|
حوارٌ غير حميم بين عربيّ وكرديّ ازهر جرجيس/ كاتب عراقي مستقل/ النرويج روى لي احدهما بأنّ حواراً دار بينه وبين اخرٍ كان على النقيض منه تماماً حيث يسلكان خطين متوازيين لايقدر لهما أن يلتقيا بحال من الأحوال على الرغم من كثرة المسميات التي تجمعهما على مدى التاريخ ، فكلاهما يفترش أرضاً واحدة ويلتحف سماءاً واحدة واذا عطش أحدهما فلا ريب أن يشرب مما يشرب الآخر حيث لا دجلة أخرى كما لا فرات ثانٍ ناهيك عن صلات القرابة والنسب وغيرها من العلاقات الأجتماعية الأخرى. بيد أن أخوينا هذين لا يشعران كما يبدو بنعمة الوطن الواحد والشعب الواحد والمصير المشترك اذ علا قلوبَهم صدأ أحقاد تراكمت على مدى ثلاثة عقود من الزمان أو يزيد كانت قد أفرزتها مغامرات طاغوتية مقيتة أسّس لها جلاّد أرعن ونفّذتها عصابات حمقى تعتاش على دماء الأبرياء من عرب البلاد وكردها على السواء. فراح يسرد ما جرى بينهما من جدلٍ سبّب لي مزيداً من احباطٍ طالما كنت اخشاه فقال: قلت لصاحبي: على رسلك فكلانا عراقيّ يحمل الجنسية ذاتها وجواز السفر ذاته فقال: كلا انا لست عراقياً بل انا كرديّ من كردستان العراق ولك أن تقول كردستانيّ. قلت: لكنك تعيش في بلد اسمه العراق وهذا مثبت في بطاقاتك التعريفية التي تحملها في جيبك ولا يوجد بلد اسمه كردستان العراق نعم ان كنت تعني اقليم كردستان فهذا صحيح ومثبت في دستور العراق الذي صوتّتُ انا وانت عليه بنعم قال: انّ كردستان بلد مستقل له حدوده التي شطبتم عليها بعد عام ثمانية وستين ويعيش في ربوعه شعب مسالم قد عمدتم الى سلب حقه في الحياة فكانت الانفال وحلبجة خير شاهد لحقدكم على الكرد وكراهيتكم لنا فعن أيّ عراقٍ تتحدّث وأيّ دستور. قلت: لا اسلّم لك بالأولى كما لا أنكر الثانية لكن الأمر يفتقر لبعض التصحيح حيث ان كلينا قد سلب حقه في العيش وسلطت عليه نار الاوغاد من طغاة الامة وجلاديها فكما كانت حلبجة كانت ميسان وكما الانفال هي الاهوار ناهيك عن النجف وحوزتها واهلها وعلمائها ولا تنسَ الناصرية وارضها التي باتت قفراء تستجدي الماء الذي حيد عنها لتجفف اهوارها فمات حينها النسل والزرع. قال: نحن ذبحنا بأيدٍ جنود الطاغية وهم عرب منكم فالعرب هم الذين قاموا بقتلنا وتهجيرنا وتهديم بيوتنا. قلت: ولا تنسَ ان قوات البيشمركة هم الذين قتلوا الجنود العراقيين في شمال العراق عندما دخل الجيش الامريكي الى العراق عام 1991 وكذلك في عام 2003 وهم ناس ابرياء ممن جبروا على الالتحاق بالخدمة العسكرية مجبرين لا حول لهم ولا قوة قتلهم الاكراد بلا ذنب ولا جريرة. قال: كركوك..قلت مقاطعا: مالها كركوك هل جعلتموها قميص عثمان؟ قال: ان كركوك هذه هي قدس الاكراد الذي لا تنازل عنه فهي التي اغتصبها صدام ورحل اهلها الاصليين ليستبدلهم بما هو ادنى من مرتزقة العرب ومنتفعيها قلت: ويحك دع التفاضل بيننا فكل اناء بالذي فيه ينضح وليس بيننا من هو ادنى اذ كلنا بشر ولا يزكي الانفس الا الله اما المقارنة بين كركوك والقدس فهي من البعد بمكان انها تندرج تحت مقولة القياس مع الفارق حيث ان ما حصل هو ابدال العراقي بالعراقي والمسلم بالمسلم ولا فرق ثم انكم الان تفعلون نفس الفعل حيث تطردون العرب وتوطنون الكرد..ان كركوك مدينة ذات اطياف متعددة من عرب وكرد وتركمان واذا اردنا صبغتها بلون واحد فهي مدينة التركمان العراقيين وتستحق اقليما لوحدها يحكموه هم بانفسهم كما ان لكم اقليما تحكموه. قال: لكن المادة 140 من الدستور كفيلة بنسف ما تقول؟ قلت: اي دستور؟ هذا الذي رفضته بادئ ذي بدء وقلت نحن بلد مستقل اسمه كردستان ثم اين كان الدستور حينما منعتم الجيش العراقي من دخول خانقين والدستور ينص على جواز دخوله اي مدينة شاء في العراق من شماله الى جنوبه بلا استثناء. ولو سلمت معك بالدستور وبان المادة 140 كفيلة بنسف ما اقول فلا تغض النظر عن المادة 141 الكفيلة بنسف المادة 140 لانها تنص على جواز اجراء التعديل في اي فقرة من فقرات الدستور. قال: نحن عازمون على تحقيق النصر باعلان كردستان دولة مستقلة تمتد حدودها من زاخو الى مشارف بغداد ولن نتنازل عن هذا الحلم مهما طالت الايام. قلت: هي اضغاث احلام سيأتي الوقت الذي فيه تستيقضون .. ثم اي نصر تريد اعظم مما انجزتموه؟ لكم حكومة وبرلمان ودستور وعلم وجيش..عندكم قنصليات وسفارات وعلاقات مع كل بلدان العالم..توقعون العقود النفطية كما تشاؤون ضاربين عرض الحائط رأي الحكومة الاتحادية التي يدعي قادتكم بالالتزام بها متناسين بانكم تتصرفون بحق الشعب العراقي بلا رقيب ولا حسيب.. انا اخشى يا سيّدي انكم ستتركون هذا النصر وتقلبون نعمتكم بايديكم لو بقيتم مصرّين على تحقيق احلامكم..عفوا اعني اضغاث احلامكم. حينها قلت لصاحبي كفاك حديثا فقد اعياني ما حكيت وليترك ما كان على ما كان فلو انك يا اخي هجرت التصريح وعمدت الى التلميح لكان ابلغ لك واسلم حيث ان جدالك مع اخيك لا يجدي لكما نفعا بل على العكس من ذلك قد يسبب العداوة والنفوراللذين سيبعداننا عما نحن بأمسّ الحاجة اليه لا سيما في هذا الزمن الحرج. لنترك هذا الامر لقادتنا الذين وهبناهم ثقتنا من اجل ان يوصلوا البلاد الى برّ الامان ولننتظر ما سيؤول اليه امر مشاوراتهم وطبخاتهم التي نخشى ان تكون كتلك الطبخات التي لم تغنِ عن جوعٍ قد طال الصبر على نسيانه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |