الامام علي نفحة قدسية وهبة الله لهداية البشرية .. (18)

 

هلال ال فخر الدين

hilal.fakhreddin@gmail.com

(الامام علي في الذكر الحكيم)

ان العدل ليس لقلقة لسان المتاجرين بالدين وهو ليس وعود واكاذيب ساسة فاسقين وهو ليس شعارات ولافتات قد يخدع بها الخطيب بعض الناس في بعض الوقت لمصالح ومكاسب دنيوية ولكن بالتاكيد ليس كل الناس في كل الاوقات فان (حبل الكذب قصير) فالعدل وفاء والوفاء لا يتحقق الا بالصدق ولذلك امرنا الله تعالى ان نكون مع الصادقين فقال في محكم كتابه الكريم (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ويؤكد أئمة السلف ان المقصود بهذه الاية هو الامام علي .. وقرن الصدق باعظم المناقبيات لانه لا يتحقق من دونها فقال عز من قائل (الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار) وعندها سينتفع الصادق بصدقه (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) ما يعني ان النفع الاكبر للصدق يعود على صاحبه اولا واخيرا سواء في الدنيا او في اليوم الاخر. فالعدل، في نظر الامام لا يتحقق الا بالوفاء والوفاء لا يتحقق الا بالصدق فلقد خطب يوما بالناس فقال (ايها الناس، ان الوفاء توأم الصدق، ولا اعلم جنة اوقى منه، ولا يغدر من علم كيف المرجع، ولقد اصبحنا في زمان قد اتخذ اكثر اهله الغدر كيسا، ونسبهم اهل الجهل فيه الى حسن الحيلة، ما لهم، قاتلهم الله، قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من امر الله ونهيه، فيدعها راي العين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين).والعدل في نظر الامام ان لا تعتدي على الحكومة اذا كنت في المعارضة  وان لا تعتدي على المعارضة اذا كنت في الحكومة  فالسلطة لا تجيز لك ظلم من يخالفك الراي كما ان مخالفتك للسلطة لا تجيز لك الاعتداء عليها اذا كانت تتمتع بثقة الاغلبية من الناخبين (الناس) فالميزان هو راي الناس، بنظر الامام بمعنى آخر فان شرعية اية سلطة هو ثقة الناس بها اقصد غالبية الناس.

   يقول عليه السلام لما عزم (اهل الحل والعقد) على بيعة عثمان (لقد علمتم اني احق الناس بها من غيري ووالله لاسلمن ما سلمت امور المسلمين، ولم يكن فيها جور الا علي خاصة، التماسا لاجر ذلك وفضله، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه).وبهذا النص اجاز الامام للرافضين للسلطة حق المعارضة

مالحق بالسنة الشريفة من طامات على ايدي المنافقين

جاء في الذكر الحكيم :(ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ) الاحزاب:24

هنا لابد ان نقف على طمات طالت السنة الشريفة سواء كما اسلفنا من الامر العمري بعدم تدوينها وما نتج عنه من فتح ابواب الكذب لابناء الابالسة من الكذابين والوضاعين بما سطروه من فضائل زائفة لاعداء الامام على ومبغضى اهل البيت هذا من جهة ومن جهة اخرى ان  بعض علماءالسلف جهدوا انفسهم في التمحل والتزيف حدا لايصدق متفانين في لي عنق النصوص بل وقطعها وطمسها لتتطابق مع ماهم عليه او للتوافق ومدرسة السقيفة فلم يفلحوا وتلاحظ اضطرابهم وفوضاهم فمثلا العلامة السيوطي في تاريخ الخلفاء اراد تطبيق الائمة الاثنى عشرعلى خلفاء السقيفة وبنى امية فاصطدم بواقعهم المريرواجرامهم المريع  فخبط خبط عشواء وكذلك غيره من الاعلام وكلما حاولو ان يجدوا حلولا ولو توفيقية لم يوفقوا لتناقضها مع واقع حال الخلفاء من الاجرام والخروج عن جادة الاسلام برتكاب كل محرم وكل ذلك لاجل طمس معالم ماهو ثابت من شرعية الائمة الاثنى عشر من ال محمد وقول النبي (ص):(مثل اهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نج ومن تخلف عنها هوى او غرق)

فرية عدالة الصحابة

ان مقولة عدالة الصحابة كافة ليس فقط انها لاتصمد امام الدليل والبحث الموضوعي بل تتناقض مع الواقع بماشجر بينهم من تخاصم وتكفيروحتى قتال بل ومع ما جاء في الذكر الحكيم وماتواتر من السنة الشريفة كما تزبرها الصحاح وباقي المصادر المعتبرة ..وهذا ما سأشير اليه بالماعت مختصرة جدا

الملاحظ على ائمة السلف بعد ان اعيتهم الحيل  تخبطوا كثيرا في وضعهم لحديث مكذوب (اصحابي كالنجوم بأيهم أهتديتم اقتديتم ) لاثبات عدالة (كافة الصحابة) لكنهم احتاروا في تطبيقها العملي وجمع من الصحابة منافقين بل مردوا على النفاق ومنهم الخونة بخيانتهم امانتهم والقتلة امثال بسر ابن ارطاة ومعاوية عمرو بن العاص ومروان بن الحكم الملقب (خيط باطل) والوليد بن عقبة (الفاسق) ومنهم (طريد)رسول الله (ص) الحكم ومنهم (الزناء) كالمغيرة بن شعبة وشارب (الطلى) وحشى قاتل اسد الله ورسوله سيدنا حمزة و(الفاروا) من الزحف قال تعالى:(وإذ قالت طائفة منهم ياهل يثرب لامقام لكم فآرجعوا ويستئذن منهم النبي يقولون بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا) الاحزاب 13 و(مرضى القلوب ) كما في قوله تعالة :(وآلذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) الاحزاب :12 ومنهم (اصحاب مسجد الضرار) ومنهم من البخيل والممتنع عن دفع الزكاة لامواله كثعلبة ... وما شجر بين الصحابة من الاوس والخزرج في قضية (الافك) وفي مسجد الرسول و نزول النبي (ص) من خطبته بقوله:من يعذرني من تسبب بذاي في زوجتى فقام اسيد بن حضير فقال يارسول الله ان كان منا قتلناه لكن  ابن سلول كان من عشيرة سعد بن عبادة زعيم الخزرج فتجادلا واتهم كل واحدا منهم الاخر بالنفاق تحتى تطور الموقف الى المجالدة وسل السيوف بين الفريقين وفي المسجد النبوي الشريف حتى نزل النبي (ص)من المنبر وقال أعودة الى الجاهلية وانا بين اظهركم ؟

وكذلك ضرب الصحابي صفوان بن المعطل للشاعر حسان بن ثابت لتعرضه للاعراض

وتعرض الصحابي المهاجر والبدري مصطح لعرض رسول الله في قضية الافك وسب امه ولعنه لما اقترفه من اثم وبهتان

ويبقى الذين سبقت لهم الحسنى وصبروا وثبتوا قلة من الصحابة كما يؤكد ذلك وبكل وضوح القران الكريم بقوله سبحانه (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين) ال عمران :144 كما وان  هناك فئة ليست من أهل الدالة لقوله تعالى:(ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لاتعلمهم نحن نعلمهم ) وفي صحيح البخاري (936) ومنهم المنفضون عن النبي في صلاة الجمعة عن الصحابي جابر :(بينما نحن نصلي مع النبي(ص) أقبلت عير تحمل طعاما فالتفتوا إليها حتى ما بقى مع النبي(ص) إلا اثنا عشر رجلا فنزلتالاية :(وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتكوك قائما)الجمعة:11

ففي صحيح مسلم (2779) عن الصحابي  حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله(ص)  قال رسول الله (ص) :(في أصحابي اثنا عشر منافقا ثمانية منهم لايدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخيط)

قال الحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب المطبوع بهامش الاصابة ج3ص632 إن من الصحابة من نزل القران الكريم مصرحا بفسقهم كالوليد بن عقبة الذي جاء فيه قوله تعاى:(إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة ) في قصة مشهورة يؤكد الحافظ ابن عبد البرر:(ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القران فيما علمت ان قوله عزوجل:(إن جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في الوليد بن عقبة  قال العلامة الذهبي عن ابن عباس قال الوليد بن عقبة لعلي :أنا أحد منك سنانا وأبسط لسانا وأملا للكتيبة فقال علي:اسكت فماأنت الا فاسق فنزلت الاية :(أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقالايستون)  اسناده قوي انتهى كلام الذهبي

وصلاة الصحابي الوليد بن عقبة هذا بالناس في مسجد الكوفة الفجر وهو سكران وقوله بعد ازادفي الصلاة إن شئتم زدتكم.. ثابته في صحيح مسلم 1707  

وفي صحيح البخاري (6582) :(ليردن على ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني فاقول أصحابي! فيقول:لاتدري ماأحدثوا بعدك)

وفي صحيح مسلم (2304) عن الصحابي انس بن مالك قال رسول الله(ص): (ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبنى حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني فلاقولن أي رب أصحابي أصحابي فليقالن لي إنك لاتدري ماأحدثوا بعدك)

وفي سنن الترمذي (2423) من حديث حبر الامة بن عباس :(ويؤخذ من اصحابي برجال ذات اليمين وذات الشمال فأقول يارب أصحابي فيقال إنك لاتدري ماأحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم )

وفي صحيح البخاري(6585) من حديث ابي هريرة عن رسول الله (ص) قال:( يرد علي يوم القيامة رهط من اصحابي فيحلئون عن الحوض فأقول يارب أصحابي ! فيقولإنك لاعلم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) ومعنى يحلئون:يبعدون ويطردون ويذادون  فهل مع هذه الايات والاحاديث الصحيحة تبقى ادنى  قناعة في  من يدعي عدالة جميع الصحابة

وان مايزعمه البعض من إجماع أهل السنة او رهطهم من عدالة جميع الصحابة غير صحيح البته بل هو باطل لان من اساطين أهل العلم وكبار الحفاظ والمحدثين من أهل السنة يخالفون ذلك وان مايدعونه من اجماع فهي دعوى فاسدة وضربا من الخرف والهوس

قال العلامة سعد الدين التفتزاني الحنفي في شرح المقاصد ج5ص310 :(يعنى ماوقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقات يدل بظاهره على ان بعضهم قد حاد عن طريق الحق وبلغ حد الظلم والفسق وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب الملك والرياسة والميل للذات والشهوات إذليس كل الصحابى معصوما ولا كل من لقى النبي (ص) بالخير موسوما ..حيث يبقى كل ماتخرصته اقلام حزب الشيطان لايعدوا زبدا وغثاء (أفمن زين له سوء عمله فراءه حسنا فإن الله يضل من يشاء  ويهدى من يشاء فلاتذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون) فاطر:8وذهاب اسراف كل الاموال والهبات الفرعونية  لالغاء الحق ومحاربة اهل الصدق هباء منثورا (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلافريقا من المؤمنين) سباء:20

أما ماجرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي(ص) فمن الظهور بحيث لامجال للاخفاء ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ويبكي له من في الارض والسماء وتنهد به الجبال...فلعنة الله على من باشر أو رضى أو سعى ولعذاب الآخرة أشد وابقى)  فكيف ينعقد الاجماع على عدالة الصحابة بعد وجود هذه النصوص وما شجر من هذا الخلاف الكبير عند اهل السنة مع كون إجماع طائفة اهل السنة وحدهم دون باقي الفرق ليس بحجة كما هو مقرر في علم الاصول. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com