|
يبدو ان لا نهاية لاحزاني نبيل يونس دمان آخر مصيبة ألمت بي هو استشهاد العزيز والغالي والجميل سيل صباح خوبير الذي تناثر جسده وجسد صديقه مروان كما تتناثر اوراق الورود المتفتحة في الربيع بفعل تفجيرات الجبناء الذين لا يمتلكون ذرة شجاعة او ايمان. ان سيل قريب جدا الي، لم تسنح الظروف برؤيته او التعرف اليه، فمنذ ولادته وانا مرغم على العيش خارج الوطن الذي تابعته من منافي مختلفة: متغيرا، منحدرا، من سيء الى اسوء، مكتوب علي الترحال وسيلازمني القهر والحزن، فارضنا التي وطأتها اقدامنا ارض المصائب وحتى افراحها قصيرة وتزول بسرعة لتحل محلها احزان جديدة، بعضها تنخر في الناس مدى العمر، وما حدث للحبيب سيل هو المثال الصارخ والحدث الكبير، فكيف سأنسى شبابه وكيف انسى مصيبة والدته ابنة عمي خالدة حبيب دمان التي حمّلها الزمان قهرا لا بعده قهر، وحسرة وألماً قلما يتحمله بشر، كيف حال عمي حبيب الان الذي لم اره منذ اكثر من ربع قرن، وهو في عمر افناه في العمل المضني المتواصل، وما تبقى له من العمر كان يفترض ان يعيشه مرتاحا محاطا بعائلته، باولاده، واحفاده، لكن قسوة الظروف فرضت عليه ان يعيش في القوش وحيداً، وتاتي هذه المصيبة الكبيرة لتحمله الى بغداد وليشارك ابنته مصابها الجلل! فمن يواسيه يا سامعي؟ انا اكتب والدمع ينهمر، وكلما قرات كلمات بنات عمي في رواية ما حدث، كلما اشتد بكائي..... وكلما فكرت في الاخ العزيز صباح والد الشهيد، تضنيني هذه الصور والتخيلات، وفي الوقت نفسه يلازمني حقد وغضب على مقترفي هذه الجرائم الكبرى التي تدل على خسة ودناءة هذا الصنف من البشر الذين سيلاحقهم غضب الشعب العراقي وسيقتص منهم في مستقبل آت لاريب. كنت اتمنى ان اكون في بغداد لاواسي صباح وحبيب وخالدة والبنات واهل مروان واصدقاء سيل، كنت اتمنى ان التقي بأسر وعوائل شارع فلسطين من كل الاديان لاسألهم عن الكنيسة المقدسة في ذلك الشارع بمنظرها المهيب والصلوات الربانية التي تنطلق منها، والبخور التي تعبق جوها، وبدورهم يسألوا الرأي العام العراقي ماذا فعلت الكنائس ومؤمنيها ليتعرضوا للتفجيرات الرهيبة، كنت اتمنى ان يشق صوتي سماء بغداد منددا بما حدث ورافعا صوتي اكثر الى الاعلى لتوقف هذا الظلم والاعتداء والقتل المتكرر لسنوات عديدة، ارفع صوتي للسلام والامان والاستقرار لكل طوائف وشرائح المجتمع العراقي . خلوداً لك سيل.. يا سليل الورد والمجد صبرا لوالده ووالدته واخواته وجده واقربائه مجدا لكل من سقط شهيدا في تفجيرات الكنائس الاخير احيي واشد على يد كل من تالم وكتب وشارك في ماساتنا وفقداننا للملاك والعريس والشاب غض العود: سيل صباح خمو خوبير.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |