|
هنا البصرة .. هنا الناس والأرض عطشى برهان المفتي أحدث الكوارث البيئية العراقية هي كارثة مدينة البصرة.. والتي نتفق مع أهلها في إعلانها مدينة منكوبة بيئية بسبب النقص المهلك في المياه.. مياه الشرب ومياه الري.. فالبصرة ستـُعلن قريبا أولى ضحايا التدهور البيئي في العراق.. وهذا الإعلان جاهز ولا نحتاج إلا إلى شجاعة لإذاعته. فالأمراض الجلدية بدأت تفتك بالناس في البصرة بسبب الملوحة العالية (70%) للمياه المستخدمة للإستحمام، اما حالات العجز الكلوي، فقد إرتفعت إلى معدلات تدل على رداءة ما يشربه الناس في البصرة . كما أن تلك الاملاح قد تسببت في زيادة حالات امراض العين بين الناس لأن أملاح الكالسيوم والمغنيسيوم تسبب إلتهاب الغشاء المخاطي الرقيق للعينين. اما موت البساتين أو ما بقيت من أشجار في البصرة، فهي حالة يومية، ومشاهدة بقايا أشجار النخيل وقد صارت مجرد أوتاد يابسة هي من المشاهدات المألوفة في هذه المدينة المنكوبة، وزحف الاملاح يتصاعد بشكل مخيف ليلتهم أي مساحة لا زالت تحتفظ ببقايا الندى والإخضرار في الأشجار. لست هنا لكي أثير مشكلة معروفة للجميع، ولكننا بحاجة إلى حلول عملية ممكنة التطبيق في هذه الظروف الصعبة، فإذا أستمر الجفاف وإنخفاض معدل تساقط المطر خلال ثلاث سنوات قادمة، وتبني دول المجاورة للعراق سياسة مائية تقلل من جريان الأنهر من منبعها في تلك الدول إلى مصبها في العراق، فأننا سنرى في العراق أكبر حوض جاف على الكرة الأرضية بعد أن كان مدينة خضراء فيها أكثر من عشرين مليون نخلة وتلك هي البصرة. فما الحل؟ قبل سنوات، أطلق المختصون تحذيراً إلى القائمين على السياسة المائية العراقية ، لأن تلك السياسة كانت تهدر الماء العراقي العذب من تلاقي دجلة والفرات ، دون إستغلال هذه الثروة بل تركها تذهب إلى مياه الخليج المالحة، والحل يكمن في هذه النقطة بالتحديد، أي أيقاف هذا الهدر وإن جاء متأخراً جد، ولكن لنعمل على هذا الحل، وهو إحاطة مدينة البصرة بجداول تبدأ من إلتقاء نهري دجلة والفرات وتدوير الماء إلى أقصى حد ممكن قبل وصولها (وفي حال وصول أي كمية يجب أن تكون في الحدود الدنيا) إلى مصب الخليج، ولن تتأثر الموانىء العراقية من هذا الإجراء حيث أنها مرتبطة بمياه الخليج المالحة وببحر العرب والمحيط الهندي، اما منسوب شط العرب، فالعراق ليس في موقف يستطيع منه الإستفادة من إرتفاع منسوب المياه في شط العرب بل أن ذاك يصب في مصلحة دولة مجاورة – إيران، التي قامت فعلا بإجراء يحفظ لها حقها المائي بمنع جريان نهر الكارون إلى الداخل العراقي وكذلك نهر الوند إلى مدينة خانقين العراقية. ولتعتمد البساتين المطلة على الفرات في منطقة الفرات الأوسط على الري عن طريق الأبار، لتقليل الإعتماد على جريان نهر الفرات أو زيادة ملوحته تصاعديا حتى البصرة وكذا الحال للبساتين على دجلة، ففي حال الإعتماد على الأبار سيحافظ النهران على نسبة الملوحة المعقولة حين الوصول إلى مدينة البصرة. وكذلك علينا تبني سياسة الري التنقيطي للتقليل من الهدر في مياه الري ومنع تكوين مبازل مالحة من تلك البساتين لأن ذرات الماء التي تنطلق من المرشات تكون دقيقة جدا ولا تساعد على الجريان السريع بين الحقول ذلك الجريان الذي يسبب تكوين مبازل مالحة . أما حل وقف التصحر ومنع إنتشار الأراضي الملحية إلى البساتين، فهو بتبني قرار البدء بثورة زراعة الإشجار ذات الجذور العميقة والتي تتغلغل في التربة عميق، فتساعد على ثبات التربة وتمنع من إمتداد التصحر الملحي، لأن تلك الإشجار لها القابلية على الإحتفاظ بالرطوبة وتحارب الملوحة، ومن الممكن إستشارة الجهات الزراعية أو المختصين في الزراعة لإدراج انواع وأصناف الأشجار التي تساعد على هذا الحل.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |