الإنتخابات البرلمانية والديمقراطية "المحجبة"..! 

باقر الفضلي

 bsa.2005@hotmail.com

ما هي إلا أشهر معدودات، وسيجد المواطن العراقي نفسه، واقفاً من جديد أمام صناديق الإنتخاب، ليجرب حظه مع قوائم جديدة للمرشحين، ووعود جديدة للناخبين، وأيمان مغلظة، من معسول الكلام؛ بكل ما يطيب النفوس، ويزيل الغمة، ويعزز الأمان والإطمئنان، ويوفر العمل للعاطلين، والعدل للمظلومين، ويزيل الكرب عن المحتاجين، ويديم الإِعمار، ويطيل الأَعمار، ويقضي على جفاف الأنهار..!

فأية ضوابط قانونية يمكن التعويل عليها في الحكم على مصداقية كل ما يقال، وأية ضمانات يمكن الإعتماد عليها في متابعة شكاوى المنتقدين، وإعتراضات المعترضين؛ بل أية قيود أو حدود يمكن التمسك بها؛ في وقف إنتهاكات المتجاوزين ومحاسبة المخالفين، وغيرها وغيرها من الضوابط التي تحمي وتصون حقوق المواطن، في حرية الرأي وحرية الإختيار للمرشحين، وضمان حقه في التصويت، وضمان سرية التصويت وسلامة صناديق الإقتراع..!

كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير، تطرح نفسها بعد أن كثر الكلام، والقيل والقال عن المخاطر التي تهدد عملية الإنتخاب؛ فقبل بدء إنطلاقة فترة الدعاية الإنتخابية، حتى تعالت التحذيرات من توقعات التمويل الإقليمي والأجنبي للعملية الإنتخابية، ومحاولات التأثير فيها من خلال التدخل الإقليمي وجهات أخرى غير معروفة..!؟

 وهذا ما أكسب هذه التحذيرات أهميتها السياسية الإستراتيجية، كونها جاءت من مصادر عليا في السلطة ومن عدد من النواب وبعض الكتل السياسية، وعلى لسان السيد رئيس الوزراء شخصياً بقوله: [[ بأن اموالا طائلة رصدت من قبل بعض الجهات للتشويش على ذهنية الناخب.]](1)، حيث تضع مثل تلك التحذيرات ، كل من يسمعها في حيرة من أمره، وتنتابه البلبة والتساؤل: إن كان الأمر بهذا الشكل الخطير، فما الذي يمنع الدوائر المختصة من إتخاذ التدابير الإجرائية والقانونية المناسبة للحيلولة دون وقوع المحذور.؟!

 ولعل في الأمر ما يحفز المرء للتساؤل أيضاً، عن أسباب تأخر الحكومة ومجلس النواب، وهم أكثر المحذرين من خطورة الأمر، من تشريع قانون الأحزاب، وهما العارفان بأن في وجود مثل هذا القانون، ما يوفر الكثير من الضمانات لدرء مثل تلك المخاطر، إذا ما أحسن المشرع إختيار النصوص والسنن التي بموجبها يمكنه من تحديد الشروط والضوابط التي وفقها يتم تأسيس الأحزاب، ومن خلالها أيضاً يجري التدقيق بهويتها، ومدى تطابقها مع المباديء التي حددها الدستور، كما ومن خلال القانون نفسه، يمكن التعرف على مصادر تمويل الكيانات السياسية التي يسمح لها بالمشاركة بالعملية الإنتخابية، وطبيعة أنشطتها الإقتصادية، وغيرها من الأمور التي تؤسس لحياة حزبية ديمقراطية سليمة؛ سداها ولحمتها الشفافية والوطنية..!

 فأي معنى والحال، للتحذير والتساؤل والتنبيه، إذا ما كانت السلطتان التشريعية والتنفيذية نفسيهما، ومن خلال نفوذ كتلهما السياسية المتنفذة في السلطتين؛ هما من يتلكأ ولا أريد القول، من يعيق تشريع قانون الأحزاب دونما سبب مشروع، إلا ما تخفيه الصدور، وما كان من بواطن الأمور. فالغريب في الأمر، أن تقترب الفترة التشريعية الحالية من نهايتها، وكلاهما؛ مجلس النواب والحكومة، لا زالا عاجزين عن تشريع قانون للأحزاب حسب، بل ولا قانون جديد للإنتخابات..!؟

 فطبقاً لمجلس النواب، وبقدر تعلق الأمر بقانون الإنتخابات الجديد، فقد عجزت كافة الجهود التي بذلتها لجنة التعديلات ومن بعدها اللجنة القانونية للمجلس، عن إقناعه بالموافقة على إقرار التعديلات التي أدخلتها على قانون الإنتخابات رقم/16 لسنة/2005 النافذ، مما دفع المجلس في النهاية، أن يقرر في جلسته بتأريخ 23/7/2009 ، تحديد الخامس عشر/ تشرين أول /2009، موعداً أخيراً للبت في أمر التعديلات، وبعكسه وطبقاً للفقرة الثانية من نفس القرار، فإنه سيصار الى العمل بقانون الإنتخابات النافذ حالياً، رغم كل ما فيه من مثالب ونواقص إستدعت في حينه، أن يصار الى التعديل. و طبقاً لذلك وفي هذه الحالة ، ستجري الإنتخابات البرلمانية العامة القادمة في 16/1/2010، كما محدد لها في القرار آنف الذكر، وفقاً للقانون النافذ..!؟(2)

 إنها صورة تدعو للتأمل والتبصر، في نفس الوقت الذي تدفع فيه الى التسائل؛ فيما إذا لم تنجز التعديلات المطلوبة في قانون الإنتخابات النافذ في وقتها المحدد، فإن ذلك سوف يفسر للسائل والمراقب، أسباب تمسك بعض الكتل السياسية بالقانون الحالي، مرتبطاً بما حققته في الإنتخابات السابقة، من مكاسب برلمانية ضمنت لها الأكثرية في مجلس النواب الحالي، إرتباطاً بذلك القانون، وبالتالي فليس من الحكمة بمكان، أن توافق على أي تعديل أو تغيير ، تجد فيه ما قد يفوت عليها لاحقاً مثل تلك المكاسب التي سبق وإن حققتها في المرة السابقة بموجب نفس القانون، في وقت هي في طريقها الآن، لإستكمال إستعداداتها لبناء التحالفات الجديدة، وخوض الإنتخابات القادمة وفقاً لنفس القواعد والأسس السابقة، رغم عدم عدالتها، لما فيها من ضمانات الفوز، والتمسك بالسلطة، رغم إعتراض الكثير من الكتل السياسية الأخرى، التي وقفت وراء ضرورة إجراء التعديلات المطلوبة على القانون النافذ، بهدف ضمان المساواة والعدالة بين الجميع، وفق أسس ديمقراطية محكومة بضوابط قانونية، يقف في مقدمتها الأخذ بالقائمة المفتوحة للمرشحين بدلاً عن القائمة المغلقة، والدائرة الإنتخابية الواحدة، بدلاً من الدوائر المتعددة، ومنع إستخدام دور العبادة وماشابه، أماكن للدعاية الإنتخابية..الخ، كمثل على دواع وموجبات التعديل..!(*)  

ولعله من نافل القول أيضاً، وفي حالة العودة لقانون الإنتخابات النافذ حالياً، وإجراء الإنتخابات القادمة بموجبه، وهذا ما يرجحه الكثيرون من أعضاء البرلمان، لما يتوقع وحسب السيد رئيس المجلس، [[ من تصعيد في سقف طروحات الكتل السياسية، مما سيؤثر على عملية الإنجاز.]]؛ أن يجد الناخب العراقي نفسه مجدداً، أمام مجلس للنواب لا يختلف في إشكالياته وسلبياته عن المجلس الحالي، حيث تصبح فيه إرادة ومشيئة رؤوساء الكيانات السياسية هي الغالبة، من خلال تحكمهم بالقوائم المغلقة في إختيار المرشحين، أو من خلال ما دعاه السيد رئيس مجلس النواب ب[[ الإنتهازية السياسية]] على الصعيد العملي..!(3)

كما وتحت نفس الذريعة (القائمة المغلقة)، سيجري التحكم بحرية وإرادة الناخب، في إختياره لمن يثق بهم من المرشحين، الذين وطبقاً لنظام القائمة المذكورة، ستحجب أسمائهم وفقاً لأحكام القانون النافذ المادة/التاسعة، مثلما جرى في إنتخابات المجلس الحالي سابقاً، في نفس الوقت الذي ينتقي فيه رؤوساء الكيانات السياسية، أولئك الأكثر طواعية لمشيئتهم من المرشحين..!؟؟

وهكذا فإن تم ذلك، وهذا ما يتوقعه كثيرون، سيعاد رسم نفس الصورة المشوهة للديمقراطية، والأقرب ما فيها، نعتها ب "الديمقراطية المحجبة" في ظل العراق "الديمقراطي" الجديد، في وقت إنتفت فيه كل الذرائع والحجج السابقة للأخذ بنظام "القائمة المغلقة"، وفي مقدمتها ضمان سلامة المرشحين والأوضاع الإستثنائية..!؟

فأي طريق سيختاره نوابنا المحترمون، طريقاً سالكاً لإخوتهم القادمين الجدد..؟!  

- طريق العثرات والإختناقات الذي وجدوا أنفسهم فيه لأربع سنوات خلت..

- أم طريق الإنفتاح الديمقراطي المستقيم المعبد..؟

____________________________________________________

(1) http://www.pmo.iq/index/03-977.htm

(2)http://parliament.iq/Iraqi_Council_of_Representatives.php?name=articles_ajsdyawqwqdjasdba46s7a98das6dasda7das4da6sd8asdsawewqeq

w465e4qweq4wq6e4qw8eqwe4qw6eqwe4sadkj&file=showdetails&sid=2967

(3)http://parliament.iq/Iraqi_Council_of_Representatives.php?name=articles_ajsdyawqwqdjasdba46s7a98das6dasda7das4da6sd8asdsawewqeqw465e4qw

eq4wq6e4qw8eqwe4qw6eqwe4sadkj&file=showdetails&sid=2988

 (*) وهنا ينبغي تعديل المادة (2) من (شروط الإنتخابات الإنتخابية)/ القسم الثالث / من النظام رقم (4 ) لسنة 2008 (الحملات الإنتخابية)، لمفوضية الإنتخابات العليا. وذلك بإضافة : ودور العبادة وما شاكلها..الخ 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com