|
من يصدق جمع التبرعات
محمد علي محيي الدين أطلق ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه حزب الدعوة الإسلامية، حملة واسعة لجمع التبرعات من أنصاره بهدف تأمين الحملة الانتخابية، في سابقة هي الأولى من نوعها في العراق، بحسب عضو باللجنة التنفيذية لـ (دولة القانون)،وسيكون ذلك عن طريق اعتماد حساب مصرفي في جميع فروع مصرف الرافدين.(نقلا عن أصوات العراق بتصرف). وهذه الظاهرة تدعوا الى الاغتباط والفرح لأن أول من أتخذ من التبرعات في تاريخ العراق الحديث مصدرا لدعايته ومسيرته الحزب الشيوعي العراقي وكان يلزم أعضائه بجمع التبرعات من أصدقائهم وما أكثرهم ،فكانت هذه التبرعات مورده الوحيد يضاف لها ما يجمع من اشتراكات أعضائه وتبرعات أصدقائه ومؤازريه وهؤلاء كانوا نعم المصدر لموارد لن تنضب وتشكل عمادا لمسيرة الحزب طيلة عقود من السنين،وهو أول من استعان بالتبرعات في حملاته الانتخابية أو مناسباته الوطنية لأنه لا يمتلك كما يمتلك الكثير من الأحزاب مصادر أخرى للتمويل أو يستندون لشركات أو مؤسسات ربحية ،وهذا السر في تفرده باستقلالية القرار وضمان ديمومته نظيفا نزيها أصبح مثلا أعلى للجميع بالنزاهة وحفظ الذمة ،وهو ما نتمناه لجميع الأحزاب والجماعات السياسية التي يتخذ بعضها من العمل السياسي مصدرا لجني الثروة بما تحصل عليه من معونات مختلفة المصادر لقاء مواقف تمليها هذه الجهة أو تلك. ولكن هل يصدق المواطن العراقي أن ائتلاف دولة القانون أو غيره من الائتلافات والكيانات الكبيرة بحاجة لجمع الفلاسين من هذا وذاك على شكل تبرعات وهم يمتلكون خزائن قارون بما أفاضت عليها السلطة خلال هذه السنوات ومن خلال هيمنة زعماؤهم على الوزارات السيادية والخدمية ومقاعد البرلمان والعلاقات الجانبية التي تضخ الأصفر الرنان ،وهل يصدق عراقي أن بعض الأحزاب الكبيرة بحاجة لجمع التبرعات وهي تمتلك وسائل أعلام متطورة تعجز عن مصاريفها الدول الصغيرة وأنهم يصرفون أموالا طائلة للمهرجانات والمؤتمرات ويمنحون منتسبيهم رواتب ومكافآت’ شهرية تقدر بالملايين،وان ما يمنحونه من أعانة لبعض الشرائح الاجتماعية لأغراض الدعاية الانتخابية وضمان الولاء يساوي ميزانية محافظة عراقية ،وان ما يمتلك كبار الحزبيين من شركات ومصانع يستطيعون به تمويل حملات الانتخابات الأمريكية،وأن الرواتب والامتيازات التي يجنيها منتسبي هذه الأحزاب يستطيع أن يبني دولة وسط الدولة،وأن ما صرف في الانتخابات السابقة من أموال جسيمة لا يجعل المواطن يستسلم بسهولة لحاجة الحزب الى ما يعينه في حملته الانتخابية،هذه الأمور وأمور غيرها تجعل المواطن في موطن الشك والريبة من هذا الإعلان ،وانا لا أشكك في الدوافع النبيلة لهذا الإعلان وأن تأصيله في الحياة السياسية خطوة نحو الأحسن ولكن العراقيين مشهود لهم بقراءة الممحي فلا يصدقون مثل هذه الدعاية وكان على قيادة حزب الدعوة الانتباه للأمر فأن المواطن العراقي على ما تعود عليه في الانتخابات السابقة يأخذ ولا يعطي ،وقد حصل الكثيرون على هدايا مختلفة لقاء أصواتهم أو أسهامهم في الدعاية وأغراء الآخرين بالتصويت لهم ‘فهل يتبرعون وهم يترقبون الانتخابات لتكثر الولائم والعزائم ويكثر الطبيخ والفسيخ ليأكل أولئك المتمرسين بحضور مثل هذه المناسبات. في الانتخابات الأولى التقيت برجل أعرفه وكان من المهاويل المعروفين بالطلاقة والفصاحة وله شهرته في تلك الأنحاء وكان مرتديا ملابس العمل التي هي الصاية والسترة والعقال فتراه على أحسن ما يكون وسألته عن أمره وهل أن هناك مناسبة اجتماعية تهمه حتى أكون رفيقه في أمره فقال لي وهو يضحك: (هاي الأيام أجتنه خوش شغله يوم أنهوس للوفاق ويوم أنهوس للرفاق ويم لفلان ويوم لفلتان وهي كلها أفلوس وعمك وين ما يروح يلم خرده ويهوس الهذا أو وذا ، فسألته مازحا: وأنت لمن تنتخب؟ ضحك مني وقال أنتخب روحي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |