|
المحكمة الدولية ضرورة سياسية ام ترف فكري؟
هادي جلومرعي دب الرعب في اوساط سياسية وامنية رفيعة في احدى الدول المجاورة لنا بمجرد ان تحرك مدع عام المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جريمة اغتيال رئيس وزراء دولة مجاورة للدولة المجاورة لنا .وسواء كان الاتهام الذي وجهه قياديون في بلد الرئيس الضحية لجارتنا صحيحا او موهوما فان التحقيقات ستكون كفيلة بالكشف عن الجناة وسوقهم الى العدالة او على الاقل لوقف جماح اجهزة امن ومخابرات دولية كانت تعيث في ذلك البلد الصغير وربما تشهد التطورات التالية للاعلان عن تاسيس المحكمة بما ذهبنا اليه حيث خفت التهديدات وبدأت التصريحات الودية تتقافز على شفاه كبار المسوؤلين الذين لم يكونوا استثناءا من التحقيقات التي عكف عليها محققو الجنائية والتي بدات تطال اسماء بمستويات عليا وبدأ عديد منهم يتلمسون رقابهم خشية المقصلة وقيل قديما(الذي في عبه سخل يمعمع) او القول الشهير (يكاد المسئ ان يقول خذوني). في دار فور انطلقت حملة العنتريات المقتبسة من قصة(عنتر وعبلة) تتراقص مع عصا الرئيس السوداني عمر البشير وهو يتحدى قرار الجنائية بايقافه بتهمة الابادة الجماعية لسكان اقليم دارفور وبأت حملة التحدي بسفريات الى هذه الدولة او تلك واقامة التظاهرات (العفوية )في شوارع ام درمان والعصمة الخرطوم للتنديد بالقرار الدولي(المشبوه). لكن ذلك لم يمنع الرئيس البشير من اتخاذ عشرات الخطوات الاحترازية وليس اقلها توفير بعض العناصر (علشان يشيلوها). في العراق وبعد تفجيرات بغداد الاخيرة بد السياسيون المحليون منقسمين على انفسهم بين مؤيد ورافض لفكرة اللجوء الى المحكمة الدولية لتتبع الجناة والوصول اليهم باعتبار ان العراق الجديد مايزال غير مهيأ قضائيا للتحقيق في تلك الجرائم وجلب مرتكبيها الى العدالة. فمنهم من يرى ان الخيار الاول قد يثير مشاكل العراق في غنى عنها ويفضلون المزيد من الضغوط عبر القنوات الدبلوماسية والافادة من مبادرات دول تقدمت بوساطات لحل الازمة الناشئة عن تلك التفجيرات.في حين يرى فريق اخر يتزعمه رئيس الحكومة السي المالكي .. ان اللجوء الى المحكمة الدولية عبر قرار من مجلس الامن الدولي هو الخيار المفضل لاعتبارات منها عدم استجابة بعض دول الجوار لمطالبات عراقية بوقف تدفق جماعات العنف المنظم او ايواء عناصر تجهد في تقويض الامن وعدم الاعتراف ايضا بوجود المسلحين على اراض تلك الدول وتقديم المعونات والتسهيلات لهم وبوسائل وطرق شتى وكذلك الامتناع عن ترحيل او تسليم اشخاص ثبت تورطهم في الاحداث الاخيرة .. وسبق للعراق ان تعاون جديا في تحجيم دور بعض المعارضين لايران وفعل الاردن الكثير من اجل منع المعارضين للحكومة العراقية الحالية من القيام بنشاطات تراها الاخيرة مخلة او تستهدف النظام العام مع ان الاردن يأوي عددا كبيرا من المعارضين من بينهم افراد في اسرة صدام حسين واقطاب في الحكم السابق.. الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تلقى رسالة رئيس الحكومة العراقية بايجاب ونقلها الى مجلس الامن الذي وعد بمناقشتها بعد ايام. لكن من المهم الاشارة اللى امر غاية في الاهمية وهو..ان الطلب العراقي يجب ان لايرتبط باتهام لدولة دون اخرى او لشخص بعينه لان ماارتكب من جرائم ضد الانسانية في العراق كان متعدد الاوجه وحصل منفذوها على دعم دولي كبير . والافضل للعراق في مطلبه ان يقدمه على اساس ان تنشا المحكمة الدولية على اساس مااتكب من فظائع في العراق دون التحديد الذ اشرنا اليه ويستهدف ذللك امرين .الاول..ان لايظنن احد من اهل الجوار القريب او البعيد انه مقصود بالامر وليتسن احراز تعاون من جميع الاطراف .والثاني ليشعر الجميع انهم معنيون بالمحكمة وان لااحد في منأى عن الحساب .وذلك سيضمن تردد الاخرين في ارتكاب الجرائم او التحريض عليها او ايواء مجرمين خطرين يقوضون الامن.. المهم ايضا ان يعي الجميع ان الدعوة الى محكمة دولية تمثل ضرورة سياسية واخلاقية وليست ترفا فكريا في بلد لم يعد يحتمل القفز على مصالح الشعب العراقي لحساب مصالح ضيقة وانية خاصة التي قللت من احتمال ضلوع دول بعينها في جرائم الاربعاء وحتى السابق له من حوادث دامية ضربت العراق..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |