هل ستقع الحرب مع ايران

 

غفار عفراوي

كاتب واعلامي

iafrawi@yahoo.com

منذ اليوم الاول لولادة الثورة الاسلامية في ايران وانتصارها على شاه ايران محمد رضا بهلوي، استنفرت الماكنة الغربية بقيادة امريكا واسرائيل وبريطانيا كل قواها العسكرية واللوجستية والاستخباراتية للاطاحة بها ووأدها في المهد بعد ان علمت ان الخطر الاكبر والاعظم على مصالحها في الشرق الاوسط بالخصوص هو من الدولة الايرانية الجديدة التي جاءت عن طريق الانتفاظة الكبرى من قبل رجال الدين الشيعة ضد (العميل الاكبر) في المنطقة وانهاء حكمه الدكتاتوري القمعي ومن ثم رفع الشعارات المناهضة للصهيونية والمنادية بحقوق الدولة الفلسطينية وهو أحد أهم الاسباب التي جعلت تلك الدول تشن العداء لهذا الوليد الجديد، فكانت البداية بتحريك جنودها في المنطقة من الرؤساء العرب للعب دور اساسي في تخريب وتشويه سمعة رجال الدين والجمهورية الاسلامية الجديدة وكان على راس العملاء العرب رئيس العراق المعدوم صدام الذي كان ولدا مطيعا وماكرا بنفس الوقت فاقدم في اول ايام حكمه على طرد العراقيين التابعين لايران بالجنسية وكذلك قام بتصفية المجاهدين ورجال الدين المؤيدين للجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى راسهم مفكر العراق الكبير السيد محمد باقر الصدر الذي اقدم النظام على اعدامه بعد ان مارس معه ابشع انواع التعذيب النفسي والجسدي لاجل سحب فتواه الداعمة لايران ومرشدها الروحي الامام الخميني.

بعد ذلك اقدم على اكبر جريمة بحق الانسانية حين شن حربا شعواء ضد ايران استمرت قرابة الثمان سنوات اكلت الاخضر واليابس في كلا الجارتين المسلمتين فزهقت ارواح اكثر من مليون انسان وخسرت الدولتان مليارات الدولارات بسبب تحطيم البنية التحتية وكذلك شراء الاسلحة التي كانت دول الغرب تغذي الحرب لاجل بيعها.

انتهت الحرب نهاية دراماتيكية ولم يعرف سببها كل ضحاياها ولكنها لم تنجح في الوصول الى غايتها وهي انهاء الدولة الاسلامية بسبب صلابة الجيش وتضحية الشعب الايراني بكل شيء من اجل الدفاع عن بلدهم وثورتهم الجديدة.

غيرت دول الغرب (مثلث الشر) تكتيكها لللاطاحة بالجمهورية فعملت على ادخال جواسيسها ومخابراتها وزرعهم في جسد الدولة والحكومة وغالبا ما كانت تكتشف بؤر تلك الجماعات (يظهر ان بعضها لم يتم اكتشافه لحد الانتخابات الاخيرة).

ابتدات ايران تعيد نشاطها في الجوانب الصناعية والعلمية والعسكرية ورغم الحصار الذي فرضته الادارات الامريكية المتعاقبة عليها الا انها وصلت الى مرحلة الاكتفاء الذاتي وواصلت تطوير نفسها وبناها التحتية والفوقية مستغلة انشغال (الاعداء) بما يسمى الحروب ضد الارهاب وضد عملاءها المتمردين الذين كان اولهم عقيد ليبيا (العظمى) معمر القذافي وآخرهم المتمرد الغريب الاطوار صدام العوجة الذي ابتدأ الاعيبه بغزو دولة الكويت الامر الذي حدا بامريكا ان تدافع عن طفلتها المدللة وتقرر طرد الجيش الصدامي الغازي فجيشت جيوش العالم الغربي والعربي و(الاسلامي) فكانت الخسارة الكبرى لخامس جيش بالعالم حين ترك معداته واسلحته التي كلفت العراق مليارات الدولارات فهرب منهم من هرب وسلم نفسه للقوات الامريكية المتبقي، وهنا قامت انتفاظة شعبية في اغلب المدن العراقية وكادت نهاية عميل امريكا ان تتحقق لولا خيار دول الشر العربي ( السعودية ومصر وقطر ) بابقاء صدام الاحمق افضل من حكومة الشيعة التي اعتبروها امتداد للجمهورية الاسلامية الايرانية فكان القرار بالابقاء على صدام وقمع الانتفاظة الشعبية بعد التوقيع المذل في خيمة صفوان التي يعتقد المحللون ان من بنودها شن حربا ثانية ضد ايران .

بعد هرب اغلب قيادات المعارضة العراقية والمجاهدين خارج العراق وتمركز بعضهم في الاهوار المحاذية لايران وقيامهم بشن الهجمات ضد مقرات حزب البعث كانت الذريعة لاقناع صدام بشن حربها ضد ايران موجودة الا ان الظروف لم تكن كالسابق ففشلت اغلب المحاولات لذا لجأت دول الغرب الى استراتيجية المخابرات والعملاء الداخليين وشراء ذمم عدد من السياسيين المعروفين اضافة الى تحريك الدور الاعلامي الكبير عبر القنوات الفضائية والصحف الموجهة للعمل على بث روح التفرقة وروح التمرد على الدين الاسلامي عبر شعارات الحرية والديمقراطية والانفتاح حتى ظهر مصطلح الاصلاح والاصلاحيين مقابل المحافظين الذين يعتبرون ابناء الثورة الاسلامية بانتظار الحدث التاريخي في عمر الدولة الايرانية للاصطياد بالماء العكر وتنفيذ مخططاتها المرسومة .

وبالمقابل استمرت ايران بتحدي الغرب وتطوير بناها ومفاعلها النووي الذي تصر انه للاغراض السلمية ولم ترضخ للتهدادات المستمرة بفرض العقوبات والحصار .وفعلا جاء اليوم المنتظر فبعد الفشل في اثارة المتاعب في الانتخابات البرلمانية السابقة والتي استطاع المرشح المحافظ محمود احمدي نجاد من التغلب على المرشح الساخن اية الله الشيخ رفسنجاني، جددت دول المثلث الغربي وبكل قوتها المخابراتية والاعلامية مساعيها للاطاحة بالحكومة المحافظة وبث الدعايات المستمرة بحتمية فوز الحزب الاصلاحي وخسارة نجاد الذي كبت الحريات وجلب الخراب والدمار والعار لايران(على حد تعبيرهم). الا ان هذه المؤامرات ايضا فشلت وفاز نجاد فوزا ساحقا محققا اغلبية عظمى بالاصوات باكثر من عشرين مليون صوتا وهنا استنفرت المعارضة مسنودة ومدفوعة من قوى الغرب ومخابراتها واعلامها المختلف الاشكال فاخرجت المظاهرات الرافضة لنتائج الانتخابات وكان للمخابرات البريطانية بحسب وزير خارجية ايران منو شهر متقي دورا كبيرا في اشعال فتيل الازمة اعلاميا ومحليا فاحرقت المحال التجارية وعدد من السيارات وابنية حكومية فتوجب تدخل الامن الايراني لتفريق المتظاهرين ما حدى بجميع منظمات الدفاع عن حقوق الانسان وحرية التعبير للتنديد بالقمع الذي يمارس من قبل الحكومة الايرانية ضد الشعب الايراني رغم انها لم تحرك ساكنا ضد الانتهاكات الكثيرة والكبيرة من قبل دول (المثلث الغربي) في افغانستان والعراق وفلسطين !!

تصدرت الازمة الايرانية جميع الصحف والمجلات والنشرات الخبرية الموجهة ضد ايران عبر التحليل والانتقاد والتهجم على الثورة وقادتها وتاريخها وصولا الى مرشدها الاعلى اية الله علي خامنئي في سابقة لم تشهد لها ايران من قبل حيث ان هذا المنصب يعتبر مؤيدا من قبل اغلب الايرانيين زلا يمكن التعدي عليه باي شكل من الاشكال، ولكن يبدو ان المخطط اكبر وهذه المرة الدول الغربية ليست في معرض استسلام وتراجع بعد فشل محاولات عديدة للوصول الى هذه النتيجة الكبيرة والتي تعتبر اكبر انتصار لها طوال معاركها الكثيرة مع ايران.

فالسؤال المطروح ، ماذا تخبيء الاقدار للجمهورية الاسلامية القوية والمهيمنة والمتمكنة عسكريا وهل ستقدم قوى المثلث على الهجوم المنتظر منذ سنين ام ان كل ما نشاهد ونرى هي هجمة اعلامية وايران لا تزال صامدة ولا تابه بما يقال وما يشاع من تهديم الدولة الايرانية من الداخل كما صرح بذلك الشيخ رفسنجاني في اخر خطبة جمعة .

التكهن صعب في مثل هذه الظروف ولا يمكن لاحدنا ان يجيب على هذه الاسئلة، الا ان الشيء الاكيد ان المنطقة والعالم اجمع سيتاثر اذا شنت الحرب على ايران .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com