رسالة حول العراق والبند السابع والاشقاء الكويتيون

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

الكلُّ يدرك تقريبا في دولة الكويت الشقيقة وكذا في العراق الجديد ان هناك معادلة سياسية جديدة بُنيت بين هذين البلدين على انقاض الاطاحة بالدكتاتورية الصدامية المقبورة في العراق والتي هي بالفعل شكلت في الماضي القريب صورة محور الشرّ للعلاقة العراقية الكويتية السياسية الحديثة !.

والحقيقة انه ومن خلال مارشح من نوايا كويتية طيبة تجاه العراق الجديد، واعتراف الاشقاء الكويتيون بحق الشعب العراقي ببناء عراقهم الجديد وعلى حسب مايرونه صالحا لمستقبل شعبهم، بالاضافة الى ما ابداه العراق الجديد صراحة في اقامة علاقات قوية ومتينة وراسخة ومستقرة مع دولة الكويت وعلى كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بدا جليّا ان هناك توافق من حيث المبدأ على فتح صفحة جديدة ونسيان كل ماتبقى من الماضي الدكتاتوري الصدامي البغيض بالنسبة للكويت وبالنسبة للشعب العراقي المظلوم ايضا الذي وقع تحت اجرامية واعتداء ودكتاتورية ذالك النظام الاجرامي الذي عاث في الارض الفساد وفرق العباد واهلك الحرث والنسل، ولهذا رأينا الكيفية المشرفة للمواقف الكويتية الرسمية والشعبية المساندة للشعب العراقي في التخلص من كابوس الدكتاتورية الصدامية من منطلق :

اولا : لأن الكويتيين هم الاقرب حقيقة للانسان العراقي بالامس واليوم والآمه والشعور بمعاناته بسبب انه لايدرك الم المتألم الا من ذاق نفس الالم والكويتيون ذاقوا مرارة الدكتاتورية الصدامية ابّان غزو بلدهم من قبل عصابة العوجة فتعاطفوا مع تطلعات الشعب العراقي المشروعة بالتخلص من ظلم الظالمين وجور الكافرين !.،

وثانيا : الكيفية التي رأينا فيها المبادرة من قبل الاشقاء في الكويت بالاعتراف رسميا بالعراق الجديد، وعدم التلكئ كباقي العرب بالاعتراف بحق الشعب العراقي في تقرير مصيره السياسي .....الخ .

وكل هذا من قبل الكويت ان دلّ على شيئ فانما يدلّ على ان هناك رغبة صادقة كويتية في مساعدة العراق لتخطي محنته في بناء واقعه العراقي الجديد من جهة، وفتح صفحة تؤسس للمستقبل السياسي بين البلدين بشكل مختلف عن ما مضى في سابق العلاقات العراقية الكويتية الماضية من جهة اخرى !.

نعم علق من الماضي الكئيب بعض المنغصات السياسية التي لابد من الاصطدام بها اليوم، كوقوع العراق تحت بند الفصل السابع الذي يقيد العراق ويشلّ حركته السياسية والاقتصادية بنسبة عالية جدا من التحرر الطبيعي من قيود هذا الحكم الاممي في الفصل السابع !.

الآن الكويتيون يدركون ومتفهمون تماما انه ليس للعراق الجديد اي ذنب ولا للشعب العراقي جريرة في ان يقع تحت طائلة قيد البند السابع الذي جاء على اثر اعتداءات صدام الاجرامية بغزوه للكويت من تسعينات القرن المنصرم، وكذا العراقيون مدركون ومتفهمون تماما في حق الكويت في مطالباته العادلة في قضايا كويتية صميمة سياسية واجتماعية واقتصادية، لكنّ الاشكالية بين هذين الفهمين والادراكين يقع في حرارة اللحظة، وارادة جوانب من كلا الطرفين حرق المسافات الزمنية التي هي فقط بحاجة الى هدوء بالتفكير نحو كل القضايا العالقة والتي تدفع ببعض الكويتيين الى التشنج البدوي وببعض العراقيين الى الانفعال العصابي المعروف عن الانسان العراقي في حواراته لاغير !!.

وإلاّ لو سألنا (مثلا) كلا الجانبين وبلا انفعالات ليس لها اي مبرر سياسي او اقتصادي آني الان : هل سيبقى العراق الى الابد رهين البند السابع من العقوبات الاممية حتى يعتقد بعض الكويتيين ان هناك جدوى من الاصرار على حماية البند السابع للحقوق الكويتية المشروعة الى الابد ؟.

طبعا الجواب سيأتي من كلا الطرفين بانه : لا سوف لن يبقى العراق الى الابد تحت طائلة البند السابع !.

ثم اذا عدنا وسألنا كلا الطرفين : وهل يضير الجانب العراقي ان اتخذ السياسة الهادئة البعيدة من وعن الانفعالات الاعلامية الضّارة، ليمتطي الهدوء والصبر للوصول الى قاسم مشترك ربما يطرحه الكويتيون انفسهم اذا لمسوا استعدادا نفسيا متسامحا ومتفهما ومتعاطفا من قبل الجانب العراقي مع مطالب الكويت القانونية ينهي اشكالية البند السابع بين البلدين باجمل السبل والطرق التي ( ربما ) سوف تساهم برسم مستقبل جيد وبتمتين العلاقة بين البلدين وليس في اضعافها والنيل من مصداقيتها ؟.

لااشك في ان الجواب سيكون : ايضا بلا لايضير العراقيين ان يجربوا سياسة الهدوء والنفس الطويل ولو لمرة واحدة في حياة هذا البلد وسياسته ليروا ان ( أدفع بالتي هي احسن ) من السياسات التي تصنع المعجزات في العلاقات الانسانية السياسية اليوم، وبالخصوص مع الاشقاء في الكويت الذي نخبرهم عن قرب وندرك كيفية تفكيرهم ونمطية اخلاقهم التي تميل لتلمس صداقة الصديق وليس الشعور بها فحسب !.
نعم اذا كان الكويتيون يدركون ان لاشيئ دائم على حبل قوانين الامم المتحدة والشرعة الدولية ومتغيراتها وإن الدائم الحقيقي هو الجوار الجغرافي والسياسي والاجتماعي العراقي، فنحن قد نكون قطعنا نصف الطريق الى العقل السياسي الكويتي، وادراكه لحقيقة : ان البند السابع واشكالياته مع العراق بالامكان او يوظف لصالح ان يكون لبناء علاقة عراقية كويتية مميزة في العالم العربي، اذا ادرك الكويتيون بأنه بتسوية هذا الملف مع العراقيين بالامكان شراء ودّهم السياسي للمستقبل كله القريب والبعيد ايضا !.

وهذا بعكس اذا ما حسب العقل السياسي الكويتي الحسبة بالخطأ واعتقد ان البند السابع المقيد لرقاب العراقيين سيبقى الى ابد الابدين وتشبث ببقائه اليوم وغدا على العراقيين، فان العقل السياسي الكويتي سيفاجأ بالمستقبل القريب ان العراق خرج من تحت البند ليبقى موقف الكويت السلبي هو البند الحقيقي المقيد لتنامي علاقة سياسية ايجابية مع العراق الجديد وشعبه الذي ينظر بكل الاحترام والحب للكويت العزيزة !.

ان هذه الحقيقة لاتشكل فرضا ضاغطا على الاشقاء الكويتيين في قضية ضرورة تنازلهم عن الالتزام بالبند السابع تجاه العراق الجديد، وتحرير رقبته من قيود هذا البند، وانما وبالفعل تمثل في حال ادراك الكويتيون لمفاعيل هذا التنازل الطوعي والسريع عن الالتزام ببنود الحكم ضد العراق انهم بذالك اعتقوا رقبة وتجاوزوا العقبة واستولوا على القلب العراقي قبل عقله في مدّ جسور العلاقة التي سوف تتمِّم مابدأه الكويتيون مع العراق الجديد من مساعدة افضت بفضل الجهود العراقية الكويتية بالاطاحة بكابوس العصر صدام حسين المقبور، والتحليق من جديد بطائر عنقاء ناجي من محرقة الدكتاتورية باعجوبة !.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com