الامام علي نفحة قدسية وهبة الله لهداية البشرية .. (19)

 

هلال ال فخر الدين

hilal.fakhreddin@gmail.com

(الامام علي في الذكر الحكيم)

 المرتضى أول القوم اسلاما واقومهم ايمانا ..

جاء في الذكر الحكيم قال سبحانه :(والسابقون الاولون من المهاجرين وآلانصار والذين آتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها آلانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز آلعظيم) التوبة 100 اخرج الحافظ الحسكاني في (شواهد التنزيل) عن ابن عباس في قوله: ( والسابقون الاولون من المهاجرين وآلانصار..) قال:نزلت في علي سبق الناس كلهم بالايمان وبرسوله وصلى القبلتين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ففيه نزلت هذه الايه  شواهد التنزيل ج1ص :256 

 كان جل اهتمام الامام منذ اول يوم ان يقيم العدل ويبطل الباطل وجليل هم ابن ابي طالب  في ايام خلافته ان يحي السنة ويقيم المعطلة من الحدود ويعمم العدالة ويبداء بنفسه ويقيس نفسه بفقراء الشعب (حتى لايتبغى الفقير بفقره) حيث لم يتخذ من السلطة مغنما او مغرما ولم يبتغي منها جاها او فرض هيمنة او الحصول على مطمع

لله درك يابن ابي طالب  كنت فذا وانت خارج السلطة ..واصبحت فذا وانت خليفة المسلمين فلم تبطر ولم تسرف وحاشاك...وانت الذي عشت طوال خلافتك في الكوفة ببيت غيرك في بيت ابن اختك (جعدة بن هبيرة )ورفضت النزول في قصر(الامارة ) قائلا:انه قصر (الضلالة) وكنت تاخذ على نفسك وأثرت ان لاتأكل من بر العراق صاعا وصرحت واقسمت على ذلك (والله يا اهل العراق ما اكلت من بركم صاعا ..)انما كان زادك ياتي من مزرعتك في المدينة ..وما كان زادك ايها المواسي للفقراء والمساكين غير اقراص الشعير مختومتا في الجراب حتى لاتبل بالزيت او غيره وقد ظرفت على الستين من العمر ياسيدي وصرحت بان ماكنت تلبسه هو ما جئت به من المدينة قائلا :والله ياهل العراق انها قطيفتي التي خرجت بها من المدينة ..وكنت تكرر والله ما ادخرت من مالكم وفرا ولا من تبرا ولامن ارضكم شبرا .. وكل لباسك طمرا مرقع حتى قلت لقد رقعتك حتى استحييت من راقعك وثمن ازارك درهم وانت خليفة المسلمين واعظم رئيس دولة في حينك ..لم تبرر مايبرره الشياطين في ترفهم واسرافهم ومايرفلون به من قصور ومتاع من اقوال بابراز عز الاسلام وهيبة المسلمين ...وحاشاك ان تخدعى او تخدعي

وكنت تجهر قائلا :كيف ارضى من نفسي ان يقال لي امير المؤمنين ولعل في الحجاز او اليمامة من لاعهد له بالقرص ولا طمع له بالشبع...وانت المستنكر لواليك على البصرة (ابن حنيف) عندما دعي الى وليمة..فما كان منك الا ان كتبت له مقرعا :يابن حنيف كيف تجيب الى دعوى تستطاب لك فيها الالوان..غنيهم مدعوا وفقيرهم مجفوا ..!!

وقد مثل الامام علي مباديئ الاسلام العظيمه وجسدها بكل امانة وصدق وكان القران الناطق والمطبق له ..فانفق ما وسعته يداه زهدا في هذه الدنيا الفانيه واعراضا عن زخارفها  وزينتها يوم كانت تحت يداه  موارد بيت مال المسلمين باجمعها  وهوالقائل:( ياصفراء يا بيضاء غري غيري طلقتك ثلاث حبلك قصير وخطرك عظيم) .وقال :واصفا حاله(ولو  شئت لاهتديت الطريق الى مصفى  هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ولكن هيهات ان يغلبني هواي ويقودني جشعي الى تخير  الاطعمه ولعل  بالحجاز او اليمامه من لا طمع له  في القرص ولا عهد له بالشبع. اوابيت مبطانا وحولي بطون غرثى واكباد حرى او اكون كما  قال القائل :

وحسبك داء ان تبيت ببطنه            وحولك اكباد تحن الى  القد

نهج البلاغه باعتناء صبحي الصالح ص417-418

وقد اضطررت حتى الى ان تبيع سيفك الذي هو سيف الاسلام  سيف الحق في السوق وقلت:لوكان لدي ثمنه ما بعته ...

وكنت لايهداء لك حال حتى توزع الاموال على المحتاجين وتكنس بيت المال وتصلي لله شكرى

تطبيق الامام للحق ومناصرة المظلومين

ان جل جهود الامام كانت منصبة على رفع الحيف والظرر الذي لحق الامة وبالخصوص الطبقات المسحوقة والمحرومة من جراء سياسات من سبقه من الخلفاء وقال ما متع غنى الا بما جاع به فقير وكان يردد دائما لوتمثل لي الفقر رجلا لقتلته ..حتى عندما اشاروا عليه ببقاء معاوية في ولاية الشام حتى يستقيم الامر وتستقر الاحوال ..صرخ الامام بوجوههم قائلا :اتطلبون مني ان اطلب النصر بالجور ..واتخذ المضلين عضدا ..ساطعن بطن الباطل حتى اخرج الحق من خاصرته ..فقد كنت ابا رحيما للناس وصبا وسيفا صارما على الظالمين والبغاة والغلاة لم تماري ولن تحابي على حساب الحق احدا مهما كان ذالك  ومهما كان به عليك خاصة خصاصة  ..كان الامام يمقت المحسوبية والمنسوبية وربى الامة بيترفع عن السفاسف وان يتطلعوا الى سموا المعاني  وفضائل المثل وكرائم الاخلاق حيث جسد الامام بحق ثورة اصلاحية حقيقية كان هو الاسوة والقدوة وفي رفع لوائها وهو المصرح قائلا:(الذليل عندي عزيز حتى اخذ الحق له والقوي عندي ضعيف حتى اخذ الحق منه ) فمن علامة القدرة على تحمل المسؤولية هو ان يتصدى المسؤول من موقعه للدفاع عن المظلومين وقمع الظلم يقول عليه السلام :(فلانقبن الباطل حتى يخرج الحق من جنبه)

وعندما سأل ابن عباس الامام علي لماذا تخصف نعلك بيدك يا امير المؤمنين ؟فقل له :ما امارتكم عندي باهون من هذا النعل مالم اقم حقا وابطل باطلا ...لله درك يا امام التقى والورع حيث كنت وستبقى النموذج الذي صدق الله وسار على هدي المصطفى..

 مفارقات فاضحة وتناقضات منكرة

قال امير المؤمنين عليه السلام( لاتطلب الخير من بطون جاعت ثم شبعت ، ولكن اطلب الخير من بطون شبعت ثم جاعت).

فليتك ياامام العدل ترى اليوم عظيم البطر وكثرة الفساد وتكالب على الدنيا ممن يدعون نهجك وقد غرتهم الدنيا بغرورها في عراق الرسالات والحضارات وحذر سبحانه امثال هؤلاء:(أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لاتعمى آلا بصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) الحج 46 وما نهاية الرجس صدام ورهطه منهم ببعيد وكانهم لم يسمعوا قول امامهم ولم يقرءوا سيرة سيدهم مولى الموحدين وسيد المتقين عليه السلام (ألا وإن لكل مأموم اماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإن امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه. ألا وانكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد. فوالله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وفراً، ولا اعددت لبالي ثوبي طمراأأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا اشاركهم في مكاره الدهر؟ أو اكون اسوة لهم في جشوبة العيش) وهو القائل عليه السلام (أحب أن يأتينى أمر الله و أنا خميص) والواصف لنفسه المقدسة (لو اعطيت الاقاليم السبع بما تحت افلاكها على أن اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها).

الكثير من هؤلاء ساسة ووزراء ونواب واعضاء الحكومة ومجالس المحافظات والاحزاب والتيارات صاروا كما قال أمير المؤمنين عليه السلام (كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) بلى والله لقد سمعوها ووعوها . ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها). وباض وفرخ في صدورهم الشيطان فانساهم ذكر الله ..!!

المدهش ان كل واحد من هذه التشكيلة السياسية يلعن الاخر ويتبرأء من عمله ويلقي عليه جام الغضب واقذع اللوم والتقصيروالقصور والفساد وكأنه خارج السلطة او طاريء على الوضع وبعيد عن مجريات والاحداث وهو في وسطها والخائض فيها وكلهم في الهوى سوى والمظلوم الوحيد هو الشعب المبتلى والذي طال ابتلائه (كل ما دخلت امة لعنت اختها)

حتى غدا اصلاح الفساد الاداري والتسيب الحكومي والانفلات القانوني والتدهور المريع في كافة المناحي والجالات حدا يستحيل اصلاحه  لتعدد مراكز القوى وكل واحد يعمل لمصالحه الخاصة بامتياز وبمنأى عن مصالح الامة والوطن لذلك اصبح العراق فريسة تنهش من كل طامع واصبحت مقدرات الوطن ضائعة وسوق المتاجرات والخطب الرنانة والمزايدات المفضوحة ...

وكما قال لي احد الاعلام الكبار والمراجع العظام وكان في غاية التألم والامتعاض وهو يستعرض الفساد المستشري والتدهور المزري: ان الساسة عبيد ...للاسياد ..لاسيادهم ..!!وجعلوا منا معبر لغاياتهم..!!ويصف الامام اضراب هؤلاء مقرعا (لقد استبقتم على الغل فيما بينكم )وأنّ (زعماء وأبناء المنظومة الاجتماعية للطبقات الحاكمة والمتنفذة  في العراق الجديد واجهوا اختباراً قاسياً بعد سقوط الطاغية  وهو اختبار رافق فوضى  العملية السياسية  حيث اختفت فجأة وفي يوم واحد كل الحسابات المنطقية والواقعية وكل أنواع التواضع في الحياة ومتطلباتها وغادر كثيرون موقع المضحّي بالحياة الدنيا الفانية وصاروا يتطلبون نمطاً من الحياة ونمطاً من الاستهلاك لا يتوافق أبداً مع واقعهم  ولا مع مستوى تطورهم الثقافي والاجتماعي ويتناقض مع كل الطقوس التي تسيطر على حياتهم الاجتماعية وعلى فنونهم واهتماماتهم وصاروا يريدون التمظهر بطريقة لا يمكن القول إنها غير مشروعة بل هي حق لكل من يرغب ولكنها في حقيقة الأمر تتناقض ومبدأ التضحية والزهد من أجل قضية تتطلب التضحية بالدم والبشر قبل الحجر. وفي بلادي تتجلى ابداعات الديمقراطية في العملية السياسية الحالية ان الكل حكام والكل معارضة (يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة  الربيع)   

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com