|
الهاشمي في ميزان التقييم
حمزة علي البدري ضئيل عددهم أولئك الذين يتموقعون في مواقع المسؤولية العليا، ولم تطعن سمعتهم ولم تنهال عليهم زخات من الاتهامات والأباطيل والأراجيف . وقليل تعدادهم بالمعنى النوعي والكمي للعبارة أولئك الذين يستحوذون على المناصب والحقائب السامية في الدولة، ويستمرون ملتزمين بعروة النقاء والولاء والعطاء للوطن والمواطن .. وان واقعنا المعاش الطافح بالحقائق والمتناقضات والتجارب قد فتح العيون أمام الظاهر والمستور، وان حكم الشارع اصدق وأدق من حكم الكثير من السياسيين الذين يتحركون ويصرحون اتساقا مع مصالحهم وطموحاتهم، ومن استأجرهم لمأرب شريرة وغير خافية على أبناء العراق الأصيل . إننا كشعب عريق وغارق بالهواجس والحدس والظنون، ويستقريء الواقع المشحون بالأراجيف المطعونة ، والمقاصد والأغراض الملعونة، فهذا الشعب يمتلك حاسة التمييز والفرز, وقادر على تشخيص الشخصيات ببصر ثاقب وببصيرة متوقدة وانه يسمي الأمور بأسمائها الحقيقية، ويمتلك ميزانا لا جور فيه لوزن كل مسؤول وكل قضية .. وعلينا ان ننصف الآخرين، ولا نختفي تحت أغطية الملق والتزلف والنفاق .. وفي هذا الخضم من الرجال يشخص أمامي رجل له رؤاه السياسية الواعية، ويعي تضاريس المسيرة الصاعدة، ويهضم حقيقية الأوضاع المأزومة والمتشعبة .. رجل مخلص في التزاماته المتنوعة، ولن يسجل ضده أي اتهام أو إدانة أو تقصير أو تقاعس طيلة مسيرته في الحزب الإسلامي الذي تفانى من اجل ديمومته وعطاءاته، ورفده بطاقات مبدعة، وإمكانات متطورة، وقد نجح في أدائه الوظيفي كنائب لرئيس الجمهورية، ألا وهو السيد طارق الهاشمي هذا الرجل المضحي والذي قدم الشقيقة والشقيقين قرابين وشهداء من اجل الوطن المفدى، ونهض بمسؤوليات ضخمة، وحقق انجازات مشهودة ورائدة في عمله وانشطته الحزبية والوظيفية، وكان بحق موضوع ثقة وإعجاب ودعم من عاضدوه في عمله ومسيرته المعطاء، فلا ولن ولم نسمع ولن نقرا أي انتقاد أو طعن أو ملاحظات سلبية ضده، فالرجل الهاشمي قد حصن نفسه بحصانة متينة وراسخة، فكان وما يزال نظيف القلب واليد واللسان والسلوك وواسع الصدر ومدجج بآراء ثاقبة وأفكار نيرة ومواقف مدهشة ... وان استقالته من أمانة الحزب الإسلامي تنم عن قناعة تامة، ونقلة نوعية بانتقاله من الحزب إلى الشعب، ومن المجموعة الى الجميع، فانه كالصقر الذي انتقل من القفص الى الفضاء الواسع، وكمن استبدل ضوء الشمعة بضياء الشمس . مع القول المؤكد بان علاقة الرجل بحزبه من منطلق المباديء والقيم ما زالت مستمرة ومتجددة وقد أكد ذلك في العدد 827 بتاريخ 12/5 / 2009 في لقائه مع البينة الجديدة الغراء حيث قال : ( علاقتي بالحزب الإسلامي كانت وستبقى طيبة، والاختلافات في وجهات النظر مسالة طبيعية بل هي مطلوبة ومرغوبة جدا في العمل السياسي وسأبقى على علاقة طيبة مع القيادة الجديدة لا ابخل عليهم بنصيحة أو تذكرة أو مشورة لشعوري بحاجتهم لذلك ) . إن الرجلَ الهاشميَ وطروحاته المبدئية يؤكد على أخلاقية عالية وعلى حصانة أكيدة تثبت للآخرين بأنه يعيش في قلب الأحداث ويتفاعل مع الواقع بحرص وذكاء وحذر ... فالسيد النائب لا يريد ان يحرج نفسه ولا يريد ان يكون في حالة يفقد فيها السيطرة على انشطته المتنوعة، لذلك فانه كان في منتهى الدقة والحصانة والصيانة لسمعته عندما اكد لجريدة البينة الجديدة قائلا : ( بات من الصعب عليَ الإيفاء بمستلزمات إدارة منصبي في الدولة ومنصبي بالحزب بعد ان تشعبت مهامي ومسؤولياتي وتنوعت في كلا الاتجاهين ) . وإذا أردنا القول بصدق وأمانة وتجرد وموضوعية فان ظاهرة الهاشمي تستحق كل الاهتمام والدراسة، ونقولها للحق والحقيقية ان الحياة الحزبية في العراق قد أثبتت فشلها الذريع، وتخبطها وسلوكها الفظيع، فكل حزب أصبح يتاجر باسم الشعب، وإذا استلم الحكم فانه يمارس ممارسات تحقق أهدافه ومصالحه، والشعب المخدوع لا يحصد إلا المواعيد الكاذبة والعهود الجوفاء، وان الشعب يحلم بان يعيش العراق في حياة خالية من التحزبات التي لن يجني منها غير الانشقاقات والمنازعات والصراعات التي تصل الى حد الاغتيالات، وممارسة لعبة المفخخات والايقاعات ويا ليت كل حزب يحل نفسه ويندفع مع تيار الشعب الذي ينشد التعاضد والتلاحم والاتفاق والتنمية والبناء فقد شبعنا حتى التخمة ، وغرقنا حتى الأذنين بالمزايدات الحزبية والمصالح الأنانية التي أغرقت الوطن بحمامات الدم علما بان البقاء ليس للأحزاب فكم من احزاب قد شمخت ثم اندثرت ولكن الباقي هو الوطن والشعب، وكل الحكام وكل الحزبين سراب زائل . إن انطلاقة السيد الهاشمي ظاهرة صحية تعانق التفتح والانعتاق من قبو الانغلاق الحزبي الذي مصلحته أضحت تعلو على مصلحة الشعب والوطن . إن كل كاتب أو إعلامي حر ومنصف وشريف وأصيل ينصف كل مخلص وأصيل، ويعري كل دعي ودخيل، فلا نبخس الناس حقوقهم، والواجب الديني والأخلاقي والوطني يفرض علينا أن نمجد ونخلد ونثني ونطري على مواقف ومسارات الشرفاء والاصلاء حتى وان كنا مختلفين معهم في الدين او الطائفة والقومية، فهذا هو الإنسان المتميز الحقيقي الذي يقول الحق ولو على نفسه والواقع المتفجر والمتطور يحتم علينا أن نلتصق بالصراحة والمكاشفة، وننأى عن الوقاحة والادعاءات المجانية، ونلتزم بالموضوعية والواقعية، ونبتعد عن الأنانية والتغطية والترضية، ولا تنطلق أقوالنا وأفكارنا من عقد دفينة ومتوارثة ومشحونة بالغدر والمكر والتشويه ... وان الذي يبهرني بالهاشمي هو عدم تخندقه تخندقا طائفيا، ولم يكوم أبناء مذهبه أو حزبه في دوائر الدولة وبدون حق وكفاءه وأهلية وشهادة، ولم نسمع منه خطابا أو كلمة تحمل سموما طائفية .. وقد كان بإمكانه وهو نائب رئيس الجمهورية ورأس الحزب الإسلامي أن يجمع ويوحد كل فصائل السنة ويغذيها طائفيا وتعصبيا ، ولكن الرجل تسامى عن هذا المنحدر الخطر، فلم يتصالب في موقف، ولم يركب رأس المكابرة والعناد، ولم يمارس أي نوع من أنواع الاحتيال والخداع والابتزاز، ولم يستغل منصبه ويغرف ويغترف من المال العام بطرق وأساليب ماكرة .. وان الرجل لحد ألان لم يمتلك فضائية أو إذاعة أو جريدة أو عقارات او مقاطعات أو أرصدة في البنوك ولم يرتبط سرا أو علانية بأي دولة في العالم ولم يتقاضى أمولا من وراء الحدود .. ومن يمتلك معلومات يقينية وثبوتية فلينشرها على السفود والمكشوف، ولا يخشى شيئا، فخطوات الصريح تستنطق الأرض، وكل شيء قد استبان بجلاء ووضوح، وشعبنا اليقظ الواعي قد خبر وهضم وفهم واستوعب الأعيب المتلاعبين بحقوق الشعب واللاعبين على حبال السياسة هذه العاهرة التي تهب نفسها وشرفها للذي يعطي الأكثر والأوفر ويتقن المداعبة بمكر وخبث ودهاء مسموم .. فالسياسة اليوم أضحت ضحكا على الذقون، وهي أن تقول للكلب الشرس يالك من كلب ظريف إلى أن تحين أول فرصة لالتقاط الحجر المتوفر فترجمه به وللحقيقية نؤكد أن سياسة اليوم هي الخداع والإيقاع والانتفاع والارتفاع واعتماد كل الوسائل المتاحة من اجل المناصب والحقائب، والمرء رهين بما جنى، وعلى الظالم تدور الدوائر، والبقاء للأصلح، وحسن ظننا بك لكبير أيها الهاشمي . اعمل جميلا ولو في غير موضعه فلا يضيع جميل أي ما وضعا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |