إلى من يهمه الأمر ..! 

محمد خضر ناجي

mkh.naji@gmail.com 

تحتفي الشعوب والأمم، ومن بينها نحن في العراق، بالأحداث والمواقف التاريخية التي مرت بها، وتفخر بشخصيات ونتاج المبدعين والمصلحين من أبناءها ومن البشرية قاطبة، وتحيي ذكراهم وتخلدهم كرمز إنساني وحضاري على مر العصور، فتزيّن المدن وتجمّل القصبات بأسمائهم، فشارع هنا أو ساحة هناك، وتقيم نصباً تذكارياً أو لوحة أو تخصص صالة محاضرات أو عرضاً فنياً في كلية أو جامعة أو حي، أو بمؤتمر سنوي يستلهم أفكارهم .

لقد أساء الطاغية المقبور، كغيره من الطغاة، إلى هذه الممارسة الحضارية، فلم يترك مساحة، من أي نوع، لغير شخصه بالظهور، حتى إنه لم يكتف بالحاضر فعاد ليمسخ التاريخ حين كتب اسمه على جدران بابل وآثارها !

واليوم، ونحن نسعى لإعادة إعمار بلدنا ومدننا، لابد لنا من وقفة ومراجعة وإعادة نظر بكل الخراب الذي ألحقه بنا نهج الطغيان وأتباعه. ومنها أن نعيد الاعتبار لشخصيات من أبناء الحلة الفيحاء قدمت خدمات جليلة لشعبنا ومدينتنا، فنخلدهم بما يتناسب ومكانتهم التي تليق بهم والتي نفخر بها .

ولذا فمن غير المناسب أن تكون هناك أكثر من ساحة لا نعرف ماهية النصب الموجود فيها، أو حتى أن يكون في أحدها نصب لـ (دلال القهوة)، ولا يوجد مثلها لمحمد مهدي البصير (شاعر ثورة العشرين) التي احتفلنا بذكراها قبل أسابيع! أو لمؤرخ الوزارات العراقية عبد الرزاق الحسني، أو للشاعر حيدر الحلي، أو للأستاذ والناقد علي جواد الطاهر، أو العالم أحمد سوسة أو عالم الآثار طه باقر أو ......

إن تخليد شخصية كـ (البصير) الذي ستحل ذكرى رحيله يوم 19 تشرين أول المقبل، والنخبة الطيبة من أمثاله، التي يفخر بها أبناء الحلة، وكل العراق، تعتبر دليل عافية وبداية عودة بالأمور إلى مسارها الصحيح، فضلا عن إنها تعزيز للإنتماء للوطن وللهوية الحضارية والثقافية ومظهر جمالي سهل التحقيق،  لا يكلف شيء يذكر . وبالتالي لا يحتاج إلى موافقة معالي السيد وزير المالية على تخصيصات إضافية للخزينة الخاوية ... ولا إلى خطة إستثمارية ورؤوس أموال أجنبية، كما إنه لا يدخل ضمن الفصل السابع لقرارات مجلس الأمن الدولي، وبالآخر لا يثير  حساسية أحد، حتى من .... دول الجوار !

فهل سيطول الإنتظار حتى نرى قامات أعلام الحلة والعراق تنتصب في الساحات، وأولها  نصب البصير، المنشود، ونقف عنده في ذكرى ثورة العشرين، وكما فعل أجدادنا وآبائنا حينها، نردد معهم عبر صدى السنين كلماته الخالدة :

إن ضاق يا وطني عليَّ فضاكا              فلتتسع بي للأمام خطاكا

أجرى ثراك دمي فإن أنا خنته              فلتنبذنّي إن ثويت ثراكا

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com