دراسة سياسية .. بعد 4 ِسنوات عجافٍ اُخرى .. ماذا ننتظر من كردستان النرجس


موسى غافل الشطري

moosashatri@yahoo.com

1/5

( وذكر إن نفعت الذكرى) صدق الله العظيم

بدءاً لابد من وقفة مع أولئك المجربين . الذين كان يفترض أن تزيدهم الحنكة والحكمة هذه التجربة. ولا يكونوا أداة إملاء للذين ما عرفوا محن السياسة غير أيام لا تغني من علم وتجربة ولا دراية . وعلينا أن نتمعن ملياً بما يجري من ضياع ظالم للوقت الثمين الذي يذهب هدراً .

الرئيس السوري بشار الأسد بعث برقية تعزية إلى رئيس مجلس رئاسة الجمهورية بمناسبة وفاة الفقيد المرحوم سماحة السيد عبد العزيز الحكيم . وهذا يعبر عن رقة (أخلاقه)، بمفهوم الطفولة السياسية والتشفي السياسي، طريقة: ( اسمع يا جار )

وكم كان يسعدنا لوأن الأسد قد عزّى، قبل هذا، رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس النيابي بمناسبة التفجير الإجرامي على وزارتي الخارجية والمالية .. وأدى إلى استشهاد وجرح أكثر من 1500 شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والقوات المسلحة من مواطنينا . وكم حزّ في نفوسنا أن تبدوولوآهة ألم من قلب العلوي السوري لملايين الشهداء والجرحى والمهجرين جراء غزوالممسوخين من الديدان التي تدب على جسد القيادة السورية . فترعاها قلوبهم ويرسلونها كهدايا اخوية لتضميد جراح شقيقهم الشعب العراقي . ولكن يبدوأن الرئيس بشار الأسد ينظر للأمور بعين حولاء .الذي ما آذى في يوم ما مشاعر صرصار من صراصر مزارب محتلّي الجولان.

إن الغاية من موضوع تعزية الأسد واضحة وتذكرنا بمشاكساتنا في مرحلة الطفولة لمناكدة من نفتعل العداء معه. ويتذكر السيد رئيس مجلس الرئاسة الذي خيب آمالنا بما مارس من مجاملة لغاية معروفة ومقروءة ولغاية أخرى لدى أهل السياسة لمحاباة نائبيه المتباينان في المواقف ولحكمة في وقت خابت منافع الحكم مع الشرسين، بكثير من القضايا الهامة أضف إلى القضية الكردية نفسها، ما لعبه صدام من لعبة قذرة، لتفتيت وحدة الحركة الكردية، بتقريب هؤلاء وإبعاد أولئك، والاحتراب فيما بينهما. ثم الزحف على الحركة الوطنية لتفكيكها والإنفراد فيها واحدة أثر الأخرى، ومن ثم تدميرها.

ويبدوإن الأسد يتبع خطا صدام، معتبراً إيّاه ( مثله الأعلى) في تقريب هؤلاء وإبعاد أولئك والذي لقي جزاءه العادل .

إن على الشرفاء محبي الشعب والمتفانين في سبيله، أن يحبطوا هكذا مشروع، الذي تفوح منه رائحة الخبث التي تزكم الأنوف.

وعلى السيد الطالباني أن يتذكر عظم مسؤوليته كرئيس للعراق وليس كردياً فحسب، وإن المشكلة ليست مشكلة هواة بليارد السياسة . وأن يدرك المنزلق الذي تحاول جهات مشبوهة جره إلى عمقها السحيق .

بالأمس وقف من وقف، بكل ما تملك منه قدرة التصدي ضد مطالب كردستان . ولعلنا نجد ما يستدرجنا إلى تصفّح الماضي البعيد والقريب، ونرى بوضوح : بأن الموضوع هوالالتزام بكل قوة بمبدأ ( عدوعدوي صديقي ) .

فلنستذكر الماضي ونتحدث كأبناء بلد واحد لا بلدين جارين . ونفتح الأوراق، ونفتح القلوب، لأن غلقهما باستمرار يسبب نقاط ضعف خطرة في هذا الوقت الذي يتطلب اليقظة والحذر الشديدين، والتكتم، قد يتحول إلى ورم سرطاني فتاك، والعوامل المشجعة على تطوره باتجاه يُخشى منه موجودة، ونظل نلتزم الصمت أمام كبرى مؤامرات تدمير الوطن. وما زالت تبعات الصمت أمام أوجاع صدام ماثلة في الأذهان للجميع :

ودائما الصراحة والجرأة والصدق هي تؤدي إلى الحصيلة الثمينة من ممارسة النقد والنقد الذاتي، في مراجعة موضوعية، تحتاج إلى وعي أكثر .

دائما ما يؤدي إلى الضمان الأكيد والطريق إلى المستقبل الأسلم. طريق الرخاء والأمان وسلامة العاقبة . وقطع الطريق على الأعداء المتصيدين بالماء العكر . كما حدث في العهد السابق ومخابراته بتحالفاته التكتيكية,ومن ثم الانقضاض المفاجئ على الحليف، مما ساعد على سوء الظن والخسائر المدمرة بحلفاء كردستان التقليديين من القوى التقدمية الذين قدموا منهجا نقديا للعثرات التي تجاوزها بوعيهم الخاضع للشعور بالمسؤولية . لكي لا نفلت من ربقة صدام لننقاد بر بقة الأسد .

وبكل تواضع أرجوأن تتقبلوا ردي لكونه الطريق الذي ينبغي أن يسلكه كل غيور يهمه مستقبل وطنه وقوميته التي لاقت الاضطهاد والعسف .

موضوعي هومراجعة للنفس والتيقظ وليس غير ً. إنما كأخ أنصح بالسير على خطى المستقبل الباهر الزاهر المطمئن والمؤدي إلى طريق السلامة الذي تابع الإخوة الأكراد خطاه، والابتعاد عن طريق المتاعب الذي هوشاغلهم وإخوتهم العراقيين العرب وغيرهم . وإنها لمؤامرات حيكت من قبل النظام السابق وأُراد للجميع أن يذوقوا مرارتها . ولنبدأ من ولادة العهد الجمهوري .

2/5

منذ أن نجحت وتحكمت ثورة الرابع عشر من تموز بتثبيت ملامحها المشرقة وسجية أبعادها الوطنية إلى التلاحم والتكاتف، حتى وُجِّهت الدعوة عن طريق قائدها الزعيم عبد الكريم قاسم إلى قائد الثورة الكردية الملا مصطفى البرزاني للعودة إلى بلده العراق مرحب فيه عزيزا كريما، ومعه كل أُولئك الذين رفعوا السلاح أبان العهد الملكي البائد .

وفي المطار لم يشهد مثيلا ًلذلك الاستقبال الجماهيري الحاشد من العراقيين لمصطفى البرزاني، باعتباره رمزاً وطنياً عراقياً من الصميم وليس للأكراد فحسب . وربما الرئيس الحالي لإقليم كردستان مسعود البرزاني، يعي ذلك ,ويعي تلك الدماء الزكية التي سفحها المناضلون التقدميون والوطنيون فوق تراب كردستان جنبا إًلى جنب مع مقاتلي كردستان، ومن أجل الحفاظ على كرامة المرأة الكردية. والنضال لبناء الوطن الواعد وطن الأخوة وشد الجرح على الجرح . ومتابعة المسيرة عبر الآلام حتى النصر .

كان الشعب العراقي بعربه وكرده يتقاسمون لقمة العيش من طبق واحد وبقلوب صافية وملتحمين في المعارك الوطنية جنبا إلى جنب وكلنا يعرف ما قدمت السليمانية من شهداء أثناء العدوان التلاثيني على مصر وفي وثبة وانتفاضات العراق ومن قبلها وبعدها في الحرب في فلسطين . إذن لا يمكن أن يعزل ويشوه هذا الماضي العريق المفعم بالإخوة .

ولكننا، آنذاك نحن شباب الأمس من العرب والأكراد والمسيح وسائر أبناء الشعب، نتذكر تلك اللحظات السعيدة . ومما لا شك فيه، ما كان يحلم المرحوم الملا مصطفى البرزاني بمثل ذلك المد الجماهيري العراقي الذي استقبله بالأحضان والهتافات مرحباً .

لكن ما أن مضى على ثورة الرابع عشر من تموز وأرض العراق تتردد فيها أصداء الترحيب بالقائد الكردي المناضل (كرد وعرب فد احزام) لم يمض سوى بضع سنين، والمتآمرون قد رفعوا عقيرتهم ضد حكومة الزعيم حتى انعكست الآية وتم رفع السلاح ضد سلطة الزعيم عبد الكريم قاسم .. وهم في شغل شاغل مع المتآمرين الرجعيين المحليين والخارجيين والامبرياليين.

إننا لا نعترض على طبيعة الأبعاد القومية للشعب الكردي الذي لاقى من الاضطهاد والتنكيل ما لاقاه الشعب العراقي وأكثر وحظي بعطف الشرفاء العراقيين. لكن أحباءنا القادة الأكراد يعلمون : إن المتآمرين في ذلك الوقت والقوى الامبريالية، كانت تدبر المكائد وتحوك المؤامرات للإطاحة بنظام عبد الكريم قاسم، ومن ثم إلغاء والبدء من جديد بمتاعب دموية للشعب الكردي وسائر العراقيين .

غير أ ن القيادة الكردية، ما أن سقط النظام الوطني الذي يقوده عبد الكريم قاسم، وكانت أحد أسباب السقوط الثغرة التي فتحها رفع السلاح من قبل الحركة الكردية بوجه سلطة عبد الكريم قاسم , في وقت يسفح ويخوض المتآمرون والقوى الإمبريالية والرجعية بدماء الشعب العراقي الغزيرة إلى حد الركاب، تنفيذاً للبيان الذي أصدره الحاكم العسكري ( رشيد مصلح) سيء الصيت، بإبادة جميع التقدميين والوطنيين والتقدميات وانتهاك أعراضهن . وهذا يعني شمول كل الوطنيين بما فيهم المستقلين بالعقاب الصارم، ورفعوا عالياً شعار ( الديقراطية للشعب العراقي والحكم الذاتي لكردستان ) والذي أثبتت التجارب صدقه وجدواه . ولم يزل يحتفظ بحرارته . كما أود أن أُذكر بما ورد بكتاب عبد السلام عارف (الذي أصدره عن ممارسات البعثيين من انتاهاكات بما فيهم انتهاك أعراضهن).

حتى قدم في تلك الظروف الدموية وفد رفيع المستوى من الإخوة القادة الأكراد للمقابلة من أجل التفاهم مع قادة انقلاب 8 شباط الأسود ً. وفات بصيرتهم ما لاقاه الشعب العراقي على يد الانقلابيين الذي طالما تآخى مع الأكراد في محنهم كما هُدرت دماء الوطنيين الأكراد الزكية دفاعاً حتى عن القضايا العربية. وما أن تحدث انتفاضة في الجنوب حتى تهبّ السليمانية وغيرها من المدن الكردية بمظاهراتها الصاخبة .

الذي عانى جنباً إلى جنب معهم على أرض كردستان وخارجها، وقاتل الأنصار من الجنوب ووسط العراق وغربيها ونالهم النصيب الوافر من الإصابات بالسلاح الكيمياوي .

إن تصفية القوى التقدمية، على أثر انقلاب 8 شباط الأسود، لم تكن انتكاسة لهذه القوى فقط، بل للعملية الوطنية والديمقراطية وإجراءات التغيير في البنية الاجتماعية وتأليب العديد من الدول المعادية دون أن تستثني بعض دول الجوار . وهكذا جرى تصفية الآمال العريضة من النعم والسعادة للشعب العراقي بما فيه الشعب الكردي ..

وخلال هذه السنوات التي أعقبت انقلاب 8 شباط ومن بعدها (18 تشرين )التي قادها عبد السلام عارف وطاهر يحيى وآخرون، ومن ثم مجيء عبد الرحمن عارف الذي كان الأخير أقل حدّة ومن ثم قدوم الحكم البعثي بانقلابهم المشؤوم في 17 تموز .

نقطة أُخرى ننبه إخوتنا الأكراد.. من قلب محبٍ: إذ ما أن حدث انقلاب 17 تموز، حتى بدأ الأُخوة الأكراد يستبشرون خيراً بتحقيق مطالبهم . وهم يستطيعون الاستفادة من الظروف المتاحة ليعرضوا حسن نيتهم.

وفي عام 1975 هبط الأكراد من الجبل وانتهى التمرد. ومقابل ذلك قامت الحكومة البعثية بتهجير الأكراد وجرى نفي المثقفين والمعلمين الهابطين من الجبل وانتهى الأمر .

أضف إلى ذلك ما يحدث من نتائج يؤسف لها على يد الحركة الكردية بحزبيها الكبيرين تجاه القوى الكردية الشريفة . وهذه الملابسات ساهمت بصنعها السلطة البعثية التي بنت علاقاتها على أساس تآمري وتحريضي وترويج إشاعات الكذب وخلق الفرقة بين القوى التقدمية والمقاومين الأكراد بتقديم معلومات مفرقة تحريضية كاذبة.

ومن المسلم فيه الاعتراف بتلك الهفوة كخطأ تكتيكي حاله حال الحركة الكردية في أوائل السبعينات بتحالف الشيوعيين وقوى كردية في موقع مؤثر في الحركة الكردية، والتحالف مع حزب البعث لرقي الوضع وتطوير منطلقات حزب البعث الإيجابية ولكن دون شروط مضمونة مئة بالمئة أثناء بناء ما يسمى بـ ( الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ) والتي أريد بها قيادة الأخذ بيد حزب البعث وربطه بعلاقات مشرفة مع الدول والقوى العالمية التقدمية لتقويم مسيرته. لكن حزب البعث كان يسعى لاستغلال تلك العلاقات لصالح نواياه الانتهازية . ولم يكسب الحزب الشيوعي من علاقته ولا القوى الكردية والقومية العربية مع حزب البعث غير سوء ظن الجماهير بجدوى هذا التحالف،لانعدام الثقة بصدق نوايا البعثيين في جديّة تحالفاتهم. ولكي لا تتحوّل إلى عنصر هدم لوحدة الشعب العراقي وعاملاً لتعرية تنظيمات الحزب الشيوعي بكشفهال والإجهاز عليها وقت ما اقتضت الحاجة . والتي سرعان ما أشار صدام حسين في إحدى خطبه الملغومة : إلى أنه عند اتخاذ قرار ( التحالف) لم ينس أن يضمن الظروف الملائمة، حتى لوتم ّ التراجع خطوة إلى الخلف أن يطمئن أعضاء حزبه للقفز إلى أمام عدة خطوات . أي بقصد تحالف تكتيكي ثم استغلال الفرص والانقضاض على الحزب الشيوعي وسحقه في الوقت المناسب، رغم أنه لما يزل يئن من جراح فترة ناظم كزار ومن قبله انقلاب 8 شباط . وقد ارتكبت الحركة الكردية العديد من الأخطاء والمواقف التي لا تناسب المواقف التاريخية للحركة الكردية ضده ومن ضمنها تسليم العديد من كادر التقدمي القادم من الإتحاد السوفييتي بعد دورة تدريبية فكرية هناك، آنذاك والذين اختاروا باطمئنان طريق كردستان باعتباره أكثر أمناً من المجيء عن طريق سوريا . ولكن قطباً من أقطاب الحركة الكردية ألقت القبض عليهم وتمّ تسليمهم إلى سلطة حزب البعث وقد تمت تصفيتهم . وكان ينبغي أن يتم التوقع بما سيتعرضون إليه من نتائج سيئة .

وبعد مؤامرات متواصلة وانشقاق الحركة الكردية المقاتلة ـ كان أخطرها تلغيم الوفد البعثي الذي ذهب من بغداد بزيارة ودّية ترافقهم حقائب على شكل هدايا للملا مصطفى البرزاني والذي تغيب عن الحضور بقصد ودون قصد ـ حتى انفجرت، وأبيد الحضور بما فيهم البعثيين الذين لا علم لديهم بما يحملون من ألغام الموت وتحوّلوا إلى نثار من قطع لحمية تتطاير وتلتصق على الجدران .

وأخيراً.. حدث الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ببيان 11 آذار دون أن يُعرف الدافع الحقيقي، لإقرار الحقوق .

غير أن المعارك الدموية لم تتوقف بسبب أن هذا القرار لم يكن جاداً، ومتكاملاً . ولم يرضي أبعاد طموح الأكراد .

لم تمض سوى أسابيع معدودة، حتى جرى شن الهجوم المدمر على منطقة كردستان بتوجيه من صدام . وبدأت المعارك الشرسة ضد الحركة الكردية، من قبل البعثيين وحلفائهم، من العناصر المرتبطة بالمخابرات المحلية والرجعية العربية والعالمية وحتى الكردية.

واستمرت هذه المعارك التدميرية بسحق الأطفال بسرف الدبابات وحرق القرى . وكان الثمن باهظاً لتلك المصافحة التي بنت عليها آمالاً خادعة التي تلبست بحسن النية .

وفي منتصف السبعينات هبط الأكراد من الجبل وانتهى التمرد. مقابل ذلك قامت الحكومة البعثية بتهجير الأكراد إلى المناطق الجنوبية والغربية .. ونفي الملاكات من الموظفين إلى أنحاء العراق ..

3/5

عند ذلك لم يتريث البعثيون، بعد اندحار الحركة الكردية عن التوعد ببدء الدور لتصفية الشيوعيين من قبل الحلفاء ((البعثيين المخلصين )) الذين يتحالفون معهم ضمن ما يسمى بـ ( الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ). كانت هذه الإشاعات تملأ آذان قادة حزب البعث دون أن يحركوا سالكناً . كأن يستنكروا هذه الإشاعات المغرضة ويكذبوها على الأقل . كأنهم معنيون برواج ما يشاع . وفي عام77 ــ 1978بدأت الحملة ضد الحزب الشيوعي تأخذ طابعاً حادّاً مدمّراً. جرى بموجبها تصفية تنظيمات الحزب الشيوعي واعتقال البعض من ضمنهم قادة من الحزب، وجرى ما جرى بما فيه انتهاك أعراض شيوعيات بارزات. ولم يسلم سوى أولئك الذين سارعوا وغادروا العراق . ومع ذلك لم يخلص قسم منهم من عمليات التصفيات عن طريق الاغتيالات .

رافق هذه الحملة فسح المجال للتنظيمات الدينية وإعطائها المجال لكي تطمئن لحسن النية لتكشف عن عناصرها ومن ثم ألإجهاز عليها . ولم ينج منها سوى من هاجر إلى إيران وسوريا وبلدان الخليج والخارج .

سأُحاول العودة إلى هذا الموضوع الذي يخص الحملة المتواصلة ضد جميع القوى السياسية المشكوك في ولائها بما فيها جزء من تنظيمات حزب البعث .

وما تبقى مكثوا في المعتقلات، إلى أن تم تصفيتهم في المقابر الجماعية والإعدامات بالجملة والمفرد بضمنهم شيوعيين وعناصر لا انتماء سياسي لها.

ما أن انتهت الحرب العراقية الإيرانية وما رافقها من إبادة للشعب الكردي والأنصار من مختلف القوميات العراقية، ومن ثم بدأت الحرب العراقية الكويتية . وكان للاندحار القاسي لصدام وزمرته، من أجل تعويض اندحاره وتغطية الشروط المذلة لدول التحالف في خيمة صفوان، ما جعله يبحث عن رد اعتبار كإجراء بعض الإصلاحات المضللة للشعب، إلى جانب إعطاء انطباع على أنه ما زال قوياٌ . إلى جانب تجربته القاسية الدموية مع انتفاضة الشعب العراقي بالسلاح الذي جردوا البعثيين منه .

السبب القاتل إن صدام حسين قد ساهم بهزالة حزب البعث جراء ترهله بحشوه من العناصر المعادية له أصلاً . فحشرها في تنظيمات حزبه الأمر الذي ساهم بسرعة انهيار مقاومته . بل وترقب هذه العناصر المرغمه على العمل معهم ساعة الخلاص من ذلك الوضع المقيت، والذين : ما أن واجه حزب البعث هجوم قوات التحالف،وسرعة هبّة المنتفضين من أبناء الشعب، حتى تسربت أعداد هائلة من تنظيماته دون أن يأسفوا على ما فعلوا.

وبمساعدة مباشرة من قوات التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة التي بدأت تشرع بتفجير أكداس العتاد الهائلة مخافة أن يقع بيد المنتفضين عام 1991 والذين تلاحموا من كل القوى المتضررة من نظام صدام، من القوى الدينية والتقدمية واتجاهات أخرى وبدون انتماء سياسي . ومن ثم طرح شعارات طائفية افتعلتها المخابرات العراقية التي اعترف فيها أحد ضباط المخابرات بطرح شعار ( ماكوولي إلا على ونريد قائد جعفري ) وكانت الغاية من طرح هذا الشعار: لتأجيج حقد الضباط المتعصبين الشوفينيين لاستعمال الشدة والفتك بالمنتفضين وتحييد المنطقة الغربية لكون ما يحدث هوتحرك شيعي/ إيراني طائفي . وإعطاء التبرير لهدم الأضرحة المقدسة ونهب مكتنزاتها الثمينة.

من ثم تمت عملية التصفية الشاملة للمنتفضين وامتلأت بهم المعتقلات. وكانت كارثة التراجع والاندحار المؤلم للانتفاضة لأسباب عديدة منها افتقارهم للعتاد الذي فجرته القوات الأمريكية عمداً لكي لا يقع بيد المنتفضين .والأهم عدم استباق منهجي واضح تسترشد فيه الانتفاضة بوجود برنامج لتنفيذ خطة ستراتيجية لإسقاط سلطة صدام . وفي الحقيقة: كل القوى المناهضة للنظام البعثي كانت متعبة متشرذمة فاجأتها الأحداث حيث تفتقر للرؤية العلمية لكي تتوقع نتائج الأحداث، وتستعد للتوقعات بقدرة متمكنة، لكن، بكل أسف لا توجد قيادة محنكة تقودها نحوالنصر لضعف تنظيمها وضعف رؤيتها وعدم استفادتها من التجارب العالمية الثورية . في هذه الأجواء المؤلمة لكل وطني غيور.

نشاهد القيادة الكردية ـ بكل أسف ـ تهرع لزيارة صدام في مقرّه وهوفي مأزقه. ولم تجف بعد دماء الانتفاضة المجيدة ولم يتوقف سفكها في الاهوار والجبل . ونكبات كل بيت عراقي، صاحب الأنفال ومذابح الأكراد التي لا تعد ولا تحصى . لقد كان موقفاً محزناً. شديد الوطأة على قلب كل عراقي : أن تمتد اليد الكردية التي حملت البندقية ضد الدكتاتورية من أجل قضية عادلة، إلى اليد المجرمة المشتركة بهدر دماء الشعب العراقي . بعربه وكرده وتركمانه ومسيحييه وإيزيدييه وصابئته وحتى رفاقه البعثيين وغيرهم .

في تلك الفترة، وبعد أن يئسوا من كذب وعود صدام، وبدعم قوى التحالف شرعت حكومة الحركة الكردية باستغلال انغمار الدكتاتور بحروبه مع شعب الكويت وتعويض من أصابه الضرر وادّعى من الشعوب والأشخاص الآخرين ودفع الغرامات الباهظة من قوت الشعب العراقي، كتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشعوب الأخرى . أما الشعب العراقي فقد (اعتُبر هوالمعتدي وممارس الحرب إلى جانب صدام) ولم يحسب لمحنته حساباً وعانى ما لم يعان شعب من الشعوب جراء الحصار وجراحات الحرب وتعويض من هوجدير بالتعويض جراء النكبات الفادحة التي تعرض لها بما فيها الأنفال والمقابر الجماعية والمعدومين والمهجرين..الخ.

ولكن الإخوة الأكراد،كان ينبغي أن لا تفوت انتباههم لحظة واحده جسامة النكبات والأضرار الفادحة التي يكابد منها إخوانهم في المناطق غير الكردية، بقدر ما يهمهم ويشغلهم حصولهم على مكاسب من خيرات وكنوز العراق، بغية الاستفادة كمكاسب ذاتية، يتشبثون فيها قبل كل شيء ويعطونها الأولوية مكاسب ذات طابع قومي ضيّق كقضية كركوك التي سيتيح لها الاستقرار الظرف المناسب لحلها لا في ظروف الأزمات على حساب البعد الوطني للعراق الكبير، دون اهتمامهم على استحواذهم على خيراته المتاحة وهوحق مقرور لهم، كما هومقرور ما يجنون من السياحة والزراعة ومن نفط وغاز ومعادن ثمينة واعدة وغيرها ... إذ ما أن يستقر الوضع لصالحهم وتترسخ أقدامهم، حتى يطوف ببالهم كل ما فعله الحكم البعثي من عنف لقضية الشعب الكردي ليتعاملوا بالروح التي :كأنهم يتوقعون أن شراً سيحيق بهم من قبل إخوتهم العرب . وفات الحركة الكردية أن تبني علاقة مصيرية ـ بالأخص في مثل هذه الظروف ـ لضمان الاطمئنان والوثوق بحليف أمين موثوق فيه . وهوالشعب العراقي بقواه الوطنية والتقدمية الذي هوبالتأكيد غير صدام حسين والقادة العسكريين الشوفينيين. بل الأخ الأمين ذوالقلب المحب الكبير . ولعدم مراعاة ذلك تسبب هذا الموقف في تكبيد العراق غير الكردي هدراً في البنية التحتية والزمن للخلاص من النظام السابق . وكان يمكن أن تنشأ ظروف مواتية لكي تخطوكردستان العراق خطوات أوسع مما حصلت عليها . ورأيي هذا يرفض رفضاً قاطعاً الآراء، وأعداء الحركة الكردية التحررية هذه الآراء( القوـ طائفية ) ذات الطابع الشوفيني .

فقيادة الحركة الكردية تبني وطنها، وتنشئ التباينات الطبقية والاجتماعية والثقافية وتوسّع من قاعدة الفرز الطبقي .. وتتحول كردستان إلى بلد لا يتشابه مع ما كان عليه سابقاً، ولا يتشابه مع الشعب العراقي الفقير البائس المحروم . الخربة جرّاء حروب صدام وفراخ صدام الذين ما زالوا ناشطين ويدفعون بإسراف من الأموال لتسعير النشاطات الإرهابية المتحالفة معها. أي السعي من قبل قيادة كردستان، خلق ظاهرة التباين الممهد للظروف التي ينبغي أن يسلم بها وهي ترسيخ كل مؤشرات ظروف الجفوة وضعف عوامل التماسك الإخوي .

وظل الشعب العراقي هوالذي يدفع فاتورة الحروب المجنونة التي شنها هنا وهناك من سرقات النفط وسرقات الحصة التموينية . وقد أنهك الشعب بعواقب الحصار . ففي الوقت الذي يجري إنشاء المتغيرات العمرانية الخاصة والعامة في كردستان،الذي كان ينبغي أن يكون ركيزة مضمونة يُعتمد عليها لتحرر العراق بأجمعه وتحقيق التحولات في بنيته العامة بدعم اخوي من كردستان. بل بقي الجنوب والوسط وحتى المناطق الغربية تتعرض للدمار المتعمد . ويجري الخراب على قدم وساق وكالحريق في الهشيم على الشعب العراقي في الموصل والرمادي وصلاح الدين وبعقوبة، إضافة إلى محافظات الجنوب والوسط ومن ضمنها بغداد على نحومضاعف. كذلك مؤسساته التي دمرت تماماً وأوغلت أمريكا في مضاعفة هذا الخراب .

واتخذت الحركة الكردية، إضافة لتأسيس بنيتها السلطوية, تظهر" ضعف "اكتراثها بما ينل اشقاءها غير الأكراد من الشعب العراقي من معارك طائفية وقومية ودينية وتهجير وذبح واختطاف وتدمير البنية التحتية بالكامل . وهذه خسائر جادة للشعب الكردي. فما أن تصفى مكتسبات الشعب العراقي على يد من يوجهها من الأعداء الكثيرين الجادين . والحركة الكردية لم تغنها التجارب فظلت تقاتل وتقاتل ولكنها لم تمسك بيد من حديد عهداً واعداً يبشر بكل الخير، إذا ما توفر له حراس أُمناء .

واتخذت الحركة الكردية موقفاً يتسم بإرخاء الحبل . والاهتمام بقضاياها القومية الضيقة، وتغيراته الاجتماعية . وتعزيز توجهاته االقومية العاقدة العزم للتمهيد لبناء كردستان الكبرى ذات التمايز الطبقي .. وطبّقت المثل القائل :

ـ دع الاثنين يتقاتلان لكي أكسب الوقت بأمان لإنشاء مشاريعي الخاصة، ومن بعد سنفكر بما ينبغي عمله .

إننا نُذكّر الأخ العزيز مسعود البرزاني ورئس وزرائه الجديد الذي نأمل منه مواقفاً أخوية صادقة، ونُذكّر السيد رئيس الجمهورية الطالباني الذي يحظى بتقدير وحب الشعب العراقي كأشقاء من وطن واحد، نُذكِّرهم أن يتعاملوا مع شعب العراق المنكوب بكل حب وصدق وتقدير ٍوتضحية وحميمية وطنية كتعاملهم مع قضيتهم القومية، حالهم حال بقية الأقليات القومية وحتى الكبيرة. وبإدراك عميق للمعضلات التي يجتازها .

وها نحن نتعايش مع برودة الدم لقيادة الحكومة الكردية تجاه ما يحدث قي المناطق العراقية غير الكردية . ونحن نفتقر للمعلومات الدقيقة عن مدى تأثير هذه الأحداث الدامية على قلوب ومشاعر رئيس وزراء كردستان السابق ولكنه يلوح لنا نائياً في نفسه ومشاعره معزولاً عن ارتباط مشاعره بالعراق، حين تكون الهجمات الإرهابية في العراق، خارج كردستان كارثية وتهز مشاعر العالم. لكنه يبدوكما لوكان رئيس وزراء دولة أجنبية لا يتحسس ولا يرتبط بأية مشاعر عراقية .

وكأن رغبتهم الآن للأسف الشديد تتجلى أبعادها : إما أن تحل مسألة كركوك، وإما أن يبق العراق هكذا .. بينما أعداء العراق يردون كركوك ويا ما استماتوا لجر حكومة كردستان لكي تكون كبش فداء لتعويق مسيرة الضفر وإدامة هذه الذريعة لبقاء العراق ينحدر نحومصائب أكثر . وأملنا كبير برئيس الوزراء الكردستاني الجديد أن لا تمر هذه المحاولة المشبوهة .

4/5

وأنا أُحذّر المغالين المتطرفين في غلوائهم : إن نتيجة التطرف والغلواء، ليس بأحسن حال من الذين لم يترك التاريخ لهم سوى هامشاً محزناً .. كما حدث للشهيدة جمهورية مهاباد، وإن اختلفت الظروف. من حقهم أن يسعوا لتوحيد كردستان في كيان واحد . لكن .. في وقت أن يكون العراق جميعاً معافى . يأتي اختيارهم في ظروف بعيدة عن الفرض الذي يلقي عدم الارتياح والتأييد من أقليات غير كردية .

لكن عليهم أن يتذكروا: إن الأمر لم يكن معافى وطريقه مفروش بالورود. وحتى الدول المحيطة بكردستان ـ عدا العراق ـ لا يفرحها ذلك . ولا ترحب فيه، وسيتم سحق أي محاولة من اقتطاع شبر من المناطق الكردية في تلك البلدان التي هي أساساً لا ترحم، كما يجري الوضع في العراق بسبب الظروف العديدة التي لا تخدمه في هذا الزمن لا من الداخل ولا من دول الجوار . فكيف بحلم كردستان الكبرى الذي لا يوجد شك بكونها من الحقوق المشروعة للشعب الكردي ؟؟؟؟

غير أن ما يطمحون إليه سوف لن يختلف عن تجربة الوحدة العربية بين مصر وسوريا والعراق . ولا تجربة اليمن ومآسيها والتي د للت على فشلها الذريع . وعلى هشاشة العلاقات الوحدوية . وعلى مظهر التفاوتات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية . ولا تجربة مصر والسودان، ولا المغرب والصحراء الغربية وغيرها هذا ما لم يضعوا في حسبانهم الظروف الموضوعية ويحسبوا لها ألف حساب.

ولا نخفي خشيتنا من محاولة تعويق فرص تطور العراق على السواء، سواء عن سوء قصد ومن غير سوء قصد، المناطق العراقية غير الكردية من فرصة التطور، لخلق هوّة بين كردستان المتقدمة والمناطق الأخرى من العراق التي ستظل متخلفة. لكي تكون هناك مبررات لإنشاء ركائز العزلة التدريجية وجعلها واقعاً قائماً لا يمكن تخطيه .

ولوكان الاستقرار سائداً وحصل أقطاب الأكراد السائدين في كردستان، لتعاظمت الخلافات بين قطبيهما ولكان قد توضح يوماً يعد يوما ظاهرة التناقض والصراع بينهما ربما حتى الدموي .

ولا ريب أن الأسباب واضحة . فالشعب الكردستاني الذي يعيش عشرات وأكثر من السنين ضمن قيم وتقاليد مجزأة وعادات مختلفة تماماً متأثرة بالمجتمعات التي يتعايش معها . بل هناك ملامح صراع بين الكتل السياسية الكردية وهذه الكتل غير معزولة عن الجماهير الكردستانية . بل لها علاقات أصيلة وعميقة ونضال مشترك لم يتوفر لهم الوقت أن يستثمروه ولنشوء العمق المناسب لهذه العلاقة ..

هناك طريق واحد هوالطريق الدموي والصراعات السياسية الفظة بين الكيانات. وأنهم لم يمهدوا الطريق . بل أغلقوه لبناء علاقة أخوية مع الشعب العراقي بكل مكوناته . وظلوا يبحثون عن مكاسبهم ذاتية أولاً وأغفلوا التاريخ المشترك. واستمرت متاعب الشعب العراقي الذي تآخى مع الأكراد في الظروف ا لعصيبة .

الذي عانى جنباً إلى جنب معهم على أرض كردستان وخارجها وكان بإمكانهم أن يكونوا عاملاً فعالاً في ردع الفساد الإداري والمالي والسياسي والإرهاب الذي يحدث في مناطق العراق وحتى في المناطق الكردية ويسرف اللصوص الجدد في نهبهم.

قاتل الأنصار التقدميون جنباً إلى جنب مع الشعب الكردي ونالهم النصيب الوافر من الكيمياوي. وحرروا مناطق مهمة من كردستان من بين يدي علي حسن المجيد . مثل أربيل بقيادة الشهيد سعدون ( وضاح ).

إن العراق لم يمت. بل.. ولم ولن يُبْتَلَعْ لكونه أكبر من كل فم، رغم كل الغزوات عبر التاريخ والاحتلالات والتخريب وحرق المدن , والتفنن بأساليب الموت، ومزارع الإلغاء. لكن كردستان العراق لا تمتلك الظروف المواتية للعيش خارج إطار الجسد العراقي حالياً .

إن نشوء كردستان العراق لها خصوصيتها . والمكونات الكردستانية في تركيا وإيران وكردستان العراق وسوريا ولبنان والبلدان المحيطة بالأخص المتاخمة لتركيا وإيران تتمتع بالتباينات الملموسة والمتعايشة مع تلك المجتمعات، تعايشاً لا يمكن انفصامه وإلغاء ملامحه بجرة قلم، رغم التعاطف القومي مع كردستان العراق..

لقد أكسبت الحروب والقهر شعباً ذومشاعر متميزة تتسم بالحدّة والميل إلى التفاوت في المزاج . واللجوء إلى الحلول الحاسمة على أساس اللجوء إلى القوة وعدم الثقة بالمقابل .

وكل هذه الخواص هي نتيجة الظروف الصعبة والقيادة السياسية التي تطبعت : أن ليس هناك سبيل لحل مشاكلها غير السلاح .

5/5

بصراحة العائلة الواحدة وبكل أسف أخوي: ــ إن كل القضايا التي تطرحها رئاسة إقليم كردستان الآن المتسمة بالتعالي والنفس القومي ضيق الأفق، كل هذه التوجهات التي لا تخدم ظرفه السياسي ومستقبل بناء عراق قوي؛ ظلت تستغل ضعف وتعدد مشاكل الحكومة العراقية الأم، لإفراطها في ما تعد من الشروط التعجيزية في هذا الظرف الحساس المعبأ بالكمائن والمتصيدين، ولكن إخوتنا في القيادة الكردية، كل ما مرت الأيام ولاح للحكومة العراقية انفراجاً وضيقاً تشرع القيادة الكردية بانتهاز ذلك وتشرع بطروحات مطلبية محرجةً ومثيرة للتشتت لإضعاف الهمم والتعويق ومعوقة للدور الذي يخدم قضية الشعب العراقي , ويشد من صلابة ومواجهة الحكومة لما يتطلب الحزم والتحدي والوقوف بوجه المعضلات، مثل توسيع فجوة الخلافات، كالهيمنة على النفط واقتطاع مدن عراقية بكاملها من جسد الجمهورية العراقية التي ينبغي أن تبقى متماسكة متضافرة في هذا الظرف . قادرة على ردع الإرهاب والمخربين والمتحججين . حتى يجف مستنقع الإرهاب ويكون الوضع مواتياً .

إن أي ضعف ينتاب العراق، في المناطق غير الكردية هوخنجر قاتل لكردستان . وهذا ليس للتهديد بل واقعاً وارداً يجب إدراكه , وأخذه بالحسبان بشكل جاد . ولكي لا نقول حينذاك: ـ ( إني أُكلت حين أُكل الثور الأحمر) . وبهذا المفهوم ينبغي علينا أن نفسر رسالة الأسد الملغومة . وينبغي أن يفسرها السياسي المخضرم الرئيس جلال الطالباني .

بيد أن ذلك لم يحسسنا بقلق رئيس إقليم كردستان ونأمل أن نرى ماهويبشر بموقف أخوي على يد رئيس الوزراء الجديد، أن يبدي ا لاهتمام بما يحدث بشكل فعّال وعزم لإسناد الوضع الداخلي في المناطق غير الإقليمية لكردستان العراق .التي ليس هي ما ينشدها ويبحث عنها الشعب العراقي ومنهم الكردي . والاهتمام بالقضايا المحدودة الضفاف .

هل استطاع صدام حسين أن يهب شعب الأهواز العربي هديته السمجة غير المرحب بها، وهومحروم حتي من استخدام لغتة وتدريسها حينما غزا إيران ليقدم لهم حرية الانفصال ؟ وما هوالرد الذي لقيه ؟ لقد قاتل العرب في الأهواز جنبا على جنب مع الإيرانيين ـ لأن الحرية لا تفرض بالدم ـ ضد أولئك الذين ما تركوا بيوت الأهوازيين إلاّ ركاماً من الحجر وسرقوا حتى الألبسة الداخلية للأطفال وأحذيتهم ودُماهُمْ ..

لقد تحالفنا تحالف اختلاط الدم والرئة الواحدة والطريق الواحد خلال المحن . وأكيد لا بد أن يتعلم هذان القائدان الصبر ـ كما يجري تعاملهم مع خصومهم بالأخص مع تركيا وإيران، وليس فقط مع العراق صاحب العطاء والوفاء ـ والتأني والحكمة والحرص ورفعة القيم الوطنية . وتخطى الحساسيات التي اختلقها البعث ليس عدوالشعب الكردي حسب، بل عدوالشعب العراقي بكل مكوناته.

إن ترهيب السلطة العراقية بالانفصال لا يفيد أصحاب قضية مشرفة ولا يسعدهم ولا يضمن حمايتهم . وستكون ـ لوحدث ذلك ـ كمن يسعى إلى حتفه بظلفه . ونكرر : كأنهم ينسون الدول ذات العلاقة بالقضية الكردية التي تتاخمهم . وهي عدا العراق،لا يسرها طموحهم . ولا تسمح لهم أن ينفذوا تهديداتهم سوى بشأن العراق وليس سواه .

إنكم سوف لن تكونوا سعداء ومنتصرين عند ما تلوّحون بالانفصال . إنها ستؤخذ مأخذ الاستفزاز للجيران . وإنها أُمنية لا تجلب لكم ولنا سوى الوبال والأذى,

والشعور بكيان كردي يحمل تحت ردائه قنبلة هائلة تبقى حرائقها تتوسع حتى تأتي على اسقرار تلك البلدان. إن جيران كردستان لا يفهمون علة هذا الشعب بقدر ما نفهمه نحن .

نصيحة من كل محب لكم نقول : ـ اتركوا هذه المغالاة والشحن للمتطرفين من بني جلدتكم وجلدتنا وغيرهم من أعدائكم. وليكن شعاركم في هذه المرحلة خروج العراق أولاً من محنته سالما معافى . هذا هوأوج انتصاركم،لا على أساس عراق مهشم متآكل فريسة للجوارح .

وعليكم، إن شئتم، أن( تتوكلوا) على الله وتعلنوا الانفصال، لكي تعرفوا: في أي مأزق تقعون ؟ في أي تجربة مرّة تتورطون . تذكروا تجربة مهاباد الشهيدة.

ونقول لحبيبنا الطالباني : أُحذر من البرقيات الملغومة . سواء على نحوتعزية وتهنئة، من الأسد وغيره . وإذا كان صادقاً فعليه أن يساهم بإيقاف نزيف الدم لقطع دابر المتسللين والبعثيين العائشين في بحبوحة تحت رعايته .

إن الطريق الأسلم، الذي يؤمّن لكم أهدافكم : أن تبتعدوا عن انتهاز الفرص التي في غير أوانها بينما يقتضي وفاءكم شرفكم الوطني أن لا تضعوا العصي في مسيرةٍ أنتم من قادتها. واستغلال الفرص ذات النيات السيئة .ولغرض الضغط لتحقيق مكاسب ضيقة عل حساب الشعب العراق الذي يعطف بكل مشاعر الأخوة على قضاياكم ويتمنى لكم الخير والمسرات والحياة الهنيئة. وتذكروا بكل جدية .. هل هناك معركة مشرفة لم تتشابك أيدينا معاً لخوضها ؟؟؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com