ملف الكفاءات العراقية لا يعالج بجمع التواقيع

 

علي فهد ياسين

nasiriyeh@hotmail.de

لازال ملف الكفاءات العراقية لم يعالج بشكل يتناسب مع حاجة العراق لهذه الشريحة المهمة والفاعلة في اعادة بناءه رغم كل التصريحات والدعوات والمؤتمرات التي اطلقتها الحكومات المتعاقبة منذ سقوط سلطة صدام والى الان, واذا كانت بعض هذه الكوادر قد عادت فعلا ووجدت لها مواقع عمل مناسبة, فأن نسبة كبيرة من العائدين لم يستمروا كما كان مخططا بل عادوا ادراجهم الى بلدان الشتات لاسباب معروفة ,ولاننا نقصد هنا الكفاءات التي ليست لها علاقات بالاحزاب التي تمسك بزمام الامور الان ,فاننا لانتكلم عن العائدين لمواقع كانت تنتظرهم سواء كانوا مناسبين لاشغالها ام لا لان ذلك مرتبط بفلسفة العمل الحزبي المتجذرة في العراق منذ اربعة عقود هيمن فيها حزب البعث على كل مفاصل الحياة وساسة اليوم كانوا شهودا بالامس على ذلك وهم من ضحايا تلك الفلسفة المقيته التي تدفع بالمصلحة العامة الى الخلف لتتقدم عليها مصلحة الحزب, وقد كانت كل مؤتمرات المعارضة تؤكد على ان احد اهم اسباب الخراب في العراق هي سياسة الاقصاء والتهميش للكفاءات العراقية غير المرتبطة بالبعث والتي ادت الى موجات الهجرة الى الشتات منذ سبعينات القرن الماضي لتصل الى ذروتها في العقدين الماضيين.

لقد تعرض العراقيون خارج وطنهم لضنوف من القهر والحرمان, وقد كان نصيب الكوادر العلمية العراقية من ذلك الكثير رغم اجتهادهم واخلاصهم في مواقع العمل التي حصلوا عليها بشق الانفس ,فقد كانت تمارس ضدهم شتى اشكال الابتزاز والتهديد وعدم الانصاف سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي وتحديدا الاجور او عالمستوى السياسي ارتباطا بتاثير سلطة صدام على اصحاب القرار في البلدان التي يعمل فيها هؤلاء,لكن كل ذلك لم يثني العقول العراقية ولم يثبط عزائمها فقد كان الاستاذ العراقي يشار له بالبنان في كل المواقع العلمية التي يعمل فيها,بل ان الكثير منهم قاد مؤسسات علمية معروفة ونقلها الى مستويات متقدمة.

هؤلاء الابناء البرره لوطنهم استبشروا خيرا بسقوط الدكتاتورية بعد انتظار طويل كان فيه حلم العودة للوطن يتلاشى يوما بعد اخر ,لكنهم لم يفقدوا الامل في المشاركة في اعادة بناء العراق كما حلموا

ليساهموا في ترميم النفوس المحطمة من ضربات اربعة عقود مظلمة ,ليكون البناء شاملا وسريعا وبعيدا عن خسارات اضافية في الوقت والثروات ,لكن ذلك لم يحدث وكأن ساسة الوطن الجدد غرباء

عنه فقد اجتهدوا حسب قناعاتهم ليهدروا ست سنوات من عمر ابناءه ومئات المليارات من ثروات فقراءه وليتجاهلوا العقول المبدعة في داخل الوطن وخارجة وكأنهم يخشونها تنافسهم على مناصبهم السياسية ليقعوا في نفس المأزق الذي كانوا ينتقدوه في السلطة المقبورة.

أن الرسالة المفتوحة التي وجهها ألاخوة مصطفى الكاظمي وشوقي العيسى الى رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي والمعنونة مئات الكفاءات العراقية تستصرخ ضميركم يارئيس الوزراء * متمنين عليه الاهتمام العاجل بعودة الكفاءات العراقية تشكل استمرارا لنهج وطني درج عليه الوطنيون العراقيون من كتاب ومفكرين وعلماء واختصاصيون منذ سقوط الدكتاتورية الى اليوم دون ان يؤدي الى نتيجة ملموسة,فقد كان ساسة العراق الجدد ومازالوا منشغلين بمايعتقدون انه الاهم في تثبيت مصالح احزابهم وزيادة مساحات نفوذها ,والنتائج التي حصلت هي الدليل على ذلك .

أن ملف عودة الكفاءات العراقية لايمكن ان يعالج باستصراخ ضمير فرد مهما كان منصبه في العراق, لاننا نعرف تماما واقع العمل السياسي الان وتاثير المحاصصة على كل انشطته, ومهما كانت نوايا وجهود رئيس الوزراء العراقي الحالي او القادم فأن ملف الكفاءات العراقية اكبر بكثير من تلك النوايا لانه شامل لكل العراقيين ومعالجته تتطلب عمل منظم وبعيد عن دهاليز السياسة التي تحكم اطراف العملية السياسية الان ,لابل ان هذا الملف لايجوز ان نطلب فيه قرارا فرديا بل هو يحتاج الى قانون ملزم التنفيذ يصدر بناءا على دراسات علمية واحصاءات توضح كل ابعاده .

الخطوة الاولى لمشروع عودة الكفاءات العراقية هو استحداث جهة رسمية مسؤولة عن ذلك كأن تكون مثلا ** المركز الوطني للكفاءات العراقية ** يترأسها شخصية عراقية معروفة بصلاحيات وزير

يكون ارتباطه بالمجلس الرئاسي ,يفتتح المركز موقعا له عالانترنت ويستقبل ملفات الكوادر العراقية المتخصصة من الداخل والخارج ويكون الجهة الوحيدة التي توفر للوزارات ومؤسسات الدولة ماتحتاجه من اختصاصات بعيدا عن اي تاثير سياسي اوشخصي اضافة الى اقتراح تقديم الحوافز والمستلزمات التي يحتاجها العائدون للوطن من الكفاءات بناءا على ميزانية مناسبة لانجاز هذا المشروع دون تدخل من اي جهة سياسية وتحت اي ظروف ومن المناسب ان يكون المركز متوافقا في العمل مع وزارة التخطيط تحديدا كي يساهم الطرفان في رسم سياسة تنموية فاعلة .

أن استحداث هكذا مركز سيكون مفيدا ليس لعودة الكفاءات فقط بل كذلك سيكون جهة استشارية لكل الوزرات ومؤسسات الدولة في كل الاختصاصات من خلال تشكيل لجان اختصاصية من هذه الكفاءات لكل المشاريع المطلوبة في اعادة الاعمار بدلا من اهدار الاموال في مناقصات تشترك فيها الان مكاتب استشارية خارجية لايمكن ان تكون اكثر معرفة بظروف العراق وشعبه .

لقد خبرنا حملات التواقيع وتاثيراتها المحدودة كما خبرها السياسيون الحاليون الذين كانوا اول الموقعين عليها سابقا والمتجاهلين لها الان والمطلوب الان جهدا اعلاميا اكثر تاثيرا من خلال القنوات التلفزيونية والمؤتمرات الشعبية وانشطة منظمات المجتمع المدني في الداخل خاصة ونحن على ابواب انتخابات البرلمان الجديد عسى ان يكون ذلك اكثر الزاما للسياسيين بالعودة الى ماكانوا يبشرون به قبل ان يحتلوا مواقعهم التي يتصورن انها دائمة . 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com