لم نزل في بداية الطريق وعلى الشعب العراقي ان يجدد طاقته للاستمرار!

 

حميد الشاكر

alshakerr@yahoo.com

تقريبا في كل التغييرات الاجتماعية والانسانية الكبرى السياسية والثورية وحتى الفكرية تتعرض تلك الشعوب والمجتمعات التي تغيّرت من واقع حال راكد وميّت الى واقع حال نشط ومتحرك وحيّ، او من واقع حال دكتاتوري وفاشستي ومتخلف وتراكمي تاريخي الى واقع حال كيفي ومتطلع وصاحب اهداف جديدة وحرّ وممارس للمشاركة ... تتعرض في بداية طريقها هذه المجتمعات والشعوب الطالبة للتغيير الى (ردّة فعل ) عنيفة من المحيط التي تتحرك فيه وتحاول التملص من قبضته الحديدية الماضوية التي تكبل بقيودها وسلاسلها ومصالحها ووضعها القائم العالم الاجتماعي الانساني الذي يعيش في داخلها !.

والعراق الجديد باعتبار انه امة حاولت التغيير وفي نهاية التراكمات الكمية انتقل هذا العراق بحركة كيفية ونوعية الى واقع جديد ومغاير لما كان قائما تاريخيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.. هو داخل ايضا في معادلة الفعل وردّ الفعل الذي كان ممارسا ولم يزل ضد مشروعه التغييري الذي حصل في 2003 م، عندما أُطيح بالدكتاتورية والظلم والاقصاء والتقوقع والظلامية والتفرعن السياسي والفكري والاجتماعي الطبقي، ليتحول الى عراق يملك اهدافا انسانية منفتحة ومشاريع تنظيم اجتماعي جديدة،وتراكيب طبقية شعبية مختلفة، وحراك سياسي حيّ ومتفاعل وايجابي ونظرات لبناء اقتصادي نامي .....

وعلى هذا النمط كان ولم يزل للعراق حصته العالية المنسوب من ردّة الفعل العنيفة والضدية لمسار هذا العراق الجديد من محيطه الاقليمي بالدرجة الاولى وايضا من محيطه الداخلي كذالك الذي تمثل ببقايا الوضع القديم السياسي من ذيول مَن تبقى من زمن الدكتاتورية والظلام والذين خسرو كلّ عراقهم القديم الذي كان قائما، والذي ايضالم يستطع الى هذا اليوم العراق الجديد اسئصال جذورهم من الاساس كي لاتعود هذه الجذور لتورق رؤوس شياطين دكتاتورية جديدة تقتل ثمار شجرة العراق المتغيّر !.

والحقيقة إن الاستقراء التاريخي القديم وحتى قراءة العصر الحديث تؤكد لنا ان التجربة العراقية الجديدة وما تعرضت له هذه التجربة في بدايتها وحتى الآن من هجمة ارهابية شرسة ورافضة لهذا الجديد العراقي وكذا الرفض للاعتراف بها كواقع يفرض نفسه بقوّة الجماهير كل هذا وغيره وحسب المنطق التاريخي هو من الامور الطبيعية في سنن التاريخ والتغيرات الكبرى في هذه الحياة، لاسيما تلك التغييرات التي تأتي باهداف وتطلعات ومشاريع وحركات ........ هي بعيدة عن ماهو قائم في محيطها الاقليمي والعالمي او غير متواطئة معها في عملية تغييره المستقلة، فعندئذ من الطبيعي والمعقول تصور بناء ردّة فعل عنيفة ضد مشاريع مثل هذه التغيرات الكيفية الغريبة الشكل عن الوضع السياسي والاجتماعي القائم، والذي هو بالفعل حاصل في تجربة التغيير العراقية الحديثة !.

نعم غير التجربة العراقية الجديدة بعد 2003 م كذالك هناك تجارب تغييرية انسانية اقليمية عراقية او عالمية تعرضت في بداية انطلاقاتها لرفض وردّة فعل قاسية جدا مع شتى انواع الاساليب الاعلامية المشوّهة والمدمرة للمنجز التغييري من قبل العالم المحيط بها والمركب تركيبة سياسية معينة، بل ان بعض ردّات الفعل الرافضة للتغيير والتجديد في منطقتنا العربية والاسلامية والدولية قد صعدّت من لهجة الرفض للتجديد والتغيير الى حد شنّ حروب ابادة لسنوات طويلة على بعض التجارب التغييرية كالذي حصل في تجربة التغيير الاسلامية الايرانية الشقيقة على أمل اسقاط التجربة او على الاقل اخضاعها للابتزاز السياسي وترويضها للتنازل عن شعاراتها التغيرية الاستقلالية واهدافها وتطلعاتها الكبيرة، ولو فرض ان الجانب المتغير قد تنازل عن مشروعه او ضعف في بداية الطريق او وهن عزمه من السير للوصول الى اهداف الاستقلال والتطور في داخله وخارجه،لكان الموت الفجائي هو الحصيلة الواقعية لمشروع التغيير ولما وصلت ثورة الى نجاحها في هذا العالم البشري المعقد والمركب تركيبة مصلحية بعضه بالبعض الاخر، ولذهبت جميع التضحيات من اجل التغيير هباءا منبثا ليكون شعب التغيير او امة التغيير من الذين خسروا الخسران المبين !!!.

كذالك التجربة العراقية الجديدة وما تتعرض له اليوم من حرب ابادة ارهابية قد دقت طبولها مبكرا ومن اول يوم للتغيير في العراق في 2003 م الى ساعتنا هذه وهكذا الحرب الاعلامية القائمة على قدم وساق ومنذ انطلاقة عملية التغيير في العراق تردفها اموال لاتأكلها النيران هدفها الاول والاخير هو اما اسقاط عملية التغيير العراقية برمتها والعودة بعقارب الزمن الى ماكان عليه قبل التغيير، واما على الاقل تزييف عملية التغيير وتجريدها من شعاراتها الانسانية الكبيرة في البناء والحرية والاستقلال والتطور من خلال اظهار قيادة التغيير وحكومتها المشكلة على اساس انها قيادة لا تحمل اي مميزات مختلفة عن قيادة العصر الدكتاتوري القديمة او ان حكومة التغيير هي نسخة طبق الاصل من حكومات التخلف والجمود والدكتاتورية في المنطقة والعالم لتتحول التجربة الجديدة وتلقائيا الى تجربة فاشلة تفقد ثقة مواطنيها لتتحول فيما بعد الى جثة هامدة شديدة الشبه بباقي الانظمة السياسية القائمة من حولها على الفساد والظلم والجمود لتشاركها بنفس صفة الموات والدكتاتورية والتخلف والتبعية للاخر ليس الاّ !.

إن على الشعب العراقي ان يدرك حقيقة لابد منها لنجاته اولا من محرقة الحاقدين على تغييره، وثانيا لضمان مستقبله ومستقبل اطفاله ان يكون بيده هو وليس بيد اعدائه من اعداء التغيير والتطور فيه وفي حريته واستقلاله، وهذه الحقيقة هي :(( ان التغيير الذي صنع في العراق هو تغيير الشعب العراقي برمته لاغير، وان ما حكومته وقادته الا امتداد لأرادته الفعلية التي هو يصنعها وبامكانه ان يغيرها حسب الثوابت التي خلقها له التغيير الجديد في انتخاب القيادة وشرعية تغييرها وعليه ستكون عملية الدفاع والحفاظ على المنجز العراقي التغييري الجديدة بثوابته الاساسية المعاشة عراقيا اليوم، هي مسؤولية المجتمع الذي ضحى من اجل ان يصل الى هذ التغيير، وأي اعتقاد من قبل الشعب العراقي انه تجاوز مرحلة بداية الطريق او انه وصل الى النهاية مع عملية التغيير، او ان يشكّ بمسيرته ويتراجع بخطوته الى الخلف امام اعلام المغرضين او اموال الاعداء وحربهم الارهابية الشرسة ضد امنهم واستقرارهم وتجربتهم، او ان يشكك في صلاحية انتخابه، او او يرتاب بنضوج عقله السياسي الذي قدم الاكفأ لادارة شأنه العام ....الخ، كل هذه السلبيات التي ترتدّ على دين تغييره هي حقن وحبوب سامة مميتة لوجوده وعليه الحذر الشديد من تناول بعضها او الترويج اعلاميا لمنتجها الشيطاني المدمّر !!.

ونعم على الشعب العراقي ان يضع نصب عينيه انه لم يزل في بداية طريقه التغييري رغم عظيم التضحيات في بناء مؤسسات دولته وانتخاب حكومته وتثبيت مواد دستوره وادامة تنظيف وتطهير تجربته السياسية من الفاسدين والارهابيين المنبثين داخل الجسد العراقي الجديد، وان اعدائه واعداء تجربته التغييرية لم يزل في جعبتهم الكثير من الارهاب والاعلام والتشكيك ..... واساليب الحرب التي تحاول الانتصار عليه وكسر ارادته والنيل من عزيمة سيره الى الامام ))!!.

فأذا وضع الشعب العراقي أمام ناظريه هذه الحقيقة سيدرك حتما وضوح طريقه والى اين يريد ان يصل وكيف يحافظ على منجزه ويطعن عدوه ويصفعه بكل مؤامراته ليطيح به الى الخلف خارج حدود العراق خاسئا وهو حسير !!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com