|
صور من المعركة محمد علي محيي الدين لا أدري لماذا عاد بي الخيال للماضي القريب وأنا أشاهد ما تنقله وسائل الأعلام من صور للمجازر التي تحدث في عراق اليوم،عندما كانت تتحفنا المحطة العراقية الوحيدة (تلفزيون العراق)بصور من المعركة خلال الحرب العراقية الإيرانية التي راح ضحيتها الملايين بين قتيل وأسير ومفقود وجريح ومعوق وأرامل وأيتام لا عد لهم ولا حصر ولكن ما يميز ذلك العهد البغيض أن القيادة الصدامية كانت تكرم أو تمنح أسر الشهداء مبالغ مالية ضخمة وقطع أراضي وسيارة خاصة وتسهيلات في مختلف مناحي الحياة مما يخفف عن تلك الأسر الخسائر المادية ويجنبها مئونة العوز والحاجة،حتى أصبحت الأسرة التي تقدم عددا من الشهداء من الأسر الغنية ذات المستوى العالي في توفير متطلبات الحياة ،ومن الحوادث التي تداولها العراقيون أن أحدهم سأل صاحبه وأبنه لم يدفن بعد (فلان أشلون سويت المعاملة) أي كيف حصلت على حقوق الشهيد ،ورغم أن ذلك منتهى الانحطاط أن يبيع العراقيون فلذات أكبادهم لقاء أموال تدفع من دول الخليج العربية عن الشهداء فقد قيل أن تلك الدول تدفع للحكومة العراقية أضعاف ما تدفعه الحكومة لأسر الضحايا مما يعني أن السلطة البعثية كانت تتاجر حتى بالإنسان العراقي وقد باعته في المزاد الخليجي بسعر بخس،ولكن كل تلك المصائب كانت تهون عندما تسعى قيادة الحزب والثورة!! الى منح أسرهم هذه المبالغ الطائلة حتى لا ينالهم العوز أو يحتاجون لأحد وزاد صدام في الطنبور نغمة عندما أعطى لزوجة الشهيد البطل الحق بالزواج دون الحاجة لموافقة ذويها بل منح من يتزوج زوجة الشهيد مبلغا ليس باليسير مما جعل الماجدات العراقيات يتمتعن بحياتهن بحرية ولا يؤثر عليهن فقدان (الزوج) المسكين الذي ذهب ضحية نزوات صداميه ومصالح خليجية ليس للعراق مصلحة فيها وأن كانت الحكومة تدافع عن حقها في البقاء، أقول أن هذه الصور تذكرني بعمق البلايا المنصبة على العراقيين من خلال نزوات حكامهم ودمويتهم فلا يوجد بلد كالعراق في خيراته وثرواته ولكنه عبر تاريخه الطويل لم يهيأ له حاكم وطني مخلص يفكر في إسعاد هذا الشعب والغريب أن العراقيين لفرط ما ألوت بهم الأيام أصبحوا لا يستطيبون الحكم أن لم يكن جائرا ولا يحترمون الحاكم أن لم يكن ظالما ولا يتمتعون بوفاء لحاكم مهما كان أخلاصه ووطنيته كما هو الحال في حكم الزعيم عبد الكريم قاسم فقد كان الحاكم الوحيد النزيه في تاريخ العراق منذ بدء الخليقة وحتى الآن ولكن العراقيين تخلوا عنه وتركوه طعما سائغا للبعثيين ومن وقف معهم من القوى الرجعية والدينية العميلة. لقد دفع العراق ضرائب كبيرة من خيرة أبنائه وبناته بين قتيل وجريح وأسير ومفقود ومهجر في تلك السنين السود وكان يتوقع الفجر الواعد بعد الخلاص من صدام وزمرته الخائنة ولكن حساب الحقل ليس كحساب البيدر فقد هيمن على مقدرات البلاد أحزاب طائفية لم تفكر يوما في مصلحة الشعب أو تسعى لرقيه وازدهاره وشغلت نفسها بمصالحها الأنانية الضيقة وامتيازاتها وما تستطيع توفيره من خلال الطرق المشروعة وغير المشروعة و: تناسوا أن شعبا في شقاء وعذاب يجذب الحسرة والحسرة تحكي أين حقي بل أن جرائم القتل والإبادة التي مارستها الجماعات المتطرفة من السلفيين والقاعدة وأزلام النظام البائد والجماعات المسلحة سببت الكثير من المآسي والويلات للعراقيين وجعلتهم يقارنون بين الماضي والحاضر فيجدون الاثنين كفرسي رهان فيما جرى من بلاء على العراقيين. ومجلس النواب البطل يتحمل المسئولية الكاملة لأنه لم يكن بمستوى المسئولية بسبب تركيبته الطائفية-القومية وكان سببا في شيوع الفساد والنهب المنظم لثروات العراق من خلال سكوته عن الجرائم الكثيرة وتواطئه مع الكيانات التي قادت البلاد الى هذا الوضع البائس،ويحاول المجلس الآن لقرب الانتخابات تجميل صورته بأعين الناس لكسبهم من خلال مطالباته الخجولة باستجواب الوزير الفلاني والفلاني ودوافع الاستجواب لها أهداف سياسية وهي محاولات لإسقاط حكومة المالكي التي شكلت على أساس محاصصاتي وليس لرئيس الوزراء سيطرة على أي من وزرائه لأنهم يرتبطون بكتلهم مباشرة،والنواب الكرام لن يستطيعوا اللعب بعقول العراقيين فقد عرفوا اللعبة وبانت لهم الحقائق مما يجعل أمنياتنا المقبلة أن يعاقب الفاسدين والمتاجرين بأرواح العراقيين وأن يوجه لهم الصفعة التي يستحقونها بعد أن بان زيفهم وظهرت حقيقتهم .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |