|
في كثير من الاحيان يُظلم المظلوم حتى في حال أخذ الحق لمظلوميته من ظالميه كما حصل للشعب العراقي المظلوم دوما عندما ارادت العدالة ان تُرجع لهذا الشعب بعض حقوقه من ظالميه، ولكن بدلا من ان تعود حقوق الشعب كاملة بلا نقص من جلاّديه ظُلم هذا الشعب مرّة اخرى عندما لم يساوي القضاء العراقي بينه في ارجاع حقوقه وبين جلاّديه الذي أقام لهم القضاء العراقي المحترم محكمة أقل مايقال عنها انها محكمةٍ لاباطرة وقيادات وطبقات رفيعة المستوى والشأن كالذي رأيناه في محاكمة المقبور صدام حسين ومايجري اليوم من محاكمة حقير من حقراء سلطة العشيرة الصدامية علي مجيد الملقب بالكيمياوي !!. في السابق كان الشعب العراقي يُحاكم بمفكريه وعلمائه وسياسيه وتجاره وطلبته وعامته وخاصته .. أمام محكمة البعث الظالمة على اساس انهم لصوص وقطّاع طرق ومجرمين على الجملة، وبغض النظر عن محاكمات سلطة العوجة للشعب العراقي انها لم تكن الا مجرد فصول صورية ليس لها من القانونية او الدستورية او الانسانية اي رصيد، بغض النظر عن ذالك، كان الشعب العراقي يقدّم الى هذه المحاكم والمقاصل اللابشرية بشكل ونوعية توحي للمشاهد من بعيد انه بالفعل امام إما متشرّد او لصّ او قاطع طريق او غير ذالك وكل ذالك توحيه الصورة التي يقدمها جلاّدي النظام السابق لضحاياهم من المعارضين السياسيين او الناقمين على حكمهم الجاهلي الصدامي بامتياز من ملابس معترف بها قانونيا انها من ارتداء المُدانين، واشكال وصور تظهر عليها امارات التعذيب ونقص التغذية وسوء الحال، مظافا الى ذالك حالة الرُّعب التي ترتسم على المتهم العراقي انذاك لادراكه ان مستقبله ومصيره مجهول تماما بالنسبة اليه مما يدفعه الى حالة نفسية يُرثى لها، وهذا ماكان عليه القضاء والحكم في عهد النظام البائد ومايتعامل به مع ضحاياه والقابعين تحت قبضته وسلطاته من معارضين الى مفكرين الى علماء الى طلبة الى كسبة وحتى الى سياسيين !!. أما اليوم وتحت حكم العراق الجديد، وفي قضاء نتمنى كعراقيين ان يكون وجها وانعكاسا لمظلومية الشعب العراقي، واسترجاع جميع حقوقه المتنوعة، وبعد ان تغيّر الحال من حال الدكتاتورية والظلم وحكومة العشيرة واستهتار الحزب الواحد في الدولة، الى حكم الشورى والتنوع والانتخابات والتداول السلمي للسلطة، نتمنى ان يكون قضائنا العراقي فقط ناظرا الى العدالة في محاكمته لرموز نظام الدكتاتورية السابق وان لايغفل ميزان العدالة على الاقل في عملية التعامل بالمثل بين ماكان ينتهجه قضاء النظام السابق مع متهميه، وبين قضاء العراق الجديد مع متهميه من مبادي النظام السابق ليس الاّ !!. طبعا مع الفارق ان قضاء النظام الصدامي المُباد كان يحاكم الشعب العراقي من ابرياء وسياسيين ومفكرين ومعارضين للسلطة على اساس انهم مجرمون وقاطعي طريق ولصوص ومجموعة من المشبوهين، بينما قضائنا العراقي الجديد ومع انه يحاكم مجرمين وسفّاكي دماء بامتياز وحفنة من العصابة التي امتهنت رمي الناس الى الكلاب ومن فوق المباني واحراقهم بالتيزاب والاعتداء على اعراضهم .. مع هذا كله الا انه يتعامل مع هؤلاء المجرمين على اساس انهم متهمون حتى تثبت اداتهم وابرياء الى ان يصدر الحكم بحقهم والى ما غير ذالك من تعامل لقضائنا العراقي الجديد مع رؤيتنا له على اساس انه اعلى من منسوب العدالة بكثير، ولكنّ مع ذالك نحن كعراقيين لانمانع اي يكون قضائنا العراقي عالي مستوى الاخلاق والالتزام بالقانون واعطاء النموذج الاعلى عندما يكون قضاءا لتحقيق العدالة لاغير وبعيدا عن أدخال المشاعر العاطفية في احكامه على المدانين !!!. لكنّ مانؤاخذه كشعب عراقي مظلوم ويرى ظالميه في قفص الاتهام امام القضاء العراقي الجديد والذي هو اعلى سلطة في دولة القانون والاسلام، اننا لانرى فقط منسوب عالي جدا من الاخلاقية مع مجرمين بالاساس وقاطعي طريق بالمهنة ومشبوهين بالجوهر والهوية فقط وانما نرى ان العدالة التي وعِدنا بها قد تعرّضت بالفعل للاهتزاز في قضائنا العراقي النزيه ايضا عندما ذهبت هذه الدولة بعدم المساواة بين الجلاّد البعثي والضحية من الشعب العراقي في في كل شيئ، وحتى في عدالة هيئة المتهمين بين الماضي العراقي والجديد اليوم يبدو التمييز واضحا بين من يرى مثلا ( علي حسن المجيد الملقب بالكيمياوي لحرقه لاطفال كردستان بالمواد الكيمياوية ) وبين اي متهم في العراق لقديم من سياسيين عراقيين او علماء او مفكرين او مثقفين وما شاكل ذالك !!. علي كيمياوي اليوم يحاكم في القضاء العراقي كقائد من قوّاد المرحلة السابقة، بل ويعامل كاحد صانعي التاريخ العراقي الحديث، بل واكثر من ذالك علي حسن المجيد يرتدي العقال العربي والملابس التي توحي بالاستخدام الجديد من تايون او الصين، وصحته وحالته النفسية لاتوحي مطلقا بالاضطراب او الخوف من المستقبل، والرائحة التي يستخدمها لمجيئه لجلسات المحكمة وحسب مايذكر احد المخفرين له من النوع الفرنسي المشهور، أظف الى ذالك مسموح لعلي حسن المجيد ان يسأل من يشاء من الشهود ومن يشاء من القضاة ومن يشاء من مدعي الحق العام، وهكذا من حقه ان يسأل العالم من خلال شاشات الفضائية العراقية ويطرح ايدلوجيته عليهم وينظّر لحقبة وظيفته كجلاّد في حكم ابناء العوجة للعراق بعد البسملة والحمدلله .....الخ وغير ذالك الكثير، فهل هذا من العدل ايضا ايها القضاء العراقي الجديد ؟. هل من العدل ان يحاكم اركان نظام الجريمة السابق وهم لايرتدون اللباس الذي يوحي بالتهمة والجريمة والمحبوسية على الاقل ؟. هل من العدل ان يترك لعلي كيمياوي الامّي الجلف الغليظ القلب كل هذه المساحة من محاسبة القضاء العراقي ليظهر للعالم نديته مع هذا القضاء ؟. هل من العدل ومن الاخير وكي ننهي الجدل ان يحاكم علي حسن المجيد وامثاله على اساس انهم رجال حكم وسلطة وقانون وادارة واقتصاد وفكر وعلم ؟. أم انه كثيٌر جدا اذا عومل المجيد وطارق عزيز وصدام حسين على اساس انهم عصابة اجتمعت بليل للسطو على العراق والتسلط عليه بالقوة وقيادته الى الدمار !!. نعم الشعب العراقي ايها القضاء والقضاة العراقيين الجدد شعر بالالم والغبن والمظلومية من جديد عندما لم تساووا بينه عندما كان يحاكم بتهمة التمرّد على السلطة وبين ظالميه عندما يحاكموا اليوم كاباطرة وقيادات وبشر من نوع خاص ولهم معاملة مختلفة عن الاخرين ؟!!!. نعم انا اشعر بأن قضائنا العراقي الجديد ليس نزيها ولامستقلا ولاهو يملك قرار ادارة محكمته للمجرمين عندما كنت اقف امام حاكمهم الصدامي بملابس الاتهام الزرقاء، والان هم يقفون امام شاشات الفضائيات العالمية يلبسون الزي الرسمي من (بناطير وقوط مستوردة وعقل على الراس عربية) وغير ذالك وكأنما لم نزل امام سيادة الوزير طارق عزيز وعضو قيادة قطر العراق علي حسن المجيد الكيمياوي، والسكرتير الاول عبد حمود !!. إن الشعب العراقي يشعر بحنين لقضاء ومحكمة علي بن ابي طالب ع عندما كان يقف مع المدعين عليه بلا تمييز عنهم حتى في لحظات العيون من قضاته ومقيمي عدالة حكمه في الارض، فكيف اذا نظر علي بن ابي طالب لقضائنا العراقي اليوم وهو يعامل كيمياوي وطارق عزيز وصدام حسين وهو يحمل المصحف الشريف بين يديه القذرتين ويعاملون كقادة وعِلية قوم واشراف البلد ولهم الكلمة قبل الحاكم والمحكوم في دولة الشعب العراقي الجديدة ؟!. كيف يمكن لشعب عراقي ان يرى قضائه بايجابية وهو حتى في محاكمة جلاّديه يُظلم من جديد عندما يميز بينه كفرد عراقي كان يعامل كمجرم ومشبوه في السابق بينما يتعامل المجرمين الحقيقيين اليوم كمتهمين لم تثبت ادانتهم بعد وابرياء مشكوك في قضيتهم واصحاب سلطان ضاع سلطانهم الا انهم لم يضيعوا هيئتهم الطاغوتية القديمة ولا ملبسهم داخل قاعات المحكمة ولامنطقهم ولاصلفهم ولاتعنتهم في الاصرار على الاثم وعدم ذكر الله والتوبة اليه !!. رجاءنا فقط كشعب عراقي مظلوم من محكمتنا العراقية الجديدة الموقرة ان تساوي بيننا عندما كنّا متهمين وما كنّا نرتدي من ملابس في دولة البعث، وبين مايلبسه اليوم متهمي النظام السابق من ملابس لاتصلح الا للسادة والاشراف وقيادات المجتمع !. نعم فقط افرضوا على متهمي الجريمة والفساد في الارض زيّا موحدا للتعرف عليهم كمتهمين وبزي ازرق موحد وليس كوزراء وشيوخ قبائل ومدراء عامين والسلام.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |