|
مابعد الفتنة السنية الشيعية أسلاميا وحدة الامة بعالم مختلف .. رؤية مستقبلية؟! المتتبع للامور منذ بداية انطلاقتها في منطقتنا العربية والاسلامية وبالخصوص في العراق بعد اسقاط طاغية العراق صدام حسين في سنة 2003م، وماتبع ذالك مباشرة من تفجير قنبلة الفتنة الطائفية والمذهبية في العالمين العربي والاسلامي وفي العراق ايضا، يدرك ان ورقة هذه الفتنة وكيف بدأت ؟. ولماذا انطلقت؟. والى اين ارادت الوصول ؟. وماهي اهدافها؟. ومن هي الجهات التي قامت على تخصيب يورانيومها المدمر ...؟.....الخ . قد خبى بالفعل وهجها الذي بدأت به منذ عام 2003م حتى اليوم، فلاريب ان اشتداد استقطاب الورقة الطائفية في المنطقة ككل قد خفّ هذه الايام بصورة ملحوظة، حتى ان المنابر الاعلامية والاقلام الطائفية والمؤسسات الحكومية التي تناصر اشعال فتيل هذا الخطّ الطائفي واثارة الفتنة والكراهية بين المسلمين قد فقد كثيرا من استقطابه الذي كان يتمتع به ابّان تفجير صاعق هذه الفتنة فيما مضى، بل واكثر من ذالك اصبح دعاة الفتنة الطائفية والكراهية المذهبية بين المسلمين بصورة عامة والعراقيين باعتبارهم صرّة الحدث الكبير بصورة خاصة منبوذين بشكل واضح من قبل شعوب وجماهير هذه المنطقة العربية والاسلامية، ولم يبقى من صلف دعاة الفتنة وحارثي رمادها العتاة الا لفيف يتوارى عن الانظار باطروحاته الطائفية المذهبية التي تدعوا لاقتتال علني بين الامة المسلمة الواحدة لاسيما بين سنة الاسلام وشيعتة !!. ولهذا عزف كثير من جمهور العالم الاسلامي بعد ان اتضحت الرؤية لهم عن الاصغاء لما يقال طائفيا والتفتت الى ماهو ثابت من ثوابت الامة الاسلامية في وحدة الامة وتنوع مشاربها الفكرية الطبيعية التي سمح بها الاسلام وغض الطرف عن تفاعلاتها بلا خوف ولاخشية من اثارتها للنعرات والتفكك الاجتماعي او الاسلامي !!. نعم انها ظاهرة تبدو عليها سمات الوضوح تلك التي تبرز للسطح من عدم تفاعل امتنا الاسلامية اكثر من ذالك مع ورقة الفتنة الطائفية السنية الشيعية بالشكل الذي بدأت عليه فيما مضى وإن لم تزل هناك بقايا تأثير طفيفة هنا وهناك إلا ان المقياس العام بدأ يميل لكشف المخبوء تحت هذه الورقة الطائفية ويتعامل مع اجنّداتها بشيئ من الوعي الذي لم يكن موجودا في السابق الا انه تكّون بعد التجربة التي خاضتها هذه الامة وهي تتهيئ للخروج منها انشاء الله، بل ان هذه الامة عادت لتنبذ هذا الطرح السمج ولتتحول الى انتاج ردّة فعل سلبية على كلّ مَن يطرح هذا الطرح الممزق للحمة الامة الواحدة مع رفض قوي دفع بالكثير ممن يقتاتون على هذا البنك الطائفي السياسي ان يفكروا بالفعل بغلق هذا الدكان والبحث عن لقمة عيش في حيز اخر من هذه الحياة !!. في الحقيقة إن أكثر مايثير الانتباه في ظاهرة الفتنة المذهبية التي اشتعلت في العراق وفي العالمين العربي والاسلامي فيما بعد والتي تستحق الدراسة منذ الان فصاعدا ( طبعا للواعين من اصحاب الفكر والنظر ) هي ليست ظاهرة اشتعال الفتنة بحد ذاتها !!. ولا ايضا كيفية ابتداءها ؟!، ولاحتى مَن المستفيد كان ولم يزل منها ؟!!، وانما مايثير الانتباه بالفعل في هذه الظاهرة والتي والحمد لله مرّت عاصفتها القوية ولم تبقى من ريحها الا الخفيف الخفيف جدا هي ظاهرة وتساؤل : ماذا بعد هذه الفتنة ؟. إنه سؤال يبدو للوهلة الاولى انه يريد قلب لمعادلة رأسا على عقب لتكون الاهمية ليس في البداية وانما فيما بعد النهاية، ومثل هذه الاسألة من الصعب ادراكها بوضوح لاعتمادها على الرؤية المستقبلية وليست رؤية الواقع المعاش والملموس، ولهذا قلنا انه الان يجب ان تبدأ دراسة الظاهرة الحقيقية للفتنة وتبعاتها وليس قبل ذالك لنستشف اجابة سؤال : كيف تكون هذه الفتنة ليست مهمة في بداياتها وتكون مهمة جدا دراسة ماذا بعدها في نهاياتها على الحقيقة ؟. بمعنى آخر : كيف تكون ظاهرة اشتعال الفتنة ليس باهمية مابعدنهايتها وضعف تأثيراتها وهي التي اقتربت من اسقاط الامة كلها في حرب طاحنة داخلية ؟. ثم كيف لم تكن حقيقة مَن وراء هذه الفتنة مهما بقدر اهمية مابعد مرور هذه الفتنة واندحار تاثيراتها الكبيرة جدا ؟. اولا : للاجابة على مثل هكذا اسألة قبل الجواب على سؤال ماهي اهمية مابعد الفتنة الطائفية، ينبغي علينا ان ندرك مفهوما فكريا اسلاميا اصيلا أسس له الاسلام في اطروحته العالمية للجواب على سؤال: هل بالامكان تصور نهاية لوحدة الامة المسلمة تحت اي ظرف من الظروف العالمية الانسانية المتغيرة ؟. وهو مفهوم (الصناعة الالهية لهذه الامة المسلمة) فهذا المفهوم من المفاهيم البديهية في الاسلام والذي على اساسه بُنيت فكرة ان الله سبحانه وتعالى هو من وضع قواعد الامة المسلمة منذ آدم الى قيام الساعة بما في ذالك الامة الاسلامية، وهو من جمع شتاتها وألف بين قلوبها لتكون وحدة متماسكة الى يوم الدين بقوله سبحانه: (إن هذه أمتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون/ الانبياء) وبقدر مايلتزم المسلمون بربهم ودينهم بقدر مايأتلفون على كلمة الاسلام ودين التوحيد، ومن هنا قلنا ان ما اسسه الله سبحانه وتعالى لا يمكن لاي قوّة في هذه الارض من ازالته !!. صحيح ظاهرة التشتت لاتصيب هذه الامة المسلمة الا عندما تتخلى عن اسلامها او عن واضح تعاليم هذا الدين، لتتدحرج في أتون التفرقة والتشرذم، او في غياهب ظلمات التشدد واتباع البدع في الدين وغير ذالك كما نراه في بدعة ظاهرة تكفير المسلمين عندئذ يبين الوهن والتشتت في تماسك هذه الامة الواحدة وتتفجر الصراعات الطائفية والمذهبية وتدخل عوامل الخارج والداخل لخلخلة اسس وحدة الجمهور السلامي، وأما مع وجود الالتزام بالاسلام وتعاليمه المحمدية البيضاء السمحة فان الامة مضمون لها التماسك والوحدة والقوة الى ماشاء الله لهذه الوحدة الاجتماعية ان تسير، فإن ذالك يعتبر بديهية من بديهيات الفكر الاسلامي الذي أكدت على ان وحدة هذه الامة مضمونة التماسك ولايمكن الاطاحة بها لانها من صنع الله سبحانه الذي قضى لهذه الامة ان تكون وتظهر لهذا العالم البشري، وبذرةٌ على هذا الاساس واضعها الله سبحانه وساقي شجرتها هو سبحانه وتعالى وحافظ وجودها العلي القدير لايمكن لالفتنة طائفية ولالحرب عالمية او كونية ان تزيل وجودها من هذا العالم على الاطلاق، وهذا اولا !!. ثانيا : قلنا ليس مهما معرفة مَن هو وراء مفجر ثورة الفتن داخل الامة الواحدة بقدر ادراك نتائج مابعد هذه الفتنة وهدوء غبارها الاسود بسبب انه ودائما وعلى طول التاريخ يتأكد لهذه الامة المسلمة ان مفجر كوارث الفتن داخلها هو عدوها على الحقيقة وعدو وحدتها وقوتها من الداخل والخارج، ولكن في بعض الاحيان الغفلة تغمر الامة بكابوسها لتنسى اسلامها وتتخلى عن عوامل الوحدة بداخله وتلتفت الى شعارات تفرقها ( قومية او اشتراكية شيوعية ....الخ ) اكثر مما تجمعها على كلمة الله سبحانه السويّة، فيسهل عندئذ تلاعب العدو بمفرداتها الاسلامية الداخلية ومذاهبها وتوجهاتها الفكرية والطائفية لتفجر من داخل هذه المفردات صراعات جانبية وثورات فتن سطحية، وبالفعل وبسبب الغفلة تنساق هذه الامة في اتون مثل هكذا مخططات وتتقاتل وتتنافر هنا وهناك، ويعلو صوتها من الداخل الى الخارج، ولكنّ بالمحصلة النهائية وبعد شوط قصير من هذه الغوغائية كُتُب على هذه الامة في الازمات والتشرذم ان تبحث عن القاسم المشترك من جهة، وتبحث عن القاضي الذي يعيدها الى الكلمة الجامعة لهذه الامة وهي بالحتم كلمة الاسلام الاولى والاخيرة !!. وهكذا اراد اعداء الامة ادخالها في حرب وفتنة ابادة لهم من خلال تلاعب بمفردات طائفية ومذهبية، فكانت هذه الفتنة سببا من هنا وهناك لصحوة ضمير غاب وغفلة استحكمت حلقاتها وعودة للبحث من جديد عن اللحمة اكثر من البحث عن التفرقة !!. تمام هناك من يرى من الخارج الاسلامي ان الاسلام اكبر قوة بامكانها ان توحد هذه الامة وتجعلها معادلة صعبة الانكسار او الهزيمة بين الامم، ولهذا وكلما شعر العدو بميل فطري داخل هذه الامة نحو العودة للاسلام وافاقه الواسعة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، حاول ان يوظف هذا الميل لمصالحه الاستعمارية في اضعاف هذه الامة من خلال تحريك المفردات الاسلامية نفسها وجعلها في حالة تنافر وتناشز وطائفية وفتن وليس في حالة تآلف وتوالف ووحدة وتماسك اجتماعية ليضمن شيئين اساسيين وهما : اولا : يضعف الوحدة الاسلامية القادرة على صنع المستحيل من الداخل بتفجير صاعق الطائفية والفتنة المذهبية وصناعة وهم التنافر بين هذه المذاهب والطوائف داخل الاسلام !. وثانيا : يطرح مشروع ان الاسلام والعودة لمشروعه هو تمزيق لوحدة هذه الامة وليس توليف لقلوبها وتوحيد لطاقاتها وتماسك لمجتماعاتها المتلونة، وبهذا يكون اضعف الامة بالكلية من الداخل من جهة، وطرح صورة عن الاسلام مشوهة وغير واقعية لوجوده من جانب اخر، وثالثا وهو الاهم قطع طريق الميل الوجداني والفكري والروحي لدى هذه الامة في العودة الى الاسلام والى تعاليمة من بداية الطريق عندما اظهر لهذه الامة ان مجرد تفكيرها او صحوة ضميرها برؤية الاسلام على اساس انه المنقذ والمخلص لها من الضعف والوهن بين الشعوب والامم، مجرد هذا الميل صنع كل هذه الحروب والفتن داخل الامة الاسلامية، فكيف اذا طبّق هذا الاسلام على ارض الواقع وطالب المسلمون بتطبيق حكومتهم الاسلامية على هذه الحياة !!!. هذه هي الدوافع الحقيقية التي تجعل من اعداء الاسلام مجتمعين مستعمرين ومؤمنين بايدلوجيات الحاد شيوعية وقومية من ضمن المسلمين انفسهم يطرحون بقوّة قضية الفتنة الطائفية الاسلامية ويشيرون بصراحة الى ان المطالبة بالاسلام كنظام للحياة يعني انفجار للفتن الطائفية والمذهبية بين المسلمين، وهذه ايضا هي الحقيقة التي توّصل لها المسلمون اليوم وبعد الفتنة ولهيب نارها : ان من يدعوا للفتنة وللطائفية ويثير نارها ( من وهابية وسلفية وحركات ابتداع اسلاموية اليوم ) ماهم وماعملهم الا خدمة استعمارية هدفها الحقيقي الاول والاخير هو ابعاد هؤلاء المسلمون عن سرّ قدرتهم وقوتهم (الاسلام العظيم)، ولكن باساليب غاية في المكر عندما يستخدمون الاسلام لضرب الاسلام نفسه من الداخل!!. الان يبدو اتضحت فكرة ايجابيات مابعد الفتن على الامة اكثر من سلبيات بداياتها وماتثيره من عواصف، فلولا الفتنة وما مرّت به هذه الامة من محن في العراق وفي العالمين العربي والاسلامي لما استيقضت فينا روح البحث عن المخرج (( وعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ..)) ولما تساءلنا مَن المستفيد من تحريك الملفات الطائفية في المنطقة ؟. ولما ادركنا الكيفية التي يريد اعداء الاسلام ان يبعدوا المسلمين عن اسلامهم بادوات اسلامية ومفردات سلفية مغشوشة وبان عوارها وزيف حديدها الذي قدّم في البداية على اساس انه الذهب الخالص للامة وذهنياتها وعقلياتها ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين !!. يبقى ان نشير الى نقطة جوهرية في الموضوع كله، وهي نقطة ماذا بعد الفتنة السنية الشيعية في منطقتنا والعالم والعراق ؟. وهل ستنتهي وتحترق ورقة الاعداء هذه بلا ردّات فعل منتظرة في هذه النهايات السعيدة للفرد المسلم ؟. أم ان بدايات الفعل الاسلامي الصحيحة دائما تأتي بعد محن وبلاءات الفتن الطائفية التي يزرعها اعداء الاسلام بالاساس لابعاد المسلمين عن اسلامهم وقوتهم ونهضتهم وحضارتهم وعزهم الواقعي ليس الا ؟. بمعنى آخر ماهي المسارات السياسية والفكرية والجماهيرية الاسلامية بعد هدوء ضوضاء وغبار معركة الفتن المختلقة داخل الامة الاسلامية ؟. وهل ان اول من سوف يموت تجميدا بساحة الوئام والتالف والوحدة الاسلامية المتوقعة في القريب العاجل هم دعاة الفتنة وحرث النار الطائفية والممولين لاستمراها والمخططين سياسيا لادامتها ؟. أم ان الموضوعة خاضعة للجدل الغير منتهي الى افق محدد المعالم والاتجاهات في حركة هذه الامة المسلمة ؟. الحقيقة ان حركة هذه الامة المسلمة هي كحركة باقي الشعوب والامم وسننها في التاريخ وحتى اليوم، ومادام ان لهذه الامة المسلمة حركة اجتماعية ووعي جماهيري ...، فلابد ان يكون لها مراحل وانتقالات واقعية من واقع انساني الى اخر بشري مختلف في الاسلوب ومتنوع في الايقاع، وعليه عندما نقول ان هذه الامة المسلمة قد تجاوزت بصورة كبيرة مرحلة الفتن الطائفية واحتراق مؤثرات اوراقها الفكرية والنفسية على الامة وضعف مفاعيلها السياسية بصورة حادة، فاننا نقول من الجانب الاخر ان هذه الامة قد انتقلت شعوريا وادراكيا من مرحلة عمق الفتنة الى مرحلة تجاوزها والتفكير بايجاد افق مشترك ينزع فتيل الفتن ليؤسس لوحدة اسلامية تقوي من روابط الاجتماع على اسسه الاسلامية لتكون فيما بعد هذه الاسس بدلا من كونها بذور للفتن ستكون بذور للوفاق والوئام والوحدة داخل الاطار الاسلامي العام !!. اي ان وعي الامة الاسلامية العام بدأ بتجاوز جمود عقلية المفردات الاسلامية التي تغذي الصراع الطائفي والمذهبي بين الامة الواحدة والذي يعمل عليه الاعلام المعادي للاسلام باظهاره ونشره والتطبيل له بين الجمهور الاسلامي، لينتقل الى هجر المفردات الاعلامية تلك ليبحث عن مفردات الوفاق والوحدة الاسلامية والتي هي بالاساس الجوهر الاسلامي الاصيل للاسلام ووظيفته الواقعية في بناء الامة، ومثل هذه الانتقالة العقلية والذهنية لهذه الامة المسلمة هي الظاهرة التي اشرنا لها في بداية مقالنا على اساس انها ظاهرة بدأت بالبروز والتبلور لدى القطاع الواسع من جمهور المسلمين داخل الامة، وهي ايضا الانتقالة التي يحاول الاعلام المعادي للاسلام والمسلمين ان يشوّش عليها او ان يعيق تقدم المسلمين حولها بان يضخ اعلاميا ويذكر يوميا بمفردات الاختلاف والتناشز الاسلامية بين المسلمين اكثر من مفردات التوافق والوحدة وهكذا!!!. وهكذا نعلم ان قافلة الوعي الاسلامي قد غادرت محطة مفردات الفتنة الى محطة مابعد الفتنة الطائفية والمذهبية داخل الاسلام لتطرح ماذا بعد الفتنة السنية الشيعية داخل الاسلام ؟. وماذا سيكون مصير من اسس وموّن ونفخ وقاد حرب الفتنة بين المسلمين في الحقبة الماضية ؟. إن الامة المسلمة بعد ان اكتوت بنار الفتنة، وبعد ان وعت درس اعدائها ومايهدفون اليه، سوف لن تمر مرار الكرام بعد هذا الوعي الغالي الثمن على مرحلة ماقبل تجاوز مفردات الفتنة بكأن لم يكن هناك شيئ في ساحة الفتنة القديمة ؟. وسوف لن تقبل ادراكيا وشعوريا ان تتجاوز مرحلة الفتنة الى مابعدها بدون ان تلتفت لبقايا ساحة معركة الفتنة لتصفي البقايا الباقية في هذا الطريق قبل ان تنتقل لمرحلة مابعد الفتنة !!. بمعنى اوضح : ان سنن التاريخ ومحركات المجتمعات البشرية تحدثنا ان في كل انتقالة لأمة من واقع لواقع اخر كالذي يحصل اليوم لامتنا المسلمة في انتقالها من تنور الفتنة الى مابعده، ستفكر قبل الوصول الى الواقع الجديد بتنظيف ساحة المعركة القديمة من كل مايمكن ان يكون عائقا للمرحلة الجديدة، فبقايا معركة الفتنة وقادتها وجنودها ومايطلقونه من اعلام ومايطرحونه من شعارات وافكار وماينفقونه من اموال ويستوردونه من اسلحة ..... كل هذا يعتبر بقايا من مرحلة الفتنة القديمة، ولايمكن لاي امة تحاول مغادرة واقع بهذا الثقل ان تترك كل هذا الكمّ الهائل من بقايا العصر الماضي متحركا على الساحة خلفها، بل من طبائع سنن التغييرات الاجتماعية الكبرى ان تتوقف قليلا لازالة كل مفردات الواقع القديم الذي يعيق تهيئة الارضية للواقع الجديد !!. وهذا بالضبط ماسوف تقوم به امتنا الاسلامية في هذه المرحلة قبل انتقالها للمرحلة الكبرى مابعد الفتنة الاسلامية التي تفجرت وخبت ولم يبقى منها الا دخان هنا وهناك، وعلى هذا ستكون ردّة الفعل لهذه الامة التي تريد ان تتجاوز مرحلة الفتنة الداخلية داخل الاسلام لفضاء الوحدة الاسلامية الارحب متوجهة بكل قوتها اولا لادوات الفتنة القديمة والانقسام الاسلامي الكبير (دعاة دينيون للفتنة حكومات ممولة لهذه الفتنة هيئات اعلامية تلعب على وتريات الانقسام احزاب منظمات مجتمع مدني .....الخ ) لاباعتبار ان هذه العناوين هي فقط ضد وحدة الامة الاسلامية لاغير، بل بسبب ان سنة وقانون التحول الاجتماعية سوف تفرض على مجتمعاتنا الاندفاع بهذا الاتجاه سواء شاءت هذا الشيئ او لم تشأه وتدركه على الحقيقة، ومن هنا فمواجهة شعوبنا الاسلامية لمخلفات الفتن الداخلية ستظهر اكثر واكثر ظواهره الحتمية من خلال اولا عزوف الجمهور الاسلامي عن خطاب الانقسام وهذا مانراه اليوم، ثم تحولها بعد ذالك لنقد مفردات التطييف والتمذهب ثانيا، ثم بعد ذالك تاتي مرحلة الثورة الفعلية على كل من يرفع شعار الطائفية والتمذهب والتقسيم الاسلامي ومن اي منطلق ومبرر كان !!. وهذه المرحلة الاخيرة هي من اهم المراحل التي تصنع مخاض التحوّل الكبير في منطقتنا العربية والاسلامية والعراق بالخصوص، باعتبار انها مرحلة توجيه الثورة الاجتماعية الحقيقية ( الغضب على الوضع القائم عربيا واسلاميا ) من ثورة تاكل بعضها لبعض في حرب الفتن الداخلية الطائفية الاسلامية، الى ثورة تنتقل لتماسك الجبهة الداخلية الاسلامية وبناء لحمة الوحدة ومن ثمّ الوثوب على الخارج الاسلامي من انظمة سياسية عربية واسلامية تمون الارهاب الطائفي ودعاة دين ووعاظ سلاطين تكفيريين يعملون في خدمة من يدفع اكثر واعلاميات وهيئات واحزاب تقتات على اضعاف هذه الامة من الداخل !!!. هنا في هذه المرحلة ( مرحلة المخاض ) ستكون النظم الدكتاتورية في منطقتنا العربية والاسلامية والنظم السياسية والهيئات الاعلامية والنظم المدنية والاحزاب اللااسلامية شيوعية وعلمانية قومية ....الخ هي في ساعة الاستنفار القصوى ضد صحوة الامة وانتقالها وحركتها من واقع الى اخر، اي ان هذه السُلط السياسية والاحزاب الالحادية وغير ذالك ستوظف جميع طاقاتها الفكرية والاعلامية والسياسية والحزبية في سبيل بقاء هذا المجتمع الاسلامي في مكانه من الفتنة الذي يحاول الخروج منها بكل طريقة ممكنة ليستنقذ وجوده الجديد لتبدأ فيما بعد عملية الصراع بين هذه الهيئات والاحزاب والسياسات والُسلط التي تريد هذه الامة وبقائها في دائرة الفتنة باعتبار انها هي دائرة المعتقل التي تلهي وتغيّب الامة عن كل مطالبها الجديدة ( وحدة الاسلام وقوته ) التي سوف تسحق حتما تلك الهيئات بطريقها في التوحد والقوة والالتفاف حول الاسلام وقوته اكثر فاكثر، وبين المجتمع الاسلامي الذي وصل الى قناعة ضرورة ان ينتقل من مرحلة الضياع والفتنة والحرب الداخلية الى مرحلة القوة والبأس والجديد الذي يخلق لها الكيان والمعلم والشوكة بين العالمين !!. إن الصراع الذي نعيشه في اللحظة الراهنة عراقيا وعربيا واسلاميا بين قوى التطرف والتكفير والطائفية والتقسيم ونظم الاستبداد العربية مضافا لها ورديفا معها الاحزاب الالحادية الشيوعية والقومية الرجعية بمساندة الاستعمار الخارجي، وبين مجتمعاتنا الاسلامية وماتطمح له من الالتحاق بالاسلام (وليس العودة اليه فالاسلام في المستقبل منتظرنا وليس في الماضي يريد ان يرجعنا اليه) هذا الصراع و صورته هو ماذكرناه من مخاض وحركة وانتقال من عمق هلوكوست الفتنة الذي نصبه لنا اعداء الاسلام الخارجيون والداخليون، الى سلام الاسلام ووحدته وبناءه وقوته، وعلى المؤمنين بالاسلام بالدفع بحركة المجتمع الاسلامي للوصول الى واقعه الجديد في الوحدة مع الالتفات الى ان المعركة مع قوى التخلف والفتنة لم تزل قائمة، وعلينا جميعا الالتفات للاطاحة بالوضع الفتنوي العربي السياسي الطائفي وبجميع ادواته الرجعية الالحادية والحزبية والاستعمارية لنتمكن من الانتقال الى مابعد الفتنة وعندها ستكون خريطة الوحدة والقوة لعالمنا العراقي والعربي والاسلامي خريطة مختلفة جدا فيما بعد المستقبل القريب وبادوات واليات نستطيع ان نسميها مابعد القوة والوحدة الاسلامية، فافهم هذا بارك الله لنا ولك وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه !!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |