مفردات ضرورية الى أجندة الاسلاميين العراقيين!

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

ليس غريبا ان يدرك اي اسلامي عراقي في بلد مابعد الدكتاتورية الصدامية، انه من ضمن معادلة سياسية مختلف عليها في العراق الجديد من قبل اطراف دولية استعمارية ومحلية عراقية كثيرة، كما انه لايخفى على اسلاميي العراق الجديد انهم هدف تصفية سياسية حقيقية في هذا البلد لما يحملونه من جذور وطنية ورؤى استقلالية تجعل الكثير من الداخل المحلي العراقي المتاجر بالعراق وكذا الكثير الاستعماري الذي يحاول اخضاع العراق لاراداته الهيمنية ينظرون الى الاسلاميين في العراق على اساس انهم اهم عقبة تحول بين العراق وبين اطماع الطامعين فيه، وهذا طبعا فضلا عن دول الاقليم والجوار العراقي الذي يرى في اسلاميي العراق انهم اضخم حجر صلب بامكانه ان يهشم رؤوس الحاقدين الاقليميين على العراق ووحدته وعزته، ولهذا بدى واضحا موقف دول الاقليم العراقي المجاورة الذي صدّرت الارهاب للعراق لمدة ستة سنوات متلاحقة ولم تعترف بوجوده حتى هذا اليوم ورؤيتهم من الوجود الاسلامي العراقي وكيفية نصبهم للعداء لهذا الوجود ومحاولة اللعب في معادلة العراق السياسية الداخلية على امل تصفية العراق من اي جهة اسلامية وطنية مخلصة تحول بين العراق الموحد وبين العراق الاقليمي المجزأ والمباع بالجملة والمفرط لهذه الدول والاقاليم !!.

نعم اسلاميي العراق اليوم يدركون هذه المفردات السياسية داخل اجنداتهم الفكرية تجاه المؤامرات الخارجية والداخلية على العراق الجديد، وكذا يدركون انهم الهدف الذي كان في الماضي وسوف يكون في المستقبل لقوى الهيمنة والكراهية للعراق، ومع ذالك دخلوا في عملية بناء دولة العراق الجديد ومنذ بداية سقوط الطاغية الصدامي لتجربتهم المريرة في مناهضة هذا النظام وكيفية تكالب القوى الحاقدة على العراق على تهميشهم واقصائهم ومساندة الدكتاتورية في قمعهم وابادتهم ان امكن من هذا الوجود !!!.

لكنّ مايؤسف له وهو طبيعيا في العراق منذ الازل ان هذا الدخول الاسلامي في العراق الجديد والمساهمة السياسية في بناء دولته الجديدة جاء وهو يحمل عدة اشكاليات تحيط فيه وتعيش في داخله وتتحرك بالجانب منه، مما جعل هذه المشاركة الاسلامية للعراقيين الاسلاميين تقع بين حجري الرحى في بداية طريق المساهمة في العمل السياسي غير المعارض، ومما انتج في النهاية ظواهر سياسية غاية في الحساسية على الوجود الاسلامي العراقي بالامكان اجمال اشكالياتها ومفرداتها بالشكل التالي :

اولا : دخول الاسلاميون العراقيون للعملية السياسية العراقية الجديدة بعد هروب الطاغية البعثي وازلام نظامه البائدمن منطلق من كون ان ليس هناك من الاساس جهات سياسية معارضة لنظام صدام على الحقيقة تمثل ارادة الشعب العراقي ومعروفة لديه بشكل واضح غير الحركات والاحزاب الاسلامية العراقية في الوسط الشعبي، ولهذا رأت نفسها هذه الاحزاب والتكتلات الاسلامية مجبورة ومضطرة للتقدم لقيادة هذه العملية ولو بشكل متفرق وبرؤى متشتة وباشكال لاتضمن التماسك والوحدة لهذه الاحزاب الاسلامية على امل ان توحدهم السلطة بعدما فرقتهم المعارضة !.

ثانيا : الادارة الامريكية التي قادت تحالف اسقاط صدام حسين ونظامه في العراق هي ايضا لم تجد امامها في الساحة السياسية العراقية ثقلا معارضا لنظام صدام حسين يعتمد عليه بجدية غير الاسلاميين العراقيين مع ادراك هذه الادارة ان هناك تنافرا واضحا وتناقضا صعب السيطرة عليه سياسيا بين اجندات الاسلاميين العراقيين الوطنية والاستقلالية وبين ماتهدف اليه هذه الادارة اولا واخيرا من تأمين مصالح الادارة الامريكية، والحصول على نفوذ سياسي جديد لها مابعد نظام صدام حسين، ولكنّ وكما هو معهود لسياسة الادارات الامريكية المتعاقبة عندما تكون لها منفعة مع جهة ما فانها ستحاول تمرير مشروعها من خلالها ثم تخلق اجواءا جديدة بامكانها ازالة اي شيئ من امامها فيما بعد !.

ثالثا : بدى واضحا للاسلاميين العراقيين معادلة الجانب الامريكي تلك، وانها معادلة من الصعب توافقها مع اجندات الاسلاميين العراقيين الوطنية والاستقلالية، وانها سوف لن تكون هي المعادلة التي تسير مع الخط الاسلامي العراقي الى النهاية، بل ان غاية ما يستطيع هذا الحلف الاسلامي العراقي والامريكي ان يصنعه هو انطلاقة بداية التغيير في العراق واسقاط دكتاتوريته التي لابد لها من توافق بين لاعبي التغيير الحقيقيين القوى الاسلامية العراقية من جهة، وقوى التحالف والتغيير الامريكية من جانب اخر، وعلى هذا الاساس بنى الجانب الامريكي رؤيته لمرحلية التغيير مع الاسلاميين العراقيين من منطلق تغيير ومشاركة للاسلاميين ومن ثم وضع اجندة امريكية جديدة لسحب البساط من تحت ارجل الاسلاميين العراقيين، ونقلها الى حلفاء الادارة الامريكية الجدد الذي يصنعهم الاحتلال فيما بعد وحسب توازنات الساحة العراقية مابعد التغيير، وكذا بناء الاسلاميين العراقيين رؤيتهم ايضا على مرحلة اولى في التغيير ثم الارتكاز على القاعدة الجماهيرية للشعب العراقي فيما بعد لتوازن الكفة بين المتصارعين !.

رابعا : كان مخططا امريكيا ان العراق مابعد صدام حسين بحاجة من خمسة الى عشر سنوات مستمرة حتى يتمكن من النهوض الطبيعي في حياته كلها لاسيما منها الاقتصادية، وهي الفترة حقيقةً التي يرحب فيها الجانب الامريكي ان تمارس القوى الاسلامة العراقية السلطة (( العاجزة )) فيها باعتبار انها فترة لايمكن لاي سلطة ان توفر اي خدمات معتبرة وحقيقية لهذا الشعب والوطن العراقي المدمر بالكامل هو وبنيته الاقتصادية التحتية من جهة، والذي سيقع تحت احتلال اجنبي بالكامل يعيق بشكل مباشر اي سلطة سياسية من مباشرة دورها بالشكل الطبيعي والكامل من جانب اخر، مما توفر هذه البيئة العراقية المدمرة والمحتلة للامريكيين بالاضافة لتسليم السلطة السياسية الصورية للاسلاميين العراقيين لضرب عصفورين بحجر واحد :

الاول : هو اسقاط الاسلاميين العراقيين جماهيريا بعد اظهار فشلهم في ادارة الدولة وعجزهم عن تقديم الخدمات الحيوية للشعب والمواطن العراقي على مدى سنوات متعددة من تعاقب حكمهم الذي هو صوري بالحقيقة !.

وثانيا : ضمان ان تكون سلطة الاسلاميين العراقيين الممارسة هي داخل فترة وحيز هيمنة قوى الاحتلال في العراق للسيطرة الكاملة على السياسة الداخلية العراقية، ولهذا فالمخطط هو : قبل خروج هذه القوى الاحتلالية من العراق بالكامل يجب ان يكون حكم الاسلاميين العراقيين منتهيا باي ثمن !.

والحقيقة ان هذه سياسة امريكية متبعة في الاونة الاخيرة مع اسلاميي العالمين العربي الاسلامي فضلا عن العراقي بعدما ادركت هذه الادارة استحالة عزل الاسلاميين بالقوة عن ادارة المجتمعات التي تطالب بمثل هذه الادارات الاسلامية فلجأت اخيرا الى سياسة (( دعه يمارس دعه يفشل )) وهي تبني السدود العالية امام اي حركة اسلامية تحاول الادارة لتحاصرها من كل الجوانب لافشالها جماهيريا، وهذا ماحصل بالفعل في التجربة الفلسطينية مع حماس وفي باقي التجارب الكثيرة التي اعطت الادارة الامريكية الضوء الاخضر لمشاركة الاسلاميين ونجاحهم ومن ثم العمل على محاصرتهم وافشالهم لاسقاطهم جماهيريا باعتبار عدم قدرة الاسلاميين على الادارة الناجحة وتوفير الخدمات للمجتع ... وهكذا !.
خامسا : ان بروز ظاهرة الارهاب وانفجاريتها بشكل رهيب وتدخل دول الجوار لتدمير عملية التغيير في العراق والدفع نحو تفتيت العراق وتجزئته بكل شكل ... ايضا جاء كعامل مفاجئ وان كان مربكا لجميع الحسابات الامريكية والاحتلالية السابقة باعتبار انه عامل لم يكن موضع حسبان كبير وبهذا الحجم، مما جعل الوضع السياسي العراقي القائم لحكم الاسلاميين الصوري في مأزقية اكثر من ناحية ضخامة الهجمة الارهابية التي عمقت من حيرة الاسلاميين العراقيين في حكمهم الصعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا كذالك، وبهذا كانت جميع الظروف القائمة هي ليست في صالح المتصدي لعملية البناء السياسية والمدير لمشروعها الجديد،مما دفع الاسلاميين العراقيين في مأزق من العمق بحيث لايوجد فيه اي ضوء نفق او بصيص امل على الاطلاق

في نجاح ادارة الاسلاميين لعراق بدى وكانه خرقة بالية كلما رتق منها الاسلاميون العراقيون موضع اتسع الفتق من جانب اخر بلا رحمة، وبهذا احكمت تماما الحلقة على حكم الاسلاميين في العراق مابعد التغيير ليطرح اليوم فشل وفساد ودمار وخراب ونهب وسرقة ...... العراق كله براس المسكين الاسلامي العراقي ليُنسى كل شيئ في اجندات الاعلام الداخلي العراقي والخارجي الاقليمي المعادي للاسلاميين العراقيين والدولي الذي يرى ان الوقت قد حان للتخلص من الاسلاميين تماما ماعدى ان القائم على السلطة في العراق هو سبب كل مافي العراق اليوم من مآسي وتدمير وخراب وكارثة !!.

سادسا : لماذا نقول الان ازف وقت التخلص من الاسلاميين في العراق ؟.

الان ومابعد الان سينتقل العراق تلقائيا وميكانيكيا نقلة نوعية في مجالات الامن ومجالات الاعمار ومجالات انتعاش الاسواق العالمية البترولية ومجالات الخدمات ومجالات عملية السلام العالمية ومجالات توفير فرص العمل .. الخ، الان العالم كله مستعد للعمل الجديد في حقول كثيرة وكبيرة جدا عالميا ومحليا وعراقيا، واخراج الاسلاميين من المعادلة العراقية ضرورة حتمية بالنسبة لكل اعداء العراق واسلامييه كي لاتحسب للاسلاميين العراقيين اي مساهمة ايجابية في عراق مابعد صدام حسين !!.

نعم وقبل ان يجني الاسلاميين العراقيين والشعب العراقي ثمار صبرهم ونضالهم ومحنتهم وجهادهم وتضحياتهم .. خلال محنة الارهاب التي ضربته بكل قسوة يحاول اعداء العراق الاطاحة بكل مَن قدم هذه الضحايا لينعم هو والخونة من بائعي الضمائر والوطن العراقي بانجازات ما اسسه ودافع عنه وناضل من اجله الشعب العراقي واسلاميي ابنائه الابرار !.

نعم الان يريدون ان يسجلوا كل تاريخهم الاسود الارهابي والتدميري في حقبة وسجل حكم الاسلاميين الصوري، ليقلبوا صفحة هي مقلوبة حتما في السنين المقبلة ليكتب كل اعمار قادم وامن متوقع ونهضة في الاسواق العالمية وانتعاش للروح العراقية باسم غير الاسلاميين العراقيين بعد الاطاحة بهم في قادم الايام ليُقال للعراقيين هل رايتم كيف ان حقبة حكم الاحزاب والتكتلات الاسلامية كانت كلها سوداء وارهاب وسرقات وفساد مظلمة ؟.

وكيف اليوم بدون حكم الاسلاميين في العراق بدأ الامن والانتعاش والهدوء وقيام الدولة على اصولها الشرعية !!.

على الاسلاميين العراقيين ان يضعوا في اجنداتهم السياسية ان المعركة ليس معهم فردا فردا او حزبا حزبا، وانما هي مع فكرة اسلام بامكانه ان يحكم من خلال ابنائه، وعلى الاسلاميين ان يستيقنوا ان اجتثاثهم لايفرق بين حزب واخر، بل المطلوب دوليا واقليميا وهابيا ارهابيا وداخليا بعثيا صداميا علمانيا الاطاحة بالمشروع كله وبمسماه الاسلامي لاغير، ومن هنا على الاسلاميين ان يستعدوا للجديد القادم على اساس انه معركة وجود او عدم لمسماهم الاسلامي، وان يكونوا اكثر تنظيما وتنسيقا فيما بينهم لصد الهجمة التي لامحالة تحاول التخلص منهم بكل وسيلة، وهذا طبعا اذا كانت استحالة توحيدهم في اطار واحد، فلا اقل من التنسيق والذكر دائما الى : ((ان الاسلاميين العراقيين معادلة وطنية استقلالية نظيفة وشريفة لايرغب الكثير باستمرارها في عراق مابعد الاحتلال الامريكي والطاغوت الصدامي والخيانة العلمانية فافهموا ))!!!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com