التحالفات الانتخابية بين مصالح الحزب ومصالح الوطن 2
 

عماد خليل بله

ekbelah@yahoo.com

ان الحل لايتاتى ببناء تشكيلات موسمية تحت رعاية قوى كبيرة او ذات امكانيات مالية ووظيفية تنفض بعد الانتخابات او تتحول الى يافطات عائلية. ففي الساحة قوى معمرة او حديثة التكوين ولكنها واضحة التوجه. و الانغلاق الفكري والتعصب الحزبي لايقودان الى استيعاب كاف لمتطلبات عملية اصلاح الاوضاع المتردية، و بينما تزداد حاجة الوطن الى تحالفات ايجابية نجد بالضد منها تتحكم في القوى السياسية مواقف متشنجة نابعة من سلبيات التجربة الخاصة بين الاحزاب التي عارضت نظام البعث بجانب تضخم قناعة بعض من تمكن منها من اعتلاء قيادة الدولة بالافضلية ولربما وجد في احتواء البعثيين بين صفوفه مكسب صوتي يغني عن التحالف مع رفاق المعارضة السابقين لانهم مثله يمتلكون الحق باخذ فرصتهم لادارة شؤون الوطن حسب قناعاتهم،و هذا لايتفق مع الطموحات الحزبية الضيقة التي شهدنا انجازاتها خلال السنوات الستة الماضية. ان تشتت القوى الوطنية هو الوسيلة الاكثر فاعلية لاستعادة قوى النظام السابق زمام المبادرة. فهل يتجاوز ضحايا نظام صدام مصالحهم الشخصية ويدركون ان عراق ديمقراطي حقا ويسوده قانون عادل ومؤسسات مجتمع مدني شروط واجبة لمنع عودة الدكتاتورية ومنع عملية حدوث نفي اجباري للعراقيين كما حدث في ظل نظام البعث.

ونعود لرفاق النضال لنقول ان من الانسانية الوفاء لهم بل يحتم الواجب الوطني والانساني والنضالي المشترك توفير لهم مكونات العيش بكرامة بما يوجب على اية حكومة ان لاتنس المناضلين الذين قدموا ما باستطاعتهم للوقوف ضد انتهاكات النظام السابق لحقوق الشعب، لكن بالتاكيد ليس على حساب البلد ومواطنيه وليس على حساب الواجب النضالي لنقل المجتمع من ظل القمع والتفرد السلطوي الى مجتمع يتلائم في علاقاته ومؤسساته مع الحاضر العالمي المتحضر. وقد يكمن الحل بانشاء مؤسسة وزارية ترعى شؤون المناضلين و تمنحهم ما يستحقون من حقوق وتكريم وبذات الوقت توفر على البلد ثروات هدرت ويتواصل هدر غيرها لو استمر تقاسم ادارات الدولة بين العناصر الغير كفوءة والغير نزيهة تحت يافطة الحزبية والمحاصصة. ان تمكن حزب ما من زمام السلطة بطريقة الانتخاب وان كان مزورا لايعطي الحق بسرقة حقوق المواطنين فالموقع الوظيقي هو تكليف لاداء واجب وليس اقرار بحق السرقة.

ان ادارة الدولة شيء اخر تتجاوز العلاقة الحزبية الى خدمة الوطن فهي تتطلب مواصفات اخرى فمثلا ليس كل طبيب يصلح لادارة وزارة الصحة لان القدرة الادارية والقابلية القيادية اساس لنجاح مسيرة المؤسسة ولا علاقة لها بالمعرفة التخصصية، رغم ان معرفة واقع وطبيعة حقل العمل امرا مهما ومفيدا لنجاح ادارته ويمكن تطوير هذه المعرفة واكتسابها بالممارسة العلمية، لذا ادى وضع العناصر غير المناسبة في مواقع الوظائف العامة الى الفشل في تحقيق انجاز يشار اليه بتفاخر وكانت النتيجة خسارة كبيرة في سمعة الاحزاب صاحبة القرار الخاطيء مما وضع المواطنين في حيرة تسائل : ماذا لو فاز لمرة اخرى حزب من الاحزاب اللاعبة في الساحة الحالية؟ ما يفعل بالرفاق هل يحيلهم على التقاعد او يسلمهم مواقع تناسب امكانياتهم وهو خير لهم وللحزب والعراق ام يصر على اتباع نفس الطريق؟ ان القوة السياسية التي تريد اعادة الوصل مع الشعب هي التي تعمل الى اعطاء تطمينات باجراءات اصلاحية منذ الان.

كما قلنا الانتخابات القادمة ذات ولادة عسيرة ،ومن المؤكد انها لن تجلب التغيير المأمول لكنها خطوة نحو البناء البعيد المدى فيما اذا مورست بشفافية ونزاهة، وهي بذات الوقت خطوة يفرضها الواقع نحو ترسيخ المسيرة الديمقراطية، لكن من جانب اخر يكمن الخوف من ان يكون نفس هذا النظام الانتخابي ستارا لتحكم قوى تستخدمه لممارسة ديكتاتورية مغلفة لاطول فترة مستغلة واقع الحياة اليومية الصعب والازمات المتعددة وانحسار الثقة بين مكونات الشعب كما يخشى ان يلعب تمادي الطلبات والممارسات الغير منصفة للاخرين التي تقوم بها الاحزاب الكردية دورا في تخريب العملية الديمقراطية حين يجد بقية مكونات الشعب العراقي ان مصلحتهم في الحد من تجاوزات هذه الاحزاب وليس في ضمان نزاهة وشفافية السلطة. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com