|
المرجعية الدينية تواجه الرياح الصفراء الباحث عمار العامري يرجح اغلب المؤرخين إلى أن المرجعية الدينية في العراق كانت السباقة في الدفاع عن قضايا الشعب العراقي والأمتين العربية والإسلامية بعيداً عن التفرقة الطائفية والعرقية والمناطقية، وكثيرة هي المواقف الوطنية التي يجمع عليها الطرفين تؤكد أن المرجعية الدينية وقفت بوجه هجمات إبادة الأقوام والمناطق في العراق وكانت حائر أمام الحكومات التي أضرت بشعوبها أو خالفت مصالحها شعبها الوطنية والقومية والإسلامية. ولذلك نجد المرجعية الدينية تتعرض لأعنف الهجمات من الحكومات التي تتحدث باسم "الوطنية والحكم الشعب والمصالح العليا" فنجد أن عبد المحسن السعدون "1889- 1929" عند تسليمه رئاسة الوزراء عاهد الملك فيصل الأول على نفي مراجع الدين لمجرد إصدارهم فتاوى تحرم المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي في العراق عام 1923 والذي أريد منه أبرام اتفاقية طويلة الأمد يكون فيها العراق تحت الانتداب البريطاني، كما نجد أن الرئيس العراقي عبد السلام عارف "1921-1966" يتوعد بتدمير المرجعية الدينية في النجف الاشرف بسبب إصداره فتوى تحرم قتال أكراد العراق، كما أن للمرجعية الدينية الدور البارز في تثبيت أسس بناء دولة العراق الجديد لاسيما فتاوى المرجع الإمام السيستاني في الحفاظ على دماء العراقيين، وعدم الأخذ بالثأر وإثارة الحالات العصبية اتجاه أتباع النظام البائد، والحفاظ على المال العام والمطالبة بتشكيل مجلس ممثل لأبناء الشعب العراقي من واجباته كتابة الدستور العراقي، ودعوة المسئولين العراقيين إلى توفير الأعمار والخدمات لكافة العراقيين، وعدم أثارة النعرات الطائفية وتبديد الروح العنصرية، وضمان حقوق كافة الأقليات والطوائف، وان المراجعة لهذه الأدوار التي تقوم بها المرجعية الدينية يكتشف النقاب عن أن الموقع الذي تحتله ليس فقد بتشخيص الحلال والحرام ولكنها تؤسس لبناء مجتمع متكامل ومتجانس ولا تقبل الاعتداء وإثارة الفتن وتدافع عن كافة أبنائه بمختلف التوجهات هدفها سعادة الإنسان. ورغم كل هذه المساعي والجهود التي تسعى إليها المرجعية الدينية مع حفاظها على استقلاليتها وعدم تدخل الحكومات في شؤونها الداخلية ألا أنها تتعرض إلى حرب تشهير وتضعيف في محاولة لخلق فجوة بينها وبين المجتمع العراقي، الذي يعاني من عدم الاستقرار الفكري والذهني الذي تستفيد منه بعض الدوائر الإقليمية والدولية في الحرب التي تشنها للتقليل من دور المرجعية الدينية وتحيدها للتمهيد لإبعادها عن الحالة السياسية في العراق، لذا تجد الإعلام يطبل إلى " أن المرجعية على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية" و" أن الائتلاف العراقي فشل في أدارة الحكومة العراقية" و"أن الفساد تفشى في وزراء الائتلاف" باعتبار أن الائتلاف ولد بمباركة المرجعية، وكل هذه الملفات هي وسائل ضغط على المواطن العراقي في محاولات لإبعاده عن المرجعية الدينية. ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية ووجود حراك سياسي من اجل تشكيل ائتلافات سياسية، نجد بعض الدول الإقليمية تسعى من خلال "الإعلام وتنظيمات حزب البعث" إلى خلق فتنة سياسية هدفها الوقوف أمام أعادة تشكيل الائتلاف العراقي الموحد، ومحاولة لإظهار أن المرجعية الدينية لم تتدخل في رسم معالم المرحلة السياسية المقبلة، كل هذا تمهيداً إلى تشكيل قوائم وكيانات ذات التأثير الضعيف لتشتيت صوت المواطن وعدم إخضاعه لتوجيهات المرجعية الدينية، ويعني أن الحرب التي تشن على المرجعية الدينية هي حرب سياسية هدفها تدمير المجتمع العراقي ونفخ إسفين التفرقة فيه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |