حاميها حراميها
 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid1@yahoo.com

ليس بالأمر العجيب أو الغريب أن يكون لبعض أفراد الشرطة أو ضباطهم علاقات بكبار اللصوص أو قيامهم بتشكيل عصابات إجرامية ترتدي ملابس الشرطة وتقوم بالسطو على المحال والبيوت وانتقاء الأغنياء والميسورين ممن يتوسمون فيهم القدرة على الاحتفاظ بالملايين في بيوتهم أو محلاتهم،فقد كانت شرطة النظام السابق تمارس هذه الأعمال ولكن الفسحة الإعلامية لم تكن متوفرة لكشف مثل هذه الحالات وبالتالي ليس غريبا أذا قامت هذه الأجهزة في ظل الفوضى والانفلات بممارسة مهامها اللصوصية تحت خيمة القانون وبستار حكومي صرف ،دون أن تخشى حسابا لاعتمادها على جهات فاعلة تستطيع لملمة الأمور وتسويتها بحيث لا ينالهم عقاب أو يطلهم قانون.

ولو أقتصر الأمر على السرقات البسيطة لهان الأمر وقلنا هؤلاء هم شرطتنا الموروثة من عهود سحيقة وهذه أخلاقهم منذ عصر السلالات ولكن الأمر تعدى السرقة والسطو ليصاحبه القتل وتقديم العون للعناصر الإرهابية لممارسة جرائمها بحق المواطنين وتتحول الشرطة عن دورها في حفظ الأمن وحماية المواطن الى الإخلال به والمشاركة في فتل المواطن.

وهذا الأمر يمكن تجاوزه لو توفرت القوانين الحازمة والسلطة الوطنية القوية التي لا تقف مكتوفة الأيدي في محاسبة المجرمين بعيدا عن الحزبية الضيقة أو التكتل المريب ،فما يجري الآن هو تستر على المجرمين وحمايتهم من العقاب ،ودفعهم لارتكاب جرائم أكبر من جرائمهم السابقة،وقد كشفت التحقيقات ووسائل الأعلام تورط القوى الأمنية في الكثير من حوادث العنف والسرقات الكبيرة دون أن نجد عقابا شافيا كافيا رادعا لهؤلاء للحماية المتوفرة لهم في مراكز القرار مما جعل العنف والأجرام يتفاقم ليصل الى مديات لم يسبق لها مثيل.

وفي الكثير من المدن العراقية بما فيها العاصمة بغداد ظهرت خروقات كبيرة في هذا المجال دون أن تصاحبها معالجة شافية أو حل لتلافيها مستقبلا فلا زالت القوى الأمنية باعتراف كبار قادة الداخلية والدفاع تضم في صفوفها المجرمين والمعوقين والأميين بل أن بعضهم يتنسمون مراكز كبيرة في الأجهزة الأمنية ولا يمتلكون أي مؤهل علمي أو تخصصي في هذا المجال مما جعل الوضع الأمني يتردى أكثر لجهل هؤلاء بأصول العمل الأمني وأولياته والأسس التي يقوم عليها،في الوقت الذي أهمل رجال متمرسون في عملهم واختصاصهم المهني لأسباب لا علاقة لها بالمهنية ولحسابات حزبية وفئوية ضيقة.

فقد "أثار اعتقال ضابط يعمل في حماية المنشات النفطية في البصرة مع خمسة من عناصر الشرطة مسالة فتح ملفات دور العناصر الأمنية في حماية العصابات الإجرامية أو المساعدة في تكوينها من جديد بعد أن كثر الكلام الكثير حول هذا الأمر حيث انتشر الهلع بين الأهالي في أجزاء من البصرة بسبب تنامي نشاطات الجريمة المنظمة والسطو المسلح باستخدام ملابس وآليات الشرطة"فقد تعرض بعض الأحياء الى 7 عمليات سطو تمت من قبل أشخاص يرتدون الزي العسكري.،واستخدموا عمليات الدهم والتفتيش والمطاردة لتنفيذ جرائمهم تلك في الوقت الذي لا يستطيع المواطن مواجهتهم في تصور أنهم يمثلون القوى الحكومية للصلاحيات الكبيرة الممنوحة لهذه القوى في ظل القوانين السائدة في البلاد ،وكانت القوى الأمنية سابقا لا تداهم دارا إلا بصحبة مختار الحي لضمان سلامة الدهم إلا أن إهمال هذا الجانب بسبب قوانين الطوارئ مهد للمجرمين تنفيذ جرائمهم بسبب القانون الذي أهمل حقوق المواطن والقوانين العامة،وما يجري في البصرة من عمليات سرقة للمحال والبيوت تحت واجهات عسكرية يدعوا لاتخاذ أجراء حازم بحق المتورطين وإلزام القيادات الأمنية بإتباع المعايير القانونية في المداهمات باستصحاب المختار أو شاهدي التعريف من المنطقة كما هو الحال في القوانين المرعية في العراق قبل قوانين الطوارئ التي سنها النظام البائد والنظام الجديد وان احتواء القوى الأمنية على عناصر إجرامية زجت فيها بفعل الفوضى السائدة بعد سقوط النظام وتدخل القوى السياسية الفاعلية في عمليات التعيين بفرضها عناصر جاهلة وغير نزيهة بسبب تبعيتها أو تأييدها لها فأصبحت هذه المجاميع دولة في الدولة وتشكيلة لا تخضع للقوانين بقدر خضوعها لقادتها السياسيين،وقد أعلنت الوزارة أنها قامت بتطهير مؤسساتها من هؤلاء وأعطت أرقاما مخيفة تجاوزت أل(100)ألف عنصر ولا زالت هذه المؤسسات تعج بمثل هؤلاء مما يستدعي أعادة النظر بقوام هذه الأجهزة والقيام بحملة وطنية لتطهيرها من المجرمين والأميين والمعوقين ممن فرضوا في ظروف صعبة مرت بها البلاد وإلا فستبقى الأوضاع الأمنية في تدهور ما لم يجري تطهيرها من هؤلاء.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com