|
خميس خمش خشم حبش
كاظم فنجان الحمامي كانت مفاجأة كبيرة لنا نحن العراقيين عندما استيقظنا صباح الثاني من آب الجاري لنسمع رئيس الوزراء يتهم أطرافا سياسية عراقية بعرقلة مشاريع الحكومة المزمع تنفيذها, وازدادت دهشتنا عندما تطرق إلى أطراف أخرى, مشتركة بالعملية السياسية, وتمارس الضغط على بعض الدول الصناعية, وتطلب منها عدم تقديم المساعدة للعراق وشعبه. وهذا يعني إننا ننزلق نحو هاوية جديدة, ونعيش تفاصيل مخططات تسقيطية خطيرة, لأنها إن استمرت على هذا النهج التخريبي المدمر, فإنها ستعطل تنفيذ المشاريع, وتقضي على فرص التقدم المنشود, وتحرمنا من تحقيق ابسط خطوات الرخاء والازدهار. ويعني أيضا إن عبوات العراقيل المصنوعة في معامل الابتزاز السياسي باتت من المنتجات العراقية الرائجة, وصارت من المشاريع المكملة لصناعة الموت. ومن المتوقع أن نصبح أضحوكة العالم العربي, وربما نصبح أعجوبة فريدة من عجائب التقهقر الحضاري. ومن هنا يأتي الخطر الحقيقي على حاضرنا ومستقبلنا، إذ تتناقض الأقوال مع الأفعال، وتتعارض التصريحات الحزبية الرنانة مع السلوكيات المتناقضة، والمعنى الوحيد الذي يستنتجه أي عاقل هو أن العناد السياسي، قد نجح في إجهاض خطوات مهمة في مسار إصلاح قطاع الخدمات العامة، ونجح في إثقال كاهل العراق بأعباء إضافية. هذا ونحن نعلم علم اليقين انه يتعين على السياسي أن يستلهم مصلحة وطنه وشعبه قبل مصلحته الشخصية الضيقة. فمصلحة العراق وشعبه هي الدليل الهادي نحو تحقيق المزيد من المكاسب الوطنية المطلوبة. ويتعين على الأحزاب والتكتلات السياسية أن تعي بأن الشعب العراقي لم يعد قادرا على دفع فاتورة براكين الصراعات السياسية, وحممها المنبعثة من مكاتب الأحزاب المتناحرة, ولم يعد قادرا على دفع ثمن نزواتها ومغامراتها وهفواتها, ولم يعد يحتمل المواقف المتشنجة, والمتأججة والمشحونة بالحقد والكراهية.. فمصلحة العراق فوق مخططات التسقيط السياسي. وان مصلحة الشعب فوق مواقع الحكومة والسلطة, وفوق مصالح أصحاب النفوذ, الذين ينبغي عليهم الالتفات إلى تعزيز وحدة الصف الوطني. وتقوية دعامات جسور الثقة, وتقريب وجهات النظر, وتجاوز منطق الاختلاف في الرأي, وحصر التنافس السياسي الشريف في حدود تقديم الأفضل والأنفع والأجمل والأروع للعراق وشعبه. وينبغي أن تكون مصلحتنا الوطنية هي الركيزة الصحيحة لبناء الإطار الدستوري الجامع الذي تنتظم فيه الأهداف والبرامج والمشاريع الحزبية, وتنطلق منه الشعارات المحفزة على التنافس العادل من اجل خدمة العراق, وإعلاء شأنه ومنعته, وصون ثوابته ومقدراته ومكاسبه. أما إذا ما فُهم ذلك التنافس على أنه التصرف بخبث وسوء نية, والتحيز لأهداف تضع الأنانية الحزبية في موقع التضاد لمصالح العراق, أو إذا فُهم على أنه سباق مفتوح لجَنْي المكاسب الحزبية, وتحقيق الرغبات الذاتية، أو صار أداة للتنابز وافتعال الأزمات, وإثارة الزوابع التي تلحق الضرر والأذى بمصلحة العراق وشعبه، فإن هذا التنافس يصبح منزلقا خطيرا نحو مستنقعات التقهقر والتخلف. أما إذا كنا في نظر حكامنا وأحزابنا مجرد لعبة من لعب الأطفال, أو قطع مبعثرة على رقعة الشطرنج, يتلاعبون بنا وفقا لمصالحهم, ولا يكترثون لمآسينا وآلامنا, ولا يهتمون للمصائب التي انهالت فوق رؤؤسنا, عندئذ نكون على حافة الانهيار والضياع, والتيه والتخبط. وسيصعب علينا بعد ذلك تصديق الأقوال والشعارات والتصريحات, التي نفتها التصرفات والأفعال المعرقلة لتنفيذ ابسط المشاريع الوطنية الخدمية, كالطاقة الكهربائية مثلا. فنحن لسنا على استعداد لانتظار تصفية الحسابات السياسية بين زيد وعمر, أو انتظار ما تسفر عنه جولات التنافر والتجاذب والتناحر والتناطح بين خميس وحبش. ولا تهمنا نتيجة المتوالية اللفظية, التي تجسدها دوامات التصريحات المتكررة, من مثل (خميس خمش خشم حبش, وحبش خمش خشم خميس). فالسبيل الأمثل أمام التيارات السياسية هو التوجه نحو المساهمة الفاعلة في ترصين المنجزات الوطنية, وحماية العراق, وضمان حقوقه, والدفاع عن سيادته, والحرص على توفير أفضل الخدمات للمواطن الكريم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |