ألأزمة ألإيرانية إلى أين؟؟؟

 

 

محمود غازي سعدالدين/ دهوك /العراق

nelson_usa67@yahoo.com

لا زالت تداعيات أجراء ألانتخابات ألإيرانية وظهور نتائجها تلقي بظلالها على المشهد السياسي في المنطقة والعالم أجمع، وقد تصدرت أخبار المظاهرات التي قامت بها المعارضة ألإيرانية ضد النتائج ألأخيرة للانتخابات شاشات التلفزة العالمية وبدا من الوهلة ألأولى أن هذه ألأزمة لها أثرها الواضح على الوضع الداخلي في إيران والمنطقة عموما .

لعل إيران قبل فترة ليست بالبعيدة وكنت إنا شخصيا أجزم أنها كانت قاب قوسين أو أدنى من القيام بدور بل وفرض دور قوي (خبيث وشرير) في منطقة الشرق ألأوسط عموما، ولعل بصماتها لم تكن خافية على أحد في مجال تدخلها وتمويلها لمليشيات حزب الله ودعمها للحركات ألإسلامية ألأصولية كحركة حماس والمتشددين المحسوبين على بعض القوى الفلسطينية وحركة الجهاد ألإسلامي حيث أكدت غير ذي مرة وكالات إستخبارية عالمية أن هناك دعما ماليا و لوجيستيا تتلقاه هذه الجماعات المتطرفة من دولة ولاية الفقيه، وما برحت إيران تدعم تيارات قومية أخرى تتشدق بشعارات البعث ألصدامي البائد من قبيل ( امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ولعل من يتابع الفضائيات المحسوبة على دولة إيران كقناة العالم والمنار وقناة سحر وال كوثر باستضافتها لرموز قومية ودينية متطرفة من خلال برامجها الحوارية والسياسية والتي تروج لثقافة الخطاب القومي (الذي سيقبر عاجلا أم آجلا) وكذلك الترويج لعمليات ما يسمونها عمليات المقاومة في لبنان والعراق وأفغانستان، وكذلك هو الحال بعض القنوات داخل العراق المحسوبة على تيارات شيعية لا تخفي ولائها لدولة ولاية الفقيه .

لعل أن إيران استطاعت استمالة وتليين موقف بعض الدول ألأوربية إلى حد ما ومن ثم إبعاد شبح الضربة العسكرية بتبنيها سياسة الشد والجذب والمرونة والمماطلة في موضوع فرق التفتيش وعمليات تخصيب اليورانيوم، ولكن الموقف الدولي بات واضحا في مسألة البرنامج النووي ألإيراني فليس هناك خيار سوى ألإذعان للشرعية الدولية لا سيما أن الدول الخليجية بدأت تتربص وتتحين الفرص لتلقي إيران ضربة عسكرية وهناك تخوف واضح أبدته هذه الدول في كثير من ألأوقات والمناسبات وعلى رأسها السعودية (راعية ألإرهاب الرسمي) من تنامي قدرات إيران النووية وتزايد نفوذها في المنطقة من خلال تدخلاتها في الشأن العراقي التي مهدت لها تيارات شيعية متطرفة توالي سياسة ولاية الفقيه وكذلك في لبنان وفلسطين والبحرين ومصر، ولعل هناك تسريبات أن السعودية لربما تمهد وتهيئي ألأجواء لطائرات سلاح الجو ألإسرائيلي لقصف مفاعلات بوشهر النووية كون السعودية تمثل ممرا جويا جيدا وقريبا للوصول إلى ألأهداف العسكرية والنووية ألإيرانية في ظل احتمال وجود رفض تركي محتمل لذلك .

مصلحة السعودية (راعية الفكر الوهابي السلفي التكفيري المتطرف) تقتضي أن تضعف دور إيران المتنامي في دول ألشرق ألأوسط ألإسلامية عموما وتزايد وتمدد المد الشيعي المتطرف والمعتدل في نفس الوقت ولكن برأيي الشخصي أن السعودية تخشى تمدد النفوذ المعتدل أكثر منه من المتطرف كما قلنا أن ألأجندات المتطرفة وتتطابق في كثير من ألأحيان .

لقد وصل المد الشيعي إلى دول أفريقيا كالمغرب وموريتانيا،لنوضح هنا أن السعودية وبعض دول الخليج من هي على شاكلة السعودية وإن اختلفت أجندات وبرامج حكوماتها وتوجهاتها في النظر إلى شكل التعامل مع ألأزمات السياسية المختلفة ليسوا حريصين على تطبيق القرارات الدولية بخصوص أللملف النووي بقدر حرصها على بقاء وتربع أمرائها على مناصبها وتنامي نفوذها ألأخطبوطي المالي الخبيث عبر مؤسسات دينية ومالية واستثمارات ضخمة وبناء مساجد شرقا وغربا وبرامج عبر مؤسسات إسلامية قد تطال حتى بعض الدول ألأوربية .

دول الخليج وعلى رأسها السعودية جميعها تتفق في شيء واحد فقط وهو خطورة المد ألإيراني وأنها بالنهاية ستهيئ ألأجواء لتلقي إيران ضربة عسكرية فردية من قبل إسرائيل وهي المستبعدة في الوقت الحاضر كون هذه الخطوة قد توحد الخطاب والبرامج المتطرفة للمنظمات والتيارات ألإسلامية سنية وشيعية بوجه عام، رغم أيماني الكامل إن الخطاب المتطرف موحد بين هذه ألأطراف إلا أن تشابك ألأجندات السياسية لأنظمة الحكم بين هذا النظام وذاك والصراع العقائدي بين واعظي السلاطين من سنيين وشيعيين (متطرفين) وصراع المصالح دعت إلى نفور بين هذه الجهات كلها بشكل أو بآخر وأن الخطاب الديني المتطرف يصب أولا وأخيرا لمصلحة الحاكم المزمن لا أله إلا هو !!

لعل ألأحداث الجارية في إيران تعود بأذهاننا إلى الوراء قليلا والحرب العراقية ألإيرانية ومن ثم سيناريو احتلال دولة الكويت من قبل نظام البعث البائد ونستذكر هنا موقف السعودية والدول العربية عموما ومواقفها المؤيدة ولآخر لحظة مع (عبدا لله المؤمن المقبور ) إبان الحرب العراقية ألإيرانية كحامي للبوابة الشرقية (ضد المد ألصفوي) ألإيراني ولحين انقلاب أجندة وسياسات صدام البائد التوسعية بوجه السعودية نفسها ولعل صداما المقبور وفي آخر لحظة تنازل عن القيام باجتياحها لغاية خبيثة في نفسه (ولعله أستحضر ما فعله يزيد بن معاوية بالكعبة وهدمها بالمنجنيق وإحراقها وسبي نسائها ) بأن مثل هذا قد العمل قد يلهب مشاعر المسلمين ضده باحتلال دولة تتواجد على أراضيها قبلة المسلمين وأن السعودية وأمرائها سوف يستغلون هذه النقطة أحسن استغلال بوجه (أمير المؤمنين) وهمهم الوحيد في حينه وما زال هو بقائهم في إدارة وحكم واستغلال هذه المقدسات أحسن استغلال لغايات وأجندات متطرفة لا تخدم أحدا سوى تنامي المد التكفيري السلفي المتطرف .

بوجه نظري الشخصية المتواضعة أن الاحتمال ألأكبر هو أن تستنفذ الدول الغربية والجهد الدولي عموما بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا جميع جهودها بغية التوصل إلى حل يفضي إلى تفكيك البرنامج النووي ألإيراني (اللاسلمي) حسب تصريحات القائمين على إدارة هذا البرنامج وهو ما لا تعكسه تصريحات الرئيس نجاد وإن خفت حدتها وقوتها (بقبر ورمي إسرائيل إلى البحر) تؤكد على مدى تبني سياسات متطرفة وعدائية تجاه إسرائيل والغرب عموما، وفي حال عدم التوصل إلى حل بهذا الصدد ولا توجد مؤشرات للوصول إلى حل سلمي قريب بشان أللملف النووي ألإيراني لتفضي بالنهاية إلى حل عسكري وقرارات دولية بهذا الشأن لتدخل المنطقة بعدها في حسابات سياسية وخارطة جديدة .

لاشك أن هناك بوادر أزمة حقيقية بين المجتمع الدولي كما قلنا وإيران بدت تلوح في ألأفق ولا سيما بعد استفحال أزمة ألانتخابات ألإيرانية وبكل تداعياتها من قبيل قمع التظاهرات السلمية للمعارضة واعتقالات عشوائية وانتهاكات حقوق ألإنسان وقمع المتظاهرين وإخفاء الحقائق عن ألإعلام هذه المشاهد أثارت تجلب واستقطبت تعاطف المجتمع الدولي والمنظمات ألإنسانية التي تعنى بحقوق ألإنسان وكان مردودا عكسيا على دولة ولاية الفقيه .

ما أثارني في ظل تصدر أخبار أزمة ألانتخابات ألإيرانية والملف النووي المتأزم هو الصمت المطبق للنخب السياسية العراقية، والتعتيم الذي مارسته وانتهجته غالبية المؤسسة ألإعلامية العراقية عموما بعدم التطرق إلى موضوع ألأزمة ألإيرانية إلا ما ندر من محاولات خجولة من قبل بعض القنوات العراقية كقناة الفيحاء التي تطرقت في موضوع حواري بين عدد من الساسة العراقيين إلى الشأن ألإيراني وتداعيات أزمة ألانتخابات وتدخلات إيران في العراق والبعد التاريخي للعلاقات الدينية والسياسية للعلاقة بين العراق وإيران . ولعل أن مثل هذه البرامج الحوارية تعد إنجازا مهما لمثل هذه القناة في التطرق إلى الموضوع الإيراني وشكل العلاقة المستقبلية بعد ألانتخابات الإيرانية مع ملاحظتنا أنه هناك ضغوطات قد تمارس من كتل عديدة دينية وقومية في عدم المساس والخوض في هذه ألأزمة، وبعكس ما لاحظناه من قنوات مدعومة من المؤسسة ألإعلامية لدولة ولاية الفقيه في التدخل في الصغيرة والكبيرة في الشأن السياسي والديني و ألاقتصادي (التخريبي) ولم يكن خافيا على احد تدخلها في الجنوب والشمال العراقي، وكان من ألأجدر بل يتحتم كواجب أخلاقي ووطني أن تكون هناك ردود أفعال وبرامج حوارية على مدار الساعة بشان جميع المستجدات على الساحة ألإيرانية تستقطب أراء عدة بين من يتحدث ويفضح فيها سياسات إيران وغير إيران العدائية تجاه العملية السياسية وبين من هم يتشدقون بشعارات العروبة والإسلام والحرص على وحدة الوطن واستقلاله وهم ليسوا من الوطنية في شيء في كل أطروحاتهم وبرامجهم تلك سوى أنهم ينفذون أجندات وسياسة دولة الفقيه .

إزاء كل هذا وبعد و بعد ظهور نتائج ألانتخابات ألإيرانية خرج الشعب ألإيراني الواعي عن صمته ليفضح ممارسات الحكومة المفروضة من قبل السلطة الدينية القائمة في إيران وليقول كلمة الفصل في هذه برفض دولة وسياسة الفقيه ألإيراني ورئيسها ولتخرج مرجعيات دينية من خلوتها مؤيدة لنداء الشعب ألإيراني الرافض لسياسات التطرف وفرض سياسة ألأمر الواقع، ليكون لهذه الخطوات أثرا بالغا في احتواء المجتمع الدولي لسياسات إيران الخبيثة وتدخلاتها في المنطقة وخصوصا العراق، وعلى الساسة العراقيين الوطنيين الحذر من تنامي دور خبيث لإيران في هذه ألآونة في مناطق العراق المختلفة شمالا وجنوبا بدعم مجموعات إرهابية مسلحة داخل العراق بحجة استهداف ما تسميه (قوات ألاحتلال) وعمليات تخريب أخرى تستهدف تقويض ما وصل أليه المشروع الديمقراطي داخل العراق وليست العملية السياسية لأن هناك من هم داخل العملية السياسية من كتل وتبارت كان همهم ألأول والأخير هو تقويض المشروع الديمقراطي العراقي بتنفيذ أجنداتهم وأجندات هذه الدولة وتلك، والفوز بأكبر قدر من المكاسب بعمليات تخريبية ومشاريع وبرامج قتل للإنسان عموما تتبناها على حساب المشروع الوطني الديمقراطي الجديد .

على الساسة العراقيين الوطنيين منهم خاصة أن يكونوا واضحين وحذرين في نفس الوقت في التعاطي مع مستجدات الوضع السياسي ألإيراني ومن ينفذون أجندات خبيثة لصالح إيران والسعودية وسوريا، لحين ما ستؤول إليه ألأوضاع الداخلية في إيران و ما هو موقف المجتمع الدولي ؟ الذي بات أكثر التزاما ووضوحا وتوحدا في الوقوف بوجه مختلف السياسات المتطرفة وبروز تيارات وحركات أصلاحية وديمقراطية تسعى لخدمة مجتمعاتها على أسس إنسانية وتبني لغة وخطاب معتدل في جوهر التعامل مع ألأزمات المختلفة في الشرق ألأوسط .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com