|
دروس رمضانية .. "محاولة للاستفادة من التربية القرآنية والأدب القرآني العظيم" "وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
محمود الربيعي محاولة الاستفادة من القرآن الكريم القرآن الكريم مادة ضخمة من المعارف والمعلومات والثقافات الدينية والاجتماعية والاسرية والحقوقية والنفسية والتربوية والاقتصادية والعسكرية والمدنية وسائر الشؤون التي تتعلق بالانسان والحياة والمخلوقات جميعا. وفي الجانب التربوي والنفسي والاجتماعي هناك آيات قرآنية عظيمة ومفيدة في ضبط السلوك الانساني وهو مانود تناوله في مقالنا هذا الذي يتعلق بالافكار والنوازع النفسية التي ترتبط بعمل الشيطان حيث يعلمنا الله سبحانه وتعالى كيف نتخلص من هذه الاهواء والنزعات الفاسدة. المقدمة التفسيرية: قال تعالى " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " سورة الاعراف الآية 200.. من تفسير الميزان لآية الله السيد محمد حسين الطباطبائي الحكيم في تفسير الآية الكريمة جاء فيه: قال الراغب في المفردات،: النزغ دخول في أمر لأجل إفساده، و قيل: هو الإزعاج و الإغراء و أكثر ما يكون حال الغضب، و قيل: هو من الشيطان أدنى الوسوسة، ويرجع معنى الآية إلى أنه لو نزغ الشيطان بأعمالهم المبنية على الجهالة وإساءتهم إليك ليسوقك بذلك إلى الغضب و الانتقام فاستعذ بالله إنه سميع عليم، و الآية مع ذلك عامة خوطب بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قصد بها أمته لعصمته. العلاقة بين الشيطان، والله عز وجل الله جل جلاله خالق الكون ومدبره وهو الأكبر والأعظم والأقوى وهو واجب الوجود وكل موجود دونه يفتقر اليه، وأما الشيطان فهو الممكن الوجود خلقه الله عز وجل من العدم فأصبح موجودا ومحتاجا، ومن الصفات الثبوتية لله سبحانه العلم والقدرة والارادة وهذه الصفات يفتقدها الشيطان فهو ليس عالما وانما متعلما، إذن فهو جاهل يحتاج الى معلم عالم كما انه لايملك القدرة لأنه عاجز وقدرته مرتبطة بقدرة الله الذي يمنحه مايريد.. وهذا امر ليس مرتبطا بابليس فحسب وانما هو مرتبط بجميع المخلوقات سواء من كان من عالم الجن اوالملائكة او الانس وغيرهما من عوالم الموجودات. والله سبحانه وتعالى خلق الجن والانس ليعبدوه ووضعهم موضع اختباره وامتحانه، فمن شكر منهم فانما يشكر لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها. لقد كان ابليس من الجن عابدا لله ثم تحول بعد امتحانه الى شيطان عنيد، ووصلت علاقته بالله عز وجل بفعل تمرده الى طريق مزدود وسينتهي الامر بقتله على يد الامام المهدي عليه السلام، وسيخلد في النار مع اتباعة من مردة الجن والانس وذلك بسبب غرورهم وعنادهم واصرارهم على المعاصي. العلاقة بين الانسان والله عز وجل وأما الانسان فهو ايضا ممكن الوجود مفتقر الى خالقه وفي حالة اختبار وامتحان ايضا في دار الدنيا ولقد تاب الله على أبينا آدم عليه السلام لانه لم يصر على معصيته بل استغفر ربه، وقد قبل الله منه توبته وجعل ابناءه من صلبه في حالة اختبار الى يوم القيامة والحساب، فالذي اتقى الله وآمن واستغفر من ذنوبه ولم يصر على مافعل من الذنوب قبل الله توبته كما قبلها من أبيه آدم عليه السلام، ومن أصر وعاند واستكبر وركب طريق المعاصي حشر مع أبليس وجنوده. العلاقة بين الشيطان والانسان وعلاقة الشيطان بالانسان علاقة عدائية اذ يحاول ابليس ومن معه إثبات عدم كفاءة آدم عليه السلام لعبادة الله، وانه اشد عصيانا لله.. وبعكسه يحاول الانسان عبادة الله قدر استطاعته ويحاول ان يبرهن على خطأ ابليس ويرضي ربه. والفرق بين ابليس، وآدم عليه السلام، وبين الشيطان والانسان هو ان الأول منهما يصر على عناده وكبرياءه وغروره بينما الثاني أي آدم عليه السلام وبنيه يجاهدون في سبيل تحصيل رضا الله وعدم التعرض لسخطه كما يحاول الانسان ان يتجنب الدخول في النار عن طريق مجاهدته لنفسه. وهنا ياتي دور الشيطان الذي يرمي بشباكه وحبائله حول الانسان، وهذا الصراع ابتدا منذ اللحظات الاولى لخلق آدم ولن ينتهي حتى يوم ظهور الامام المهدي عليه السلام الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. من كل ماتقدم ينبغي علينا ان نفهم القرآن ونستفيد من معانيه ودروسه ونستمد من عزائمه مانقوم به سلوكنا وخصوصا تلك المواقف التي تتعلق باغواء الشيطان ذلك العدو المبين، ولأجل تحقيق رضا الله باعتباره الملك الحق المبين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |