|
دمنا ليس ماء!
جاسم الحلفي بغض النظر عن ملابسات جريمة سرقة مصرف الزوية، والجدل حول الدوافع السياسية لها، أو الهدف من سرعة الإعلان عن اكتشاف منفذيها، فإن كشف الجريمة وبهذه السرعة، يعدّ نجاحا غير مسبوق في أداء وحركة القوات الأمنية العراقية، وتمكنها من ملاحقة المجرمين فور تنفيذهم للجريمة، و إلقاء القبض عليهم. كذلك كان وقع خبر إلقاء القبض على قتلة الإعلامية الشجاعة أطوار بهجت، ايجابيا على كل حريص على أمن المواطن وسلامته. فخبر اعتراف المجرمين بما اقترفت أياديهم الآثمة من جريمة تمثلت بقتل هذه الإعلامية العراقية الشابة، في وقت صعودها سلم النجاح في مهنة المتاعب التي تعد اخطر مهنة في عراق اليوم، أوضح وبدون أي لبس أن لا مكان في العراق يأوي القتلة ويحميهم من العقاب، ولا منفذ لمن تلطخت أياديهم بدماء العراقيين للإفلات من قبضة القانون. إن نجاحات القوات الأمنية في الكشف عن منفذي تلك الجرائم تعطي رسالة قوية مفادها، أن ليس هناك من يستطيع الإفلات من قبضة القانون، مهما كانت الظروف. ومن هذا الباب يكون الكشف عن قتلة اليساريين مطلبا آنيا، فلم نسمع ولا مرة واحدة عن إلقاء القبض على مجرم اشترك في قتل شيوعي؟ أما السؤال اليوم، حول عدم الكشف عن قتلة شهيد الثقافة كامل شياع، فهو يعد سؤالا مشروعا وملحا، بعد سنة كاملة من واقعة الاستشهاد، ليس كونه كان يحمل مسؤولية رسمية في الدولة وحسب، وإنما كونه احد قادة المشروع الثقافي الديمقراطي التنويري. ليس كامل شياع وحده الذي لم تتمكن الحكومة العراقية من إعلان إلقاء القبض على قاتليه، فهناك 155 شيوعيا استشهدوا بعد عام 2003، لم تستطع الحكومة من إلقاء القبض على مسببي استشهادهم. ولكي نطرح ذلك بموضوعية، دعونا نستثني من استشهد عبر التفجير والتفخيخ الذي لا يفرق بين هذا وذاك، ونستثني أيضا من استشهد بنيران طائشة، وكذلك ضحايا الإرهاب، ونستثني... ونستثني.... ولكن كيف يمكن أن نستثني من اختار بدقة الشهيد القائد و(البرلماني) وضاح عبد الأمير "سعدون" هدفا للاغتيال؟ وكيف نستثني منفذي العملية الوحشية في تصفية القائد العمالي هادي صالح (أبو فرات) بعد ربطه وتعذيبه، وكيف نستثني قتلة الرفيقين ياسر عبود (أبو جمال) وشاكر جاسم (أبو فرات) في مقر الحزب الشيوعي العراقي ببغداد الجديدة، وكيف نستثني القتلة مرتدي السواد والمتنقبين به، على خطى أقرانهم السابقين "فدائيو صدام" وهم يوغلون في تصفية الرفيقين ياس خضر حيدر وعبد العزيز جاسم في مقر الحزب بمدينة الثورة؟ كيف نستثني قتلة القائد التنظيمي ابن الموصل الحدباء مثنى محمد لطيف (أبو ثابت)؟ وكيف نستثني قتلة القائد النقابي الميداني نجم عبد جاسم (أبو زينب)؟. كيف نستثني كل هؤلاء؟ وكيف نكف عن المطالبة بالكشف عن مصير العزيز شاكر الدجيلي أحد ابرز نشطاء التضامن مع الشعب العراقي وقت الحصار؟ وكيف نتهاون في المطالبة بالكشف عن مصير الدكتور شاكر اللامي الداعي إلى صياغة أدب يلتصق بالهمّ اليومي للمواطن؟. لا يمكن استثناء قاتل من الملاحقة، ولا سبيل غير القانون. فان كانت الدولة دولة المؤسسات والقانون، فان من واجبها الإمساك بالقتلة، دون أن تستثني أحدا منهم، وان لا تميز بين شهيد وشهيد، أو بين فقيد وفقيد! أو بين شريد و طريد. وحتى تثبت الحكومة أنها تحمي الجميع، وتطالب بدم كل شهيد، عليها الكشف فورا عن منفذي تلك الجرائم التي طالت قامات شهدائنا الباسقة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |