على ضفاف شط العرب .. خِنجَرٌ في خاصرةِ الموانئ


كاظم فنجان الحمامي

kfinjan@yahoo.co.uk

طَعنة أخرى تلقتها الموانئ العراقية في خاصرتها, سُددت إليها هذه المرة بخنجر مسموم صنعتهُ التشكيلات الوزارية غير المرتبطة بوزارة النقل. وربما جاءت هذه الطعنة في ظروفٍ مربكة لتصيب الموانئ العراقية بجروح عميقة, وتقطع أوردتها وتمزق شرايينها, وترسم على جسدها المثخن بالجراح صورة قاتمة عن سوء التخطيط, وتخبط الرؤى المستقبلية, فقد تفتقت المواهب الإدارية العراقية الفذة عن سلسلة عجيبة غريبة من القرارات العشوائية, التي منعت استيراد وتصدير المواد الزراعية والغذائية والأعلاف والأسمدة عبر موانئنا في خور الزبير, والفاو, والمعقل, وأبو الفلوس, وحصرت هذه النشاطات بثماني منافذ برية لا علاقة لها بخطوط الشحن البحري, ولا علاقة لها بمنافذنا المفتوحة على البحار والمحيطات, وقد وقع الاختيار على ميناء أم قصر وحده, ليتحمل مسئولية استيراد المواد المصرح له بها من وزارتي الزراعة والتجارة, وضمن حدود طاقته التصميمية طبعا, وهكذا تفجرت العبقرية العراقية عن التفاتة وطنية جديدة, ستعطل موانئنا وتحرمها من مزاولة نشاطاتها الاعتيادية, وستتسبب في إعاقتها, وإحالتها إلى التقاعد.

ويبدو إن ميناء أبو الفلوس سيفقد فلوسه كلها, وسيعلن إفلاسه قريبا بعد أن أصبح مشمولا بالحظر القسري المفروض عليه, فهذا المرفأ الجميل لم يُدرج ضمن المنافذ المصرح لها رسميا باستقبال السفن المحملة بالمواد الغذائية والزراعية الطازجة أو المكيسة أو المعلبة أو المعبأة بالحاويات المبردة. اما ميناء خور الزبير فسوف يكون أول من سيعتزل اللعب الاحترافي في حلبة التنافس المينائي في حوض الخليج العربي, وذلك بعد تلقيه ضربة قاضية مباغتة, ويتعين على معمل الأسمدة الكيماوية المرتبط به التوقف عن الإنتاج, وتقديم التماس عن طريق وزارة الصناعة لكي يسمح له بتصدير سماد اليوريا إلى الموانئ الكويتية عبر منفذ سفوان, بعد أن أصبحت الأسمدة من الممنوعات المحظورة في خور الزبير. اما ميناء المعقل, الذي تربع على عرش الموانئ العالمية عام 1962, ونال في القرن الماضي ارفع الأوسمة والدرجات, فقد عزلته دائرة التخطيط والمتابعة في وزارة الزراعة بكتابها ذي العدد (23940) في 16/9/2009, ولم يعد قادرا على استقبال السفن المحملة بالمواد التي حددتها وزارتا الزراعة والتجارة, لذا فان الصادرات والواردات الزراعية والغذائية القادمة عن طريق البحر ستكون منوطة بميناء أم قصر وحده دون غيره, ويتعين على السفن القادمة توجيه بوصلاتها نحو هذا الميناء الذي سيكون محرجا بأعداد السفن الكثيرة المتوجهة إليه, ما سيولد ضغطا هائلا على أرصفته, وربما ستضطر السفن إلى التوقف عند مقتربات خور عبد الله بانتظار دورها في الرسو على الميناء, وسوف لن يكون ميناء أم قصر قادرا على استيعاب هذه السفن لوحده من دون مشاركة الموانئ العراقية الأخرى, ما ينذر بتفاقم ظاهرة الاكتظاظ والاختناق, وارتفاع أجور النقل البحري, وبالتالي لجوء السفن إلى الموانئ البديلة لكي تفرغ حمولاتها هناك, ثم يجري نقلها إلى العراق بواسطة الشاحنات عبر المنافذ البرية المصرح بها.

والحقيقة إن هذه الخطوة التي تبنتها بعض تشكيلات وزارة الزراعة, وبالتعاون مع تشكيلات وزارة التجارة ستكون لها الآثار الايجابية الكبير على موانئ البلدان المجاورة للعراق, وستساعدها على تحسين أدائها نحو الأفضل. وتعزيز مواردها المالية, وستسمح لها بالارتقاء والنمو على حسابنا طبعا, بينما ستترك آثارها السلبية, وتداعياتها الخطيرة على موانئنا, التي ماانفكت تتلقى الطعنات والضربات بخناجر المؤسسات العراقية الوطنية جدا, والتي مازالت تفضل التعامل مع الموانئ البديلة الواقعة في الدول المجاورة.

سؤال أخير: ما هو دور وزارة التخطيط, ولماذا لم تُستَشر, ولم يؤخذ رأيها في اعتماد هذه القرارات الإستراتيجية الخطيرة ؟؟؟.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com