|
رشدي العامل محسن ظافرغريب رشدي العامل، "رشدي أحمد جواد العامل" ولد في مدينة حديثة. في الذكرى 19 على على رحيل العامل فجر الأربعاء 19 أيلول 1990م، أقام الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، ندوة لإستذكاره، قدم للراحل، الشاعر "إبراهيم الخياط" قائلا؛ بعد شهر من اجتياح الكويت توقف قلب الشاعر الذي ظل غريبا في وطنه، مات وتحت وسادته نسخة من إحدى صحف المعارضة. العامل الذي نشرت له صحيفة بعثية عمودا عن أزمة مسحوق الطماطة بشكل ساخر، لفقَ قصة صور فيها نفسه يدخل إتحاد الأدباء، ورئاسة الإتحاد تعقد اجتماعا طارئا تناقش فيه وضع نصب تذكاري تقف عليه عبوة مسحوق الطماطة شامخة في قلب بغداد، ومدير عام جاهل استدعى العامل ليبكته على جهله بهكذا إجتماع. قدم الكاتب "عيسى الصباغ" بحثا بعنوان "دلالة الألوان وسياقاتها في شعر رشدي العامل" جاء فيه: "عرف الإنسان الألوان، ودُهش بها منذ أن بدأ وعيه بالتفسخ وإدراك ما يحيط به ، وإرتبطت لديه بالطبيعة والكون وبالقوى الخفية فكانت لها (أهميتها الدينية وعبًرت عن أجزاء مختلفة من الكون والعالم الأسود المعتم، والأرض المسكونة والسماوات والشمس)". علق "د . خليل إبراهيم" على رحلة الألون بقوله: " إن محاضرة اليوم هي واحدة من المحاضرات الجميلة والمهمة والتي تثير إلانتباه بتناولها محور اللون في قصائد رشدي العامل فانا كلما أقرأ العامل أشعر بأني أتجول في مكان واسع متعدد الالوان ، كأن يكون حديقة أو سهلاً أخضر هذا الرجل صاحب فكر مميز مليء بالامل والحياة اليوم أضاف لي عيسى الصباغ فكرة وجود اللون الاخضر في قصائد العامل ودلالتها الاستثنائية وإن ما حدا بي الى الحضور في هذه الندوة هي نخلة رشدي العامل ، هل تذكرونها أما تزال إحدى فسائلها تُسقى في مدينة أخرى". وقرأ الناقد "علي حسن الفواز" شهادة نقدية في ذكرى الراحل جاء في جانب منها: " أنا سعيد لأننا استذكرنا رشدي العامل ينبغي أن يكون هذا التقليد جاريا لتكريم رموزنا الثقافية والإبداعية الذي يعد من شعراء الطليعة شاعر تأمل العالم بمهارة شعرية فائقة وإستخدم ما هو مختلف مع اللون الذي كان يعبر به عن حالة ما تتناغم مع السياق السياسي السائد آنذاك كان العامل قريبا جدا من الطبيعة ومتداخلا معها". ثم تحدث الشاعر محمد حسين ال ياسين قائلا: " شكرا للإتحاد على مبادرة استذكار هذا الرمز الإبداعي الكبير الذي عرفته مبدعا وإنسانا كبيرا رشدي العامل إلتقيته عام 1964 في مبنى مجلة إسمها ( القنديل). كانت تصدر في بغداد ، وهي مجلة معنية بالثقافة والادب كنت أشاركه في النشر وأصحابه في الإبداع ،العامل كان محبا كبيرا لكل الناس ولكل شيء ويدفعه الى هذا نقاء روحه وعظمة الجانب الانساني لديه ،وهو يشترط الطهر والنقاء في شخصية المبدع الحقيقي". أصدر ملحق "عراقيون" عن صحيفة "المدى" استذكارا لرحيله، عن ستة وخمسين عاما. بكلمة مدير تحرير الملحق استهلها بقول للعامل: "اطرقوا ثلاث طرقات على قبري إذا سقط الطاغية حتى أعلم ان ليل العراق قد انتهى"!. كتبت الشاعرة "فليحة حسن" موضوعا بعنوان "رشدي العامل وتجارب الحياة اليومية": " يذهب بعضهم للقول بأن "المهمة الأساسية لشاعر القصيدة اليومية، هي أن يكون شمولياً ضمن اعتبارات أكثر منهجية وتأثيراً في اللحظة الزمنية الحاضرة. وضمن هذا الواقع الزمني أيضا يعيش الشاعر الذي يرفض أن يكون وحيداً فوق مساحة القصيدة اليومية... فهي تعيش حتى بأحلامه شكلاً جماعياً، لأنه يلغي اعتبارات الحلم الفردي أو المطلق إذا كان منتفياً مع أحلام الآخرين". قصيدة العامل "مذكرة عائلية": "في مثل اليوم من العام الواحد والستين / في مثل اليوم قطعنا نهر الأحزان /وقطعنا الأشواك البرية /شتلات الورد وأشجار التين /وجذور النسرين / وعرفنا لون الفجر / وطعم القبلات الليلية / والبوح الناعم، / بين النوم، وبين الآهات السرية". وكتب "هادي الربيعي"، "أنا... ورشدي العامل": "ربما أنا أقل الأصدقاء لقاء برشدي العامل بحكم ظروف المحافظات المعروفة ولكنني حتى الآن لم افارق رشدي العامل في مخيلتي التي تحمله بمحبة غامرة ولدي ملف جمعت فيه عشرات القصائد التي كان ينشرها بين الحين وألآخر وقد كتبت عن احد دواوينه بما اثار استحسانه وما زال هذا الملف من اغلى ما احتفظ به. موضوع "عيسى الصباغ" كان "العاميّة في شعر رشدي العامل": بأن الشاعر وظف كغيره من شعراء عصره التعبير العامي في شعره وقد اتخذ توظيفه أشكالا متعددة". وكتب "فيصل لعيبي"، "رشدي العامل.. شاعر البهجة والوحدة والرماد": "كم هي مرارة هذا الشاعر الحساس والمرهف؟ انها قصيدة رشدي التي تميزه، مرارات وألم وضياع الآمال والأحلام وتعميقا لمأساة المثقف الواعي وهي مأساة خاصة وعامة معاً، ضياع بيته وغياب أصحابه وإنهيار عالمه الذي رسمه مرة فوق مناضد الرفاق والمحبين الذين تفرقوا في زوايا العراق والمدن البعيدة والمنافي الخاوية حيث العالم يعيق الأحلام ويدفن الحالمين أحياءً. ان أشجان رشدي وجيله كثيرة وصبواتهم لاتعد،لكن لامعقولية الوضع العراقي قد إنعكس على الإبداع، وأصبح الغموض الذي رافق إنتاج المبدعين، أكثر وضوحاً في الحياة نفسها وأصبحت لامعقولية الحياة طبيعية في عالم منقلب الموازين،وتبدو لي أن مأساة رشدي قريبة من مأساة صلاح عبد الصبور الشاعر الأخاذ والشعبي الأصيل وأبن النيل الخالد، كلاهما مر بأزمة ليست شعرية فقط، بل حياتية،فكرية ووجودية، كلاهما خرج خالي اليدين،واتجهت الأنظار الى غيره، كلاهما كان نبيلاً في شعره وتضرب الفجيعة قصائده عمودياً فساد الحزن والوحدة أجواء عوالمهما". تضمن ملحق عدد صحيفة "المدى" موضوع "عيسى مهدي الصقر"، موسوماً ب"رحيل رشدي العامل": " فجر يوم الأربعاء، التاسع عشر من أيلول عام 1990، ارتحل الصديق الشاعر رشدي العامل. ومع أنني شاهدتهم يهيلون التراب علي جثمانه، في القبر الندي، والشمس تجنح للغروب، إلا أنني لا أستطيع أن أستوعب حقيقة أن صاحبي الرقيق رشدي ما عاد موجودا معنا، فهو ما يزال ماثلا أمامي، في غرفته المنعزلة، في ركن البيت، وبابها المطل علي حديقة صغيرة (حديقة علي) كما يسميها، علي إسم إبنه البكر المغترب. أراه نصف جالس، نصف نائم علي الفراش، بين كتبه وأوراقه، وبضعة مقاعد للزائرين من الأصدقاء، يتحدث، يقرأ شعرا، يمزح، وجهاز مذياعه الصغير، علي طاولة قريبة، مع عدد من الأشرطة (خليط من موسيقي كلاسيكية، واغنيات لأم كلثوم، وماجدة الرومي التي كان يعشق صوتها)، وعلي الفراش كتابان أو ثلاثة". محمد سعيد الصكار: خمس رسائل من رشدي العامل لو هممت أن اجعل من كلمتي هذه رثاءاً لرشدي لهتف من أقصى القاعة: «لك بشت هاي شتدسوي»!، ولكان على حق؛ ولذلك فلن أغيظه ولن أغالطكم، فأنا نفسي لا أصدق أن رشدي العامل غادرنا. لقد كنا على موعد، وكان الموعد يبدو قريباً جداً، أو هكذا تصوره هو، وأدخلني في تصوره؛ فقد كنت أريد أن اصدقه لكي أراه؛ كان على مسافة أسبوع عندما اتصل بي ليلاً واخبرني بأنه سيأتي إلى باريس، وصب علي أوامره بالاستعجال في ارسال الدعوة، وقد سعينا فعلاً بذلك، أنا والصديق العزيز المشترك فواز طرابلسي، وتوالت التلفونات منه ومني بحماسة وانفعال، حتى أنه صرخ بي يوماً بالتلفون: عجل يا أخي، سويتها قصة عنتر! هذه المخابرة كلفتني عشرين ديناراً، قلت له: عزيزي رشدي، لا تتعب نفسك وجيبك فأنا سأتصل بك، إعطني رقم جوازك وستصلك الدعوة فوراً، فرد عليّ بمنتهى البساطة: «جوازي؟... جوازي ساقط من زمان، وسأسعى إلى الحصول على جواز جديد»!، وكان هذا ضرباً من براءته وأحلامه الطوباوية!". كتب "د . مالك المطلبي"، "قراءة مُقتطعة في مُعلَّقَةِ الليل": "في قصيدته «الى مايكوفسكي» يكتب رشدي العامل يقظاً (أي ناثراً)، الليلة التي انتحر فيها مايكوفسكي.. ليلته الاخيرة تستطيع ان تضيف أيضاً: انها الليلة الأخيرة لأي منا، شاعراً، عاملاَ، طالباً فالتفصيلات لا تهمّ».. رشدي العامل، كتبت عن «رشدي العامل «قبل أكثر من ثلاثين عاماً، بأنه الوحيد وسط انسلال الأجيال بعضها من بعض، الذي يملك حق تمثيل الجيلين اللذين كونا الشعرية العراقية: أعني جيل الخمسينيات وجيل الستينيات. كان رشدي يضع رجلاً في الخمسينيات وأخرى في الستينيات.. ليس ليتلبس مفهوم «المخضرم» الذي تلبس الشاعر القديم، بل ليتحرر منه، ذلك لان «الخضرمة» مجرد دلالة زمانية، أما «التجايُل» وهو المصطلح الذي اقترحه فهو مفهوم يتعلق بمحتوى العمل الشعري، سنجد كل الملامح البنائية التي تسم شعر الجيلين: منبثة في شعر رشدي العامل: الأسئلة الميتافيزيقية، الميثات، النزعة الرومانسية، والنزعة الإنسانية، الأحساس بالمأساة ومن ناحية أخرى سنجد تعدد الأصوات وطابع السرد والتجريب الهندسي وأسئلة العقل والتمسرح والتمركز.. الخ". وكتب "علاء المفرجي" موضوع "بصحبة الشاعر": "هو باحساس الشاعر المرهف، وأنا برغبة الفتى الطامح الى ولوج عالم الادب والثقافة، أصبحنا صديقين، رغم أكثر من عقدين من الزمن تباعد بين عمرينا. لا أدري ان كان من حسن أو سوء حظي ان الأزمه في السنوات الأخيرة من حياته في الأيام التي كان يعرف جيداً وبحدس الشاعر انها ما تبقى له من رصيد حياته المكتنزة بتجارب ثرة في الشعر والسياسة والصحافة والصداقة أيضاً. كان هو في صومعته يسمع قبساً من الموسيقى، ويطمئن على قناعته بأن الشعر هو الخلاص الوحيد ويستقبل الأصدقاء الذين وجدت نفسي بينهم نلتقي صباح كل يوم في بيته (الشاعر عبد الرحمن طهمازي، الصحافي المخضرم منير رزوق، المثقف الموسوعي محمد علي السامرائي، الموسيقار الراحل فريد الله ويردي، د . الطبيب نزار المفتي)، هذه الصحبة التي قال عنها في احدى رسائله لي (ان عالمنا الفكري والثقافي المحدود يتسع شيئاً فشيئاً عبر هذه المجموعة الصغيرة التي تجمعت بشكل عفوي وبدأت تشترك في الاهتمامات الفكرية بشكل جدي، شعر، قصة، مقالات، سينما، موسيقى... اتمنى ان تتسع فهي نواة رائعة لمجموعة من المواهب المختلفة)، ومن هذه الصحبة تعلمت الكثير، كنت أنهل من زادها المعرفي وبمرور الوقت امتلكت الجرأة على محاورتها وابداء رأيي بلا تحفظ وكم كنت سعيدا بأن تجد آرائي صدى لها، زرع في نفسي ثقة لا حدود لها عندما كنت باستحياء أدفع له أولى محاولاتي في كتابة النقد السينمائي ولم يكن يكتفي بتشجيعي بل كان يأخذ على عاتقه نشرها في الصحف". أيضا في عدد "المدى" هذا " آخر ما نشر لرشدي العامل" قصيدة "السـبي" في نيسان 1988 هذا مقطع منها: (رف على بستاننا طائر أفرد جناحيه، وغنى وطار فأرتجفت ساقية، وانثنى غصن وغطى مقلتيه النهار وساءل الزورق مجذافه ماذا يقول الطير خلف المدار قال له النهر: يقول الحذار ان جهاما عابرا في المدى عيونه جمر، وكفاه نار سيدفن الاطفال في مهدهم ويحرق الارض قبيل البذار فناح طفل، وشكت ربوة وأن ورد، وبكى الجلنار ولملمت العابها طفلة مذعورة، من آثاره، دواوينه: "همسات عشتروت" 1951 ، " أغان بلا دموع " 1956، " عيون بغداد والمطر " 1961، " للكليمات أبواب وأشرعة " 1971، "أنتم اولاً"، " هجرة الألوان " 1983 ، " حديقة علي " 1986م.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |