|
إلى من يهمه الأمر .. حملة مدروسة أم خبطة عشوائية؟
محمد خضر ناجي هناك هوة سحيقة وجفوة واضحة لا تخطئها العين بين المواطن والمسؤول على أي مستوى، في مؤسسات الدولة أو خارجها . هذه الفجوة ليست وليدة اليوم بل هي نتاج لمعادلة خاطئة ونهج استمر عقودا طويلة اعتمد على تهميش المواطن وتغييبه، فولد لديه موقفا سلبيا متشائما وسلوكية مفرطة باللامبالاة والخيبة وفقدان الثقة بأصحاب السلطة والقرار . تغيرت الظروف اليوم وحان الوقت لتغيير المعادلة ووضع الأمور في نصابها الصحيح، ولكي تضيق الهوة ونبدأ باستعادة الثقة المتبادلة بين المواطن والمسؤول لابد من أعمال واقعية وملموسة يأخذ فيها المواطن مكانه الطبيعي في صدارة العمل والمشهد السياسي . ونأمل أن تكون (حملة النظافة) التي بدأها السيد محافظ بابل ومجلسها الموقر صباح الاثنين 20 تموز بالنزول إلى الشارع بملابس العمل والمساهمة سوية مع المواطنين ودوائر الدولة ومنظمات المجتمع المدني بتنظيف المدينة خطوة مدروسة في هذا النهج الذي يستحق الإشادة والدعم بمختلف السبل . ونعتقد بأن نجاح الحملة وديمومتها يستوجب توفير مستلزماتها المادية والفنية، وأن يضع الجميع في حسابهم الحساسية والمخاوف المتوقعة والمشروعة للمواطنين، ومنها مثلا أن يكون الهدف هو الدعاية والإعلام ووقوف المسؤولين أمام كاميرات الصحافة ومايكروفانات القنوات الفضائية لتحقيق أغراض شخصية وفئوية ضيقة، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات مجلس النواب . وكذلك أن تكون الحملة مؤقتة ومزاجية، وهي السمة السائدة في العمل العراقي، حيث تغلب العاطفة والانفعال والحماس في البداية ليبدأ في التراجع بعد فترة وجيزة، أو (يتفركش) عند أول عائق، وتبدأ الاتهامات المتبادلة ومعها الإشاعات ! إن الطموح والرغبة في نجاح الحملة تدعونا للتأكيد بأن يكون العمل أكثر من مناسبة أمام الكاميرات، بل أن يكون جزء من نهج أكثر شمولية يهدف إلى (محافظة أفضل)، فيمتد ليشمل بقية مدن وقصبات المحافظة ويترافق بحملة تشجير، وإزالة الكتل الكونكريتية، ومعاقبة التجاوز على الحق العام، وامتناع المسؤولين عن قطع السير وغلق الشوارع، وتفعيل قوانين السير وتغريم المخالفين .... لا نتوقع أن تكون الحملة متكاملة وبدون أخطاء، ولكننا على كل حال، ندعو الجميع إلى تفويت الفرصة على من يراهن على التجارب السلبية السابقة للمواطن العراقي التي أصبح بسببها ينظر للنصف الفارغ من الكأس . ونرى ضرورة منح الفرصة وتقديم الدعم والتشجيع، بوعي، للمسؤول الذي يؤمن بأن المنصب تكليف وليس تشريف، ويتصرف ويعمل مخلصا لتصحيح النهج والمسار وفقا لمعادلة المواطن أولا، وأنه يجتهد لتقديم الخدمة للمواطن باعتباره قطب الرحى في كل ما يدور في المجتمع سلبا وإيجابا .... وكما جاء في الحديث الشريف ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). وبهذا، وهذا وحده، يبدأ المشوار لتضييق الهوة واستعادة ثقة المواطنين ومشاركتهم في عملية التغيير التي لا يمكن أن تتم بدونهم، فلكل مواطن دور وعليه مسؤولية. أما غير هذا النهج فلن يكون أكثر من تراكم للفشل، ومراوحة في دائرة العجز والشلل!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |