|
نكبات العراقيين يتحملها صراع القادة السياسيين
محمود الوندي لم تشغل ظاهرة اهتمام المواطن العراقي مثل ما شغلته ظاهرة الإرهاب وجرائم العنف المترتبة عليه ، خاصة خلال السنوات الست الماضية، لان العراق لم يخل في هذه الفترة من أعمال الإرهاب بأشكاله المختلفة، إلا أن الإرهاب في الوقت الراهن قد تجاوز في حجمه واساليبه اكثر ما عرفه العراقيين من العقود الاخيرة من القرن العشرين. وأخذت الجريمة الإرهابية مكانها المتقدم في مجالات الاقتصاد والسياسة داخل المؤسسات الحكومية وليس فقط على الشارع العراقي . العراق هو البلد الوحيد الذي دفع أهله أثمانا باهظة جدا منذ خمسين سنة .. لم يذق الشعب العراق طعم الحرية الذي اغتاله الشوفينيون على امتداد نصف قرن مضى اي بعد انقلاب 8 شباط 1963 ، وبدعم من الدول المجاورة والأقليمية وتخطيط الدول الكبرى .. حيث استطاعت هذه الدول تسهيل مهمة الانقلابين للسيطرة على الحكم .. الذي تم تحويل العراق من بلاد النخب الذكية إلى طوائف جاهلية .. والحبل على الجرار على أيدي الحالكمين الجدد . واليوم نرى أعداء العرق لم يعرفوا الا لغة الرصاص والموت وان يجعلوا العراق كل أيامه دامية كونهم يكرهون الحرية والإنسانية ... الذين ينفذون بين آونة واخرى عملياتهم الإجرامية التي تستهدف جميع مكونات شعبنا من مختلف الأعمار ومختلف الاجناس لقتل كل حس إنساني إزاء الإنسان العراقي ، ويقف خلف هذا الارهاب الكثير من المنظمات والاحزاب العربية وغير العربية في الدول المجاورة لتنفيذ افعالهم الإجرامية الدنيئة وحرب الإبادة العشوائية ضد الشعب العراقي . هذه الدول (اهمها إيران وحليفتها سوريا وكذلك السعودية وبعض الدول العربية الاخرى) من أجل الوصول الى هدفهم السياسي المعلن وغير المعلن للإرهاب لذلك مصممون على تفجير الوضع في العراق وخلق الصراعات بين مكوناته لعرقلة الديمقراطية والفيدرالية التي ينادي بيها الشعب العراقي ولا يريدون نجاح العملية السياسية الجديدة في العراق خوفا على انفسهم وفقدان كراسهم وملذاتهم في بلدانهم، وانهم يحاولون لإحداث تأثير سياسي واقتصادي على المجتمع العراقي بوسائل متعددة ومنها استعمال العنف والتهديد لتدمير الموارد الحيوية والبنى الأساسية والقتل العشوائي واغتيال الشخصيات المهمة وغيرها من الأعمال الإرهابية لزعزعة الامن والاستقرار في العراق وإغراق البلد في انهار من الدماء وإجهاض الديمقراطية الوليدة في سبيل تحقق مصالح واهداف الانظمة الحاكمة في الدول المجاورة والاقليمية وبعض الدول الكبرى . خلال الاسابيع السابقة مجموعة انفجارات متتابعة ومترادفة مع بعضها البعض وتناقلها وكالات الانباء العالمية وقد تكون اهمها واكثرها حساسية واسكنت اللوعة والحزن والالم في قلوب العراقيين بفقدان احبائهم واعزائهم ، ولقد مرت هذه الانفجارات القاتلة وسط صمت من بعض الاطراف الحكومية ولم تتحرك للوقوف بوجه الموجة الأرهابية الجديدة سوى توجيه الاتهام الى دول الجوار واستنكار العملية ، لذلك سرت موجة من الاحباط والقلق ممزوجة بالغضب بين العراقيين . ان المجرمين الذين يرتكبون ابشع الجرائم بحق الناس البسطاء من الشعب العراقي متغلغلون في مفاصل الحكومة من هياكلها ومؤسساتها والاجهزة الامنية لتسهيل وصول المنفذين الى اماكن الحساسة لقيام بجرائمهم النكرة وكذلك داخل البرلمان لخلق التشويش وخدع الرأي العام العراقي وخلط الاوراق عليه عندما تقع أية مجزرة، وهكذا الحال السيطرة على الاعلام العراقي ليبعدون التهم عن الاشخاص المجرمين الحقيقين. تتحمل الحكومة العراقية اللوم بسبب ضعف ادراتها واختراق اجهزتها الامنية وتراخيها واهمالها في إداء واجباتها بشكل جيد التي كانت سبب التفجيرات الاحد الدامي التي أستهدفت وزارتي العدل والبلديات ومجلس محافظة بغداد التي اسفرت عن مقتل 155 واصابة المئات بعد هجمات مماثلة الاربعاء الاسود التي استهدفت وزراتي الخارجية والمالية والتي راحت ضحيتها المئات من القتلى والجرحى ومن الممكن في الايام القدامة لنا اليوم الاحمر او الاصفر او اي مصطلح اخر ، لعدم استعدادات الحكومة واجهزتها الامنية لإحباط المحاولات الارهابية التي تستهدف وزارات ومنشأت الدولة والمؤسسات الحيوية والمناطق العامة ، لانها بدلا من اخذ الاجراءات الحقيقية بحق المتخاذلين والمتعاطفين مع القتلة والمجرمين لكن تحاول اللجوء الى اتهام فقط جهات الخارجية بالتفجيرات هو شماعة لاجل التملص من المسؤولية والتغطية على المقصر الحقيقي ، حيث تؤكد تورط شخصيات ورموز سياسية في هجوم الاحد ، هنا يطرح السؤال كيف تسنى هذه الجهات إدخال أطنان المتفجرات "كل مرة" الى قلب بغداد دون ان تكتشف من قبل الاجهزة الامنية التي تحمل الاجهزة المتطورة !!! ؟ . هذا دليل على الضعف الحكومة وعدم قدرتها على محاسبة المقصرين والمتخاذلين ، مما خلق استياء شعبي في مدينة بغداد عن امتعاضهم من استمرار العنف ، وخاصة في المناطق التي شهدت سقوط عدد كبير من الضحايا الذين كانوا من المدنيين . ومن جانب اخر ازدحم في العراق بأصحاب القرارات وباسم الديمقراطية ، وكل من جانبه يحاول ان يصنع إرادة معينة لنفسه ويصريح بتصريحه المخالف للرأي الآخر ، وهذا سبب اخر اخفقت العملية السياسية العراقية وعدم استقرار الدولة العراقية منذ سقوط النظام السابق حيث اباحة حمامات الدم بدون أي ردع ، لان الطبقة السياسية والحاكمة في العراق لا هم لهم إلا كيفية البقاء في السلطة ، وخلق صراعات حزبية وفئوية وطائفية بين القوى الحاكمة على السلطة والتجاوز على مصلحة العراقيين لفرض ايديولوجيتها ، واغراق العراق بمشاكل كثيرة وعدم معالجتها بشكل جذري ومجابهة تحديات الارهاب والانفجارات القادمة . وما هو ذنب الإنسان العراقي ان يبقى هكذا على حاله لسنوات اخرى ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |