بنت الرافدين

المالكي .. يخاطب أحياء أميركا عبر أمواتها

عبد الخالق ياسين/ كاتـب سياسي

لم ينتبه الكثير من العراقيين لخبر زيارة المالكي إلى مقابر الجنود الأميركيين الذين أسهموا في نحر العراقيين من الوريد إلى الوريد.. ربما لأنّ العراقيين لم يعودوا مهتمين بالأموات... فهم في حيرة من أمرهم بشأن كيفية الحفاظ على الأحياء منهم، فأمواتهم قد ذهبوا تحت الأرض المجدبة الحزينة.. دون أنْ يحظوا ولو بزيارة خاطفة من دولة رئيس الوزراء أو من أحد وزرائه أو مساعديه.. كحال أصدقائه الأميركان الراقدين تحت المروج الخضراء...

قد يستنكر البعض استغرابنا لهذه الزيارة الفاجعة..وربما يفاجئونا بسؤال كالمطرقة.. هل طلبتم من المسؤولين الأميركان أنْ يزوروا أموات العراقيين الذين قتلهم رعاة البقر..؟؟!!!... وحقيقة الأمر أنه سؤال تصعب الإجابة عليه، لأنّ مجرد التفكير فيه يتعارض كلياً مع الثقافة الوطنية العراقية..

ولكن لنسأل.. لماذا زار المالكي مقابر القتلى الأميركيين..؟؟ .. يجادل الكثير من المراقبين في أنّ الدافع يكمن في سعي المالكي توجيه رسالة عاطفية للشعب الأميركي .. نصحه بها بعض المقربين منه من المطلعين على خفايا التاريخ الأميركي والثقافة الأميركية... مفادها أنّ المالكي أكثر سياسي عراقي يقدر دماء أبنائهم التي أراقها بعض أبناء جلدته من العراقيين المتوحشين أشباه الهنود الحمر... وأنه يدعم أحلام وتضحيات أبناء أميركا نحو توسيع إمبراطوريتهم ونشر عقيدتهم وثقافتهم الأميركية نحو مجاهيل الشرق الأوسط تحت غطاء نشر الديمقراطية والحرية.. وأنه من أجل ذلك يطالب الشعب الأميركي بممارسة الضغوط على إدارة أوباما لتقدم دعمها المطلق لحكومته، وأنْ لا ترضخ لمطالب الأوساط السياسية المحيطة بها التي تريد من المالكي أنْ يبدي ما يكفي من الحكمة والتعقل والمرونة السياسية للوصول إلى استقرار سياسي ملموس في العراق عبر تحقيق المصالحة الوطنية.. وبما يجمّل وجه أميركا..!!

أما في جانب الأموات العراقيين فهم لن يحضوا بزيارة لمسؤول أميركي، حتى ولو طلب المالكي ذلك.. ولو من باب المجاملة أو المعاملة بالمثل.. لأنّ أميركا ومعها المالكي ليسوا مهتمين بشأن الأحياء في العراق... والعم سام يعرف حقيقة حلفائه.. فلِمَ الدهشة أيها العراقيون..!!؟؟.

العودة الى الصفحة الرئيسية