يا أوباما نحن العراقيون لن ننسى أيضاً

د. حامد العطية

 hsatiyyah@hotmail.com

قال أوباما بأنهم لن ينسوا هجمة الحادي عشر من سبتمبر، ولا أحد ينكر عليهم ذلك، وقال بأن مرور الزمن لن يقلل ألم الفجيعة، ولا غرابة في ذلك، ونحن العراقيون لنا أيضاً ما نقوله، بشأن الإحتلال الأمريكي، وإن كنا لا نمتلك منبراً مثل منبره، ولا صوتاً مسموعاً مثل صوته، وليس لدينا أتباع أو عملاء أو حلفاء، يوالونه ان على حق أو باطل.

 ان كان اوباما يجد له ولشعبه الحق في تذكر فاجعة ألمت بهم على مدى سويعات من يوم واحد فنحن فاجعة احتلال بلدنا مستمرة منذ أكثر من ألفين وثلاثمائة وسبعين يوماً، وفي كل يوم يمر على الإحتلال يتجرع العراقيون الأباة أضعاف الغصات التي تجرعها الأمريكيون في تلك الساعات، وإذا كانت احداث يومكم الأسود يا أوباما خاطفة عابرة، فكل الأيام التي انقضت منذ احتلالكم بلدنا سوداء حالكة.

 لسنا سذجاً لننخدع بدعواكم الكاذبة، بأنكم جئتم محررين لا فاتحين، فأنتم لم تغزوا أرضاً في العالم الثالث إلا لاحتلالها وتخريبها، وتاريخكم شاهد على ذلك، ولم يكن نظام صدام الطاغوتي عدواً لكم في الأصل، بل كان موالياً لكم، سائراً في ركابكم، حفيظاً لمصالحكم، حليفاً لحلفائكم، وعدواً لأعدائكم، وما كان خلافكم معه حول إحتلاله الكويت سوى سوء تفاهم بين مجرمين سفاحين، وكان باستطاعتكم تغييره بأساليبكم المعروفة، من دون إحتلال، لكن ذلك لم يكن كافياً لتنفيذ مخططكم بالكامل، لذا اختلقتم الذرائع لتبرير احتلال وطننا، وتحينتم الفرصة السانحة للقيام بذلك، وما أن استتب لكم الأمر، حتى باشرتم بتنفيذ مشروعكم بـ"إعادة بناء المشرق العربي والإسلامي"، أو بالأحرى تخريبه، بدءاً بالعراق، من خلال بث الفرقة والتباغض بين طوائفه وإثنياته، تمهيداً لتقسيمه وتفتيته، أو تحويله إلى أقاليم متنافسة ومتقاتلة، حتى لا تقوم له قائمة، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وخير برهان على ذلك الحصاد المر لحوالي سبع سنوات من احتلالكم للعراق.

 أنتم لا عزاء لكم في ضحاياكم الثلاثة ألاف، فماذا نقول نحن في أكثر من مليون ضحية، جلهم من الأبرياء، وأكثرهم نساء وأطفال، كلهم قضوا بيد جنودكم، أو بفعل الإرهاب السلفي المستدعى منكم، أو نتيجة الاقتتال الطائفي الذي أشعلتهم شرارته، وأذكيتم ناره.

 لم يحتل العراقيون شبراً واحداً من الأرض الأمريكية، لكنكم اعطيتم لأنفسكم الحق في احتلال الأرض العراقية بأكملها، وأنتم تعرفون ذل الإحتلال، فقد كنتم من قبل مستعمرة للبريطانيين، فثرتم عليهم، وقاتلتموهم بشراسة، حتى تمكنتم من طردهم، ونيل استقلالكم، الذي تحتفلون به كل عام، أفلكم وحدكم الحق في الاستقلال والتحرر من الإحتلال؟ ولكم أيضاً وحدكم الحق في احتلال بلاد غيركم؟

 لم يسفك العراقيون قطرة دم أمريكية واحدة قبل حروبكم مع النظام الطاغوتي البائد، لكن قواتكم المحتلة استباحت دماء العراقيين كافة.

 جنودكم في العراق قتلوا النساء والأطفال، وانتهكوا الاعراض، ودنسوا حرمات المساجد والبيوت والمكاتب الحكومية، وسرقوا الأموال، وأفشوا الفساد.

 أنتم اقمتم السجون واحتجزتم فيها عشرات الألاف من العراقيين من دون محاكمة وأخضعتم السجناء لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وستبقى أشباح سجن أبوغريب تطاردكم حتى آخر الزمان.

 تقولون انكم ستنسحبون، وأنتم كاذبون، لأنكم ستخلفون وراءكم، عشرات الألاف من قواتكم، ولو لم يبق منكم سوى سفارتكم المدججة بخمسة آلاف موظف وعسكري فهو إحتلال، ناهيك عن جيشكم العلني والخفي من المأجورين والتابعين والمتأمركين.

 أمام العراقيين خياران لا ثالث لهما، اما الرضوخ لاحتلالكم ذي الصور والأشكال المتعددة، والذي سيجر عليهم مصيراً مثل، أو أسوء، من مصير الهنود الحمر، سكان الأمريكيتين الأصليين، أو التخلص من احتلالكم بكافة أشكاله وصوره.

 سواء بقي احتلالكم أم زال، ولو كنت أنا العراقي الوحيد المعارض له والساخط عليه، فسأتذكره هجمة بربرية، اختزلت كل هجمات المغول والتتار والنازية والصهيونية، ومكانكم أنتم واحتلالكم السجل الأسود لتاريخ البشرية. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com