|
حين تسرق الأوطان العظيمة سيد يوسف حين يَسرق لص رجلا أو بيتا فقد اعتاد الناس ذلك ولئن رأى الناس ذلك اللص لانهالوا عليه ضربا وسبا حتى إنه ليرجو الشرطة أن تنجيه منهم ما لم تكن بلطجته تفوق الناس قوة، وفى البلاد المتخلفة حين يسرق الحاكم شعبه فإنهم يكبرون فيه ذكاءه أو على أحسن تقدير يرضون له ذلك بحكم تعود الناس على ذلك ولعلهم يعجبون حين لا يرون الحاكم لصا، وكثير من الناس يعجبون ممن يستنكرون سرقة الحكام لثروات بلادهم بدعوى أنهم أولى الأمر حتى صارت سمعة الحكام فى بلادنا يحيط بها الفساد والشللية والنفاق واللصوصية حتى وإن لم يكن صاحبها كذلك. لكن أن تخاصم الدولة – مصر تحديدا- أبناءها بالسرقة المقننة من خلال الجباية ورفع الأسعار والضرائب الجزافية الظالمة وفواتير الكهرباء الباهظة وكذا المياه والتليفونات والنظافة فضلا عن القوانين السيئة والتى هى قوانين لا مثيل لها فى العالم كله فهذا أمر يدعو حقا لأمرين: الدهشة ومحاولة الضرب على يد الظالمين والخصوم...فلماذا ينهال الناس ضربا على اللص الذى يسرق مواطنا أو بيتا ويغضون الطرف عن سرقة الأوطان؟! إننا لم نتحدث بعد عن النسب التى تطال أصحابها دون وجه حق من صفقات السلاح والبترول ومخالفات المرور وأشباه تلك الأمور والتى هى بدع لا مثيل لها...كما إننا لم نتحدث عن تهريب الأموال للخارج وحماية المهربين وخروجهم من صالة كبار الزوار ...كما لم نتحدث عن تخريب الداخل من أجل التمهيد للتوريث...ولم نتحدث عن ابتزاز الغرب وتقديم فروض الطاعة بلا حدود من أجل البقاء على كرسى الحكم دون اعتبار لمصالح البلاد...وأمثال هاتيك القضايا. ما بال الناس يغضبون حيث ينبغى خفض الغضب ويهدأون حيث لا ينبغى خفض الغضب ...أمتنا تسرق وأوطاننا تنهب والإهانة بالغة فى السعى نحو التوريث...والصمت مريب ...والجهود مبعثرة تبحث عمن يلملمها ...والقائد غائب ...والشعب غافل...والأحداث تثرى...ولولا ثقة فى الله لأحاط اليأس بنا من كل جانب لولا أن الأمم لا تموت وأن نهاية الظلم حتمية علمنا ذلك التاريخ...لكن السكوت على تلك السرقات وذلك النهب وموضوع التوريث...يسلب الأوطان العظيمة عظمتها ويصدق فيها قول القائل: إن الدنيا إذا أقبلت باضت الحمامة على الوتد، وإذا هي أدبرت بال الحمار على الأسد...فمصر العظيمة صارت كما هى عليه الآن لولا أن أصحاب العمى لن يروا شيئا: لن يروا تفوق الصغار علينا، لن يروا أصفارنا المتعددة، لن يروا تقدم جيراننا وتأخرنا، لن يروا بولة الحمار على الأسد...وإن رائحة ذلك لتزكم الأنوف غير المعطوبة لولا أن يكابر المنافقون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |