|
ظاهرةٌ ليست بخافية تلك التي يطرحها الاعلام العربي المأزوم بشقيه المقاوم والمستسلم ضد العراق الجديد عندما يحاول جاهدا تصوير القرار السياسي العراقي على اساس انه امتداد للقرار الامريكي في منطقتنا العربية والاسلامية !!. والغريب العجيب ربما في هذه الظاهرة ان هذا الاعلام الذي الذي يقود حملة ( أمركة القرار العراقي ) أعلاميا، هذا الاعلام هو بالاساس مموّل وخاضع بالتمام لمشيخات البترول وحكومات ودول لايمكن ان يشك عاقل بخضوعها وتبعيتها هي نفسها للمشروع والقرار الامريكي وتطلعاته في هذه المنطقة بالذات، ومع ذالك لسبب وآخر هي تحاول رمي كل ثقلها لصبغ القرار العراقي السياسي بالامركة مع الابتعاد هي نفسها عن هذه التهمة التي لايتشرف بها لا العراق في الحقيقة ولا غيره من منطلق ان الدول تتغنى بمجد قرارها المستقل وليس بتبعيته وذيليته في عالم المصالح السياسية !!. فياترى : لماذا كل هذا الاصرار الاعلامي العربي المزدوج (المستسلم والمقاوم) وخاصة المحيط منه بالعراق على التأكيد على أمركة القرار السياسي السيادي العراقي، مع انه وبتوقف هادئ على الكثير من مواقف العراق السياسية سيكتشف المنصف استقلالية هذا القرار وربما تناقضه في الكثير من الاحيان مع مصالح ورؤية السياسة الامريكية الظاهرة والخافية ؟. هل بسبب ان هناك دول عربية بترولية وغير بترولية تحاول التغطية على تبعيتها السيادية للقرار الامريكي لذا ارتأت ان من مصالحها الاستراتيجية امام شعوبها وامام العالم العربي ان يكون ايضا القرار العراقي الجديد امريكيا هو الاخر كي لايكون هناك للعراق عزف منفرد عن القاعدة العربية التابعة للسياسة الامريكية تماما في المنطقة ولهذا كان الاعلام حريصا على اظهار القرار العراقي امريكيا وبلا ادنى ريب ؟. أم ان مايدفع حكومات ودول من جانب آخر من دول الممانعة ضد التصهين هي المصالح التي ترى في أمركة القرار العراقي ورقة لابد منها ليكون هناك شرعية باستمرار دعم بعض المنظمات الارهابية لاسيما منها البعثية الصدامية العاملة في العراق لضرب الاستقرار الداخلي، ولهذا كان قرار ( أمركة القرار العراقي ) جاهزا كلما أراد العراق التعبير عن احتجاجه وغضبه بعنف ضد حركات التطرف والارهاب التي تقطن في دول الجوار العراقي العربي وتتخذ من هذه الدول منطلقات لايذاء العراق الجديد وافشال تجربته الوليدة باسم مقومة الاحتلال الاجنبي ؟. إن معرفة الدوافع السياسية التي توّضح لنا لماذية أصرار هذا الاعلام العربي على وصف القرار العراقي السيادي على اساس انه قرارا تابعا للسياسة الامريكية سيمكننا من جانب آخر معرفة ايضا كيف ان هذا القرار العراقي اذا اصبح قرارا سياديا عراقيا مستقلاهو مؤثرا بشكل جذري على رؤية المنطقة وشعوبها للعراق الجديد ولهذا فليس من الغريب ان يصرّ الاعلام العربي على حبس القرار السيادي العراقي في دائرته الامريكية أعلاميا من منطلق وجوب ان يكون هذا القرار العراقي رهين الامركة ولو كان اعلاميا لاغير لبقاءه رازحا تحت المحاور التالية: اولا : محور فقدان العراق الجديد للشرعية السيادية التي تجعل من العراق كيانا مستقلا وفاعلا ومحترما في محيطه الاقليمي، فمن المعروف ان الدول اذا فقدت استقلالها السيادي في القرار فيسهل بالتمام على اي دولة مجاورة ان تتدحل في شؤون هذا البلد الفاقد للسيادة السياسية على قراره مايتيح الشرعية الكاملة للعبث بامن العراق واستقراره وقراره وتقدمه من الخارج بحجة الاحتلال وفقدان السيادة العراقية وغير ذالك كما هو الحاصل بالفعل في العراق اليوم ولهذا نجد ان الاعلام العربي عندما يؤكد على تأمرك القرار السيادي العراقي فهو يهدف الى نقطة اضعاف ونقص السيادة العراقية واستقلالها الفعلي للتدخل بالشأن العراقي الداخلي والخارجي ايضا !!. ثانيا : نعم عندما يحصل العراق أعلاميا على سيادته في قراراته السيادية، فتنتفي بعد ذالك مبررات الكثير من دول الجوار التي لاترغب بوجود عراق جديد وديمقراطي ومتداول للسلطة وصاحب مشروع انتخابات وحرية صحافة ... وغير ذالك، مما يجعل من العراق الجديد حقيقة تفرض احترامها على المحيط الاقليمي العراقي بالقوّة وهذا في الواقع ما لا ترغب به جميع دول الجوار العربي المحيطة بالعراق، فالعراق بهذا الشكل إن فرض سيادته وقراره المستقلّ في المنطقة فسوف يتحول الى تهديد حقيقي للمحيط العربي القائم على غير الشرعية السياسية، وهذا ليس من منطلق التهديد العسكري او غير ذالك، وانما هو التهديد الذي سوف يشكله (وجود العراق المستقل) بسيادته لاغير على جيرانه من العرب الذي لايملكون لاسيادة في القرار ولاشرعية في الوجود ولهذا كان لزاما على الاعلام العربي المعادي للعراق الجديد ان يحرك ماكنته الاعلامية الضخمة لتصوير العراق كيانا بلا سيادة سياسية ولاقرارا مستقلا ولاوضعا يحمل على اكتافه الشرعية الدستورية ...الخ، وعليه فكلما كان القرار السيادي العراقي مصادرا اعلاميا كان كيان العراق وشرعيته ناقصة بين الشعوب والامم الى اشعار اخر !!.. ثالثا : لايخفى ان هناك حكومات ومشيخات بترولية عربية لم تزل الى هذه اللحظة وبعد الاطاحة بمقبور العصر صدام حسين ونظامه ولستة سنوات مضت ..... الخ لم تزل هذه المشيخات والانظمة العربية لاترغب اساسا بالاعتراف بالعراق الجديد او التعامل معه او الانفتاح عليه مطلقا لسبب او اخر، ومثل هكذا مواقف سياسية معادية للعراق دولةً وحكومةً وشعبا بحاجة الى مبررات وحجج وعلام يسوّق هذا العداء للعراق الجديد ويقنع بنفس الوقت الشعوب العربية النائمة بمبررات مثل هذا المواقف السلبية تجاه العراق والمؤذية لوجوده والداعمة لحركات التطرف والجريمة في داخله، وليس افضل وسية اعلامية من الانتقاص من السيادة العراقية وقرارها السياسي الشرعي للقول والاقناع : ان هذا العراق الجديد يُساس من قبل الاجنبي وليس لابنائه اي استقلال سيادي يؤهلهم لادارة شؤون العراق بعراقية خالصة مما يدفع دول الجوار له لعدم الانفتاح عليه واسباغ الشرعية والاعتراف بكيانه السياسي الجديد .... وهكذا !!!. ومن هنا ندرك ان جماعة الاعلام المعادي للعراق الجديد من مصلحته ان يبقى القرار العراقي متأمركا أعلاميا حتى مع وجود واقع يقول غير ذالك تماما، فالواقع يشهد ان للقرار السيادي العراقي فاعليته وظهوره البارز للعيان من خلال خطوات العراق مع جيرانه وكيفية هذه الخطوات التي تنفتح على محاور عربية وغير عربية في المنطقة باستقلالية سياسية تامة هي بالاساس من المناهضين للمحور العربي الامريكي في منطقتنا العربية، واعني بهذا القول : ان اطلالة بسيطة على علاقات العراق الجديد السياسية والاقتصادية والاجتماعية كذالك مع الجارة ايران وكذا الجارة سوريا وهكذا لبنان ... وباقي الدول التي تعتبر في الاجندة الامريكية من المناهضين لخطها ومشروعها السياسي في منطقتنا العربية يؤكد للقاصي والداني على ان القرار السيادي للعراق الجديد قرارا مستقلا في ابرام اتفاقياته وتعاملاته السياسية في المنطقة مع جميع الجوار العراقي وبعيدا عن الضغوطات الامريكية او املائاتها المعروفة على دول المحور الامريكي التي تشكل مواقفها السياسية العكس للموقف العراقي الجديد عندما مثلا لايسمح امريكيا لمصر العربية ان تنفتح على هذه الدولة او تلك من دول المناهضة للصهيونية والاستعمار، لتصبح مصر مثلا وكثير من دول وحكومات ومشيخات البترول العربي تابعة تماما ومنسحقة بالكامل في قرارها السيادي امام الرغبات والتطلعات والمصالح الامريكية والصهيونية في منطقتنا العربية !!. نعم هناك العشرات من الامثلة العراقية السياسية التي لو اردنا ذكرها كدلائل وقرائن تدلل على ان القرار السياسي العراقي السيادي الجديد لايخضع بنسبة عالية جدا إلاّ الى رؤيته ومصالحه العراقية بالكامل وهذا طبعا وتماما بعكس الحكومات والدول والمشيخات العربية واعلامها البترولي الذي يحاول اظهار القرار العراقي السيادي تابعا للقرار السياسي الامريكي بينما العكس هو الصحيح في تبعية هذا الاعلام العربي وهذه الدول والمشيخات العربية المأزومة بكل كيانها لقرارات خارج مصالح بلدانها وشعوبها ومحيطها العربي والاسلامي !!!. إن على الاعلام العراقي الجديد ان يقوم بحملة هجومية معاكسة لكل بؤرة اعلامية عربية وغير عربية خارجية او حتى ان كانت عراقية داخلية غير موالية للعراق الجديد تحاول رمي تبعيتها السياسية للقرار الامريكي على العراق لاظهار هذا العراق الجديد بغير صورته الواقعية في رسم سياساته الداخلية والخارجية لاضعاف سيادته، والنيل من مشروعية قراراته والانتقاص من كيانه ليرّوج أعلاميا لعراق لايقيم مواقفه السياسية على اساس مصالح هذا البلد وهذه الامة العراقية التي بذلت الكثير من اجل الفوز بالحرية والكرامة والسيادة لهذا الشعب الغريب بين أمة من البلهاء وقطيع عظيم من النائمين العرب .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |