برنامج الاسلحة النووية (الاسرائيلية) ـ 3 

 

د.مؤيد الحسيني العابد

mouaiyad@hotmail.com

    لقد أشرنا في الحلقتين السابقتين لبعض نشاطات كيان إسرائيل، والى أقسام مفاعلاتها النووية ونكمل الآن:

لقد عمل موردخاي فعنونو في القسم المسمّى ميشون – 2 في القسم الذي ينتج فيه البلوتونيوم ويتركّب فيه العديد من أجزاء السلاح او القنبلة النووية . عمل هناك حوالي تسع سنوات , قبل ان تبرز الاحداث مع الفلسطينيين عام 1986 . وبسبب بعض الخلل الذي حدث في الميشون المذكور قام فعنونو بتصوير العديد من مواقع الميشون (صوّر حوالي 60 صورة فوتوغرافية). وقد أشرنا الى العمل في ميشون 1 وميشون 2 والآن نكمل ما بدأناه:

ميشون – 1 : فيه بناء المفاعل الذي ينتج البلوتونيوم بطاقة تصل الى 150 ميغاواط. ويحيط بالمفاعل قبة فضية اللون بقطر 60 قدماً. تنزل قضبان الوقود في قلب المفاعل وهي من اليورانيوم الطبيعي ويتحرك الماء الثقيل من خلاله وهنا يستخدم هذا الماء إضافة الى كونه مبطيءاً للنترونات فانه يستخدم كمبرّد(ويقول فعنونو بان على الاغلب يبرّد الوقود بثاني اوكسيد الكربون)  لخفض درجات حرارة عناصر الوقود في قلب المفاعل . ومن خلال مبدل حرارة معين يحول الماء الى بخار من خلال دورة ثانوية.

 ميشون -2 : ويشمل من العاملين 150 عاملاً وفنياً وهذا الباء لا يتمتع باي منفذ للخارج للامور المعروفة امنياً ولسرّية العمل حتى على العاملين في الاقسام والوحدات الاخرى, وتبلغ مساحة هذا البناء 80×200 قدم , والتركيب الذي يقع فوق الارض عبارة عن محطة تهوية للهواء وبعض الدوائر ومخازن بالاضافة الى مخزن للعاملين . وفي هذا الميشون يتم إنتاج البلوتونيوم والتريتيوم وديوترايد الليثيوم وكذلك تتم تنقية الماء الثقيل وصناعة مكونات الاسلحة النووية. ويتألف الميشون من ثمانية طوابق ستة منها تقع تحت الارض.

لقد بدأ العمل في هذا الميشون في عام 1966 لفصل البلوتونيوم من الوقود الخارج من المفاعل . وفي منتصف السبعينيات اصبح هذا القسم ينتج حوالي 40 كيلوغراماً من البلوتونيوم سنوياً ’ ولو تمت عملية حساب بسيطة يمكن الاستنتاج الى ان حوالي 100 طن من النفايات تتم إعادة تدويرها هناك سنوياً. ان هذا القسم بنفسه مقسّم الى عدد من الوحدات الاخرى, حيث ان عملية نقل وقود المفاعل غير المشعة تتم الى هذا الميشون من الميشون 1 . وتجرى عدد من العمليات الكيميائية على الوقود المذكور واغلب العمليات التي تجرى ألياً في هذا الميشون لان التعامل يتم هنا مع الاشعاع بشكل مباشر وهو عالي الفعالية. وقد اشار فعنونو الى ان ما يتم استخلاصه من البلوتونيوم يبلغ 300 ميلليغرام في اللتر الواحد ثم يزاد تركيز هذه الكمية الى 2 غرام في اللتر الواحد . وقد اشار الى ان 40 كيلوغراماً من البلوتونيوم الصالح للاسلحة ينتج سنوياً في ميشون 2. حيث يتم صنع الكرات من البلوتونيوم بوزن 4 كيلوغرام بعد ان يتم صقلها وتجهيزها للحفظ علماً ان هذه الكرات تحفظ بمعزل عن الهواء, ليتم نقلها الى مدينة حيفا لتجميع السلاح النووي هناك (حسب إعتقاد فعنونو!).

                                           Lithium-6 deuterideميشون -3 : وهو عبارة عن المحطة الكيميائية التي تنتج  وعمليات إنتاج اليورانيوم الطبيعي من رواسب اليورانيوم واعادة تشكيل قضبان وقود المفاعل.

ميشون -4 : وفيه معمل لإعادة معالجة النفايات ذات النشاط الاشعاعي العالي والنفايات ذات النشاط    المنخفض لتعبئتها ودفنها في المدافن المؤقتة بالقرب من المفاعل.  

ميشون -5 : ويحتوي على معمل تصنيع قضبان وقود المفاعل بعد تغليفها بالالمنيوم.                                

ميشون -6 : وهي المحطة الفيزيائية لديمونة تحتوي على مولدات الطاقة والخدمات الاخرى.

ميشون 7  : لا يوجد مثل هذا الميشون!!

ميشون 8  : ويحتوي على مختبر لفحص واختبار تطوير التصنيع وكذلك مختبر فصل الغاز بطريقة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

ميشون 9  : محطة التخصيب بالليزر والفصل لنظائر اليورانيوم بنفس طريقة الليزر.

ميشون 10  : وفيه محطة إنتاج اليورانيوم المنضّب لاستخدامه بعد تجهيزه بتصنيع رؤوس قذائف المدفعية الخاصة بالدروع.

ان الحديث عن اسلحة اسرائيل باتت حقيقة واقعة لا مجال لنكرانها . الا ان اسرائيل اصبحت الدولة الساعية الى استمرارية العمل في تطوير البرامج النووية الخاصة بها والاعتماد على الطاقات الاسرائيلية بالدرجة الاساس. وان مفاعل ديمونا لم يصبح المفاعل الوحيد في هذه الدويلة. انما هناك المنشآت العديد التي تصب كلها في عملية إنتاج البلوتونيوم وإعادة معالجة الوقود النووي بهذا الاتجاه وتطوير اسس الاعتماد على الاسلحة النووية بكل اشكالها لحسم المواقف السياسية إن إقتضى الامر بهذا الاسلوب كما كاد ان يحصل في عام 1973 في الحرب العربية الاسرائيلية التي تهيأت فيها اسرائيل لذلك الامر!

 ( SIPRIلقد ظهرت دراسة لمعهد استوكهولم البحثي الدولي للسلام (

تؤكد على ان اسرائيل لها اقل معدل تنتجه هو 330 -580 كيلوغرام من البلوتونيوم خلال عام 1995 وهذا الرقم كاف لصنع 80-150 من الاسلحة النووية .كذلك يقول فعنونو ان اسرائيل تطور تكنولوجيا القنبلة الهيدروجينية . وان اسرائيل قد انتجت ما قيمته 170 كيلوغرام من الليثيوم-6 الذي يساهم في إنتاج 200 كيلوغرام من ديوترايد الليثيوم-6 علماً ان 6 كيلوغراماً كافية من هذا المركب ان ينتج سلاحاً نووياً واحداً , لذلك يمكن القول ان اسرائيل لديها من الاسلحة الحرارية ما يعادل 35 سلاحاً نووياً حراريا.ً

تستخرج اسرائيل من منطقة قرب البحر الميت ما قيمته 10 طن سنوياً من الفوسفات لتغطي احتياجها من هذه الكمية حيث ان المنطقة غنية بهذا العنصر بشكل جيد. ومن المعروف انها تشتري من السوق العالمية الرسمية ما يصل الى 200 طن من اليورانيوم الطبيعي ما عدا ما تستورده بأشكال اخرى وبالصورة غير الرسمية!! علماً ان لديها من الكميات التي استوردت او تمت الصفقات بهذا الاتجاه ما يجعل عملياتها ممولة بالشكل الجيد لسنوات لا تقل عن عشر سنوات.

ان السلاح النووي الاسرائيلي يتّصف بتنوعه في طريقة معالجة الهدف! منها ما يحمل بالطائرات ومنها ما يطلق بالصواريخ بعيدة المدى كالصواريخ التي تنتجها داخل البلد مثل صواريخ حيفا 1 وحيفا 2 المطوّرة من الاول. إضافة الى الاسلحة المتنوعة الاخرى التي يمكن استخدامها للاشتباك المتوسط من الدروع والمدفعية وغير ذلك(وقد خسرت الكثير منها خلال الاشتباكات المباشرة مع رجال حزب الله في معارك العام 2006!).

وقد إحتاجت صواريخ هذه الدويلة الى القواعد الجوية المهمة لاطلاق الصواريخ من طائرات صمّمت لهذا الغرض لتستخدم صواريخها في الوقت المناسب، وبالفعل فهناك قاعدة راف أكير، وتقع الى الشرق من اشدود وهي قاعدة جوية تم إنشاؤها عام 1941 بالقرب من الساحل(اشدود عبارة عن مستعمرة بجوار

مدينة تل القدح القديمة وأسمها "حاتسور" أشدود، وهي كيبوتز أسس في عام 1937 يسكنه اليهود المتشددون حيث أعادوا تنظيم كيبوتز اشدود عام 1946 الى عام 1947 بعد إنشاء وتطوير قاعدتها الجوية المذكورة).

ان هذه القاعدة قد استخدمت للاغراض العسكرية عموماً الا ان الغرض الاساس من تصميمها هو لاغراض انطلاق الطائرات التي تحمل الاسلحة النووية وتعتبر من القواعد المهمة لاغراض التدريب كذلك. علماً ان الكثير من المدن قد انشيء فيها العديد من القواعد لهذا الغرض وللاغراض العسكرية الاعتيادية الاخرى. ان الطائرة المعروفة ب

 والتي استخدمت في العام 1969 كانت في اسرائيل معدة لحمل السلاح النووي اما الان فان الطائرة التي F-4فانتوم

والتي يصل مداها في ضرب الاهداف الى 1250 كيلومتراً فهي قادرة على الطيران  .F-16 خصصت لهذا الغرض فهي  والضرب لهذا المدى مع الاسلحة التي تحملها بضمنها السلاح النووي اي الى غرب ايران، والبحر الاسود، والى المناطق المحيطة باسرائيل من كل جهاتها(بضمنها الدول العربية:مصر،السعودية، اليمن، وسورية).

ان الصواريخ التي تحمل الرؤوس النووية وهي صواريخ حيفا 1 تصل الى المدى 500 كم بالحمولة الكاملة . اما حيفا 2 فانه يصل الى 1000 كم وهناك عمليات مستمرة الى تطوير هذه الصواريخ الى 2500 كم .ولدى اسرائيل كذلك صواريخ امريكية بحدود 100 او اكثر يمكن لها ان تحمل السلاح النووي والكيميائي بمدى يصل الى 115 كم. ومن مواصفات صاروخ حيفا 1 مثلاً:

ويسمى كذلك Luzو من قبل المصادر الاسرائيلية يسمى YA-1 . وهو من التصميمات الفرنسية للصاروخ

MD-600 الذي طوّر في العام 1960

من مواصفات هذا الصاروخ:

الطول: 10 متر

العرض: 1 متر

الوزن :اثناء الانطلاق 4500 كيلوغرام

الدفع: مرحلتان من الدافع الصلب

مداه: 500 كم

حمولته: 500 كيلوغرام

لقد كان من وجهة النظر(الاسرائيليّة) بالتوجّه للمنحى النووي هو أنّ الاسلحة النووية ضمانة ليوم تكون فيه هذه الدويلة في خطر من سلاح مفتعل هو السلاح الكيميائي والبيولوجي(كما يشير فرانك بارنابي في كتابه القنبلة الخفيّة) حيث يقول حول هذه الضمانة(تكون ليوم تفقد فيه إسرائيل تفوقها العسكري التقني التقليدي على العرب وتحتاج الى ردع ضد هجوم عربي بالاسلحة الكيماوية(أو البيولوجية) ويعتقد البعض أنّ بقاء اسرائيل يعتمد على امتلاكها لكل انواع الاسلحة التي يمكن تصورها). والسؤال الان ما الذي سعى الى هذا الطريق لامتلاك الاسلحة الكيميائية والبيولوجية أوليست اسرائيل نفسها وبمساعدة نفس الدول التي ساهمت في تزويد بعض الدول العربية وبعض الانظمة المستبدة في المنطقة بهذه الاسلحة متأخراً لتعطي الحجة لهذا الكيان فيما يقول. ولنا في استخدام الاسلحة الكيميائية من قبل نظام صدام المقبور ضد مواطنيه في حلبجة وفي الجنوب والوسط أكبر حجة لهؤلاء فلا استفاد العرب من هذه المساعي الفاسدة ولا كيان اسرائيل قد إنفكّ عن حجته في هذا السعي المستمر!

وهناك رأي حول إمكانية الفلسطينيين في تقويض عمل هذه الدويلة! والسؤال الاخر هل لهؤلاء القدرة على العمل لتقويض عمل هذه الدويلة وهم في وضع قد جعلهم فيه دول التراجع العربي أن يسلموا بكلّ شيء الا من فئة بسيطة تناضل الى الان من كلّ الجهات ولا نعلم صبرها في خضمّ نشوء تيار داخلها يناهض حركات التحرر الصادقة ويشقّ عصا الفلسطينيين أنفسهم وهم مجموعة من التكفيريين الوهابيين الذي أصبح همّهم الاول في محاربة من يحارب كيان اسرائيل من دول من أطلقت عليهم امريكا (محور الشرّ!).

سياسة الردع النووي (الاسرائيلية)!

لقد أشارت العديد من التقارير العلمية الى سعي كيان اسرائيل الى سياسة الردع النووي(والذي أعتقد أنّها فشلت فشلاً ذريعاً بعد أن سعى مقاتلو المقاومة في جنوب لبنان الى حرب العصابات التي إستنزفت كيان اسرائيل الى الدرجة التي غيّرت فيها قواعد الردع للمستقبل!) وقد أشار برنابي الى ذلك بقوله(أنّ سياسة الردع النووي تقوم على أربعة أركان:أولاً، يجب تشكيل القوات النووية للدولة الرادعة بشكل مطلق من أجل هدف واحد هو الانتقام رداً على هجوم بأسلحة الدمار الشامل يشنه الجانب الاخر أو رداً على تهديد حقيقي بالابادة. ثانيا، يجب أن تكون القوات النووية بما في ذلك قيادتهم وأجهزة مراقبتهم قادرة على العمل الفوري.ثالثاً، يجب أن يرتكز التهديد الذي يقوم عليه الردع على قتل قسم كبير من السكان المعادين وتدمير الكثير من اقتصاديات العدو. رابعاً، وهو الاهم يجب أن يكون العدو مدركاً للتهديد بحيث يمتنع عن القيام بالاعمال التي قد تتسبب في اللجوء الى الانتقام الشامل).

 يتبع...

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com