فما لبثت ان اثرت صاحبته، وكسبت صداقات نساء من عوائل متنفذة في المجتمع السعودي. نساء أثرياء الخليج المترفات سيدات نساء العالمين، لا في التدين وتقوى الله، فالتدين ليهم مظاهر وطقوس ليس إلا، ولا في العلم والمعرفة، فقد أغنتهم عوائد النفط عن ذلك، ولا في العمل الجاد، فتلك مهمة المتعاقدين الأجانب، وبالتأكيد ليس في الإدارة البيتية أو تربية الأولاد، التي أناطهن بالخادمات السريلانكيات والمربيات الفلبينيات، ولكن في اقتناء الملابس والحلي، وولع نساء الخليجيين بالملابس اسطوري، وهن في مقدمة نساء العالم في استهلاك الملابس الغالية، إذ يؤكد أصحاب أشهر دور الأزياء في باريس وميلانو ولندن بأن افضل زبائنهم هن الخليجيات. لملوك آل سعود تقليد ثابت، عقد مجالس عامة، يستقبلون فيها الأتباع، يستمعون لمطالبهم ويتلقون استرحاماتهم، فيأمرون بتلبيتها، أو احالتها للمختصين، وفي مجلس للملك السابق فهد آنذاك حضر أحد الوجهاء، من عائلة معروفة، وأسر للملك بعيداً عن مسامع الحاضرين بشكوى مفجعة، ضحيتها ابنته. الضحية فتاة في مقتبل العمر، ذهبت إلى المشغل المشهور، لتفصيل ملابسها، فعادت منه امرأة، سقوها شراباً، فغابت عن الوعي، واغتصبت. السعوديون متعودون على الفضائح، والكثير من هذه الفضائح من صنع آل سعود، وللملك فهد نصيب وافر منها، سأكتب عنها مستقبلاً، بإذن الله، لذا اشك بأن جفن الملك رف لسماعه عن اغتصاب ابنة الوجيه، ولكن والد الفتاة لم يصمت ويداري الفضيحة، لذا ودرءاً للحرج الذي قد تسببه الفضيحة لحكومته أمر بالتحقيق بالأمر. تكشفت نتائج التحقيق عن تفاصيل مذهلة،، فلم تكن تلك أول فتاة او أمرأة تتعرض لاعتداء جنسي في المشغل، بعد سقيها المخدر، في فنجان قهوة أو كأس عصير، كما تبين بأن للمشغل زبائن من الرجال يرتادونه لا لتفصيل الملابس وإنما للتفرج خلسة على الفتيات والنساء، وهن عاريات أو شبه عاريات أثناء أخذ القياسات وتجربة الملابس الجديدة، حيث يقبعون في غرف خاصة تتيح لهم التلصص على الغافلات من رواد المشغل. أغلق السلطات المشغل، وأودعت صاحبته السجن بتهمة الإفساد، وكما هو متبع في المملكة مثلت المرأة السعودي امام القضاء، وكل قضاة المملكة خريجو المدرسة الوهابية في الفقه والأحكام، وبعد محاكمة سريعة أصدر القاضي الوهابي حكم القصاص بقطع الرأس على المرأة بتهمة القوادة وهتك الأعراض والإفساد، واستقبل الشارع السعودي هذا الحكم بالارتياح والرضا، واعتبره الوهابيون نصراً لهم. أقرت هيئة كبار العلماء الوهابية الحكم الصادر بحق المرأة، فأصبح الحكم قطعياً واجب التنفيذ، ولم يبق سوى تحديد الموعد الذي توقع الجميع ان يكون في القريب العاجل. نادراً ما يجرؤ السعوديون، من غير الشيعة، على مجابهة سلطة آل سعود وذراعها الوهابي، وقد كان احتلال بعض الوهابيين لمبنى التلفزيون احتجاجاً على بدأ البث التلفزيوني أثناء عهد الملك فيصل وحركة جهيمان في مكة المكرمة استثناءان فريدان على هذه القاعدة، لذا فقد كانت أحداث ذلك اليوم مفاجئة غير متوقعة من الجميع، وبالأخص مدير وحراس السجن، ولربما حتى المرأة المحكومة بالإعدام. في ذلك اليوم هاجمت جماعة من السعوديين السجن، وكان على رأسهم عدد من أمراء آل سعود، وبعد سيطرتهم عليه أخرجوا المرأة من زنزانتها واقتادوها إلى مكان مجهول. كانت عملية اطلاق سراح المرأة بالقوة، وفي وضح النهار، وبتلك الجرأة، صفعة سمع دويها على طول وعرض المملكة، وكان وقعها الأشد على المؤسسة الوهابية الكهنوتية، وعلى رأسهم هيئة كبار العلماء، وبالأخص رئيسها واعضائها وأتباعهم، بما فيهم عبد العزيز ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين وغيرهم من كهان الوهابية. ويضيف الزميل الثرثار: لم تتأخر سلطات المملكة في تعقب المرأة، التي سرعان ما القي القبض عليها مجدداً وإيداعها السجن، ثم أنزل العقاب بها بقطع الرأس أمام أعين الناس بعد فراغهم من صلاة الجمعة. في المساء زارتنا فتاة سعودية من أصل سوري، وتطرق الحديث إلى قصة المرأة المفسدة التي أعدمت بالأمس، فأخبرتنا بان بنات المرأة حضرن دروسهن في الكلية اليوم كالمعتاد، ونفين خبر إعدام والدتهن جملة وتفصيلا. تأكد لي من هذه القصة بأن قوادة أهم بكثير لدى آل سعود من كل الكهنوت الوهابي، وما كهنة الوهابية في السعودية إلا بيادق بأيدي آل سعود يحركونهم كما شاؤوا، ووفقاً لمصالح العائلة الحاكمة، ولا قيمة لابن باز أو ابن عثيمين أو ابن جبرين أو العودة أو غيرهم من وعاظ السعودية إلا بمقدار ما يقدمونه من خدمات لآل سعود. ينبغي على العراقيين المخلصين لوطنهم استخلاص العبر من هذه الرواية لانقاذ أخواننا المحكومين بقطع الرأس في السعودية ومحاربة الإرهاب الوهابي التكفيري، وللعلم فإن كل الأحكام الصادرة بحق العراقيين هي مبدئياً باطلة إذ عادة ما تبنى على إعترافات المتهمين، والتي يقسرون عليها بالتعذيب، والدليل على ذلك ما أخبرني به أحد سكان عرعر والمنطقة الشمالية، التي يسجن فيها العراقيون، بأن الطريقة المفضلة لدى حاكم المنطقة، في الثمانينات، لاستخلاص الاعترافات من المتهمين هي اجبارهم على تناول كميات كبيرة من ثمار البطيخ الأحمر ثم شد مذاكيرهم، حتى يصابون بانحباس، فلا تمر سوى ساعات حتى يوقعوا أي اعتراف مطلوب منهم خلاصاً من الألم المبرح. اقترح اقامة دعوى قانونية، بتوكيل من ضحايا العمليات الارهابية التي نفذها سعوديون في العراق، والمتهمون الرئيسيون فيها حكام السعودية بدءاً بالملك عبد الله ووزراء الداخلية والخارجية والعدل في حكومته إضافة إلى كهان الوهابية الذين أفتوا بتكفير الشيعة وقتالهم، والتهمة هي الإرهاب والتحريض عليه، على أن تقام الدعوى في محاكم أمريكا والدول الأوروبية، فإذا رفضت هذه المحاكم النظر فيها يصار لتشكيل محكمة خاصة غير رسمية من الحقوقيين والمفكرين المستقلين للنظر في شكوى العراقيين، ومن الضروري أن لا يكون للحكومة العراقية أي دور مباشر أو غير مباشر في القضية إذ من المحتمل اضافتها إلى قائمة المدعى عليهم لأنها أطلقت سراح الإرهابيين السعوديين واعادتهم إلى بلادهم. التنظيم الجيد شرط ضروري للنجاح، لذا لا بد من تكوين جماعة من المتطوعين تتولى التحضير لهذه الدعوى، وطرحها أمام المحاكم والهيئات الدولية والبرلمانات، واعداد وتنفيذ الحملات الإعلامية الخاصة بذلك.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |