أمي فلسطين

 

يحي أبوزكريا

arabicbloggersunion@googlegroups.com

توطئة .

همست في أذنه قائلا : أنت في حاجة إلى هواء فلسطين ..

فقال : سألقي بنفسي إلى شجرة زيتون وألملم خطاي في بيت المقدس ..

فقلت له : لا تمضي وحيدا ..سألازمك كغصن الزيتون , وندخل بيت المقدس سوية ..

فقال : أنا في شوق إلى مسرى النبي محمد صلى الله عليه وآله ..

أما أنت فستطهّر البيت , وتعّد العدة لمسرى شعبنا , وتسلم مفتاح البيت وغصن الزيتون لجيل محمد الدرة ..

_____________

 عندما بدأت عيني تتفتح على الحياة ..وأخذت أعي حقيقتها ..كان أول سؤال

طرحته : أين أمي !

في البداية أخفوا  عني الحقيقة حتى أعيش مرتاحا بدون أوجاع وبدون آلام وعذابات ..

لم تنسيني بحبوحة الحياة أمي ..صرخت ذات ليلة بعد أن وضعوا في يديّ ألعابا ودمى متحركة ..لكن أين أمي ..أين مهجتي وحبيبتي ..

أدرك من حولي أنّه لابدّ من الجهر بالحقيقة ..حتى لوكانت هذه الحقيقة مؤلمة وموجعة ..وقررّ من حولي البوح ..بعد أن أقتنعوا بل تيقنوا بأنّ كل ألعاب الدنيا ..وكل مراكز والت ديزني للتسلية لن تستأصلني عن أمي وعن جذوري ..

قال أحدهم : أمك يا ولدي أسيرة ..أمك مقيدّة ..أمك يا ولدي مسروقة ومغتصبة ..

ومثلما تصرخ أنت أمّاه.. فهي الأخرى تصرخ مثلك بل وأكثر ..في كل لحظة تقول لك : كيف تستهويك الألعاب ..وكيف تقّر لك عين ..وأمّك أسيرة ومغتصبة ..

أمك دخل إلى مخدعها غريب ..قاومت بأظافرها وظفائرها ..قاومت بشحمها ولحمها وعظمها ..قطعت من جسدها كتل لحم ورمت به في وجه العدوالمتوحش المغتصب الذي جاء من بلاد نائية ليغتصبها ..

لم يبق في جسدها إلاّ قلب وعين ويد ولسان ..قلب ينبض بالحياة ..وهي تأبى الموت والإستسلام ..وعين ترمقك من بعيد لترى ثورتك على من حاول خدش عفتها وطهرها وكرامتها ..ويد ممدودة إليك يا ولدي ..لتنقذها من براثن الأسر ..وقيود الإستعباد ..وزنزانات الوحوش ..ولم يبق فيها إلا لسان ..يصرخ أنينا وألما :

 أنا فلسطين , أنا أم الحضارات , أنا مسرى النبي محمد , أنا من إجتمع على أرضي الأنبياء والرسل في بيت المقدس .. أنا من وطأ ظهري قدما خير خلق الناس أجمعين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ..

قاوم يا بنيّ لأعيش .. قاوم بكل ما أوتيت من سلاح ..وبكل ما أوتيت من حبر وقراطيس ..وبكل ما أوتيت من عزم وقوة ..

قاوم يا ولدي .. لأسترجع بقية بدني الذي أحرقته القنابل .. والطائرات ..والدبابات .. والمؤامرات ..

قاوم يا ولدي ..وإذا قضيت في الطريق ..فسلم الراية لأبنائك وقل لهم أمكم فلسطين أمانة في أعناقكم ..عهد الله لكم ..فإياكم أن تضيّعوا عهد الله ..

قاوم يا فلذة كبدي ..وأعدني إلى تاريخي وجغرافيتي ..فأمك عربية مسلمة ..لم تكن ذات يوم عبرية ..ولا صهيونية ..ولا يهودية ..من بداية التاريخ البشري وإلى يومنا هذا ..أنا عربية اللسان ..توحيدية الهوى والهوية ..الأنبياء يعرفونني ..العلماء والفقهاء يعرفونني ..البشرية تعرفني ..

قاوم ..فلا قرّت أعين الجبناء ..قاوم يا ولدي ..فلا دامت حياة وأمك في الأسر..

سمعت صرخة أمي ..ووعيت نداءها ..لم أبك , فالرجال لا يبكون ..لم أذرف دمعة واحدة ..بل عاهدت الله أن أتحولّ إلى شعلة ملتهبة ..وإلى حجارة طائرة ..وإلى ثورة تزلزل الأرض من تحت قدمي مغتصب أمي وجسده الحيواني..وإلى مقاومة تستجمع كل أسباب النصر ..وإلى قلم رصاص وفكر حارق لجبروت المغتصب ..

وأعلنتها ثورة بالبندقية والقلم ..بالنضال والمقاومة ..بالجهاد والنضال ..بالقصيدة والسكين ..بالرواية والمسرح ..بالأغنية والأنشودة ..بالوثائقي والمسلسلات .. بالشعر والنثر ..بالرصاص الحي والقنابل التي تصنعها يدي ..بالكاتيوشا والتظاهر ..بالصرخة والعمليات الإستشهادية ..

ربّاه أمي يجب أن تعود ..رباّه أمي يجب أن يتركها السجّان سارق الأمهات ..لا بد أن أرمي المغتصب في البحر .. لا لا لا ..هذا قليل ..سأسرق النوم من عينيه ..سأؤرق حياته ..سأتحالف مع أبناء عمي وخالي وجدي وجدتي ونسيبي وصهري ..في القارات الخمس ومن بغداد إلى تطوان ..ومن طنجة وإلى جاكرتا ..سنضع اليد في اليد ..أقسمت بالله أن نتجاوز أي خلاف ..وندع أي شقاق..الذي زرعه المغتصب بين أظهرنا ..سننطلق جميعا كالرجل الواحد لتحرير أمي وإعادتها إلى عروبتها وإسلامها ..

هذه أمنا يا أقاربي ..يا إخوتي ..يا أقاربي وإخوتي في إفريقيا ..وآسيا ..وأوروبا ..والأمريكيتين ..وأمريكا الشمالية والجنوبية .. وأوستراليا ونيوزيلاندا ..يا إخوتي في القطبين الشمالي والجنوبي ..وفي المحيطات والبحار والأنهار ..

المعركة معركتنا جميعا .. معركة الإنسان الحر الكريم ..الذي يأبى الذلة ..والقيود ..هذه أمنا ولا عرض لمن لا يذوذ عن العرض.. بأنيابه ودمه .. هذه أمنا يا هؤلاء جميعا ..هذه مصدر وجودنا ..ونبعنا وينبوعنا ..فأي حياة لمن فقد النبع والمصدر ..والأصالة والتاريخ .. والراهن والمستقبل ..

عاهدوا الله معي أن نحرر أمنا ..حتى لوتكالبت علينا الدنيا .. ولا قرّت أعين الجبناء ..والله وتالله وبالله يا أماه ..أنت أمانة في ذمة مليار ونصف مليار من المسلمين ..وأمانة في عهدة البشرية كل البشرية المؤمنة بالحرية ..والكافرة بالأسر والإحتلال والإستعمار ..أماه نلتقي قريبا ..فموعدنا الصبح أليس الصبح بقريب.. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com