الخامس والعشرون من رجب ذكرى شهادة الامام الكاظم (ع) ويوم السجين العراقي

 

جاسم محمد جعفر/ وزير الشباب والرياضة

 ورئيس مؤسسة السجناء السياسيين وكالة

informationiraq_2005@yahoo.com

لم يأت ارتباط يوم السجين السياسي العراقي بيوم استشهاد الامام موسى الكاظم (ع) اعتباطا بل ارتبط من جانبه العقائدي وبشكل مدروس لما له من عمق تاريخي واستراتيجي ينسجم بشكل كبير وواضح مع امنيات وطموح المواطن العراقي الذي ذاق مرارة السجن بسبب رأيه او موقفه السياسي .

فالنظام البائد لجأ الى اعتقال آلاف العراقيين معظمهم من اتباع اهل البيت (ع) بشكل عشوائي وادخلهم سجونه أو طوقهم داخل سجنه الكبير وحرمهم حق الحياة الحرة الكريمة وذلك بسبب خوفه من تغيير نظامه وزعزعة حكمه او قلقه من اقامة حكومة اسلامية تتخذ شعارها من مبادئ الحرية واحترام حقوق الانسان وقبول الرأي والرأي الاخر، او من حقده الدفين على كل ما يحث على حرية الفكر والعقيدة. وهذا ما جعل حلقة الوصل بين سجن صدام وسجن هارون الرشيد واضحة جلية، فالخوف نفسه والقلق والحقد كان يساور هارون الرشيد والفكر نفسه والمعتقد كان يحملهما امامنا المعصوم الامام موسى الكاظم (ع) وحمله السجناء السياسيون من جميع مكونات الشعب العراقي .

ومن هذا المنطلق تم اعتبار يوم 25 رجب يوما للسجين العراقي تيمنا بذكرى استشهاد ذلك الامام المفدى (ع) الذي لا يغيب عن ذاكرة العراقيين واستلهاما من خطه وفكره لانجاح مؤسسة السجناء السياسيين لتقديم الأفضل تعويضا لبعض ما لحق هؤلاء من النظام البائد.

وفي مثل هذا اليوم ومنذ تأسيسها تقيم مؤسسة السجناء السياسيين احتفالا وطنيا ليرسموا خطا تصاعديا في أمنياتهم وطموحاتهم للوصول الى الاهداف التي أقرها قانون المؤسسة وليبعثوا رسالة واضحة  لكل ابناء شعبنا بان السجناء السياسيين الذين هم بقية السيف من سلالة الشهداء والمهاجرين على أيدي النظام السابق وأزلامه وهم شريحة مسحوقة تستحق الدعم والاسناد من الدولة العراقية وحكومتها الرشيدة ومن شخص دولة رئيس الوزراء وذلك بتذليل بعض العقبات القانونية التي تعيق تطبيق قانون المؤسسة وكذلك حث الدوائر الحكومية على تقديم احسن الخدمات لهذه الشريحة في العلاج والسفر والتقاعد والتوظيف والدراسة وتوزيع القطع السكنية ومنحة رئيس الوزراء ومنحة بناء الوحدات السكنية والقروض وغيرها من المطالب المهمة.

فالحق يقال ان دولة رئيس الوزراء لم يقصر بشيئ من موافقته على كل طلبات المؤسسة واصداره تعليمات متعددة كلها تصب لصالح السجين السياسي إلا أن تفعيل هذه التعليمات يحتاج الى توصية حكومية مع عقوبات ادارية لكل من يريد الإخلال بحق السجين السياسي في دوائر الدولة .

فنحن كوادر المؤسسة من السجناء السياسيين وابنائهم نضع ايدينا بيد دولة رئيس الوزراء لدعم كل قراراته الداعمة لحق السجين وابطال الباطل الذي يجابه هذا الحق ومازالت معظم اراضي وممتلكات وحقوق السجين المادية والمعنوية وحقوق عوائل الشهداء والمرحلين وابناء هذا الشعب لم تطلق بعد وهم يعيشون بأسوأ مايكون خاصة وأن محاكم القضاء وهيئة نزاعات الملكية ما زالت تلعب بمشاعر هذه العوائل ولم يقدم لهم الا الشيئ اليسير وبالمقابل نسمع بين الحين والاخر سن قوانين لرفع الحجز عن بعض الممتلكات وترفع اصوات باسم حقوق الانسان من بعض سياسيينا لارجاع ممتلكات البعثيين المصادرة وارجاع ممتلكات عائلة الدكتاتور وعناصر أمنه واستخباراته، فنحن عوائل الشهداء والسجناء والمرحلين والمهاجرين قد لا نعترض على ارجاع ممتلكات من تسلط على مقدرات شعبنا بعد 17/تموز/1968 كائنا من كان- سواء أسهم مع النظام في عمليات الابادة الجماعية ام اختلف معه في فترات متفاوتة- لكن لا نسمح بذلك الا بعد ارجاع اموال وممتلكات وحقوق عوائل الشهداء والسجناء والمهجرين من الاكراد الفيلية والتركمان والمسفرين وكل فئات الشعب ، فهذه الحقوق في عهدة الدولة العراقية واذا تعذرعليها ذلك فلابد من المقاصة من اموال وممتلكات البعثيين أدوات النظام البائد والا ما فائدة اقامة مؤسسة السجناء والشهداء من غير أن تتمكن من إرجاع حقوق السجناء والشهداء.

إن السجناء السياسييين في عهد النظام البائد وعوائل وذوي الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في مواجهة التعسف والطغيان البعثي الصدامي يناشدون جميعا دولة رئيس الوزراء بأنهم لن يقبلوا ان يكرم الطغاة والظالمون في عهد دولتك ويهان السجناء والمظلومون .

ويتعين بعد كل ما تقدم أن أشير الى أن مؤسسة السجناء السياسيين المشرعة بقانون رقم 4 لسنة 2006 مؤسسة مستقلة مرتبطة برئاسة الوزراء باشرت عملها بشكل صحيح في أواسط 2007 بدعم وإسناد كبيرين من دولة رئيس الوزراء وبمتابعة شخصية منه وأسس مجلس الرعاية فيها بأعضاء من جميع الاتجاهات السياسية الفاعلة ثم انتخب رئيسا ونائبا للرئيس من داخل مجلس الرعاية.

في أول الأمر أخفقت المؤسسة في أداء عملها وتلكأت بسبب الضعف والوهن الذي اصابها ولم يصرف من ميزانيتها الا العشر ثم تفاقمت الاختلافات بين رئيسها وبعض اعضاء مجلس الرعاية ما أدى الى استبدال الرئيس برئيس آخر وأخفق هو أيضا لأسباب لا يعنينا ذكرها ما دفع بدولة رئيس الوزراء الى حل المجلس وتشكيل مجلس رعاية جديد بأعضاء من القوى السياسية العاملة في الساحة العراقية تم تسميتهم جميعا وهم الان يديرون المؤسسة.

في كانون الاول 2008 اضافة الى وظيفتنا كوزير للشباب والرياضة كلفنا برئاسة مؤسسة السجناء السياسيين والذي تقبلته ايمانا مني بتقديم احسن الخدمات لهذه الشريحة التي تسمى ببقية السيف وبقناعتي الكاملة بان هذا العمل هو لون من ألوان الجهاد في سبيل الله يثاب العاملون عليها ثواب الدارين وهم اخوة الدرب والجهاد كما أعتقد وما زلت رغم صعوبة ارضاء السجين السياسي بعد سني الاضطهاد والعذاب.

وانا الان انتظر اقامة الانتخابات داخل مجلس الرعاية لانتخاب رئيس للمؤسسة ونائب له لادارة المؤسسة في القريب العاجل، لكن الكرة الآن هي في ساحة مجلس الرعاية لانتخاب الرئيس ونائبه بشكل ديمقراطي وشفاف بشرط ان ينال كل من الرئيس ونائبه (الثلثين 1+)اي راي عشرة من اعضاء المجلس واذا لم يحسم هذا الامر بهذا الشكل فنرجع الى رئيس الوزراء الى حسم الامر داخل الكتل السياسية المشاركة في المؤسسة .

في الوقت الذي ندعو الله ان نسلم الامانة الى اهلها باسرع ما يكون نقول ومعي اعضاء مجلس الرعاية والمدراء العامون والمفتش العام وكل العاملين في المؤسسة إننا في هذه المدة القليلة - مدة تسلمنا زمام المؤسسة - قدمنا الكثير لتطويرها وايصالها الى شاطئ الامان وفق الاهداف المرسومة .

ومن يتابع المؤسسة من خارجها يجد ان الانسجام والتفاهم الحاصل داخل مجلس الرعاية الحالي يبعث فينا الأمل بأن المؤسسة في الفترة المقبلة اذا استمرت سوف تقفز قفزات نوعية وجيدة وستكون الادارة القادمة للمؤسسة ادارة ناجحة وموفقة لتقديم احسن الخدمات للسجين السياسي .

صحيح ان هذا العمل ليس بالسهل ويحتاج الى جهود مضنية وكبيرة لاسيما من الكتل السياسية المشاركة في تركيب المؤسسة ومن الممكن وانا متفائل بان المؤسسة تحت قيادة ناجحة سوف تتحول الى مؤسسة انسانية واقتصادية واجتماعية تقدم احسن الخدمات للسجناء السياسيين إذ أن أهم ما يعنيني من هذا الامر ان ينعم السجين السياسي بكل حقوقه التي يقرها القانون  وان يعيش مرتاح البال مع أهله وذويه .

في الختام لا ينسى اخواني وآبائي من السجناء السياسيين محنة الامام موسى الكاظم (ع) ومحنتهم الذي عاشوه في السجن وهم الان منعمون بالحرية والعزة واصواتهم عالية ومكانتهم مرموقة ولاينسوا امامهم الذي استمر الى يوم استشهاده (ع) يدعوعليه السلام في اخر ايامه للخلاص من السجن فيقول" يامخلص الشجر من بين رمل وطين وماء ويامخلص اللبن من فرث ودم ويامخلص الولد من بين مشيمة ورحم ويامخلص النار من الحديد والحجر ويامخلص الروح من بين الاحشاء والامعاء خلصني من يدي هرون " فما كان من الخليفة غير التخلص من الامام ودعواته بدس السم الذي تجرعه الامام (ع) في الطعام ليبقى ثلاثة ايام يتلوى من المرض حتى فاضت روحه الطاهرة وبقيت روحه في السعداء مع الخالدين .

وكتعبير عن الحقد والإهانة لهذا الإمام الطاهر حملت جنازته المقدسة ووضعت على جسر الرصافة ببغداد حملها الحمالون من باب السجن الى الجسر لينادى عليها من قبل علي بن سويد صاحب الامام الذي قال هذا موسى بن جعفر هذا امام الرافضة بعد ان رفع الغطاء عن وجهه عليه السلام فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com