|
حكايتي المندائية الجزء .. 2
عماد خليل بله 2. البداية السنة الاولى كلية الهندسة سنة 1970 ضمت الشعبة الخامسة ثلاثة طلاب يشتركون بالاسم الاول. كانت الشعبة في ملحق الكلية في باب المعظم تختلف عن الشُعب العشرة الباقية، فمعظم طلاب الشعبة زملاء قادمون من (كلية بغداد) جمعتهم سنوات دراسية طويلة، وفي الشعبة ابناء وبنات وزراء حاليين (وقتها) وسابقين ومن ذوي المواقع الوظيفية العالية مدنيا وعسكريا، الا خمسة، منهم اثنان من الحلة، زميلي من ثانوية الفيحاء عودة، وانا، وعلاء كاظم الكروي من بغداد الدوريين (الارضرملي/ الزرملي) وعماد نعيم يوسف (المسيحي) يسكن بيوت موظفي السكك الحديدية، وعماد اسماعيل السداوي (صابئي) يسكن حي القادسية في بغداد مقابل جامع ام الطبول. اتخذ صديقنا عودة منحىً انعزاليا، واجتمعنا بقية الاربعة منذ ذلك التأريخ. كان العلاقات جيدة بين كافة الزملاء والزميلات رغم التفاوت الاجتماعي تشاركنا الدراسة والاحترام، ودخل البعض في الشلة الرباعية موقتا وغادر. عماد نعيم اختار الهندسة الكهربائية فابتعد عمليا عنا في الحياة اليومية لكنه بقي معنا دائما، وكذلك فعل علاء لمدة سنة ليلتحق بالعمادين الاخرين في الهندسة الكيمياوية حين غير تخصصه، واصبح عماد اسماعيل (تكي) هذا ما وصفنا به زميلاتنا وزملائنا لاربعة سنوات قادمة، لذا يدخل في الحكاية حديث الرباعي. اذن تعالوا معي وانا ابحث عنهم. 3. البحث عدت من غربتي لاجد ذاتي الضائعة او هكذا تخيلت. وكيف اعثر عليها؟ لاجمع خيوط تشابكها مع شركاء الحلم والوطن. فسألت اخي الصغير كاظم ان يأخذني الى بيت ظننت انه باق بمكانه، بيت عماد نعيم. قريبا من احدى بوابات حديقة الزوراء وخلف ماكان يسمى (مجمع القيادة القومية) سيئة الذكر اذ تنتصب بيوت السكك، وتمتلك هذه البيوت رائحة خاصة فحين عرفتُها كانت تشكل قطع بستان مخضر تسكنه عوائل عاملة من موظفي مديرية السكك الحديدية، فئة من الموظفين والموظفات من درجات وظيفية دنيا ومتوسطة، ربما بنيت لهم ابان العصر الذهبي لجمهورية الخالد عبد الكريم قاسم، محلة صغيرة بدأت ملامح التغيير تظهر حين ظهرت زوجة السيد النائب (ساجدة طلفاح) لتكون معلمة في مدرستها الابتدائية. دخلنا المنطقة بعد ان سمحت لنا نقطة السيطرة حين عرفْنا عمن ننوي زيارته كأحد سكان المنطقة وكان هذا دليلنا الاول بان اهل البيت مستمرون في حياتهم فيه. فوجدت المحلة كحال باقي العراق فقد امتدت معالم التغيير للمنطقة اذ ارتفعت جدران قصور مترفة بحجرها البارد مزيحة البيوت الدافئة المتشابكة بحميمية باسوار من الاس نحو مؤلفات الذكريات المنقرضة، وفقد النص الاصلي للمكان بعد ان غادر السكان القدماء. عثرت على بيت ابي كرم( هكذا صار اسم عماد نعيم)، ووقفت عند باب الحديقة انظر الى التغير البسيط الذي حصل والبيت الذي حافظ على سمات بساطته ودفء تكويناته، انظر وانتظر ان يرد عماد على قرع الجرس. وبدل ان نرى قامته الفارعة الطول تقدمت نحونا سيدة واخذت تتفحص وهي ترد السلام، ثم قالت" عماد غير موجود" ردا على سؤالنا. توقفت عن المغادرة بعد ان وضعت نصف جسدي بالسيارة حين نادت "لحظة .. انتظر" اقتربنا من بعض، فحدقت بي بتمعن وصاحت" لازم انت عماد خليل". انا هو انا – اجبتها كمن عرف اسمه منذ فترة وجيزة- واظفت "كيف عرفتني". قالت ام كرم" اوه... لسنوات يضع عماد صورتك امامه ويسأل: اين انت؟ وماحل بك؟" ودعتني للانتظار ريثما تتصل به فهو بزيارة للصديقٍ راشد الخوري (مهندس كهرباء من شلة الوفاء العتيق ينتل محبة لامتلاكه حنين من الضغط العالي ابو10000 فولت). جاء صوت عماد عبر الموبايل حنينا وغير مصدق لتسيل دمعة على خدي، فتحت مجرى دموع فرحة. وتواعدنا على لقاء فقد حل الظلام وعليَ زيارة "التك" المندائي. انتهت المكالمة التلفونية مع عماد نعيم منذ ربع ساعة وهانحن ندور في ازقة القادسية بعد الغروب مقابل جامع ام الطبول وعلى ملامحنا وطريقة تحركنا علامات المضيعين ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |