قيادة المرأة السّعوديّة السيّارة .. ومستقبل احتقانات الرّجل النّفسيّة

زينب .ع.م. البحراني

 arabicbloggersunion@googlegroups.com

عمومًا.. نحن شعب شديد النّمطيّة. شخصيّات الغالبيّة العظمى منّا كنسخة عن ختم واحد لا يتغيّر. نعتمد في ثقافتنا السّلوكيّة على سماع ما تستقبله أذننا من أقوال (طنطان) دون غربلة، وتقليد ما يفعله (فلان) دون تحليل. لهذا السبب يلعب بنا خبث الإعلام الموجّه للعقليّات الخاوية لعبته، فنحتشد كالتّماثيل أمام مسلسل (سنوات الضّياع)، ونقف طوابيرًا أمام (ماكدونالدز)، وبفضل أكثرنا تنفد الرّوايات الإباحيّة من المكتبات بينما تبقى روائع الأدب العربيّ والعالميّ بانتظار المنقذين من أصلاء المثقّفين، ولا يفكّر أبناء جيلنا الشّاب بمستقبل مهنيّ غير أن يكونوا أطبّاء أو ممرّضين!.. ولهذا السبب لا نرى موضوعًا عن قيادة المرأة السّعوديّة للسيّارة إلا وسارعنا بالاطّلاع عليه، رغم أنّها قضيّة غدت مستهلكة لفرط ما لاكتها الأقلام والتقارير والحوارات الإذاعيّة والتّلفازيّة. ولهذا السبب أيضًا اخترت اليوم أن أكتب تحت هذا العنوان الذي لا يروق لي، وسنرى معًا إن لم يحظَ بأعلى نسبة قراءة من بين جميع ما نشرته من قبل على صفحات المواقع السّعوديّة!. وكي لا أكون شديدة اللؤم معكم كالعادة، فإنني سأتحدّث عن تلك القضيّة. ولكن من زاوية أرى أنّ مناقشتها ستكون أكثر أهميّة من مناقشة المبدأ نفسه كقانون في الأيّام المقبلة.

 لفتت اهتمامي رؤية المفكّر السّعوديّ المبدع الدّكتور غازي القصيبي في حوار أجرته معه صحيفة (سبق) الإلكترونيّة، حين قال: (نحن نقول اليوم باستغراب  "يوماً ما كان هناك قوم يعارضون تعليم المرأة" ونقول بعجب: "يوما ما كان  هناك قوم يعارضون اللاسلكي والراديو. "ونقول بدهشة: "ذات يوم كان هناك من  يعارض القنوات الفضائية". أنا واثق أنه سيجيء يوم يقول فيه القائلون  "عجباً! ذات يوم كان هناك قوم يعارضون السينما"، كما أنه لا شك عندي أنه  ذات يوم سيقول الناس "هل كان هناك بالفعل من يعارض قيادة المرأة للسيارة؟".) .. وأنا بدوري أوافق تلك الرّؤية تمامًا، لا سيّما وأنّ هناك إرهاصات وبوادر معنويّة تومض معلنة عن اقتراب اليوم الذي تكسر فيه المملكة هذا الحظر بقانون يعيد للنّساء حقّهنّ المشروع في قيادة الحافلات.. وليس السيّارات فقط. ولا أظنّ هذه الفترة إلا فترة تهيئة وإعداد عمليّ لفترة الفسح المقبلة التي لن يطول انتظارها بإذن الله تعالى. غير أنّ المشكلة الكبرى التي ستتجلّى حينها مؤكّدة أنّ القوانين الرّسميّة أكثر عدالة ورأفة من القوانين المجتمعيّة هي مشكلة التسلّط الذّكوريّ في المجتمع على هذا الحق ومحاولة مصادرته بكلّ وسيلة متاحة. إخوة سيمدّون أيديهم وأذرعهم ويملؤون حجرات شقيقاتهنّ بصاقًا وصراخًا هاتفين بذاك التّساؤل الإنكاريّ الشّهير: (وهل تظنّين نفسك رجُلة كي تسوقين؟؟) و ( ماذا سيقول ربعي وأصدقائي عنّي؟؟) .. أزواج سيدفعهم ظنّهم المتخلّف بالتهديد بالطّلاق إذا قررت زوجاتهنّ استعمال حق توهّموا سنينًا أنّه حكرًا على مفهومهم القاصر لمعنى الرّجولة، وجيران ذكور سينظرون إلى كلّ جارة تمسك بمقود سيّارة مثل تلك النّظرة الذّاهلة التي مازالوا يركّزونها على وجه كلّ جارة شبعت من الكذب على نفسها بغطاء الوجه وقررت مواجهة العالم بوجه واثق يعلن عن اعتزاله كذبة النّقاب. ولديّ المزيد، لكنني من باب احترامي لشرائح أكبر سنًا من المجتمع فلن أقول أكثر. أمّا الآباء فظنّي بهم حسن على الدّوام، لأنّ ثمّة جزء من غريزة الأبوّة يولّد مساحات شاسعة من الحنان الأبويّ الذي يجعل الغالبيّة العظمى من الآباء يسعون لمصلحة بناتهنّ مهما كان نوعها وأينما كان مكانها، باستثناء عدد نادر مريض منهم.

لا شكّ أنني لا أعني هنا جميع الرّجال، ولا أنكر تلك الفئة التي طوّرت نفسها وظروفها وظروف ما يمكنها مساعدته من نصف المجتمع الآخر من منطلق قوانينها الفرديّة دون حاجة لاستحداث قواني رسميّة في البلاد.. لكنني أعني النّموذج الشّائع من الذّكور في بلدنا، والذي يشكّل تعداده نسبة أشدّ خطورة وإفسادًا من نسبة سواهم. بسبب هؤلاء على المرأة الرّاغبة باستلام مقاليد هذا الحق بين يديها أن تتزوّد بأقصى ما يمكنها التزوّد به من وقود روحيّ لمقاومة تيّار التخلّف المقبل، كي تكون أكثر شجاعة في مواجهة ما عجزت عن مواجهته من قبل من قمع وردع.. يا صديقتي الفتاة .. إذا قال لك شقيقك:

 -         وهل تظنّين نفسك رجلة كي تسوقين؟

 قولي له: وهل تظنّ نفسك أكبر من القانون الرّسميّ كي تقف في وجهه؟

وإذا قال: ماذا سيقول ربعي وأصدقائي عنّي:

 فثبّتي عينيك أمام عينيه بشجاعة وقولي:

 -         وماذا ستقول صديقاتي ورفيقاتي عن أخي المتخلّف الذي يحرم أخته من حقّها المشروع؟؟

 ثمّ ألقي قنبلتك الكبرى بقولك:

 -    ومن هي تلك الفتاة التي ستقبل الزّواج بك بعدها حين تعلم أنّك بهذا القدر من التخلّف وأنّك تمتلك تلك النّظرة تجاه المرأة؟؟

 افعلي كلّ شيء.. توسّلي إلى الأب.. إلى الأم.. إلى الأخوال والخالات والأعمام والعمّات والجدّ والجدّة وجميع الكبار.. اذرفي دموعًا تذيب أصلب القلوب دون ملل أو كلل. المهم.. أن تنالي حقوقك دون نقصان. وخالص دعائي بالتّوفيق.

 ==============

  • تجمّع أصدقاء كاتبة المقال على موقع (فيس بوك) :

 http://www.facebook.com/home.php#/group.php?gid=8886926613

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com