|
اعيدونا الى زمن الدكتاتور! هادي جلو مرعي نعم وبأمتياز فلم يعبر نظام الحكم الذي ساد في العراق من عام1968 والى 2003 عن حاجات الناس ومشاعرهم وطموحاتهم وانشغل بدلا من ذلك بحزمة من الاشكاليات والمشاكل والرغبات، ودفع لها ثمنا باهظا وليس لوحده فقد شاركه الشعب ذلك الثمن وبالتالي فان دكتاتورية صدام حسين ليست المثال . وكان سقوطها منتظرا. في المقابل فان الديمقراطية الناشئة بعد 2003 لم تستطع ملء الفراغ وانشغلت بالفوضى واتاحت المجال لمجموعات بشرية لتتبؤا مناصب مهمة تمكنت من خلالها لتتسلط على موارد الدولة وتصنع الخراب لتفضيلها قضاء الحاجات الشخصية على حساب المصالح العامة عدا الصراع المحموم على السلطة، وكذلك الصراع الطائفي والاثني وتعدد السلطات في الجهاز الواحد والمؤسسة الواحدة وغياب المركزية في اتخاذ القرار والارتباط بنوايا واجندات الخارج . ما يدفع الى تصور خطر جدا عن مستقبل هذا البلد، والى تشاؤم غير مسبوق من امكانية تحقيق النجاح وبناء الدولة المؤسساتية .. ومقابل ذلك ايضا فان الدعوات الى عودة النظام الشمولي ليست مقبولة على الاطلاق، وقد تسببت بها المعاناة التي يواجهها العامة من الناس الذين يفتقدون الى الوظائف والخدمات والامن، والقدرة على الحصول على حقوق انسانية مسلم بها في جميع بلدان الدنيا _حتى المتخلفة منها _. واذن ماامكانية اختيار نظام وسطي لا يرجح كفة على كفة بل يوازن بين اتجاهين سياسيين وفق نظرية (الدكتاتورية الرشيدة ) التي يمكن بها اعادة الهيبة الى الدولة العراقية، وتأكيد التماسك الديني والقومي، عبر جملة من الاجراءات والسلوكيات المركزية الفاعلة ومنع الفوضى، وابعاد الحثالات عن الدخول الى دوائر تحتاج لادامة العمل فيها الى شخوص ذات قدرات ذهنية ونفسية وحسية عالية . وبناء جيش قوي ومنظم واجهزة استخبارات تسبق الحدث لا لتبرر الكوارث بعد وقوعها . وتتيح مساحة من الحريات العامة وحرية صحافة وتعبير منضبطة، ومؤسسات مجتمع مدني بعدد اصابع اليدين والقدمين لا بعدد شعر رأس الف مواطن كما هو الحاصل الان .؟ يمكن الاقتداء بالدكتاتورية الرشيدة من خلال النظر في طريقة الحكم في بلدان مثل تركيا، والاردن وايران، ومصر، وبلدان اخرى وربما ساعد ذلك اي قيادة تتولى ادارة الدولة عندنا لفهم متطلبات العمل السياسي وتوزيع الادوار والمناصب واعادة تقسيم المجتمع ودفع الطبقة الوسطى الى ساحة الوجود، وعدم فسح المجال للجهلة والاميين من التحكم بمصائر الناس، وبدون ذلك سنظل نتعارك ونتصارع من اجل حقوق قومية وطائفية لن نحصل عليها بل تقودنا لمزيد من الخسران .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |