إنحلال "دولة أمراء الطوائف" .. وعسر نشوء "دولة المواطنة" التنموية!؟

 

محمود حمد

mehmood.hamd@gmail.com

مع اقتراب موعد الانتخابات..واقتراب موعد انفضاح مواقف القوى السياسية بشأن  القائمة المفتوحة (إنتزاع ثقة الناخبين من المرشحين الغامضين) الذين يفرضهم امراء الطوائف على مجلس النواب كممثلين لهم لا كممثلين للشعب من خلال القائمة المغلقة ، كما حصل في الانتخابات الماضية!!

·       ومع وصول عدد الكتل المسجلة في الهيئة (المستقلة) للانتخابات الى رقم فلكي لم يحصل حتى في الهند ـ اعرق الديمقراطيات الاسيوية ـ ذات المليار نسمة ونيف والتي يتحدث فيها السكان بـ 480 لغة ..

·       ومع شيوع اوسع حملة تسويقية تضليلية لـ (البراءة من المحاصصة وارتداء طاقية الوطنية) من قبل أمراء المحاصصة ومنتجي دولتها ومروجي ـ ثقافتها ـ ومبرري جرائمها ومسوغي مفاسدها!..للمزايدة على دعاة المشروع السيادي الوطني الديمقراطي التنموي..

·       وفي ظل ظروف دولية معبئة بدخان المساومات لتسويق ـ زورق اسرائيل ـ لحاضنة النظام العربي الرسمي ببحر من دماء العراقيين التي يسفكها المحتلون و(الاخوة الاعداء !)..

·       مع تزايد المخاوف من خطورة التدخل الامريكي المباشر في الشأن العراقي ـ عبر قيادة قوات الاحتلال والسفارة الامريكية في بغداد ـ بما في ذلك ممارسة الضغوط لحرف اتجاه بوصلة ارادة مؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث!

·       وفي جو من الذعر والارتباك الذي تعيشه بعض الانظمة الاقليمية خشية على سلطتها من ارتخاء السطوة الامريكية على خارطة العالم..

·       وخوف الانظمة المرتجفة من مغادرة المحتلين للمنطقة..

·       ومع تواتر انباء ـ تقدم  المفاوضات الاسرائيلية السورية ـ  التي يجري الترتيب لها برعاية امريكية و ـ ضيافة اسلامية سخية ـ و ـ الحوار الاسرائيلي الايراني النووي ـ بمباركة امريكية ..بخلاف الشعارات الصاخبة التي خرمت بها مسامع شعوبها واستنزفت طاقاتها ومواردها وحقها في التنمية..وعلاقة ذلك بالصفقات الخفية المحتملة التي قد تعقدها الادارة مع الدول الإقليمية على حساب مصالح العراق شعبا ووطنا!

·       وتحت ضغوط الازمة الاقتصادية العالمية التي تلبدت ادخنتها الخانقة في رئة الاقتصاد الوطني العشوائي ..المبتلي بادارة عاجزة رغم مرور ست سنوات على الغزو وسقوط الدكتاتورية من اخراجه من الكساد والفوضى والفساد المالي والاداري وشلل القطاعات الانتاجية وانعدام الخدمات الاساسية وتردي مستوى مصادر الطاقة..ووووو

·       وفي مرحلة تتميز بالنضوج ـ المتواضع ـ لقوى المعارضة السلمية للسلطات الفاسدة في مختلف بلدان المنطقة..

·       واشتداد رياح الرعب بهياكل ـ المستقوين بسطوة الاحتلال ـ.. الذين أغتنموا عروش المحاصصة ومواقع السلطة بحماية دبابات الغزاة.

·       وحيث تتلبد في الاجواء الاعلامية غيوم الشك بشرعية الدستور وكفاءة وصلاحيات السلطات الثلاث!!

·       ووووووو..........

·       في هذه الاجواء الشائكة والمريبة والمحبطة.. تجري الاستعدادات للانتخابات المقبلة..

فماهي ملامح المشهد السياسي اليوم؟

يتميز المشهد السياسي في العراق اليوم بما يلي:

1.   مؤشرات انحلال ( دولة الطوائف )...نتيجة:

·       تراجع السطوة الامريكية على السياسة الدولية وتعثرها نتيجة اخفاقاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية في مختلف بقاع العالم..

·       فشل المشروع الطائفي الذي جاء به الاحتلال للعراق..مما اضطر امراء المحاصصة الطائفية في العراق وخارجه لشتم الطائفية على المنابر السياسية والدينية!

·       فشل المشروع الشرق اوسطي كـ (بيئة اقليمية لدول الطوائف والاعراق )..وارجائه الى حين غير معلوم نتيجة الرفض الشعبي والتناقض بين اطرافه الذي يهدد باشتعال نار في تضاريس المصالح الاستراتيجية الامريكية تعجز الادارة الامريكية عن اطفائها!

·       اتساع الشرخ بين الاحتلال وحلفائه المحليين الذين زينوا له صورة الغزو..والمخاوف التي قد يجرها النهج ـ البراجماتي ـ للولايات المتحدة على هؤلاء الحلفاء!

·       تزايد مخاوف الدول الاقليمية الحليفة لامريكا من نوايا الاخيرة بشأن خارطة تحالفاتها الشرق اوسطية المقبلة ـ بعد انقشاع غيوم المفخخات في افغانستان وباكستان وايران وسوريا ـ وعلاقته بالعراق.. وأثرذلك على القوى المحلية المرتبطة بتلك الدول الاقليمية!

·       انفضاح المشاريع التفتيتية المتطرفة رغم البراقع الدينية والقومية لاخفائها..مما فاقم التناقضات الداخلية داخل الاحزاب والحركات الداعية لتلك المشاريع وتزايد الانشقاقات في صفوفها..

·       تفتت جبهة المتحاصصين وتشرذمهم وسعيهم للاختباء خلف شعارات ـ وطنية ـ تنجيهم من رفض الناخبين لهم!

·       التفكك الذاتي للحركات والتيارات الطائفية والعنصرية..وتنامي وتبلور الميول الوطنية بين صفوفهم..

تعمق واتساع عوامل انحلال (دولة امراء الطوائف) التي انتجها الاحتلال على انقاض الدكتاتورية الشمولية..وفشل اركانها في تبرير وجودها..

الى جانب ذلك .. تعسرعملية نشوء (دولة المواطنة) التنموية نتيجة العديد من العوامل والمصاعب الموضوعية والذاتية..الداخلية والخارجية..ومنها:

·       رفض دولة الاحتلال لمشروع القوى الوطنية الديمقراطية لانجاز السيادة الكاملة للعراقيين على ارضهم وثرواتهم ومصير وطنهم.. وهي تلوح في كل حين بخارطة تقسيم العراق بوجه العراقيين ..تلك الخارطة التي رسمت في مؤتمر الـ ـ ستة ـ في امريكا قبل الغزو ويروج له نائب الرئيس جو بايدن اليوم ..كلما ضاقت بهم السبل!

·       استمرار الدول العربية الاقليمية في نشر الذعر من ( الهلال الشيعي) .. مما يغذي الفتنة الطائفية في الداخل..نتيجة خوفها من ولادة نظام ديمقراطي تعددي تداولي ، يحتكم لصناديق الاقتراع لاختيار حكامه!

·       عدم توقف ايران من التدخل المباشر في ارادة الدولة العراقية..والضغط على التيارات الدينية الوطنية لحرف المشروع الوطني العراقي نحو النموذج الطائفي الايراني الشمولي..خوفا من امتداد عدوى ـ التداول الحقيقي للسلطة بين مواطني البلد دون تمييز ـ ( اذا نجحت التجربة الديمقراطية التداولية التعددية للسلطة في العراق )..وهو الميل والمطلب الاساسي الذي يتزايد بين صفوف الشعب الايراني منذ سنوات..وشكك في شرعية النظام السياسي لاول مرة منذ ثلاثين عاما!

·       تشبث امراء الطوائف والاقوام بالرؤية القبلية المتخلفة لمفهوم الوطن التي رافقت نشوء الدولة العراقية عام 1921 ..والذين حاولوا تسويق دولة المحاصصة البغيضة (دولة امراء الطوائف) وفرضها بقوة الاحتلال على الشعب طيلة السنوات الست المنصرمة..

وتواجه القوى الوطنية الديمقراطية مهام عسيرة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ بلادنا ، نتيجة الظروف والعوامل التي اشرنا الى بعضها ..مما يتطلب اشراك جميع المؤمنين بـ (دولة الوطن والمواطن الديمقراطية) في الحوار العلني ..لبلورة برنامج وطني تنموي شامل لانتشال العراق من ربقة :

·       الاحتلال..

·       والارهاب..

·       والمحاصصة..

·       والتخلف..

·       والاملاق..

·       والفساد الاداري والمالي! 

ان الناخب العراقي امام مسؤولية وطنية تاريخية لإختيار نواب لمجلس ( نواب عن الشعب ) لا مجلس ( نواب عن امراء الطوائف والاعراق _ المجلس السياسي ـ ) كما هي حال مجلس النواب الحالي..وكما وصفه رئيسه السيد أياد السامرائي في ـ برنامج لقاء خاص ـ بتلفزيون العراقية مساء الجمعة 23/10/2009. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com