|
متى يموت الموت؟ في العراق
مصطفى العمري في بلد المتغيرات والمتحولات، المتجددات والباقيات الصالحات في العراق كل شيء يتحول ويتلون وياخذ ابعاد شتى تتفاوت في القياس وفي النسب والمضمون، بلد لم يعرف السكينة، السكينة التي يطمح لها الجنس البشري العادي في بلاد الله الواسعة، فالمار على التاريخ يكتشف ان ارض العراق ارض طالما حملت الويلات وداست عليها خيول الحرب في مواقع كثيرة ومتعددة ولازمتها النكبات من اغتيالات جسدية كانت ام فكرية وطال امد الصراع في هذه البلاد الى يوم الله هذا . كل هذا والعراقي يواصل مشواره ويعمل بجد وعناء ومثابرة وفناء لكي يكون كواحد من خلوقات الله الطبيعية والتي لها الحق على هذه البسيطة من سبل العيش المتواضعة، مشكلة العراقي والتي ينضوي تحتها بعض من شعوب الدول العربية انه < ينسى > يسنى ويلات الماضي وخاصة القريب منه حيث نجد ان الخمسين سنة المنصرمة من سنوات العراق لونزلت على جبل الصوان لهدمته من كثرة الانقلابات والحروب والبطش السياسي الذي فاق في همجيته ورعونته كل انواع الصور التي تحاول رسمة وتبيانه . من انقلاب الزعيم عبد الكريم قاسم والذي كاد ان يتنفس فيه العراقيون الحرية والرخاء الامني والحياة الهانئة . حتى امطرت السماء جام غضبها وألهبت بحريقها كل جديد تمخض من العملية السياسية السابقة فأتى التغيير الذي لم يستمر طويلاً على يد الاخوين (عبد السلام عبدالرحمن عارف ) حتى تحولت ملامح العراق وتجهم وجهه وتبدل لونه ومذاقة وتغير نسيم هوائه حينما استولى البعثيون على الحكم، وصار ما صار من نزيف الدم المتدفق من شرايين المساكين والمحرومين من الشعب العراقي فولجت الفتنة بين العراق وايران واخذ الموت له سكنا ً هناك ويدخل اي سكن انى شاء واينما شاء فأضحى الموت لا يفارق العراقيين وصار هاجسهم اليومي المخيف المرعب كل يخاف على اولاده واحفاده، ولكن ما من احد حاول ان يخنق الموت ويقتل الموت ويوقف الموت كلنا ننتظر متى يموت الموت انتظار طالت مدته وبعدت بنا مسافة الزمن الى ثمان سنين دون ان يتدخل العقلاء وان يسموالسياسيون فوق رغباتهم الصبيانية فنزف العراق نزفا ً بقيت اوداجه لم تندمل الى اليوم. ولم يمت الموت بعد . ثم تبعها حرب الخليج وما ادراك ما حرب الخليج فصورها المقززة لازالت عالقة في اذهان العراقيين ومأسيها يستبطنها الكثير منهم لانها هي الاخرى اقتطفت من خيرة شباب العراق ورجاله في وقت قصير وبعدد كثير من الموتى . عندها تلاحقت المحن بالحصار الذي فرض على العراق خلال دخوله الكويت الحصار الذي يدرك العراقيون معناه وشدة وطأته وقسوته، الى ان اتت حرب الخليج الثانية وما دمرته وما اخذته ليس بالقليل لكن ولسرعان ما ينسى العراقي مأسية التفت الى الوضع الراهن تاركا ً تلك الحقب من الويلات مدركا ً ان هذا العالم الجديد الذي انفتح على العراق بجميع افاقه يجب ان يتعايش معه العراقي وهوانفتاح لاشك فيه من السيئ الضار ومن الحسن النافع اذا ً هي مرحلة يريد العرقي فيها ان يعيش، ان يبدع ، ان ينموباليات مشروعة وبنظم مقيدة بدستور وحكومة مربوطة بمجلس برلمان الذي انتخبه الشعب، لقد هجر العراقي كلمة الحرب وربما كرهها ومقتها ورفعاها من قاموسه الى الابد, انه اليوم ملتفت الى شيء جديد اسمه العمل البناء التطور الابداع الفكري والعلمي . فماذا يريد الارهاب؟ سؤال حير العالم بعد كل هذا الكم من التفجيرات والاغتيالات والمتسكعات من العاهرات اللواتي ارتبط اسمهن بكثير من العمليات الانتحارية، فماذا يريدون ؟ بعد ان عرف اليائسون ان ارض العراق ليست تلك الارض الخصبة التي تنموفيها اوكار القتلة ويلتجئ أليها المرجفون الخائفون، وان ينزل العراقي عن قيمه ومبادئه ويخلع رداء اسلاميته وعروبته وشهامته فيكون في منزلق الدين والطائفة والقومية، ادرك المتخشبون والبعثيون والظلاميون ان العراقيين قد ركبوا عربة السلام واتجهوا صوب الرقي حيث الحضارة والمدنية المنشودة . فقاموا بصنع شيء اخر وفصلوا للعراق على قياس العراق ثوب ارادوا به تمزيق العراقيين كل العراقيين انها صناعة الموت . أملنا ان ينتبه العراقيون لما حيك ضدهم وان يستيقضوا لكل الازمات قبل تدق ابوابهم، وان يدرك الارهابيون ان هذه المحن سوف توحدنا وتجعلنا كالبنيان المرصوص. وسوف يموت الموت في ارض الرافدين ان شاء الله .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |