كوردستان العراق والانتخابات المنتظرة  3

 

الأستاذ الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

tayseer54@hotmail.com

في التحالفات المؤملة اليوم ينتظر المواطن من الحركات والأحزاب السياسية أن تتقدم  بمعالجاتها ولتدخل اليوم مستقلة أو في تحالفات مرحلية انتخابية أو استراتيجية بعيدة.. ولكن الأهم يكمن في التعاطي مع الانتخابات على وفق معطيات لا تناسبات أو توازنات النتائج بل على وفق إرادة التغيير المشترك من أجل تلبية مطالب هذا المواطن.. 

وفي المرحلة الحالية مازالت الظروف غير مهيأة لأن تتصدى قوة واحدة بمفردها لمهمة إعادة إعمار المخرب وبناء الهياكل والركائز الأساس لمجتمع يخرج من أوضاع مريرة طاولته لأكثر من أربعة عقود...

ومن هنا فإن على جميع هذه القوى اليوم أن تتعاطى مع روح المنافسة الانتخابية لا من تخندق تناقضي إقصائي بينها بل من منطلق يتأسس على التفاعل البناء بينها. بمعنى النظر لما بعد الانتخابات وللجهد المشترك في عملية البناء المنتظرة...

 إن مسؤولية الفائز أن يفي بوعوده ويعمل على تنفيذ ما تقدم به من برامج وعلى القوى غير الفائزة أن تشترك في مهمة البناء بما يعود على المواطن بتطمين احتياجاته ووقوفها بطريقة تناقضية لا يقف بدلالته عند راديكاليتها وتشددها بل يعني أنها ليست معنية بمطالب المواطن بقدر مصالحها الفئوية الحزبية الضيقة.. ومن هنا أنتظر وينتظر المواطن أن ترتقي جميع القوى إلى مستوى المسؤولية أمام المواطن ومطالبه... فالسلطة واجب يتكلف به الحزب أو التحالف أو الزعامة ولابد من الإيفاء بالالتزامات..

إن فكرة أحزاب معارضة وإئتلاف المعارضة والاستقلالية في العمل الحزبي السياسي لا تعني التناقض الوجودي في حالة ممارسة الديموقراطية. وعلى تلك الأحزاب الجديدة أو الصغيرة في حجمها الانتخابي أن تنظر إلى أن توسعها جماهيريا وانتخابيا لا ينبغي أن يأتي من التصعيد والاحتدام في الخطابات. 

إن كسب التصويت يأتي من مقدار صلابة وحسم هذا صحيح ولكن من درجة المرونة والتفاعل مع الآخر بمقدار ما تفرضه الظروف أي مصالح المواطن من تمسك بأولوية تلك المصالح لا أولوية الفوز وحسابات الربح والخسارة..

 إن حكمة الهدوء والدبلوماسية في تمرير مشكلة أو أخرى لا تعني المهاودة والانحراف عن النضال الجماهيري. ولكنها بحاجة أيضا للحذر من منزلقات ما يبدو عند جمهور العامة سكوتا على الخطأ أو مداهنة للمخطئ..

 ولكن من الضروري اليوم وكما في أي مرحلة انتخابية من كشف الحساب أمام المواطن بما فعله المرشح وبتاريخه وببرنامجه الجديد الذي يستفيد من أخطاء الماضي ويتسلح بتطلعات الغد وتصويباته...

إن الصراع الوجودي هو بين المواطن ومصالحه وقواه التحررية والسياسية كافة في طرف والمصاعب والمشكلات والثغرات التي تعترض الجميع في جانب مقابل. على أن يتمّ معالجة أية ثعرة تخص العلاقات بين القوى السياسية الموجودة في البرلمان وفي ميدان العمل والبناء...

 فقط أذكر بمشهد العلاقات بين الأحزاب السياسية في الدول الديموقراطية المتقدمة وكيف يجري الحوار بينها حتى في حالة الاحتدام الذي ينتهي دائما عند خط أحمر لا يتجاوزه أي طرف هو خط القانون الدستوري الذي يحكم الجميع ويضبط أفعالهم وتوجهاتهم وسلوكياتهم... وتلكم تجربة حرية بالتمسك والتبني من قبلنا ونحن نخطو في أول طريقنا نحو الديموقراطية...

 لست منحازا في قراءة التجربة الكوردستانية لحزب بعينه. ولكنني منحاز بالتأكيد للمواطن ومطالبه وتطلعاته وللوضع يتقدم نحو آفاق ديموقراطية وطيدة.. ومنحاز لإئتلاف علماني ديموقراطي مدني النزعة والفلسفة يحمي مصالح المواطن ويرعاها.. كما يمكنه التصدي لعمليات البناء وتنقية الأجواء من ظواهر الفساد أينما كانت ومن الصغرات والنواقص أينما اكتُشِفت...

 أنا أذكر بأن محاولات التخريب وفصم العرى بين الجماهير وزعاماتها التاريخية محاولة تعادي الديموقراطية والتقدم بها فهي من جهة تريد إزاحة السمة التحررية التقدمية منها وتنزع جوهرها الذي توجه دائما للمواطن.. وأنا هنا أضع قراءة لا أفرض رؤية حيث مسيرة العمل الديموقراطي والعملية الانتخابية لا تقوم على جدلية التناقض الوجودي الإقصائي الإلغائي بل على تداول وتبادل العمل ووحدة الجهد لاستكمال صورة الوطن والمجتمع الذي لا يتشكل من لون أو طرف أو جهة أوة أية أحادية تستبعد الآخر أو ترى في ذاتها الصواب وتريد إسقاط حركة تحررية أو زعامة بالكامل لحساب توهمها صوابه وهو مجرد وهم لا يتناغم ومفردات العمل السياسي في ظل الديموقراطية والتداولية...

 أما التغيير المنشود فيكمن في عملية إصلاحية مكينة ومتينة الأسس تستند لتحالف جميع القوى سواء تلك التي داخل المؤسسة الحكومية أم خارجها لمطاردة الخلل وتقويم البرامج وتقديم البدائل عبر القنوات المؤسسية للديموقراطية وتعزيز التزامنا بها وتمسكنا بفعل البناء والتعاضد بيننا جميعا من دون حاجة لتضخيم أحجامنا كما يحصل من قوى جديدة ناشئة أو تحاول الاصطفاف في مسيرة التغيير ولكن بآليات غير محسوبة جيدا...وتمنياتنا للجميع ممن يحمل همَّ المواطن ومطالبه بالدخول في برلمان الجديد لحمل مسؤولية البناء والتقدم سويا ويدا بيد...

 وللحديث بقية... 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com