|
وهم العلمنة .. رؤية اسلامية؟ القسم الاول حميد الشاكر
(جذور مصطلح العلمانية) لاتقلّ أشكالية جذور مصطلح (العلمانية) في الادبيات الفكرية العربية عن مجمل الفكرة العلمنية او العلمانية، وللوهلة الاولى ومن خلال الاطلاع على الجدل الفكري القائم، والذي دار حول بحث موضوعة المصطلح تبرز أمامنا الكثير من الاستفهامات بصدد الجدل الذي قام ولم يزل حول (شكلنة) المصطلح، وعملية نقله الى اللغة العربية، كمفردة من المفردات الحديثة على الساحة الفكرية والسياسية العربية والاسلامية ؟. أولا : كيفية نقل المصطلح، وهل عندما نقل (او ترجم)_5_ من مصادره الانجليزية قد نقل بصورة صادقة وعلى اسس ما يوحيه المصطلح نفسه، أم انه نقل بصورة (معدلة) خوفا او طمعا في استقبال العقل العربي الاجتماعي لفكرة التعلمن ومن ثم بذهنية منفتحة ؟. ثانيا ماهو الاشتقلق الصادق لمصطلح (العلمانية) هل هو من العلم (بكسر العين) _ الحقيقة لم اجد من يرجع مصطلح العلمانية الى العلم لكنه دائر بين الاقلام _ أو من العالم ( بفتح العين) أو هو مصطلح يرجع بجذوره اللغوية الى (اللاديني) الذي يرفض اي رؤية دينية مؤثرة على واقع الحياة الانسانية، أو هو مصطلح يشير الى الجذر ( زمني أو قرني) والذي ينّظر للآني من شؤون الانسان الفكرية والسياسية والاقتصادية ...الخ ؟. ثالثا: هل ان مصطلح (العلمانية) يختزل بداخله فلسفة متكاملة نحو الحياة والانسان والكون، أم انه مصطلح يشير الى تيار (علمني لاديني ) فحسب يحاول تحريك عملية التطبيق للنظرية في تنظيم شؤون المجتمع ؟. رابعا: هل ان مصطلح (العلمانية) يهدف ليس الى كل ماتقدم، بل هو دعوة لسلطة (العلموية) السياسية والادارية والاقتصادية ....، للدولة من قبل الصناعيين والمهندسين وعلماء التجريب ( تكنوقراط) .....، حسب مابشّر به (سان سيمون) وما دعى له (اوجست كونت ) ؟. كل هذا وغيره يدور جدلا حول معرفة الجذور الحقيقية لمصطلح (العلمانية ) ليتبين ماهية الوجهة العلمانية واصول مدرستها الفكرية، ولكن لايخفى _هنا_ ان كل مادار حول المصطلح والماهية العلمنية، نشأة وصياغة، وثقلا وتبلورا ....، لايمت بصلة للواقع العربي والاسلامي، باعتباره واقع غير منتج لأفرازات التعلمن ولماذا وما هي اسباب نشأته وبروزه ....الخ ؟. وعليه سنناقش المصطلح والرؤية العلمانية على اساس أنها نظرية ومنتج غربي، وبما ان منهجيتنا الاسلامية تفرض البجث العلمي، فمحاولة مصادرة الواقع الذي انتج هذه العلمانية، وعدم الالتفات للاسباب الاجتماعية والفكرية والدينية الاوربية، او رفع الفكرة العلمانية عن واقعها واسقاطها على واقع مغاير ...، كل ذالك مدان بالنسبة للبحث العلمي الواقعي، ومن هنا فان الذهنية التي سوف نناقش بها الاطروحة العلمانية، تسمح بالانفتاح على المنتوج الانساني الفكري، ولكنها ترفض تزييف البحث ومصادرة اراضيه المنتجة أو قراءة الواقع الانساني الذي لم يساهم في انتاج الفكرة العلمنية بعيون غربية لنصل الى انقلاب الصورة بالكامل ليصبح الاسلام هو الكنيسة ؟. ان جذور المصطلح ورؤيته ان اردنا مناقشته، فينبغي علينا ان لانقصي اي عنوان معنون للعلمانية، او اي معنى فكري أختزله مصطلح العلمانية، وعليه فنحن ملزمون _والحال هذه_ أن نأخذ بكل ماورد من معاني اشتقاقية لمصطلح (العلمانية والتعلمن) لتكون لدينا رؤية موسعة لمفهوم ومعنى المصطلح العلمني، فهو بهذا الارتداد اللغوي يعبر عن جذر له صلة بالعلم (بكسر العين) واعتباره ميزان فكري لرؤية العالم والانسان والحياة، وكذا بجذر له صلة بالعالم (بفتح العين) وأعتباره فكرة تصب رؤيتها حول العالم الارضي المادي بعيدا عن اي رؤية اخرى لهذا العالم الانساني، وهو كذالك (اي المصطلح) له جذر وصلة عضوية ب(الزمني الاني القرني ) واعتباره مشروع يهتم بالامر الاني بعيدا عن التاريخي او المستقبلي الاخروي الديني، واخيرا هو مصطلح تمتد جذوره وارتداداته الفكرية بموصولة (اللاديني) بالخصوص الالحادي بالعموم، والذي يعتبر ان العالم والحياة والانسان، كيان قائم بذاته ومستقل عن مراحله الماضوية او المستقبلية بالمصطلح الديني _اي_ مبتورا عن المنشأ والمعاد، او بعيدا عن السؤال الفلسفي لماذا خلق هذا الانسان والى اين هو سائر ؟. وعلى هذه الرؤية نكون أمام (مصطلح) يحمل اكثر من نظرة، واكثر من ممارسة تطبيقية، فالعلمانية بهذا الشكل أقل من مدرسة متعددة الفروع، الا انها مبعثرة الاوصال، وغير متراصة المبنى والكيان الفكري والفلسفي، او هي عبارة عن (خلطة) فكرية تجمع بين دفاتها عناوين متعددة شبيهة بالمعالجة للشؤون الانسانية من كونها مدرسة فلسفية قائمة على رؤية متكاملة الجوانب هذا ؟. (( العلمانية )) - رؤية اسلامية - ان البحث في رؤية الاطروحة الاسلامية حول ( المشروع العلماني) الغربي، يمتد الى اكثر من زاوية فكرية ليثير بعض الاشكاليات، او ليسّلط الضوء على الامتدادات المظلمة من الفكرة من قبيل : ( أسباب نشأة التعلمن الغربي ودراسة ظاهرته الاجتماعية كمعطى قيمي اجتماعي ؟.، صلاحية هذا التعلمن الغربي لجميع النظم والقيم الاجتماعية والاختلافات النوعية البشرية ؟.، التقاء الطرق وافتراقها مع الفكرة العلمانية .....الخ ) وغير ذالك من المحاور الفكرية التي تحاول الاطروحة الاسلامية ان تنفتح على كل عنوان يحمل المصلحة الانسانية من وجهة نظرها الاسلامية، والاعراض عن العناوين الفكرية الاخرى التي ترى الاطروحة الاسلامية عدم حملها لهذه المصلحة البشرية، او لاتخدم واقع تنمية الانسان والوصول به الى مستوى مقبول من الحياة البشرية المحترمة والمقدسة والكريمة ؟. ومن هذا المنطلق، ومبدأيا ترى الاطروحة الاسلامية ان عنواني ( اللادينية، والآنية الزمانية) لمفهوم العلمانية والتعلمن الغربي والشرقي _ايضا_ عناوين لاتنسجم ومبادئ فلسفتها الفكرية من حيث ان للانسان بعد فطري يدخل في أطار تركيبة الفرد الانساني (والاجتماعي بالضرورة ايضا) الخلقية وحاجته النفسية لمبدأي (التقديس والتعبد) ولذالك فأن الرؤية الاسلامية تعلن وبكل وضوح ان مشروع (اللادينية) العلمانية سواء كان فكريا او سياسيا او اجتماعيا _حسب منظور الاطروحة الاسلامية _ مشروع فاشل، سواء فرض على التجمعات الانسانية من خلال التطرف والارهاب والاسئصال السياسي والفكري، او من خلال طرح هذا المشروع على اساس انه فلسفة فكرية حرة الانتماء والرفض ؟.وكذلك فان الاطروحة الاسلامية (تعرض) عن العلمانية بمفهومها الهادف الى (بتر) الانسان ومصادرة تاريخه ومستقبله، على اساس التعلمن المنادي بتجاهل كل بعد معنوي او فكري او مادي تاريخي او مستقبلي، بسبب ان رؤية هذه الاطروحة الاسلامية لمسارات الانسان _فكرية كانت ام معنوية ام مادية _ منبنية على اساس ان هذه المسارات خاضعة بشكل كبير او صغير لسياقات قانونية تاريخية ترقى في بعض الاحيان الى حد القوانين التي تستلزم فرض قوانين السبب والمسبب في الحركة الاجتماعية والتاريخية، اي ان رؤية الاطروحة الاسلامية لحركة التاريخ والمجتمع تعتمد على اصول العلم الاجتماعي في دراسة الظواهر الانسانية، وعليه فمصادرت هذه القوانين وسلخ المجتمع الانساني عن سياقاتها في الحركة تعتبر عملية لاعلمية، وهذا ان اخذت العلمانية على اساس (الآنية او الزمانية ) بدون الالتفات الى العوامل التاريخية الاخرى، أما ان اخذت العلمانية على اساس (الاهتمام ) بالشأن الانساني الآني والعصري بدون مصادرته باسم الغيبوية الدينية او التاريخية فلاشك فليس هناك تعارض او تناقض بين الاطروحتين العلمانية والاسلامية، بل هناك توافق كلي في وجوب الاهتمام بشؤون الانسان والحياة والعالم ألآنية والمادية والعصرية، وليس هناك عقدة فكرية في الاطروحة الاسلامية حول هذا الاهتمام الدنيوي، ولكن _كما تراه الفكرة الاسلامية _ ليس على حساب الشؤون الفكرية والتاريخية والمستقبلية او ليس على حساب تجاهل القوانين والسنن التاريخية والاجتماعية ؟.نعم ان كان للاطروحة الدينية بشكل عام ( رهبنة) دينية تدعو الى عزوف الانسان عن شأنه الانساني الآني والزماني، او برنامج لتغييب الانسان عن واقعه الانساني، فهذه اطروحة _حسب الرؤية الاسلامية_ لاتصلح للحياة والانسان بشكل عام في العصر الحديث، وربما عندئذ توافقت الاطروحة الاسلامية مع العلمانية (الآنية) بوجوب مكافحة مثل هذه الاطروحات الدينية الغيبوية والمعيقة لقيام الانسان بدوره العملي في ادارة الحياة وتنميتها وتطويرها وبنائها وتاهيلها الى حياة اوسع تكاملا للمستقبل ؟.وعلى هذا كان واضحا موقف الاطروحة الاسلامية نحو الحياة والانسان والتاريخ والمستقبل بابعادهم المعنوية والمادية، وهو موقف متزن تماما للتوفيق بين الانسان والحياة بشقيها الآني والتاريخي والمستقبلي ؟. أما فيما يتعلق او يتصل بالعلمانية كرؤية (علمية او عالمية ارضية) فنحن لسنا بحاجة الى التأكيد او التدليل على ان الرؤية الاسلامية (تقدس العلم) وتعتبره جزءا مهما من رؤيتها الكونية والانسانية، وهذا اذا لم تعتبره هذه الاطروحة من اهداف واسباب خلقة الانسان في الوجود والحياة، اي انه لولم تكن ميزة الانسان انه يعلم ويتعلم ويعّلم ليصبح عالما ...، لما كان للانسان ميزة في تكريمه وتفضيله واستخلافه ووجوده، ومن هنا فان الاطروحة الاسلامية أطروحة (علمانية) بهذا المعنى بلا جدال، بل ان علمانية الاسلام _6_ هذه واضحة من خلال ما اعطت ووصفت واشادة بتقدير عال لمبدأ العلم واعتباره مقياس يرفد الايمان وينبغي ان ترجع جميع الامور التي تختص بمجاله اليه، ليقول هو كلمته فيها بلا منازع ؟.بلى ان اراد مجال من المجالات الفكرية الفلسفية او الدينية او السياسية ....الخ، التدخل في أطارات العلم (التجريبي هنا بالخصوص او الصناعي او ....الخ ) التدخل لفرض الرؤية الغير مختصة في اطارات العلم ووظائفه فهو امر مدان ومرفوض من قبل الاطروحة الاسلامية، والعكس صحيح ايضا عندما تتضخم العقلية العلمية لتعتقد امتلاكها وقدرتها في التدخل بالشؤون الفكرية او العقائدية او غيرها، فهو امر مرفوض كذالك بالنسبة لرؤية الاطروحة الاسلامية، أنطلاقا من ايمانها بمبدأ (التخصص) في حقول المعرفة الانسانية ؟. نعم بالامكان القول بالتقاء وافتراق العلوم الانسانية هنا وهناك ولكن يبقى لكل علم عرينه الخاص الذي يحتكر كلمة الفصل فيه ......، وعليه فلا تصادم او تنافر او تناقض بين العلمانية (العلمية) والعلمانية الاسلامية بهذا المنحى ؟.بقي لدينا المفهوم العلماني الذي يختزل بداخله (العالم) كبعد فكري يهتم فقط بالشأن المادي او الارضي للانسان، فبهذا الصدد تنظر الاطروحة الاسلامية لهذه العلمانية وهذا التعلمن، على اساس انها رؤية لاتفي بمتطلبات الانسان الواقعية، او تراها اطروحة أشبه بالتنظير منها الى الواقعية من منطلق ان الانسان بتركيبته الموجودة الان لايمكن له الاستمرار في الحياة بدون (المعنوية والجمال والاخلاقية وبعدها المعنوي والميول الروحية الدينية والفنية ...الخ) لهذا كانت العلمانية العالمية الارضية علمانية عرجاء لاتفي بغرضها الانساني بغض النظر عن الدين الروحي والجمالي والمعنوي ؟. صحيح ان العلمانية العالمية الارضية التوجه آلية سياسية لادارة المجتمع ولكن هذا لاينفي _ وان كان هذا التقوقع للمفهوم العلماني حديث الطروء_ ان العالم السياسي ايضا هو عالم داخل في صلب المعادلة الانسانية والاجتماعية لكل مجتمع، بل هي من المعادلات الرئيسة في ادارة المجتمع ومن ثم خلو هذه الالية من الرؤية المعنوية والروحية والجمالية والاخلاقية يحّول الحياة الانسانية الى جحيم لايطاق وسياسة لألات مادية اكثر منها كوادر بشرية وانسانية هذا ؟.وهكذا يقال نفس ما قيل بالنسبة للتعلمن (الآني) فأن كان الدين او التدين عامل غيبوي عن الحياة، او عائقا لاستثمار طاقات الانسان الارضية الدنيوية المادية، فعندئذ تكون العلمانية المادية ضرورة ومنتج طبيعي لعملية التمرد على مثل هذه الاديان المنغلقة والتاريخية ( ربما لتعاملها مع حقبة تاريخية معينة ) وربما ينتفي دور التعلمن المادي ان كان للرؤية الدينية (الاسلامية نموذجا ) انفتاحا متزنا على الحياة ومتطلبات الانسان المادية ورغباته الارضية ....، فعندئذ فلا اشكال يذكر او ارضية بامكانها خلق او ضرورة او طلب النموذج العلماني هذا ؟. (التعلمن وفصل الدين عن الدولة) ان كثيرا من متعلمني العالمين العربي والاسلامي قد قزموا او اختصروا مفهوم (العلمانية) برمته في موضوعة (فصل الدين عن الدولة)، وبدون _مع الاسف_ اي دراسة موضوعية لموضوعة هذا الفصل ذهب العقل المتعلمن العربي الى اسقاطات غريبة عجيبة لدوافع ومنتوج واسباب هذا الفصل الغربي، لنجد أمامنا منظومة فكرية وثقافية عربية علمنية تمتهن الاجترار في المصطلحات والمفردات للبحث لها عن مصاديق في واقعنا الاسلامي الفكري والثقافي، بل واكثر من ذالك برزت في الاونة الاخيرة شريحة من متعلمني الشرق الاوسط لايفقهون _حقيقة_ اي مفردة من مفردات الفكر الاسلامي ولكن مع ذالك وحسب تبعية ما ينتجه العقل الغربي راينا هذا التناول للفكر الاسلامي من قبل هذه الجماعات المتعلمنة وبصورة مضحكة مبكية فهم _ المتعلمنون _ لايستطعون قراءة نص اسلامي بصورة صحيحة ومع ذالك ومن منطلق قراءة التراث والتاريخ والنص وباسم التطور والتحديث والعصرنة ونقد النقد ......، يخوضون (كما خاض العقل العلماني الغربي ولكن بذهنيات ثقافية عالية في المسالة الدينية ) بفكر وتاريخ لايحيطون باولويات ومبادئ وقواعد فكره واهدافه وتوجهاته ؟.ولهذا كانت موضوعة (فصل الدين عن الدولة ) في العقل العربي المتعلمن، هي العلمانية بجميع اصولها وفروعها الفكرية، بل وهي المقياس الاعلى لتعلمن المجتمع او عدمه، ولا يهم _حسب هذه العقلية _ بعد اوقبل ذالك ان يرفع من قاموس التعلمن ( حرية التفكير، وحقوق الانسان، والتنمية الاقتصادية، والرقي بالمستوى الفكري للمجتمع .....الخ ) فكل هذه العناوين يبدو انها لم تصل للعقل العربي المتعلمن بعد، ولذالك كانت موضوعة (الدين والدولة ) هي الموضوعة الام للفكرة فحسب، لذا كان للدين نصيبه من التهجم والتهكم والنقد (العصري) من قبل العقل العربي المتعلمن، وكان للدولة نصيبها من القطبية في العقل العربي المتعلمن لتصبح العلمانية وسيلة لاغنى عنها للوصول للدولة، وليس تحرير الدولة للوصول الى التعلمن الانساني هو الهدف لتنقلب الصورة على ايدي متعلمني العالم العربي ؟.والآن دعونا نبحث موضوع (الدين والدولة ) من خلال الرؤيتين الاسلامية والعلمانية (العربية هنا) لنقارن، ومن ثم نصل الى نتيجة محددة بشأن هذه الموضوعة، ولنبدأ اولا من هذا السؤال المنطلق والمكرر على لسان العقل المتعلمن :( هل يوجد في الاطروحة الاسلامية ما يسمى بالدولة أم ان الخطاب الديني المعاصر هو الذي خلق المفهوم لينسبه للاسلام ؟.) ان هذه الاشكالية تفتح آفاقا ومحاورا كثيرة للمناقشة والجدل الفكري في العالم العربي المعاصر بالخصوص والعالم الانساني بالعموم، ولاسيما بعد تصدّر (الاسلام السياسي) لنشريات الفكر الانساني العام، ولكن لايمكن الاجابة على مثل هذه الاثارات الفكرية بدون الجواب على هذا المنعطف اولا : ما هو الاسلام ؟.ان معرفة الماهية الفكرية والثقافية للاطروحة الاسلامية تهيئ لنا معرفة واضحة بماهية وتوجهات واهداف وآليات هذه الاطروحة، المنميزة بطبيعة الحال عن بعض او كثير من مميزات وتوجهات الاطروحات الفكرية الدينية العالمية الاخرى، وعلى هذا فالتعريف الذي يؤطر الاطروحة الاسلامية ليقدمها للعقل البشري ضرورة من ضرورات اي اطروحة او فكر عالمي يستهدف تقديم نفسه لهذا العالم والانسان، ولكن وكما هو معهود من (شكلنة) العقل المتعلمن لكل ما هو فكري، زأينا كيفية تناول الفكر العربي المتعلمن لصياغة التعريف الاسلامي نفسه، وادخال عملية صياغة التعريف للاطروحة الاسلامية في أزمة (اللامنهجية العلمية ) فذهب العقل المتعلمن لوضع تعريفات غريبة تماما عن روح الاسلام وكيانه، وكما نال تعريف مصطلح (العلمانية) على ايدي العقل العربي المتعلمن من تلاعب وتشويه وتزوير، كذالك فهنا محاولة اخرى لأرباك التعريف الفكري للاسلام، ولاندرك _حقيقة_ حتى هذه اللحظة لغز خلط الاوراق لهذا العقل المتعلمن، فهل هي وظيفة يمتهنها العقل العربي المتعلمن للتشويش على الفكر العربي والاسلامي كأحد اليات اضعاف تاثير الفكر الاسلامي على الواقع الانساني، أم هي ظاهرة يمتازبها العقل المتعلمن للتدليل على خلو وفراغ هذه الذهنية من الثقافة الفكرية الاسلامية الاولية عندما يحاول مصادرة التعريف الاسلامي الصحيح ؟. على اي حال تستدعي المنهجية العلمية في موضوعة معرفة (العنوان) او التعريف، الرجوع الى الاطروحة الاسلامية نفسها، لأستنطاقها وسؤال مبادئها عن تعريف ذاتها واهدافها في هذه الحياة، ولايمكن او يتوقع من فكر يحترم نفسه ان يخترع او يخلق تعريفات لمدرسة فكرية متكاملة، ليفرض تعريفه الشخصي على هذه المدرسة الفكرية او العقائدية او الفلسفية ....، لذالك كان ولم يزل العقل الانساني يستطلع آراء المدارس والايدلوجيات الفكرية، ليتعّرف من خلال ماطرحته هذه المدارس الفكرية عن ذاتها وماهياتها واهدافها والياتها ...الخ ؟.ومن هنا كان حقا ان تعطى الاطروحة الاسلامية حقها بالتعريف عن ماهيتها، وعدم تدخل اي فكر او عقل معقد اخر لصياغة تعريف او استيراد مصطلح غريب لهذه الماهية الاسلامية، لاسيما ان الاطروحة الاسلامية من اوسع المدارس الفكرية واعمقها، في القدرة على شرح مقاصدها واهدافها وتقديم نفسها للبشرية جمعاء ؟. (التعريف الاسلامي) يطرح الاسلام نفسه (من خلال متحدثه الرسمي القرءان والسنة الصحيحة ) على اساس انه عصارة لرسالات الهية سابقة عليه، مرّت تلك الرسالات السابقة بمراحل تاريخية أستدعت تغيرات في الوصفة الالهية، حتى وصول الرشد العقلي الانساني الى مستوى لابأس فيه من الاعتماد على نفسه في فهم الرسالة الالهية الخاتمة (القرءان) وحفظها والعمل بموجبها (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين .)_7_، كما ان هذا الختم يختزل بداخله الرؤية الشاملة والتجربة التامة لكل ماجاء في الكتب الالهية السابقة من اصول لحركة الانسانية ومن رؤى رسالية لادارة الحياة، فالاطروحة الاسلامية بهذا المعنى امتداد طبيعي لرساله الاهية واحدة ( ان الدين عند الله الاسلام ) 19_ آل عمران_ . فالاسلام والسلام والتسليم ...، هنا عنوان شامل لرسالات الرسل وبرنامج عام يؤطر جميع ما مرّت به الرسالات الالهية من قبل حتى الوصول الى الختم وتأسيس المدرسة التي تؤسس لقواعد الحركة الانسانية العامة مع مبدأ النضوج العقلي الذي حلّ محل الحاجة لبعث رسل جدد ؟.وكذالك يقدم الاسلام نفسه على انه (الاطروحة المتكاملة) التي تغطي جميع شؤون الانسان الفردية والاجتماعية، سواء كانت فكرية فلسفية عقائدية او سياسية ادارية او اقتصادية معيشية او اجتماعية تربوية او نفسية (جوّانية)،فهو (تام) المحاور، (وكامل) التوجهات التي تحيط بالانسان في حركته :( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ). 3_ المائدة /فالكمال هنا على حد تعبير الاطروحة الاسلامية هو عبارة عن : ( حصول مافيه الغرض منه )_8_، أي ان هذه الاطروحة الالهية جمعت كل الاغراض التي كانت الرسالات والكتب الالهية تستهدفها، فهي متكاملة الجوانب في شؤون تنظيم الحياة الاجتماعية والانسانية، وهي (تامة) والتمام والاتمام هنا عبارة عن :( أنتهائها الى حد لاتحتاج بعده الى شيئ خارج عنها )_9_، فهي اي الاطروحة الاسلامية، تامّة المناهج والاصول التي تغطي حركة الانسان الآنية والمستقبلية، ولن يعتريها الحاجة لشيئ خارج عن اطارها بسبب نقص او اهمال او نسيان ...، يضطرها للجوء الى شيئ اخر مكمل لها ؟. وعلى هذا المنظور من تقديم الاسلام لنفسه، وتعريف ماهيته، فهو يعلن : انه لم يغفل منحى من مناحي الحياة الاجتماعية والفردية للانسان الا لامسه بوضع قاعدة عامة، او بتشريع مفصل، وكل ذاك حسب واقعية تتواكب مع حركة البشر _ اي_ انه اسس نظرته حسب ماعليه الانسان وما عليه الحياة ومتطلباتهما، فمن مخاطبة الانسان العاقل والمفكر والفيلسوف والمتأمل ..، حتى مخاطبة الانسان الشعبي او الساذج بصراعاته اليومية وافكاره وذهنيته البسيطة، ومن معارك السلطة والدولة والتسلط والتفرعن والسيادة والحكم ...، الى الفقراء والنضال والثورة والمطالبة بالحقوق والمعارضة السياسية وشجب الطبقية (ان فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبّح أبناءهم ويسنحيي ناءهم انه كان من المفسدين / 4 / القصص)، ومن الاقتصاد والسوق والتجارة والبيع والربا والمعاملات والعقود والغش والمكاييل والمضاربة ....، الى المجتمع وكيفية تشكيله وماينبغي في علاقاته وتعامله مع بعضه البعض من رافة ورحمة وثقة وتعاون وتكافل وتازر ورفع الحوائج وقضاءها ...الخ .ومن الفرد وطهارته الروحية ونظافته البدنية واناقة ملبسه وطعامه، ودخوله وخروجه ونومه وجلوسه ومنطقه واستماعه وقراءته وثقافته .....، الى الاسرة والزواج وتربية الاطفال وبناء الاسرة وكيفية التعامل والمسؤولية والحب والمودة داخلها ورعاية الجار والانفتاح على السماء والارض ....الخ . كل هذه الافاق الانسانية قد لامستها الاطروحة الاسلامية بالتقنين والتشريع كأطروحة ادّعت التكامل والتمام لتفي بدعواها، وبدون اخلال بجانب على حساب جانب اخر، وانما برؤية متوازنة وخالية من الغلو (قل يا أهل الكتاب لاتغلوا في دينكم غير الحق )، او التطرف ( ان هذه تذكرة فمن شاء آتخذ الى ربه سبيلا ) وبدون اكراه ( لاأكراه في الدين ) وبدون انغلاق .......الخ، فالاسلام فلسفة الا انه لم يهمل بسيطي التفكر من القوى الشعبية، والاسلام دولة الا انه معارضة حية ومطالبة بحقوق وقانون فوق الحاكم، والاسلام دين الا انه ضد الرهبنة والكهنوت وأكل اموال الناس بالباطل واستغفال او استعباد الجماهير ( أتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله ) ( ان كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ) ...، والاسلام اجتماعيا ولكن ليس على حساب سحق الفرد ومصادرة ابداعه، وفرديا ولكن ليس على حساب افقار المجتمع وتدمير بناه، والاسلام اقتصادا الا انه ليس راسماليا جشعا (ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) او اشتراكيا طوباويا لايفقه قوانين الحياة والتاريخ(والله فضل بعضكم على بعض في الرزق ) ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )...... وهكذا ؟. ومن هذه الصورة قدمت الاطروحة الاسلامية نفسها كرؤية متكاملة وتامة لاتقبل التجزيئ ولا الانغلاق ولا الاحتكار ولا تقبل الالغاء والاقصاء، بل تطرح نفسها كبديل دنيوي وعلمي وآني واخروي ان اتيح لها ذالك ؟. (التعريف المتعلمن) ترى العلمانية الغربية ان الشأن الديني شأن شخصي ليس له علاقة بادارة الدولة والمجتمع او السياسة والاقتصاد والاجتماع ....، وللوهلة الاولى وقبل ان ننتفض لنقرر تناقض هذا المنظور مع ماذكرناه آنفا بحق الاطروحة الاسلامية، علينا ان نطلّع على مفردات الواقع التاريخي الذي انتج هذه الرؤية وبالخصوص حقبة التسلط الكنسي وهيمنته الفاشلة على الدولة والشؤون الاجتماعية، وما افرزه هذا التسلط المشترك بين الاقطاع الاوربي والكنيسة والسلطة، لقمع الانسان الاوربي آنذاك، وبعد هذا بامكاننا ادراك مغزى قراءة العقل الغربي المتعلمن لموضوعة الدين وصياغة موقف مناهض كان هو الامل الوحيد بالخلاص من كابوس سيطرة الكهنوت، وعندئذ ربما نتوافق مع العقل الغربي المتعلمن مئة بالمئة بنضاله من اجل التحرر من اديان الظلام والتخلف والاستبداد ؟. ولكن من جانب مغاير ومن واقع مختلف ومن رؤية اسلامية تناهض الظلم والتسلط وسلب الحقوق البشرية ...، مابال العقل العربي المتعلمن يجترّ تلك المفردات الغربية بحق الدين اجترارا ليسقطها على الواقع العربي والاسلامي ؟. هل لانه ببغاء ذكية _مثلا_ للفكر الغربي، أم بسبب كون هذا العقل أمّيا في ثقافته الاسلامية لدرجة عدم التمييز بين واقعين وفكرتين مختلفتين تماما، فهو لذالك لم يطلع او يقرأ في الاطروحة الاسلامية مناهضتها للكهنوت والتسلط وشجب الظلم والاستغلال ....الخ ؟. كدعوى العقل الغربي المتعلمن رفع العقل العربي المتعلمن شعار (الدين أمر شخصي ) او الاسلام امر شخصي لاقصائه عن دوره الحيوي في صناعة الحياة الانسانية فلماذا ؟. وهل حقا ان واقع الاطروحة الاسلامية فكريا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ...، هو نفس واقع الكهنوت الكنسي الغربي في القرن الثالث عشر الميلادي، ولذالك دعى العقل العربي المتعلمن بوجوب تطبيق التعلمن الغربي على الواقع العربي ؟. وهل حقا ان الاطروحة الاسلامية تقبل بشغل وظيفة الدين الشخصي للافراد، أم ان تركيبتها الفكرية وكيانها ووجودها _ حسب ماتراه هذه الاطروحة نفسها وليس المنتمين لمبادئها _ قد ركبت على الابعاد الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة ؟. أسئلة كثيرة يتعذر تجاوزها بهذه البساطة، وربما كان رأي بعض (المعتدلين) من العلمانيين العرب موفقا عندما لمس ان هناك اشكالية عميقة اذا اردنا القول : ان شعار (ما لله لله وما لقيصر لقيصر) ينطبق على الاطروحة الاسلامية، أو ان الاسباب التي انتجت العلمانية الغربية هي نفسها موجودة في الاطروحة الاسلامية لأنتاج علمانية عربية تناضل من اجل فصل الدين عن الدولة، وهذا اذا كان هناك اي اشكال في الاطروحة الاسلامية بين الدين والدولة _10_ ؟. الحقيقة ان هناك حقائق كثيرة بصدد المقارنة بين التجربة الغربية مع كنيستها الدينية وبين العالمين العربي والاسلامي وتجربتهما مع الاسلام _ سياسة وادارة واجتماع واقتصاد _، لكن دعونا نشير هنا الى محورين اساسين تهيّئة الارضية الاجتماعية من خلالهما لنجاح تجربة التعلمن الغربي الا انها فشلت في العالم العربي بجدارة وهما : اولا : لعبت الكنيسة الكهنوتية في الغرب دورا رديفا للاقطاع والسلطة في قمع تطلعات الانسان الغربي لحياة كريمة على هذه الارض، بل وحاولت ان تكون بديلا عن الدولة بكل ما يعنيه هذا المصطلح من عمق، حتى خلقت ارضية جماهيرية واسعة من مثقفين وفقراء ومسحوقين وعلماء ...، تناهض هذه التوجهات الكهنوتية السياسية الظالمة، وعندما جاءت لحظة الحسم في (فصل الدين عن الدولة) كانت الجماهير الشعبية والثقافية هي اول من ناضل من اجل هذا الفصل، بل وهي اول من طالب بدفع اي تدخل للكهنوت بالحياة الانسانية، وكان لهذا العمق الجماهيري بالثورة على الكنيسة الفضل الاول في نجاح مشروع التعلمن الغربي وفصل الدين عن الدولة في العالم الغربي ؟. وهذا الواقع الغربي (بين الدين والدولة) بعكس تماما ما هو موجود في التجربة العربية والاسلامية مع الدين الاسلامي والدولة المتسلطة، فكانت الدولة سلطة قهرية لعبت دور القهر السياسي الذي ابتعد عن مبادئ الاسلام ومفرداته، وكان الدور الجماهيري المعارض والمطالب بحقوقه السياسية والاقتصادية يرى في الاطروحة الاسلامية نصيره الذي يهبه الثورة والتمرد على هيمنة الدولة واستهتارها، بل كانت هذه الاطروحة الاسلامية بصيص الامل النظيف الذي لم يساند ظلما طاغوتيا سياسيا بقدر ما كان يعري ظلم الدولة ويكشف انحرافها عن المسار الانساني الصحيح، لذالك كانت ولم تزل الاطروحة الاسلامية فكرة جماهيرية شعبية اكثر منها فكرة رسمية تمثل الدولة والتسلطن السياسي، ومن هذا الواقع الاسلامي كان لعملية فصل الدين عن الدولة (العلمانية العربية المعاصرة ) بعد ينطلق من تبني النخب السلطوية الحاكمة، وليس (كما كان في الواقع الغربي) من قبل الجماهير العربية والاسلامية، بل الموقف الجماهيري والشعبي العربي مازال ولم يزل يناضل من اجل عدم الفصل (بين الدولة والاسلام) لادراكه ان الاطروحة الاسلامية هي الضمان الاقوى لعدم طغيان الدولة والحاكم على حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعليه كان التعلمن بالنسبة للغرب ارضية انطلاق ايجابية للبناء، ولكنه في العالم العربي والاسلامي مثل ارضية انحطاط وتخلف لعدم ايمان الشعوب العربية بهذا التعلمن وبهذا الفصل، وهكذا ايضا تحولت العلمانية في الغرب الى ديمقراطية وتطور ونهضة، ولكنها تحولت في الشرق الى استبداد وتخلف ؟. ثانيا : بالامكان التاكيد على ان التسلط الكنسي والكهنوتي في اوربا تحول الى عائق بافكاره المنغلقة والغير صالحة لتطور الانسانية، وقد مثل هذا الفكر الكهنوتي الكنسي عامل سحب للتكامل الانساني للخلف الماضوي، ولكن وبما ان سنة الحياة والتطور اقوى من افكار التحجر والتخلف، كان الصراع الغربي ترفده سنن الحياة وقوانين التطور الاجتماعية ضد الكنيسة الاوربية وافكارها الدينية، ولذالك كانت حتمية الانتصار لمبدأ فصل الحياة عن الكنيسة حتمية ترقى الى مستوى عال جدا من الواقعية، ومن هنا كانت الحياة نفسها رافضة لهذا النمط الكهنوتي من ادارة المجتمع، وكان التحرر والتعلمن وفصل الدولة عن الكنيسة مطالب انسانية من جهة ومطالب قانونية لاستمرار الحياة والزمن ؟. أما ما يتصل بالاطروحة الاسلامية فهي النقيض للكهنوت الكنسي الغربي، ولم يشعر يوما الشعب الاسلامي العربي وغير العربي ان هذه الاطروحة تشكل عائقا نهضويا او سياسيا او علميا او دنيوي، بل على العكس تماما فهي اطروحة ترحب بالعلم والانفتاح والابداع وحركة الفكر، وتدعو للتمتع الارضي والعدل السياسي، وتشجب التمايز الاقتصادي الفاحش ...، فهي لذالك اطروحة بنيت على اسس مرنة تتحرك مع الحياة، وتختزل بداخلها قوانين التطور والتكامل الانساني ....الخ ؟. اذا هناك فروق جوهرية بين التجربة الاوربية الدينية، وبين التجربة العربية الاسلامية، وهذه الفروقات الكبيرة ينبغي على العقل العربي المتعلمن ان يلتفت اليها بعيدا عن العقد الشخصية من هذه الاطروحة او تلك، او بعيدا عن العقد من المنتمين لهذه الاطروحة الاسلامية، وعليه نعم هناك من يحاول استغلال الاسم الاسلامي لتمرير مشاريعه المشبوهة، ولكن هذا لاينعكس على الاطروحة الاسلامية نفسها التي تمتلك المقياس والميزان لمحاكمة السلوك الانساني وتعريته ان كان يستهدف الاستغلال الديني، كما انه ليس مبررا كافيا لمصادرة الدور الاسلامي في صناعة الحياة الانسانية ومحاولة تقزيمه او اقصاءه من ساحة الفعل الانساني او اعتباره مجرد شعائر دينية شخصية فحسب ؟.ان الاطروحة الاسلامية وكما عرفها الصغير قبل الكبير، والساذج قبل المفكر، والامي قبل السياسي ...، اطروحة حياة متكاملة بالأمكان تحجيم دورها السياسي مؤقتا ولكن ليس بالامكان قتلها الى الابد ؟. ___________________________ 5 _ انظر (د. محمد كامل ضاهر) / الصراع بين التيارين الديني والعلماني في الفكر العربي المعاصر / ص 113 / دار البيروني / بيروت 6_ في بحث فكري معمق للاستاذ الجليل السيد (محمد حسن الامين) طرح مفهوم (المحتوى العلماني للاسلام) ليسلط الضوء على (علمنية الاسلام ) في محاضرة القاها في الندوة العالمية التي نضمها المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق /31 ايار _ 1 حزيران/ 2003م . 7_ سورة الاحزاب / اية 40. 8_ المفردات في غريب القرءان / الراغب الاصفهاني / مادة _كمل_/ دار المعرفة 9_ المفردات / نفس المصدر / مادة _ تمّ_ /. 10_ التفت الى هذه الاشكالية الاستاذ (برهان غليون) في (نقد السياسة .. الدولة والدين) ص 337 / المؤسسة العربية للدراسات والنشر / بيروت.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |