|
على ضفاف شط العرب .. مؤامرة أم تحريف
موضوع نشرته جريدة (الزمان) الدولية بعددها 3387 في 1/9/2009 من كان يصدق إنّ الأدميرالية البحرية البريطانية, التي التزمت بالحيادية في تسمية السواحل والأنهار بمسمياتها الحقيقية الثابتة, تتخلى الآن عن حياديتها, وتفقد توازنها, وتزج نفسها في منزلق أخلاقي وتاريخي سيجلب لها العار, ويفقدها مصداقيتها؟. ومن يصدق إنّ المؤسسة الهيدروغرافية العالمية التي اشتهرت بدقتها في رسم المسالك والممرات الملاحية, وكانت هي السباقة في توثيق أسماء مصبات الأنهار, وتثبيت إحداثياتها ورصد أعماقها, وكانت الرائدة في طباعة الخرائط البحرية, وتوزيعها على السفن العابرة للمحيطات. تتآمر اليوم على شط العرب, وتشترك في محاولة اغتياله, وتسعى لتحريف اسمه المحفور في ذاكرة كوكب الأرض؟. ومن يصدق إنّ المؤسسات العراقية المعنية بالدفاع عن سيادة العراق على أرضه ومياهه تلوذ بالصمت, ولم تكلف نفسها عناء إرسال مذكرة احتجاج واحدة دفاعا عن هوية شط العرب؟. ومن يصدق إنها ربما لم تكن تعلم بهذه المؤامرة قبل كتابة هذا الموضوع؟. ثم ما الذي حدث حتى يتغير اسم شط العرب ؟. ولماذا يتعرض اسمه لهذا التحريف والتزييف, وهو الذي ولد في القرنة, من أبوين عراقيين هما دجلة والفرات, وكان مسقط رأسه في ظلال الشجرة المباركة التي غرسها أبو الأنبياء (شجرة آدم), وسقاها سيدنا إبراهيم من مياه جنات عدن (أهوار العراق), وصلى في محرابها سيدنا العزير, وزارها سيدنا دانيال؟. وهل يتعين علينا الإذعان لرغبات الأدميرالية, فننسف تاريخنا, ونمزق وثائقنا, ونغير أسماء أنهارنا ومدننا ؟. وهل يتعين علينا أن نحرق ما كتبه الجاحظ, والفراهيدي, وواصل بن عطاء, ومحمد بن سيرين, والحسن البصري, والمبرد, وعلي بن يقطين عن شط العرب ؟. ونشطب قصائد الحبوبي, والجواهري, والسياب, وما قاله شعراء المربد في شط العرب ؟. ونحذف ما سجله لوريمر, والفرد ثيسغر, وكيفن يونغ, وليز, وفالكون, وديمورغن عن شط العرب؟. وهل يتعين علينا إلغاء ما خطه المؤرخ الفارسي الكبير (ناصر خسرو العلوي) بيده في سفره المعروف بـ (سفر نامة)؟. وهو الذي أشار الى (شط العرب) لفظا وقولا وكتابة, وكان يعده رمزا من الرموز العربية الإسلامية, ويتغنى بجمال بساتينه, ويبدي إعجابه بروعة مرافئه, وقصوره وجداوله ونخيله؟. ثم لماذا يُطلب من شط العرب التخلي عن اسمه, وأصله, وتاريخه, ووطنيته؟. إلا يرى هؤلاء إنّ الأنهار لا تغير أسماءها على الرغم من مرورها بأكثر من بلد ؟. فلماذا يريدون إخراج شط العرب من هذه القاعدة؟. ثم إلا يرى هؤلاء إنّ الفرات ينبع من تركيا ويمر بسوريا, ويتجول في العراق من شماله الى جنوبه من دون أن يَضطر الى تبديل اسمه؟. أولم ينظروا الى النيل وهو يمر بتنزانيا, وكينيا, وزائير, ورواندا, وأثيوبيا, وأوغندا, والسودان, ومصر قاطعا مسافة 6690 كيلومترا, ومتباهيا باسمه العريق, الذي لم ولن يتغير أبدا ؟. أولم ينظروا الى نهر (الدانوب) وهو يعبر ويحاذي عشر دول أوربية, ويواصل جريانه لمسافة 2860 كيلومترا, مارا بألمانيا, والنمسا, وسلوفاكيا, والمجر, وكرواتيا, وصربيا, ورومانيا, وبلغاريا, ومولدافيا, وأوكرانيا, ومحتفظا باسمه الذي لم ولن يتغير ؟. ألم يسمعوا بنهر (الراين), الذي ينبع من شرقي سويسرا، ويُشكل جزءًا من حدودها, وحدود النمسا, وفرنسا, وألمانيا. ثم يَعبُر ألمانيا وهولندا باتجاه بحر الشمال. قاطعا مسافة 1320 كيلومترا من دون حاجة الى تبديل اسمه ؟. أولم يعلموا إنّ الأمازون يجري محتفظا باسمه على الرغم من مروره بالبرازيل, وغيانا, وفنزويلا, وكولومبيا, والإكوادور, وبيرو, وبوليفيا, قاطعا 6518 كيلومترا ؟. فلماذا يُطمس اسم شط العرب ؟. ان من يراجع آخر طبعات الخرائط البحرية التي رسمتها وأنتجتها ووزعتها الأدميرالية البحرية البريطانية, وبخاصة الخرائط الوثائقية, التي تحمل الأرقام (3842), و(3843), و(3844), و(3845), و(3846), و(1235), سيندهش من وجود اسم آخر لشط العرب, مكتوب بالخط العريض, وموضوع الى جانب اسم شط العرب, في إشارة منها الى الاسم المستحدث للشط, وسيندهش أكثر من قيام الأدميرالية بحذف اسم قناة (روكا), وهي القناة العراقية التي تربط شط العرب بالبحر, وستتعاظم دهشته أكثر فأكثر عند قراءة التحذيرات الملاحية المشددة, التي نشرتها الأدميرالية, وثبتتها في خرائطها, والتي تنذر فيها السفن الأجنبية من مخاطر الاقتراب من شط العرب, وتوصيها بعدم التوغل في ممراته الملاحية, بذريعة وجود مناطق ملغومة وغير آمنة. . ورحم الله الزعيم الهندي المهاتما غاندي عندما قال: (إذا تشاجرت سمكتان في البحر فاعلم إن بريطانيا هي السبب), وإلا بماذا تفسرون تورط الأدميرالية بهذا العبث والتزييف والتحريف والكذب والافتراء ؟؟؟. ختاما نقول: أليس من حقنا أن نتساءل عن إجراءات مؤسساتنا الوطنية التي اتخذتها لأبطال افتراءات الأدميرالية ؟. وما الذي فعلته لفضح هذا التطاول على هوية شط العرب ؟؟؟؟.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |