بداية الأنقلاب على العملية السياسية

 

ازهر جرجيس/ النرويج

azherkh@yahoo.com

يشهد الشارع العراقي هذه الأيام حالة ترقب لما سيتم اقراره من قبل مجلس النواب حول قانون الانتخابات الجديد وما سيتمخض عن اجتماعهم في اليومين المقبلين من نتائج حول القانون المذكور لما لهذا القانون من اهمية بالغة في تطوير العملية الانتخابية وجعلها عملية شفافة لا يغيب فيها الناخب عن معرفة شخص من سيمثله في المرحلة القادمة سواءا في مجلس النواب ام في الحكومة المقبلة حيث انه وحسب الدستور العراقي الجديد لابد من خروج الحكومة من رحم البرلمان وعليه فان انتخابات مجلس النواب هي الفيصل في المرحلة القادمة . بيد ان الأمر لايبدو متجها الى خير اذ ان هنالك من يقف في وجه هذا القانون اعني قانون الانتخابات الجديد لأسباب غير خفية على كل متتبع للشأن السياسي العراقي حيث ان من ضمن فقرات هذا القانون فقرة خاصة بمدينة كركوك وهذا بالطبع يثير غضب الاكراد في مجلس النواب لانهم يريدون ان تكون الانتخابات في كركوك حالها حال الانتخابات في باقي المحافظات وهذا غير ممكن بسبب التزوير الحاصل في السجل الانتخابي في مدينة كركوك مما سيؤدي الى ظلم المكونات الاخرى في المدينة واعني بها العرب والتركمان فيعطي الفرصة امام مطالبة الاكراد بضم هذه المدينة العراقية الى اقليم كردستان مما سيمهد الى تقسيم العراق في المستقبل القريب. لذلك نجد الاكراد في مجلس النواب قد اعدوا العدة للانقلاب على العملية الديمقراطية برمتها فبدأوا وكالعادة بالتهديد والوعيد بمقاطعة جلسات مجلس النواب فيما اذا نوقش قانون الانتخابات الجديد الذي يحتوي على فقرة خاصة بمدينة كركوك بل لوحوا بتأجيل الانتخابات بحجج واهية والطامة الكبرى ان بعض الأحزاب الطائفية ساعدتهم في ذلك من خلال تصريحات بعضهم بأننا لا نطرح القانون للتصويت في مجلس النواب مالم نحصل على التوافق السياسي حول هذا القانون واذا لم نحصل على التوافق بين الكتل السياسية سنكون مضطرين للعمل بقانون الانتخابات القديم وهذا بالتأكيد سيرجع الممارسة الديمقراطية الى سابق عهدها من حيث القائمة المظلمة والدائرة الواحدة وكلاهما بالضد من تطلعات الشارع العراقي الطامح الى انضاج العملية الديمقراطية وجعلها نموذجا يحتذى به في المنطقة اذ ان من حق الناخب ان يعرف من سينتخب من المرشحين لا ان يدلي بصوته لقائمة مختومة برقم معين او رمز معين لا يعرف من فيها من اشخاص الا بعد ولوجهم ابواب مجلس النواب واعتلائهم سدة الحكم في البلاد وحينها لا يستطيع ارجاع صوته او تغييره فما جرى قد جري وما عليه الا ان يرض بالامر الواقع ويتحمل وزر غيره ممن هب ودب من انصاف السياسيين واشباه المثقفين.ان ما يجري في الساحة السياسية الان هو شبيه الى قدر كبير المرحلة التي سبقت كتابة الدستور اذ رأينا كيف ان الاكراد يلوحون كل يوم بهجر العملية السياسية وترك الحابل على النابل اذا لم يكتبوا ماشاءوا تسيطره في دستور العراق الجديد ويزرعوا ما رغبوا من الغام بين ثنايا هذا الدستور الأعرج حتى يمرر على الشعب العراقي ثم يجلس نفر من القوم ليطالبوا بتطبيق هذا الدستور حرفيا لا سيما المادة الاربعين بعد المائة التي يعتبرونها قرآن الشعب الكردي لانها تخص ما يعتبرونه قدس الشعب الكردي اعني بها كركوك المدينة العراقية ممتزجة اللون متجانسة الطيف والتي تعتبر العراق المصغر فهي تضم الكرد والعرب والتركمان على حد سواء لذلك فلا مناص من جعلها اقليما مستقلا من اقاليم العراق الاتحادي الفدرالي وتعطى كل مميزات الاقليم حالها حال اقليم كردستان العراق.وهذا بالطبع سيضيع الفرصة على الأنفصاليين من تقسيم البلاد الى دويلات من أجل تحقيق احلام سمحوا لأنفسهم أن يحلموا بها وأغرو بها شعبهم المسكين الذي بدأ يصنع الدكتاتور من حيث لا يشعر فترى الشعب الكردي يصفق للمسعود بلا شعور لأن الأخير أغراهم بالوطن المستقل والعلم المرفرف والشعب المرفه دون ان يشعروا بأن خطرا ينتظرهم فيما اذا حاولوا الأنفصال من العراق حيث لا دولة ستقف معهم ولا شعب سيؤازرهم وستذهب دبلوماسية جلال وابتسامة هوشيار ادراج الرياح حينها سيشعرون بنعمة هذا البلد الذي احتضنهم على مدى التاريخ وهم لفضله ناكرون.لذلك فلابد للأحزاب السياسية المتصدية للحكم في العراق أن توحد كلمتها وتتخذ موقفا حازما ازاء ما يجري من محاولات انقلابية على العملية الديمقراطية التي دفع الشعب العراقي ثمنها دما عبيطا ولابد لأعضاء مجلس النواب الحالي أن يقفوا موقفا مشرفا من اجل العراق ويناقشوا القانون الجديد كي يعرض على التصويت وفي وقته المحدد ولتكن الممارسة الديمقراطية اعني التصويت في البرلمان هي الحكم والقاضي في اقراره أو عدم اقراره مما يسد الذرائع أمام المعترضين وهذه هي الديمقراطية الحقة ان كانوا لها مدّعين.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com