رسالة مفتوحة إلى الرئيس أوباما .. رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

 

المهندس سعد الله جبري

uplift@arabsyr.com

الرئيس أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

تحية واحتراماً،

لربما كانت الشعوب العربية عامّة، والشعب العربي السوري خاصة على درجة قريبة من الشعب الأمريكي من حيث الإهتمام بنتيجة إنتخابكم وطروحاتها، وذلك لمعرفة الجميع أهمية منصب رآسة الولايات المتحدة في توجيه سياساتها المؤثرة عالميا، والمؤثرة خاصة في سياسات بلدان الشرق الأوسط، والصراع العربي الإسرائيلي.

وأبدأ بالتعرف بنفسي، فأنا مواطن عربي سوري، عايشت أحداث الشرق الأوسط منذ خمسينات القرن الماضي، وواكبت مسيرتها حتى وصولها إلى ماوصلت إليه اليوم.

أعلمُ ومن واقع ثقافتك السياسية الواسعة وصداقاتك الشخصية أن لديك الكثير من المعلومات الصحيحة عن القضية الفلسطينية، والإغتصاب الإسرائيلي لأرض فلسطين، والذي خلق قضية عالمية وشرق أوسطية مستعصية لا زالت آثارها تتفاعل حتى اليوم، وقد لا تنتهي إلا بالتسبب بمصائب عالمية لا يعلم بها إلاّ الله تعالى.

كما وأعلم الظروف الداخلية الضاغطة – وبخاصة الصهيونية - التي تفرض على الزعامات الأمريكية توجهاتٍ سياسية مُعيّنة لمنطقة الشرق الأوسط، قد لا يرضى بها جميعهم وفقا لضمائرهم وأخلاقياتهم، ولكنها يُسايرونها بنسب مختلفة، فتأخذ أبعادا ما في سياساتهم الخارجية.

رسالتي لك ليس حول القضية الفلسطينية، ولكن عن وضع عربي عام يتصل بها من قريب ومن بعيد، وسأخصصه للحديث عن وطني سورية في زمنها الحاضر.

أظن أن العالم جميعه يفهم ويتّفق أن النشاط السياسي الوطني لكل دولة، إنما يهدف إلى خدمة الدولة وقضاياها الداخلية والخارجية والعمل على تطور الوطن الإنمائي، ورفع المستوى المعيشي للشعب.

ويعلم العالم كله، أن أسلوب الحكم الديموقراطي، هو الأسلوب الصحيح الذي يحقق الأهداف المذكورة بعدالة واطمنئان وسلاسة لجميع دول العالم وشعوبها، بينما يُؤدي الحكم الديكتاتوري إلى العكس من ذلك تماما: إلى التسبب بالفساد والتخريب والخراب والإفقار والنزول بمستوى معيشة الشعب. وهذا صحيح لدى كلِّ شعب في العالم.

إن معظم البلا دالعربية للأسف الشديد تعيش أنظمة حكم ديكتاتورية مُطلقة، حيث تُخالَف الدساتير، وتُنتهك الحريات، وينتشر الفساد، وتُمارس إرادات وأهواء الزعماء بدل مصالح الشعوب، وللأسف فقد كان للإدارات الأمريكية المتعاقبة الدور الكبير في تثبيت الزعامات الديكتاتورية في المنطقة، وربما كان هذا بضغوط صهيونية وإسرائيلية، كي تبقى البلاد العربية في أوضاع التخلف، والضعف تجاهها.

وها قد وصلتُ إلى الهدف من رسالتي، فالحكم في سوريا حالياً هو نموذج بشع لنظام حكم ديكتاتوري بالكامل، ويُمكن أن أوضح بإيجاز شديد، أهم وأفظع مظاهر الديكتاتورية التي يُعانيها الشعب العربي السوري:

1. تُحكم البلاد وفق قانون الطوارىء لمدة زادت عن أربعين سنة متوالية.

2. يحكم البلاد عمليا بشار الأسد من خلال منصبه الرسمي الذي نجح بانتخاباته وفقا لوعود إصلاح سياسي وإقتصادي وقضائي، لم ينفذ منها طيلة تسع سنوات ولا حتى وعد واحد منها على الإطلاق، بل لقد سارت الأمور بعكسها جميعاً!! ويُشاركه الحكم والسلطة أقربائه وشركاهم، وذلك لتحقيق مصالح فساد غير مشروعة تتناقض ومصالح الشعب السوري. إنه حكمٌ من درجة ومستويات وعقلية حكم القرون الوُسطى.

3. يقوم بشار الأسد وحكومته بمخالفة الدستور والقوانين بشكل إعتيادي ومتواصل، فليس للدستور أي اعتبار أو التزام بتحقيق أهدافه في خدمة وتطور البلاد وشعبها.

4. يُمارس بشار الأسد وأقربائه، أفظع أنواع ودرجات الفساد المالي طيلة السنوات التسعة الماضية، حتى ليمكن القول أن بشار الأسد يقودعصابة حقيقية للأستيلاء على أموال خزينة الدولة السورية، وأموال الشعب السوري، من خلال عقود بالتراضي – غير قانونية - لمشاريع شبه وهمية لا فائدة منها للبلاد ولا للشعب إطلاقاُ، يوقعها رئيس الحكومة – بأوامر منه – مع شركائه وشركاء أقربائه، وحيث تزيد قيمة كل عقد منها عن عشرة أمثال الأسعار القانونية. وهذا ما تسبب في تجميد تطوير البلاد  وخدماتها، وخلق توقّف إنمائي، وتراجع إقتصادي ومعيشي هائل، وفقرٍ شديد يعاني منه الشعب العربي السوري مُرّ المعاناة، وبطالة تجاوزت نسبتها أعلى النسب االعالمية، حيث تجاوزت 40% من القوة العاملة السورية. وذلك فضلا عن تسلط سياسي وأمني مُطلق، وتحكّم إرهاب ٍ أمني ضد جميع الحريات التي قررها الدستور السوري ذاته.

 لن أستمر، فما ذكرتُ ما هو إلا مُحرّدُ أمثلة ونسبة لا تُذكر من معاناة الشعب السوري من الحكم الديكتاتوري، وهي محض شؤون سورية بحتة، ليس لأي دولة أجنبية في العالم الحق بتناولها أو التدخل فيها، وإنما تبقى معالجتها من حق الشعب العربي السوري وحده، دون أي استثناء لأي دولة أجنبية على الإطلاق.

 لماذا يا سيادة الرئيس أخاطبكم بكل ما ذكرت؟ من المعلوم أن قوة أي سلطة لتُستمد من الشعب أولا بشكل رئيسي، وهي تُدعم بالسلطة الأمنية والعسكرية، كما وتُجمّل سياستها بالدعم الخارجي والدولي، وهذا ما يعمل له بشار الأسد وعصابته حالياً لتأمين استمرار حكمه وتسلطه وتسلط أقربائه على الدولة وخزينتها والثروات السورية المختلفة.

 لا يسألك الشعب السوري بالتأكيد الوقوف مع قضاياه الداخلية ضد المتسلطين والفاسدين فهذه مسؤولية الشعب العربي السوري وحده، ولا يجوز قانونيا وأخلاقيا لأي دولة أجنبية التدخل في شؤون دولة أُخرى بالتأكيد، ولكن نسألك الوقوف مع الحقوق الإنسانية والأخلاقية التي  ناديت بها لشعبك، فلا تدعم سلطة بشار الأسد الديكتاتورية.

إن الشعب السوري يتداعى حالياً ويعمل للثورة على بشار الأسد ونظامه وعصابة الفساد المرتبطة به، والشعب السوري لا يريد دعمكم بذلك قطعاً، ولكنه يريد عدم دعم السلطة السورية الخائنة لشعبها، مهما قدمت لكم من تنازلات في الأمور الدولية وخاصة الشرق أوسطية، وذلك انسجاما مع الطرح الأخلاقي الذي طرحته أنت بالذات في انتخابات الرآسة لديكم، وأيدك به الشعب الأمريكي بشكل ساحق.

واختصارا، أقول، إن بشار الأسد قد دعاكم لزيارة سورية، وذلك تحقيقاً لتقوية مركزه السياسي المتزعزع والمرفوض من أكثرية الشعب السوري الساحقة. نرجو أن لا تقدّموا للنظام الديكتاتوري الفاسد المرفوض هذه المساعدة، وأن تقتصر مساعدتكم للشعب العربي السوري بالذات، في تسهيل معاملاته الإقتصادية والمالية المشروعة مع بلادكم، وذلك حتى يأذن الله لثورة الشعب العربي السوري بالنصر، وتحقيق نظام الحكم الديموقراطي في سورية بقواه الذاتية، والقيام بخلع سلطة التسلط على الدولة والشعب.

السيد الرئيس أوباما، يأمل الشعب العربي السوري أن يكون تعاملكم مع مصالح الشعوب العربية، وليس مع الديكتاتوريات الفاسدة المتسلطة عليها، والتي تنهب وتخون شعوبها.

أنت رفعت شعاراً رائعاً للتغيير للأحسن لبلادك وشعبك ونجحت، والشعب السوري يرفع ذات الشعار ويعمل للتغيير للأحسن لبلاده، وسننجح. فنرجو عدم الوقوف مع الديكتاتور المتسلط على بلادنا لنهبها وتخريبها. وإن أمل الشعب العربي السوري بكم كبير، إعتمادا على ما طرحتموه من مبادىء رفيعة للتغيير في بلادكم، وفي  العالم بالضرورة. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com